من سيرة ليلى الأخيلية.

عَنْ اِمْرَأَة تَصُوغُ بَلَاغَةَ الصَّحْرَاءِ فِي وَدَقِ الشُّجُونِ، تَضُمُّ معناها وتخلدُ فِي صَدَى الْأَوْقَاتِ قَامَةُ شِعْرِهَا، وَطَنٌ يُؤَرِّخُ لِلْحُروبِ عَلى اشتِدادِ رَمادِهَا، وَلِلْقَبِيلَةِ فِي مَتَاهَاتِ الْجَوَى.   ولـ “تَوْبَةَ بْن الْحُمِيِّرِ” حِينَ كَانَ اِصْطِفَاءً مِنْ هَوًى وَاِسْتِلَالًا مِنْ قَسْوَةِ الصَّحْرَاءِ أَوْ مِنْ ريحِهَا الْمَسْكُونِ بِالْوَحْشَةِ عِنْدَ الذبول فِي اِقْتِرَابٍ قد يزولْ.   وَتَقُولُ لَيْلَى: فَلَيْسَ كُلُّ الشِّعْرِ أَحْلَامًا وَيَكْفِي، بَلْ هُوَ اِقْتِبَاسُ الرّوحِ مِنْ ضِلْعِ الْمجَاعَةِ وَاِرْتِجَافَاتِ النَّوَى وَتَبَدُّلِ الضَّحْكَاتِ في دَمْعٍ يُرَدِّدُ خَيْبَةَ الْخُطُوَاتِ لِلْحُبِّ الْأَخِيرِ أَوِّ الضَّنِينِ   وَذَاكَ الَّذِي قَدَّ الْمَسَافَةَ بِاِبْتِعَادٍ وَأَزَاحَ وَهْمَ الظِّلِّ فِي سَيْرٍ بَعيدٍ حَتَّى أَقَامَ عَلَى ضَيَاعٍ. فَيُرِدُّهُ سُمْكُ الْمَعَانِي حِينَ يَنْدُرُ فَيْضُهَا فِي كَفِّ عَاشِقَةٍ تَقُولُ: الشِّعْرُ دَمْعِي فِي اِحْتِقَانِ الْحُلْمِ، فِي رَعْشَةِ الْبَدَوِيِّ حِينَ يُصِيخُ لِلصَّوْتِ الْبَعيدِ، يَتَفَقَّدُ الْأحْلَاَمَ تَذْوِي فِي اِرْتِجَافٍ مِنْ حَرِيقِ.   فَيَا اِمْرَأَةً قَدْ تُبرّقُعُ وَجْهَهَا كَيْ لَا يُرَاقَ وَفَاءُ دُنْيَاِهَا، تَسَابِقُ الشَّغَفَ البَعِيدِ إِلَى لِقَاءِ الْقَادِمِ الْآتِي، وَسَلَّمَ وَاِسْتَدَارَ. ثُمَّ تَشْتَدُّ الْمَسَافَةُ مِنْ جَدِيدٍ: لَا شَيْءَ سِوَى الْعِشْقُ أقْسَى مِنْ نِصَالٍ، وَأَمَرُّ مِنْ وَجْدٍ يُؤَطِّرُهُ صَوْتُ قُبَّرَةٍ تَنُوحُ، وَتَقُولُ: يَا لَيْلَى، أَمَّا اِخْتَلَفَ الطَّرِيقُ؟