«دربكة» الكعيد و «هجمة مرتدة».
حرك الأخ العزيز والصديق زميل الحرف د.عبدالله الكعيد شجوني الأسبوع الماضي عبر زاويته هنا التي (لا ريب) فيها وما تناولته من (دربكه في الزمن الضايع) وشجوني التي تحركت ليست كشجون خالد زارع التي حركها غزال اشقر بديع الجمال وتغنى بها طلال مداح رحمهما الله فما كل شجن شجن و (كل على همه سرى)، فقد حركها أبو سحر من ناحيتين: الهواية التي تحولت أو بالكاد تتحول إلى تخصص والتخصص الأكاديمي الذي كاد أن يذوب في الهواية أو يتوارى خلفها. بدأ زاويته بالحديث عن (الدربكة) لينتقل منها إلى الزمن الضايع وفلسفته، ماجعلني أنقل الكرة إلى ملعبه في «هجمة مرتدة». وهي - أي الدربكة - مفردة يرددها معلقو المباريات عبر الإذاعة قبل دخول التلفزيون عندما تكون هناك هجمة على المرمى مشيرًا لبعض التفسيرات والطرائف حولها وما يعتقده البعض أنه لاعب من (الدنبوشي) كما يقول. والحقيقة أنها تحدث أمام المرمى عندما يختلط الحابل بالنابل بين المدافعين والمهاجمين فيلجأ لها بعض المعلقين هروبًا من عدم معرفة اسماء اللاعبين خاصة أنهم كانوا يقتعدون كرسيًا في ارض الملعب وطاولة صغيرة عليها المايكروفون فيكون نظرهم في مستوى سيقان اللاعبين. ولمعلقنا العربي المرحوم أكرم صالح وصفًا جميلًا لها فهو يقول (غابة من السيقان). ويقال والعهدة على الرواة أن مسؤولًا عرضت عليه قائمة أسماء المنتخب للموافقة فقال: دائمًا أسمع المعلق يقول «دربكة» أمام المرمى لماذا خلت منه القائمة !؟ ظنًا منه أنه لاعب خطير. على أن أبا سحر حرك شجونًا وحنينًا إلى ذلك الزمن الجميل بذكرياته حيث كنا نذهب لملعب الصايغ فرادى وجماعات ونفترش الصحف أو السجاجيد على مدرجاته الاسمنتية والبعض يحضر سجادة كبيرة يحجز بها مقاعد لأصدقائه وهناك من يحمل (راديو) صغير يستمع فيه لمعلق المباراة ليتعرف على أسماء اللاعبين، ونتفاخر بمشاهدة صهريج المياه (الوايت) الذي يدخل من البوابة الجنوبية لرش ارضية الملعب الترابية بشكل دائري ثم عموديا جيئة وذهابا وهذه لها مايبررها وما ينتج عنها والحديث حولها يتشعب، لكن هذا الرش يتلاشى احيانا عندما يحمى وطيس المباراة ويزداد الحماس والدربكة فيتطاير الغبار (كأن مثار «اللعب» فوق رؤسنا / و»سيقاننا» ليل تهاوى كواكبه) كما في وصف بشار بن برد للمعركة.، والغريب قلة إصابات اللاعبين رغم قلة التمارين وفترات الإحماء ونوع الأحذية والكرات عكس ماهو حاصل حاليا من تنوعها وكثرتها مع توفر الإمكانيات اللوجستية وتطورها. أما متابعي المباراة عبر المذياع فيعيشون أجواءها تخيلًا عندما يبدأ المعلق بتقسيم الملعب إلى مربعات ثمانية وكيف تنتقل الكرة من مربع إلى آخر فيتخيلون موقع (الفاول) واتجاه (الكورنر). وينتقل صديقنا بسلاسة من (الدربكة) إلى (الزمن الضائع) فائلًا: دعوني أُنحي ذلك التوهم المتجاوز للمنطق والعقل جانباً وأعود لحكاية الزمن بدل الضائع أو المفقود حسب الكاتب الصيني (وانغ شيابو)، مشيرًا إلى أنني أول من أشار إلى الخطأ الشائع آنذاك وهو مصطلح «الوقت الضائع» وأن الصحيح «الوقت بدل الضائع» إذ لا وقت يضيع من المباراة فهو محسوب وهو ما أصبح معتمدًا عند المعلقين، وأشكره على هذه اللفتة. وهذا الشجن الثاني الذي حركه لدي كمتخصص في الفيزياء والرياضيات إذ لا ريب بأن كل الفلسفات على مر التاريخ لا تقول بوجود وقت أو زمن ضائع، بل زمن محسوب بكل دقة، فالزمن كما درسنا يعرفه العلماء بأنه ما تقيسه الساعة ويُعتبر البعد الرابع إلى جانب الأبعاد المكانية الثلاثة (الطول والعرض والارتفاع) وهو نسبي ويتأثر بالسرعة، أما في اللغة، فالزمن يشمل فترات قصيرة وطويلة من الوقت، ويُستخدم للدلالة على فترة زمنية معينة. شكرًا أبا سحر فقد اشعلت حنيني وجددت معلوماتي لكن الحكم أطلق صافرته لتنتهي المباراة بالتعادل ونقتسم نقطتي المباراة كما في ذلك الزمن أما اليوم ومع النقاط الثلاث فيخطيء معلقو الحاضر عندما يقولون إقتسم الفريقان نقاط المباراة. والله من وراء القصد