معرض جدة للكتاب..

تجربة تتخطى اقتناء الكتب.

كانت ولازالت معارض الكتب الحدث الثقافي المنتظر لكل القراء والمثقفين والمؤلفين والناشرين، نتقصى مواعيد إقامتها ونشد الرحال إليها متجولين بقوائمنا لاقتناء الكتب وحضور الندوات المصاحبة ولقاء الأصدقاء. دائما ما أتساءل هل لا زلنا نحتفظ بذات الشغف تجاه معارض الكتب؟، خاصة بعدما كثرت المتاجر الإلكترونية والكتب الرقمية التي تناولك الكتاب المنشود بضغطة زر، بل وبتكلفة أقل أحيانا. مؤخرا، واكبت معارض الكتب هذا التغيير بسعيها لخلق تجربة ثرية للزائر، فلم تعد مجرد حدث ثقافي يستهدف الراغبين في شراء الكتب التي أصبحت في متناول الجميع على مدار العام، بل اهتمت بخلق فعاليات ممتعة تلبي رغبات الزوار بمختلف فئاتهم واهتماماتهم، من أجنحة الطفل التي تحتل مساحة شاسعة وتشهد إقبالا كبيرا وتقدم تجارب مختلفة كالطهي ومسرح الدمى، إلى عالم المانجا ومقتنياته، إلى اللقاءات التي تقام مع مؤثري مواقع التواصل وتكون سببا في تهافت الشباب لمشاهدتهم، وغيرها من الفعاليات التي تجعل من زيارة المعرض تجربة ثقافية ترفيهية شاملة غير مقتصرة على اقتناء الكتب. وهنا نتوصل إلى إجابة السؤال السابق: هل لا زلنا نحتفظ بذات الشغف تجاه معارض الكتب؟ ربما نشعر بالحنين إلى ذلك الحماس القديم حينما كانت معارض الكتب هي الحدث الثقافي الأبرز أو ربما الأوحد. لكن الإجابة هي: نعم، على الأغلب أن الشغف لا زال مستمرا، ليس لأن معارض الكتب هي فرصتنا الذهبية لشراء الكتب كما في السابق، بل لأنها أصبحت تظاهرة اجتماعية شاملة ومتنوعة. أما بالنسبة للقراء التقليديين، فإن تجربة التجول في أروقة المعرض وتصفح الكتب وتقليب أوراقها والالتقاء مصادفة بعنوان لم يكن بالحسبان، كانت ولا زالت تجربة حسية غامرة لا تقدر بثمن ولا يمكن استبدالها مع مرور الوقت. فإن كنا نعتقد أن معارض الكتب فقدت توهجها في عيون القراء والمثقفين، فربما يعود السبب إلى أنها خرجت من دائرة النخبة إلى العامة، وسَعَت إلى مواكبة الاتجاهات الحديثة وأصبحت منارة يمكن ان يهتدي إليها أي فرد من المجتمع. بالإضافة إلى سبب آخر، وهو أن معارض الكتب لم تعد حدثا مميزا بسبب اعتيادنا على ارتياد الكثير من الفعاليات الأدبية والفكرية طوال العام في ظل الثورة الثقافية التي نشهدها. أخيرا، فإن معرض جدة للكتاب سيفتتح اليوم، ونحن بانتظار قائمة دور النشر ودليل الفعاليات المصاحبة التي حتما ستلبي اهتمامات جميع المرتادين وتسهم في نشر المعرفة وتعزيز الإبداع.