ذكرى البيعة التاسعة لخادم الحرمين الشريفين..

تسع سنوات من الإنجــازات والـريـادة العالميــة.

تأتي ذكرى البيعة التاسعة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله، لتجعلنا جميعًا نستلهم منجزات هذا الوطن العظيم على كافة المستويات ومسيرته نحو التقدم والتطور بخطى واثقة، عززت من مكانته الدولية والإقليمية الرفيعة، فخلال هذه السنوات التسع عملت الدولة وكافة مؤسساتها في ظل القيادة الرشيدة لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- على تمكين كافة أفراد المجتمع من أجل إطلاق العنان لطاقاتهم وقدراتهم وإبداعاتهم وتوظيفها في إطار مسيرة النهضة والتنمية التي تشهدها كافة أنحاء المملكة ومختلف قطاعات وميادين العمل، سعيًا نحو مستقبل أكثر إشراقًا ولتعزيز مكانة وطننا الغالي في مصاف الدول المتقدمة والرائدة حول العالم. سنوات تسع واجهت خلالها المملكة العديد من التحديات لكنها مضت في مسيرة التنمية والتقدم وتحقيق مستهدفات واستراتيجيات رؤية 2030 بكل ثقة، وبتوفيق من الله عز وجل لهذه القيادة المباركة التي أولت المواطن كل اهتمامها، وجعلته ركيزة أساسية في مسيرة التقدم والرقي، بل امتد خيرها ليشمل العديد من الدول في إطار دورها الرائد في مجال العمل الإغاثي والتنموي حول العالم، ناهيك عن تطوير خدماتها لضيوف الحرمين الشريفين، وتعزيز مكانتها الاقتصادية والسياسية عالميًا. مبادرات عدة لمكافحة التغير المناخي في البدء تحدث أ.د عبدالله بن محمد الشعلان عن التحديات البيئية التي تواجهها المملكة العربية السعودية، وفي مقدمتها التغير المناخي، حيث تستهدف الحياد الصفري للانبعاثات، وإطلاق وتبني حزمة من المبادرات التي ستسهم ـ بمشيئة الله ـ في تقليل الانبعاثات الكربونية بمقدار (278) مليون طن بشكل سنوي، بحلول عام 2030، إضافة إلى الوصول بالطاقة المتجددة لحصة 50% من الطاقة الإنتاجية لمزيج الكهرباء، ومبادرة البرنامج السعودي لكفاءة الطاقة، وبناء واحدٍ من أكبر مراكز العالم في إنتاج الهيدروجين الأخضر في مدينة نيوم، واستثمارات بقيمة 700 مليار ريال للإسهام في تنمية الاقتصاد الأخضر، وإيجاد فرص عمل نوعية واستثمارية للقطاع الخاص. وأضاف: «ظلت معضلة تحسين المناخ قضية حساسة تستحوذ على اهتمام وحرص خادم الحرمين الشريفين نظرًا لأنها تشكل حجر الزاوية في رؤية المملكة 2030 التي رسمت معالم الحراك الإيجابي نحو هذه القضايا البيئية الشائكة التي تشارك بها المملكة دول العالم قاطبة، لذلك وعيًا لدورها وإدراكًا لمسؤوليتها في مكافحة التغير المناخي، تعهدت المملكة بالتزامات مهمة للتحول سريعًا إلى الاقتصاد الدائري للكربون ومساعدة البلدان الأخرى على تعزيز جهودها في العمل المناخي، حيث تلعب المملكة دورًا محوريًا في الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ والحياد الصفري للكربون. كذلك بذلت المملكة جهودًا في مجال الحد من انبعاثات الميثان المسببة للتغير المناخي والمعبر عن التزامها بالمساهمة في خفض انبعاثات الميثان العالمية بنسبة 30 % بحلول عام 2030، كجزء من طموحها لبناء مستقبل أكثر نظافة واستدامة للطاقة. كما أن المملكة تسعى جاهدة في إنتاج الهيدروجين الأخضر للنظر إليه على نحو متزايد باعتباره جزءًا أساسيًّا من معادلة تحول الطاقة لفك الكربون عن القطاعات الأكثر صعوبة، كجزء من عمل الإطار التعاوني الدولي لتحولات الطاقة، حيث يشكل أساسًا متينًا لبناء مستقبل الطاقة الصديقة للبيئة. كما يمكن للهيدروجين أن يكون وسيلة جذابة لمصدري الوقود الأحفوري