عند موظف البنك

وبالتحديد على شباك عملاء الحسابات كانت الغاية ، وقبل ذلك وأنا أهم بالدخول مع بابِ البنك إذا بي اصطدمُ ( برجل أمن البنك ) أو مايُعرف ( بالسكرتي ) والذي استقبل ابتسامتي بتجهم لامبرر له ، وعند هذه الفئة خصوصاً أتسأل سؤال المُشفق ! هل أسلوبهم هذا شرطاً للقبول في هذه الوظيفة ؟! إذ أني لاحظتُ هذا التنمر حاضرا في الغالبية العظمى ممن واجهتم على الأقل . أا أنا وبعد أن أخذتُ الرقم المخصص لدوري أجلسني القدر بجانب رجل ابتدرني ، وقبل أن أضع ظهري على المقعد بقوله : لسنا في الشتاء لتلبس هذا الثوب ، وكنت وقتها ألبس ثوباً شتوياً في أيامٍ لاهبة ، لكني تركتُ قوله تغافلاً لا كبراً ؛ لإدراكي بأن أغلب الناس تغلغل في نفوسهم حب الفضول ، والتعمق في خصوصيات البشر ، وإن كنت لا أُبرر لنفسي ولا أختلق العذر لهذا الرجل ، ولو علم هذا الحبيب أنني لم أرتدِ هذا الثوب إلاَّ لسبب استخدامي لعلاج ركبتي وهو مايجعلني - أتخفَّفُ - من اللباس الداخلي وأعوضه بثوب ساتر مثل هذا لما قاده الفضول لذلك ولاقاد الكثيرين لبعض الأسئلة التي تسبب الحرج لأصحابها في أغلب الأمور الحياتية . وفي أماكن الانتظار مايخيم الصمتُ دائما ، فالجميع يغرق في عالم الجوال ، ويسبح في دهاليز البرامج . ولم يحرك هذا السكون ، وذلك الهدوء إلاّ عاصفة من الترحيب بأحد عملاء البنك والذي لم يخضع لشروط انتظار ولا لتقيد بأوامر فرضت على غيره لا عليه . وقف للحظات والأعين تحدق النظر فيه مابين غابط له وساخط عليه ، وبعد أن انصرف هذا العميل الذهبي وقد كُرست له جهود كافة الموظفين ، وتضافرت لأجله سواعد العاملين ، وصل الدور على ذلك الشاب الثلاثيني رثّ الثياب ، ثقيل الخطوة ولكأنَّـهُ يحمل هموم الدنيا على كاهله ، لم أغض الطرف للحظة عنه ، بل أني وجهت سمعي وبصري وجوارحي نحوه وهو يقول للموظف : هل وصل حساب الدعم الحكومي ؟ لم أفهم العبارة ؛ مما جعلني أستفسر عنها فإذا هو - يقصد - حساب الدعم الحكومي ( حساب المواطن ) أو مايصل من مساعدات حكومية عبر منصات خاصة لمن توقفت حساباتهم البنكية ؛ بسبب الديون المتراكمة ، والظروف القاهرة . ولسبب أو لآخر ماكان لهؤلاء الشباب أن يغرقوا في بحر الديون مهما كانت التكاليف ومهما استعصت المتطلبات ، وحينما يبدأ التهاون في مثل هذا الأمر ينسف الشاب بنفسه في لجج الهموم وفيضانات الأزمات ، وحينها هل يظن أنه سيجد طوق نجاه عند جشع التجار ، أو نهم عبَدة المال !؟ حزنت لحال هذا الشباب ومثله الكثير من شبابنا اليوم غُرر بهم ليصلوا إلى ماوصلوا إليه من إيقاف خدمات وصكوك إعسار ، زادت الأمر مرارة ، وبرغم ماقامت به هذه الدولة وعبر وزارة التجارة من ترتيبات بشأن نشاط ممارسة البيع بالتقسيط ؛ بغية تنظيم التمويل إلاّ بالشروط الموضوعة للمستهلك والتاجر للبعد عن رفع المطالب القضائية المتزايد إلاَّ أن الأمر يحتاج أكثر صرامة ؛ لئلا نرى التهاون في هذا الجانب فلعل ذلك يكون قريبا .