«مالك طعم».
كبارُ السِّن “ كبارُ قدر لدينا “ ، ننعم ببركة تواجدهم من حولنا ، ونلمس مشاعرهم الحانية نحونا . وبقدر مالهم علينا من حقوق ، ومايصدر منا تجاههم من تقصير ؛ إلاَّ أنهم يتجاوزون ويسامحون . ليس طمعًا في ما نملك ، بل شفقة بأن لا نُحَمَّل تبعات الخطأ . إنَّ مسألة سداد فواتير تضحياتهم وبذلهم يبدو أمرا باهض الثمن ، وعالي التكلفة . ومع هذا فهناك فرص متاحة في حياتنا لنقتطع لهم ولو جزءا يسيرا من وقتنا ؛ إذ أنه السبيل المتبقي لقضاء بعض مالهم علينا ، خاصة إذا ما علمنا بأن هذا الأمر هو غاية مايتمنون وينتظرون. إننا حينما نقرر أن نشاركهم الجلوس ونبادلهم الأحاديث والاهتمام ؛ فنحن نكسر عنهم حاجز الوقت الطويل ، والساعات المملة التي يكابدونها عندما تطويهم العزلة ، وتقتلهم الوحدة ، وينصرف من ينصرف عنهم لمشاغله ودراسته وما إلى ذلك من أمور الدنيا التي لا تنتهي . وأهم من هذا وذاك أن نعيش معهم اللحظة ، وندخل عليهم الفرحة حينما تكون - حصتهم من تواجدنا بينهم ؛ فلا يشغلنا عنهم شاغل ، ولا يقطع حبل حديثنا معهم مانع ، ولا يكون يوم حضورنا - عندهم - كيوم غيابنا . حضور أقل ما يقال عنه أنه : بلا طعم . كما قالت لي “ جدتي “ - حفظها الله - ذات مرة عندما انشغلت بجوالي عنها في إحدى جلساتي معها : اليوم ياوليدي “ مالك طعم “ ؛ كناية عن عدم - جدوى وجودي - وغياب حضوري .