للمساعدة في تنويع اقتصاداتها وتطويرها ويعتبر دعمًا لتطوير صناعة الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر في البلدان السريعة النمو كالمملكة، كحل حاسم لتحرير وفك الكربون عن نظام الطاقة الأمر الذي من شأنه أن يسهم في تحقيق العدالة والاستقرار العالميين، وسيكون التعاون الدولي ضروريًا لإيجاد سوق للهيدروجين تتسم بالشفافية مع معايير وقواعد متماسكة تسهم في جهود تغير المناخ بصورة مجدية». حمدًا لله على نعمة القيادة وعن نبوغ الملك سلمان بن عبد العزيز في العلم منذ الصغر، وحصوله على العديد من الشهادات الفخرية والجوائز الأكاديمية في مسيرة حياته حفظه الله، قالت د. سونيا أحمد مالكي: «كان الملك سلمان أميرًا لمنطقة الرياض لمدة 48 عامًا قبل أن يصبح وزيرًا للدفاع في عام 2011 ووليًا للعهد بعد ذلك بعام. وكانت تلك المسيرة الإدارية والسياسية الطويلة وما رافقها من زيارات رسمية لغالبية دول العالم والالتقاء بزعمائها، ووفائه بكل الالتزامات التي أسندت إليه، كفيلة بأن تصنع منه رجل دولة من طراز خاص، استطاع خلالها أن يبني صداقات مع غالبية قادة العالم، وأن يقدم لبلاده العديد من الخدمات في مجالات عدة، وهو ما أهله للحصول على العديد من الجوائز والأوسمة وشهادات الدكتوراه الفخرية. وبعد أن أصبح الملك السابع للمملكة بعد مبايعة الشعب السعودي له في الثالث من ربيع الآخر من عام 1436 هجرية الموافق الثالث والعشرين من يناير من عام 2015م، بدأت المملكة مرحلة جديدة في مسيرة تطورها وتقدمها، شكلت ملمحًا حضاريًا بارزًا في مجتمعها الدولي عندما قفزت من مجموعة الدول النامية إلى مجموعة الدول المتقدمة، وبعد أن تبوأت مكانتها كإحدى دول القرار على المستوى الإقليمي والدولي، وبعد أن أصبحت عضوًا في مجموعة العشرين، وبعد أن أصبحت رؤية 2030 واقعًا ملموسًا في حياة الشعب السعودي وحلمه الكبير الذي يتحقق على أرض الواقع». معجزة وسط الصحراء وعن التحديات الصعبة التي واجهت خادم الحرمين الشريفين في مسيرة التنمية التي تشهدها المملكة، وقدرته العالية على المبادرة، وتحقيق الإنجازات، محليًا وإقليميًا وعالميًا، قالت أ. أسماء المحمد: «التحديات كانت متصلة ببعضها مرتبطة بتواريخ أحداث ما قبلها، وسط محيط محطم منهوب انسحب منه المستعمر. تزلزلت طفولته برحيل الملك عبدالعزيز، لكن قادتنا الكرام وفي كنفهم كمشاركين في توحيد البلاد ومؤسسين لنهضتها أكسبوه مع أجدادنا من رجالات هذا الشعب الكريم، الطموح والخبرة والقدرة على وضع خطط التنمية وتطبيقها. وهو في العشرينات عرف الرياض أميرًا لها وعمل من الصفر في تحويلها إلى معجزة وسط الصحراء، مستندًا على تعاقب الأجيال المحبة لهذه الأرض من فجر التاريخ والعمل بشغف لحمايتها، فجمع أمير الرياض وفارس التنمية هذه الذخيرة ليمنح بلادنا وعاصمتها ما يفوق تصور البشر، والبداية من الصفر في تأسيس مدينة وسط حروب منطقتنا، والعالم لم ينهض من تحت أنقاض خسائر الحرب العالمية الثانية ثم حروب منطقتنا ومحيطنا ودول الجوار الحدودية والعمليات الإرهابية، ووفاة الأشقاء من ملوك السعودية وابتلاء الملك بوفاة اثنين من أبنائه في عام واحد طيب الله ثراهم. نتحدث عن فارس لم يشارك مع ثمانية من أبناء المؤسس في حروب توحيد البلاد، وهم الملوك سعود وفيصل وخالد والأمراء تركي الأول ومحمد ومنصور وسعد وناصر، لكنه كان فارس التنمية والمتطوع الأول عندما تطلبه ساحات المعارك، مدافعًا عن عقيدته ووطنه ساهرًا على صناعة وازدهار التنمية وتطور الوطن والمواطن. وعند مذاكرتنا لتجارب