
أعلنت دار كلمات للنشر والتوزيع عن صدور كتاب جديد للكاتب والباحث رائد العيد بعنوان «دفاتر المكتبة الكونية: فن مراجعة الكتب»، ليشكل إضافة نوعية للمكتبة العربية في مجال ظل شبه غائب عن التنظير والتأصيل، وهو مجال مراجعات الكتب. يمثل الكتاب محاولة جادة لتأصيل مفهوم مراجعات الكتب، والبحث في نشأتها وتطورها عبر التاريخ، ابتداءً من بذور المراجعات في نصوص الفلاسفة الأوائل كأفلاطون وأرسطو، مروراً بالمكتبة العربية في عصور الجاحظ وابن النديم، وصولاً إلى المجلات الثقافية الحديثة ومنصات التواصل الاجتماعي. ويأتي هذا الجهد في ظل تزايد الإنتاج المعرفي اليومي من كتب وأبحاث، حيث بات القارئ بحاجة إلى “دلّال ثقافي” يميّز الدرر من الزبد ويقوده وسط فيض العناوين. يصف العيد عمله بأنه “مراجعة للمراجعات” أو Meta Review، وهو بحث في فن المراجعة نفسها: ماهيتها، ودوافعها، ومصطلحاتها، وممكنات تطويرها. ويربط الكتاب بين ممارسة المراجعة وظهور ما يسمى بـ”اقتصاد السمعة”، حيث صار تقييم قصير على منصة رقمية قادراً على رفع مشروع أو خذلانه، وما الكتب إلا جزء من هذا التيار العالمي. يروي المؤلف أن تجربته الشخصية مع مراجعات كتبه الأولى كانت الشرارة التي دفعته للتأمل في هذا الفن، ثم لتقديم دورات تدريبية في كتابته، قبل أن يكتشف ندرة المراجع النظرية التي تتناول الموضوع بجدية. هذا النقص كان الدافع وراء مشروعه، فجاء الكتاب ليجمع بين التجربة الذاتية والبحث التاريخي والتحليل النقدي. يأتي الكتاب في تسعة فصول متكاملة، تبدأ من البدايات التي تمهد الطريق لفهم موضوع المراجعات، ثم المصطلحات التي تضبط لغة هذا الفن والمصطلحات الملتبسة بين “عرض الكتب” و”نقد الكتب” و”مراجعة الأدبيات”، ويقترح بناء قاموس خاص بمفاهيم المراجعات. بعد ذلك يتدرج المؤلف عبر المبررات لكتابة المراجعات والمعالجات اللازمة لذلك، وصولاً إلى المكونات الواجب تضمينها، والخيارات والممكنات في كتابتها، قبل أن يخصص فصولاً حول الهيئات المتاحة لنشر المراجعات واشتراطاتها، والتنبيهات التي تختم الكتاب برؤية نقدية وإجرائية واضحة. هذا البناء يمنح القارئ تصوراً متدرجاً ومنهجياً لمسار مراجعات الكتب من الجذور وحتى آفاق الممارسة. رغم أن كتابة المراجعات تعد جزءاً أصيلاً من التدريب الأكاديمي في الجامعات، فإن التأصيل لها ظل غائباً عربياً. هنا تأتي أهمية “دفاتر المكتبة الكونية” كأول محاولة شاملة لطرح تصور متكامل عن هذا الفن في الثقافة العربية، بما يفتح الباب أمام باحثين وكتّاب لتطويره وتعميقه. بهذا الإصدار، يواصل العيد مشروعه في تأصيل مفاهيم الكتابة والقراءة، مقدماً عملاً سيكون مرجعاً للمهتمين بالنقد الأدبي وصناعة الكتاب، وللقراء الراغبين في فهم القيمة العميقة للمراجعات ودورها في تشكيل الذائقة وبناء المعرفة، مقدماً هذا العمل الذي يهدي صفحاته إلى “صنّاع الجسور الثقافية وأمناء المكتبة الكونية: كتّاب مراجعات الكتب”.