كتبَ تاريخنا الوطني بنغمة هادئة.

كتب الأستاذ محمد السيف عدداً من السير الذاتية الغيرية، أو السير المفردة، ككتابه “عبد الله الطريقي: صخور النفط ورمال السياسة”، وكتابه “ناصر المنقور: أشواك السياسة وغربة السفارة”، وكتابه “نجيب المانع: حياته وآثاره”، وكتابه “أحمد الشيباني أو ذيبان الشمري: سيرته، فلسفته، معاركه”، وكتابه “حمزة غوث: سياسي دولتين وإمارة”، وكتابه “جميل البارودي: سيد الأمم المتحدة”. وكتب سيراً ذاتية غيرية متفرقة، جمعها في ثلاثة كتب، هي: “سيرتهم: صفحات من تاريخ الإدارة والاقتصاد”، و”سيرتهم في التعليم” و”بين السفارة والوزارة”. في كتبه الستة كان مؤرخاً وأديباً، ذلك لأنه كتب سير أشخاصها بلغة يغلب عليها الأسلوب الأدبي، ولأنه نهج – جزئيا – نهج الروائي الذي يكتب التاريخ بطريقة بانورامية. وفي كتبه الثلاثة، وكذلك في كتابه “رجا بن مويشر ودوره في ضم الجوف لحكم الملك عبد العزيز” كان مؤرخاً، فهو اعتمد فيها من حيث اللغة على الأسلوب التقريري لكن ليس بالمعنى الناشف الجاف، فلغته في الكتب الثلاثة لغة حية وحيوية، وتصويره عن قرب لعدد من شخصياتها تضمن الجذب والتشويق، ولم يخل من اللمسة البلاغية. ومع أنه ذو أسلوب أدبي في كتابة السيرة الذاتية الغيرية إلا أن صياغته الأدبية لم تأت على حساب الدقة العلمية في سرد تفاصيل الوقائع والحوادث التي كانت الشخصيات التي أرّخ لها طرفاً فيها. وهذا يرجع إلى أنه في المقام الأول، مؤرخ. وأساساً، كاتب السيرة الذاتية الغيرية غالباً ما يكون مؤرخاً محترفاً. وهذه السمة أو الصفة من بين الفروق ما بين كاتب السيرة الذاتية الغيرية وكاتب السيرة الذاتية الشخصية. من الصعوبات التي واجهها الأستاذ محمد السيف في بداية اتجاهه لكتابة السير الذاتية الغيرية، صعوبة أيديولوجية رقابية، تتمثل في أن الشخصية الأولى التي كتب سيرتها تاريخها مشتبك مع تاريخ تيارات سياسية في السعودية، وكان من مقررات الخطاب الرسمي وخطاب الصحوة في تلك الفترة وقبل تلك الفترة بعقود، أنه عند حديث الكاتب عنها لابد له من التصريح بالإدانة اللفظية لتوجهاتها ولأيديولوجياتها، أو – على الأقل – إبدائه تحفظات إزاءها. ومع أن موقف الحياد لم يكن من ضمن الخيارات المطروحة أمام الكاتب عند الحديث عن تلك التيارات إلا أن موقفه منها كان أقرب للحياد الإيجابي. الحياد الايجابي بمعناه العلمي لا بمعناه السياسي في الحرب الباردة. في تقديري أن الأستاذ محمد وفق في كتابة “تاريخنا الوطني” في أكثر من موضوع وأكثر من مجال، بنغمة هادئة ليس فيها قرع طبول.