وتاريخ الشعوب لا يماثل التجربة السعودية وعبقرية المساهمين في صناعتها وإنجاحها أي تجارب في التاريخ أو العالم المعاصر، وما زالت التحديات مستمرة ومحيطنا يتعرض للتخريب وتتضاعف أعداد الدول والمدن المنكوبة، والسعودية تقود العمل الإغاثي والتنموي فيها وتحصد المراكز الأولى على مستوى العالم في إغاثة وتنمية بلدان 6 قارات ومشروعاتها تغطي أكثر من 160 بلدًا». خطوات جبارة محليًا وعالميًا وتحدث د. فهد أحمد عرب عن مضي المملكة بخطى واثقة في سبيل تحقيق مستهدفات الرؤية الميمونة، رؤية المملكة 2030، التي بدأ الجميع يلمس ظواهرها ونتائجها الإيجابية، ومشاريعها التنموية الكبيرة في شتى القطاعات، والتي تهدف من خلالها إلى زيادة النمو الاقتصادي، ورفع المستوى المعيشي، وتحقيق التنمية المتوازنة بين مناطق المملكة، وتنمية الموارد البشرية، إضافة إلى تنويع القاعدة الاقتصادية من حيث مصادر الإنتاج والدخل، ودعم القطاع الخاص. وتابع: «في ذكرى البيعة التاسعة لخادم الحرمين الشريفين يحفظه الله، ينبغي علينا أن نتأمل الإنجازات الكبيرة التي حققتها المملكة خلال هذه السنوات. إذا أردنا الحديث عن المسيرة التكنولوجية والتقدم التي شهدته المملكة، لا يمكن تجاهل ما تم التركيز عليه من تعزيز للاستثمارات في البنية التحتية، وتحرير الاقتصاد من الاعتماد الوحيد على النفط، فنرى اليوم قطاعات مثل التكنولوجيا والسياحة والترفيه تشهد نموًا كبيرًا». وأكمل: «من أبرز الإنجازات التي حققتها المملكة إطلاق برنامج التحول الوطني، الرامي إلى تحويل المملكة إلى قوة اقتصادية عالمية. وكإنجاز آخر تغيير نظرة العالم تجاه المرأة السعودية بفضل مبادرات تمكينها وتعزيز دورها في المجتمع السعودي. وتوجت المملكة إنجازاتها بتحسين مستوى جودة الحياة للمواطنين في المدن، فلاحظنا تعزيز الرعاية الصحية والتعليم، وتطوير البنية التحتية، وتنفيذ العديد من الإصلاحات الاجتماعية. من ناحية أخرى عززت المملكة وضعها الدولي، حيث تم تجديد الشراكة بين الأمم المتحدة والمملكة العربية السعودية من خلال إطار الأمم المتحدة للتعاون مع المملكة من أجل التنمية المستدامة (2022-2026) وحددت خمسة مجالات ذات أولوية فيها وهي: الناس، الكوكب، الازدهار، السلام والشراكات. وقد أثبتت المملكة في إنجازاتها أنها تسبق آخرين بتحقيقها مستويات أثبتتها الأرقام». قفزات هائلة في قطاع السياحة وعن الإنجازات التي حققتها المملكة في قطاع السياحة، تحدث د. محمد بن عيد السريحي قائلًا: «دعمت المملكة قطاع السياحة، ودعت الدول المانحة لتمويل الصندوق الدولي المخصص لدعم قطاع السياحة؛ كونها محركًا أساسيًا في دفع عجلة النمو الاقتصادي والثقافي ودعم المجتمعات، حيث حققت المملكة وفقًا لمؤشر تطوير السفر والسياحة (TTDI) الصادر عن منتدى الاقتصاد العالمي، إنجازًا جديدًا بتسجيلها المركز 33 متقدمة 10 مراكز دفعة واحدة عن العام 2019». وأضاف: «استثمرت المملكة موقعها الجغرافي المتميز في قلب العالم العربي والإسلامي، وعملت على رفع جودة المرافق والخدمات، ليتمتع المعتمرون والحجاج بتجربة روحانية لا تنسى، ورحبت بالزوار من مختلف دول العالم ليعيشوا تجربة فريدة، ويتعرفوا عن قرب على جمال المملكة الساحر، وتراثها الغني، كوجهة عالمية فريدة. وبفضل الخصائص الفريدة التي حباها الله للمملكة، فقد وضعت القيادة السعودية أولى اهتماماتها بأن يكون استغلال هذه الموارد الطبيعية والبشرية والمناخ الساحر، فعملت الحكومة على العديد من الأمور لتفعيل السياحة منها الاهتمام بآلاف المواقع التاريخية، وستة مواقع مدرجة على لائحة التراث العالمي لليونسكو، ومن ثم ستأتي التطورات إلى هذه المناطق أيضًا». وزاد: «من الخطوات المهمة التي أسهمت في تطور السياحة، تسهيل التأشيرات بالتعاون مع قطاع وزارة الداخلية، وإدراج عدد من أنواع السياحة وأهمها السياحة الدينية (تشمل الحج والعمرة وزيارة المسجد النبوي الشريف)، والسياحة البيئية لتنوع المناطق الجغرافية، وسياحة التسوق وسياحة الأعمال والسياحة التراثية والسياحة الثقافية والسياحة الرياضية وتفعيل رحلات كروز، ووضعت خطط لتستوعب أكبر عدد سياح حيث بلغ عدد السياح في الربع الأول من 2023 ما يقرب من 7.8 مليون سائح، والسعودية تعمل جاهدة ليحقق الاقتصاد من السياحة في 2030 دخلًا غير مسبوق بعدد يصل إلى 100 مليون سائح من الداخل والخارج». حقبة جديدة من الريادة والتقدم من جانبه، تناول د. علي بن محسن شدادي أهم الاستراتيجيات الوطنية التي تسهم في ترسيخ مكانة المملكة العربية السعودية لتكون دولة مستقبلية رائدة وقبلة لصناع التميز والإبداع وتحقيق الأحلام، فقال: «شكلت بيعة الملك سلمان بن عبدالعزيز محطة تاريخية مهمة في تطور المملكة العربية السعودية، فقد بدأت معها حقبة جديدة من الريادة والتقدم في مجالات متعددة، ولعبت دورًا مهمًا في تشكيل مستقبل المملكة عبر رؤيته الحكيمة وقراراته الاستراتيجية، فمنذ هذه البيعة تم إنجاز الكثير من المشاريع والخطط الطموحة، وحقق الوطن قفزات حضارية كبيرة كان عنوانها الرئيسي رفاهية الموطن والتنمية المستدامة في قطاعات ومجالات متعددة. ففي مجال حقوق المرأة، قامت المملكة بإصدار العديد من الإصلاحات التي منحت المرأة حقوقًا أكبر، بما في ذلك منح المرأة السعودية الحق في القيادة وزيادة مشاركتهن في سوق العمل مما شكل خطوة هامة نحو تعزيز التمكين النسائي وتحقيق المساواة. كما شهدت المملكة تطويرًا كبيرًا في البنية التحتية، من خلال توسعة المطارات والموانئ وتحسين شبكة النقل والاتصالات والخدمات اللوجستية، كل هذا ساهم في تعزيز التجارة وتسهيل حركة البضائع والأفراد. ولم يكن التعليم غائبًا عن رائد الفكر والثقافة فقد تم تعزيز الاستثمار في التعليم والبحث العلمي، مما ساهم في تحسين جودة التعليم وتطوير مهارات الشباب وتمكينهم من المشاركة في التقدم والتنمية. أما على الصعيد الإقليمي والدولي، فقد لعبت المملكة دورًا بارزًا في تعزيز الاستقرار وشاركت في الجهود الإقليمية والدولية للتصدي للأزمات والتحديات، وكانت داعمة للعديد من الجهود الإنسانية والتنموية في كثير من القضايا الإقليمية والدولية، ولم يكن البعد الإنساني لرجل الإنسانية خفيًا، فقد عرف بتفانيه في خدمة الإنسانية والعمل الخيري ودعم الدول والمناطق المتضررة من النزاعات والكوارث الطبيعية، ويأتي مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ليشهد وبشكل خاص على جهوده في مجال الإغاثة والعمل الإنساني، والتي تساهم في تخفيف معاناة الكثير من الأشخاص حول العالم». اقتصاد متين رغم الأزمات وأوضح أ. طلعت زكي حافظ متانة وقوة الاقتصاد الوطني الذي أكده صندوق النقد الدولي، مبينًا إيجابية الآفاق الاقتصادية لها على المديين القريب والمتوسط، إضافة إلى قوة مركزها الاقتصادي الخارجي، ليعكس ذلك جانبًا من جهود الدولة وإصلاحاتها الاقتصادية من خلال رؤية المملكة 2030 نحو تحسين بيئة الأعمال وتبسيط القواعد التنظيمية، ورقمنة العمليات الحكومية، والعمل على مجموعة واسعة من المشروعات في قطاعات مختلفة. وواصل: «شهد القاصي والداني على قوة الاقتصاد الوطني ومتانته رغم ما يمر به العالم من أزمات مالية واقتصادية صعبة ومعقدة للغاية، سواء نتيجة لحدوث أزمات جيوسياسية أو ضغوط تضخمية حادة ومفرطة أو ارتفاع أسعار الفوائد العالمية. ولكن رغم تلك التحديات، ظل الاقتصاد السعودي صامدًا تجاهها وقادرًا على التعامل معها وتفادي تأثيراتها المباشرة. وهناك أيضًا دلالات أخرى قوية على متانة الوضع المالي للمملكة، ما عكسته التقييمات الائتمانية الأخيرة للوضع الائتماني القوي والمتين للمملكة بعملتي الريال والدولار، والنظرة المستقبلية الإيجابية والمستقرة للاقتصاد، حيث رفعت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني للمملكة من (A) إلى (A+)، في حين منحت وكالة «ستاندر آند بورز» المملكة تقييم (A/A-1). كما كشفت أرقام البيان التمهيدي للميزانية العامة للدولة للعام المالي القادم 2024 الصادر عن وزارة المالية، متانة الوضع الاقتصادي للمملكة وقوة مركزها المالي وامتلاكها لاحتياطيات قوية ومتينة. أضف إلى ذلك، ما حققته المملكة من قفزات واثبة فيما يتعلق بتحسين بيئة الأعمال وتبسيط القواعد التنظيمية، ورقمنة العمليات الحكومية، والعمل على مجموعة واسعة من المشروعات في قطاعات مختلفة، فعلى سبيل المثال لا الحصر تبوأت المملكة درجات متقدمة وفق المؤشر الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD) في مجال أداء الاقتصاد والنمو الاقتصادي. ووفقًا لمعايير وتقارير دولية مرموقة، فإن اقتصاد المملكة من الأعلى نموًا على مستوى العالم بنسبة بلغت 8.7% بالعام الماضي، كما أنها قد حققت في مؤشرات كفاءة المالية العامة، المرتبة الأولى عالميًا؛ لتفهمها الحاجة للإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، وتمويل التطور التقني، ودعم شراكات القطاع العام والخاص للتطور التقني». تعزيز الأمن الغذائي محليًا وعالميًا وتطرق د. مرعي محمد البيشي إلى دور المملكة الريادي عالميًا في مجال الاستدامة، وتبنيها نهجًا متوازنًا وذلك بالانتقال المتدرج والمسؤول نحو نظم ومصادر طاقة متنوعة وأكثر ديمومة تأخذ بالاعتبار ظروف وأولويات كل دولة، فأطلقت مبادرات مهمة في ذلك المجال ومنها مبادرتي (السعودية الخضراء)، و(الشرق الأوسط الأخضر)، داعمة بذلك الجهود الوطنية والإقليمية بهذا الشأن، وطرحت مبادرات نوعية لحماية البيئة وتعزيز التشجير المستدام، إدراكًا منها لأهمية التعامل مع تحديات التغير المناخي وضرورة معالجة آثاره السلبية تحقيقًا لأهداف اتفاقية باريس. وتابع: «ولعل من أهم الجوانب التطويرية الاهتمام بما يدور من معضلات وعقبات في تصدير المنتجات الزراعية عامة، والقمح خاصة وتطلع المملكة إلى الاكتفاء الذاتي من الغذاء والمنتجات الزراعية، بمعنى الأمن الغذائي كما عرف في مؤتمر القمة الذي عقد عام 1996، ومن هذا المنطلق برز دور المملكة في حل مشكلة التصدير العالمي للمواد الغذائية بشكل عام والقمح بشكل خاص، حيث استضافت المملكة في مدينة جدة في أغسطس الماضي، مؤتمرًا بشأن تسوية الصراع بين روسيا وأوكرانيا شارك فيه ممثلو أكثر من 40 دولة ومنظمة دولية، وكان من أهم أهدافه تأمين صادرات القمح وتأمين طرق وسبل وصول تلك الحبوب لجميع الدول على حد سواء. كما أن رؤية المملكة 2030 ركزت على جهود وضمان التنمية المستدامة على بناء قطاع زراعي قوي، وتعزيز القطاعات الداعمة له، وتنظيم وتحسين الإنتاج الزراعي، كما عملت على تشجيع وتطوير الأبحاث العلمية في مجال استصلاح الأراضي لغرض الزراعة والإنتاج الغذائي، ومنح الأراضي الزراعية للمواطنين، وإنشاء البنك الزراعي لدعم المزارعين والمهتمين بها، ناهيك عن وجود كليات الزراعة في معظم جامعات المملكة. وتسير المملكة بخطى حثيثة على الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية لتأمين الغذاء لسكان المملكة خاصة والعالم عامة، كما أكد ذلك خطاب وكيل وزارة الخارجية في كلمته التي ألقاها في هيئة الأمم المتحدة حيث قال (أكدت السعودية أنها اتخذت خطوات مهمة لتعزيز الأمن الغذائي ووضعت استراتيجيات تهدف لتعزيز الأمن الغذائي ومواجهة التغير المناخي وندرة الموارد المائية)». تمكين المرأة وإنجازات التقنية والاتصالات من جانبها، أوضحت د. شروق بنت شفيق الشلهوب أن ذكرى البيعة التاسعة تأتي لتذكر الجميع بجملة من الإنجازات الكبيرة في مختلف المجالات، ومنها الإنجازات التي تحققت للمرأة، مستدلة بكلمة لخادم الحرمين الشريفين قال فيها إن المرأة (هي مصدر التطور لأي مجتمع، فمن غير نساء ممكنات يصعب إصلاح المجتمعات؛ حيث إن المرأة هي نصف المجتمع وهن مربيات الأجيال. وقد أثبتت عبر التاريخ دورها البارز والفعال في قيادة التغير وصنع القرار). وتابعت: «نجد أنه في عهد سلمان الحزم تم تمكين المرأة السعودية من حقوقها وفتح الباب لمشاركتها الفعالة في بناء مستقبل الوطن في كافة المجالات وقطاعات العمل المختلفة، بما فيها المجالات الأمنية والعسكرية والطيران والقانون والتقنية والصيانة والتجارة، كما سمح لها ببدء عملها الخاص من دون موافقة ولي أمرها إضافة إلى توليها المناصب العليا». وعن الإنجازات التي تحققت في مجال التقنية والاتصالات في السعودية، قالت: «حقق قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في عهد الملك سلمان تطورًا كبيرًا وملحوظًا حيث كان التحول الرقمي أبرز أهداف رؤية المملكة 2030، فاحتلت المملكة المراكز الأولى عالميًا لمؤشر الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الرقمية للاتصالات، وأصبحت تحتل المركز الأول عالميًا في سرعات الجيل الخامس. وفي مجال التطبيقات الإلكترونية نجد التوجه للحكومة الإلكترونية من خلال وجود منصة وطنية موحدة لجميع التعاملات، وهيئة الحكومة الرقمية والبوابة الوطنية للتعاملات الإلكترونية الحكومية، كما نجد العديد من المنصات والتطبيقات في جميع القطاعات الحكومية والخاصة وغير الربحية. أما في مجال الأمن السيبراني فقد حققت المملكة المرتبة الثانية عالميًا من بين 193 دولة، والمركز الأول على مستوى الوطن العربي والشرق الأوسط وقارة آسيا في المؤشر العالمي للأمن السيبراني. وفي مجال الحوسبة السحابية أطلقت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي ممثلة بمركز المعلومات الوطني، منصة ديم وهي منصة حوسبة سحابية حكومية سعودية، وتعد السحابة الأكبر من نوعها في منطقة الشرق الأوسط». تسع سنوات سمان في عهد سلمان وتناول أ. عبدالرزاق سعيد حسنين جهود خادم الحرمين الشريفين في إنجاز المشروعات التي تضمن التيسير والسلامة في المسجد الحرام والمسجد النبوي والمشاعر المقدسة، بما في ذلك في موسم الحج العام الماضي، وما تخلله من خطط لرفع الطاقة الاستيعابية لاستضافة 30 مليون معتمر بحلول عام 2030م، حيث قال: للحديث عن خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، لا بد لنا الخوض في بحر الإنجازات والطفرة العصرية الحديثة التي تعيشها المملكة، لتسع سنوات سمان لعصر ذهبي، وقائد لأكبر عمليات تطوير عمراني، بالعديد من الإنجازات التي بدأها حفظه الله، بتأسيس مشاريع تعيد بناء البنى التحتية في مناطق المملكة عامة ومنطقة الرياض خاصة، وأجزم أن لضخامة المرحلة الحاضرة للمملكة، ما تعجز عن وصفها محبرتي المتواضعة، لتسع سنوات جديرة بتحدي الصعاب التي يشهدها العالم حولنا، وصراعات أدت إلى نكسات تفوق الوصف، وتعد وبالاً على شعوبها، مما دفع المملكة إلى التوسع في الصناعات العسكرية بأيادٍ سعودية ذات كفاءات عالية، لمواكبة النهضة المعاصرة التي أبهرت العالم، لتكون المملكة من كبرى الدول في الصناعات العسكرية الثقيلة والخفيفة. وقد شهدت المملكة بفضل الله إنجازات لافتة وغير مسبوقة في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية، أعادت بناء وتنظيم المجتمع السعودي، إضافة إلى التوسع الملحوظ في الطاقة الاقتصادية، والتوجه إلى البدائل الاستثمارية والصناعية غير النفطية، المصاحبة للتوسع في الحقول النفطية بخيراتها المتنامية، غير متناسين النهضة التي تعيشها منظومة الحج والعمرة والسياحة والترفيه والاهتمام بعمارة الحرمين الشريفين لاستيعاب الملايين المتنامية لأعداد الحجاج والمعتمرين، وقبل ذلك بناء المواطن السعودي، الذي يعد الركيزة الرئيسة في رؤية المملكة 2030. والحديث يأخذنا لأوامره حفظه الله، بإنشاء العديد من الصناديق الاستثمارية المملوكة للدولة، والداعمة لكل المشاريع التنموية والهيئات الملكية التي شملت الكثير من مناطق المملكة، حقًا.. هي تسع سمان جديرة بوصفها طفرة اقتصادية تنموية للمملكة العربية السعودية، المتجددة الروح والمتمسكة بثوابت الدين الإسلامي دستورًا وشريعة». تميز كبير ونقلة نوعية في خدمة ضيوف الرحمن وتحدث أ. أحمد صالح حلبي عن إطلاق أعمال البنية التحتية والمخطط العام لمشروع «رؤى المدينة»، في المنطقة الواقعة شرق المسجد النبوي، والعمل على استكمال التوسعة السعودية الثالثة في المسجد الحرام، إضافة إلى العديد من المشروعات التي تهدف إلى الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، واستمرار توفير سبل الراحة والتيسير لقاصدي الحرمين الشريفين وفق أعلى المعايير العالمية، فقال: «ساهمت المشروعات المنفذة والتنظيمات الإدارية في تمكين الحجاج والمعتمرين والزوار من أداء نسكهم والعودة لأوطانهم محملين بأجمل الذكريات عن رحلة العمر. ومشروع «رؤى المدينة» المقام بجوار المسجد النبوي الشريف، يجمع بين السكينة والروحانية، ويتميز بتدرج ارتفاعات مبانيه لتعزيز روحانية مكانة المسجد النبوي بصريًا ومعماريًا، مما يمنح قاطني الفنادق من مقدمة المشروع وحتى آخره، إطلالة مباشرة على الساحات الشرقية للمسجد النبوي الشريف، إضافة إلى قدرته على الجمع بين التراث المعماري الأصيل للمدينة المنورة، والتطور العمراني الحديث، ففكرته نبعت من الأحياء القديمة بالمدينة المنورة والساحات الواسعة والممرات المفتوحة المحاطة بالمباني. كما يمتاز بكونه صديق للبيئة ضمن أعلى المعايير العالمية، باستخدام أحدث التقنيات في تنفيذ البنية التحتية للمشروع والتي تضمن الاستدامة التشغيلية والجودة العالية باستغلال المصادر الطبيعية التي تتفرد بها بيئة المدينة المنورة، حيث يتضمن المشروع نظامًا آليًا متطورًا لتجميع المخلفات الصلبة للفنادق والأماكن العامة وممرات المشاة في محطة مركزية لكل تجمع مباني، كما تتسم المناطق المفتوحة بوجود مظلات زجاجية مزينة بالزخارف الإسلامية لتعكس اللمسات الفنية الرائعة والبيئة المعمارية الفريدة للمشروع». وواصل: «يجب أن نبرز تطوير التنظيمات الإدارية لتيسير رحلة الحج، فبعد المتاعب والصعوبات التي كان يواجهها حجاج بيت الله الحرام، برزت المطارات والموانئ لاستقبال الطائرات والسفن، ومهدت الطرق وشقت الجبال وشيدت الجسور ليصل الحجاج إلى البقاع الطاهرة بأمن وأمان وراحة واطمئنان. وجاءت (مبادرة الطريق إلى مكة) والتي أطلقتها وزارة الداخلية لأول مرة عام 1438هــ لتضاف إلى ما تحقق من خدمات لضيوف الرحمن، وكانت البداية بعدد 1500 حاج من حجاج ماليزيا، بهدف الوصول إلى الحج الذكي من خلال مسار إلكتروني موحد، بدءًا من إصدار التأشيرة، ومرورًا بإنهاء إجراءات الجوازات والجمارك في مطار بلد المغادرة بعد التحقق من توفر الاشتراطات الصحية، إضافة إلى ترميز وفرز الأمتعة وفق ترتيبات النقل والسكن في المملكة، وعند وصول الحجاج لن يمروا بإجراءات الدخول التي أجروها مسبقًا، إذ ينتقلون مباشرة إلى حافلات تنتظرهم لإيصالهم إلى الأماكن المعدة لسكنهم في مكة المكرمة والمدينة المنورة، أما أمتعتهم فتتولى الجهات الخدمية إيصالها إلى مساكنهم. وتوسعت المبادرة في عام 1439هـ لتشمل كافة حجاج ماليزيا والذين بلغ عددهم ذلك العام نحو 40 ألف حاج، وفي عام 1440هـ طبقت المبادرة على حجاج ماليزيا وإندونيسيا وباكستان وبنجلاديش، وتوقفت عامي 1441 و1442هـ نتيجة لجائحة كورونا، ثم أعيد تطبيقها عام 1443هـ لتضاف المغرب إلى الدول السابقة، وتوسعت عام 1444هـ ليضاف إليها حجاج تركيا وساحل العاج. وإطلاق هذه المبادرة وغيرها من المبادرات ضمن برنامج خدمة ضيوف الرحمن، أحد برامج رؤية المملكة 2030 يؤكد أن هناك نقلة نوعية في خدمات الحجاج تعكس الصورة المشرقة عن المملكة في عهد الملك سلمان وسمو ولي عهده الأمين لخدمة قاصدي الحرمين الشريفين من حجاج ومعتمرين وزوار». شراكات مستدامة بين القطاعين العام والخاص من جهته، قال الأستاذ إبراهيم باعشن إن المملكة- تشهد بفضل الله - في عهد خادم الحرمين الشريفين تطورًا متناميًا ومستدامًا في مختلف المجالات وذلك استكمالًا لمرتكزات ومستهدفات رؤية السعودية 2030 في الوصول إلى مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح، سيما ونحن في خضم المرحلة الثانية للرؤية، مشيدًا بجهود تطوير القطاعات الواعدة والجديدة ودعم المحتوى المحلي، وتسهيل بيئة الأعمال، وتمكين المواطن وإشراك القطاع الخاص بشكل أكبر وزيادة فاعلية التنفيذ لتحقيق المزيد من النجاح والتقدم. وتابع باعشن: «ما زاد من تحقيق العديد من المنجزات في عهد خادم الحرمين الشريفين -رعاه الله، الممكنات التي وفرتها الحكومة في كافة المجالات، والتي سهلت من انسياب قطاع الأعمال، بجانب ما شهدته البنيات التالية من تطور كبير وهي البنى التحتية التنموية، والبنى التحتية التقنية، إضافة للتأهيل الكبير لرأس المال البشري، والاهتمام بالبحث العلمي والابتكار، بجانب تطوير وتحديث الأنظمة التشريعية، وكل ذلك من شأنه أن يحقق تطلعاتنا في أن تصبح المملكة في مصاف الدول العشر الأكثر تنافسية عالميًا وذلك بحلول عام 2030م إن شاء الله». وأوضح باعشن أن هذه الممكنات والتطورات اللافتة قد أدت إلى تسهيل بيئة الأعمال، وأسهمت في بناء جسور الشراكات المستدامة بين القطاعين العام والخاص، لتنفيذ خطط التنمية الفعالة، وبالتالي تمكين إشراك القطاع الخاص وزيادة فاعليته التشاركية، لما فيه مصلحة الوطن والمواطن معًا، مشيرًا إلى أن التشاركية تؤدي إلى الاستفادة من موارد وخبرات القطاع الخاص، لزيادة عجلة التنمية المتوازنة في البلاد، في عدة مجالات، منها القطاعات الواعدة، وقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال، والاستثمار النوعي، وقطاع الابتكار ودعم المحتوى المحلي».