300 شاعر و 160 فنانا و 500 متطوع..

مهرجان «أدبي جازان» يكرس مكانته كأكبر مهرجان للقصيدة الوطنية في المملكة.

كرّس مهرجان القصيدة الوطنية الذي تنظمه سنويًا جمعية أدبي جازان نفسه ليكون أكبر مهرجان شعري وطني من نوعه في المملكة، جامعًا بين الحضور الجماهيري الواسع والتنوّع الإبداعي اللافت. وقد عبّر المشاركون في المهرجان، الذي اختتم فعالياته مساء الجمعة 3 أكتوبر 2025، عن اعتزازهم بالمشاركة في هذا الحدث الذي تجاوز إطار الأمسية الشعرية إلى مساحة احتفالية شاملة بالفن والثقافة والوطن. وشهدت النسخة الثامنة من المهرجان، التي دشنها وكيل إمارة منطقة جازان للشؤون التنموية المهندس محمد الأحمري، تقديم أكثر من مئة قصيدة وطنية خلال يومين متتاليين بمشاركة خمسةٍ وعشرين شاعرًا وشاعرة من مختلف مناطق المملكة، في حين كرّمت الجمعية في حفل الافتتاح الشاعر يحيى رياني بمناسبة فوزه بجائزة وزارة الثقافة للشعراء الشباب. ولم تقتصر فعاليات المهرجان على القصائد الوطنية فحسب، بل ضمت ورشًا تدريبية في الأمن السيبراني وأمن المعلومات، ومعرضًا للتصوير الفوتوغرافي ضم ثلاثين لوحة فنية، إضافة إلى ركن خاص للإصدارات الأدبية الحديثة، مما منح المهرجان طابعًا ثقافيًا ومعرفيًا متكاملًا. وقد أكد عدد من الشعراء المشاركين أن استمرار هذا المهرجان ونجاحه المتجدد يعكسان حيوية المشهد الأدبي في جازان ووفاءها لإرثها العريق الممتد منذ تأسيس نادي جازان الأدبي قبل أكثر من نصف قرن، حيث استطاعت الجمعية أن تورث هذا المشروع الوطني وتطوره ليصبح رمزًا من رموز الشعر السعودي وذاكرته الوطنية. الصلهبي: المهرجان الأكبر ونتاج رؤية ثقافية وطنية وقال رئيس مجلس إدارة جمعية الأدب بمنطقة جازان الأستاذ حسن بن أحمد الصلهبي إن مهرجان القصيدة الوطنية في نسخته الثامنة يُعد أضخم مهرجان شعري وطني على مستوى المملكة، وأوضح الحازمي أن المهرجان بدأ بفكرة صغيرة عام 2018م، لينمو خلال ثماني سنوات حتى عام 2025م، ويصبح شجرة وارفة الظلال تزهو بخضرة الوطن وتعتز بحنكة قيادته الرشيدة، مشيرًا إلى أن أكثر من 300 شاعر وشاعرة شاركوا في دوراته المختلفة، وألقوا ما يقارب 400 قصيدة وطنية كتبت خصيصًا للمهرجان، مما أوجد روحًا من التنافس الأدبي والإبداع الشعري في حب الوطن. وأضاف أن المهرجان نفذ ثمانية معارض فنية للتصوير الفوتوغرافي شارك فيها نحو 160 فنانًا وفنانة بلوحات تجسد أعمق المعاني الوطنية، كما شهد حضورًا جماهيريًا واسعًا بلغ أكثر من 3 آلاف مثقف ومثقفة. وأشار إلى أن فعاليات المهرجان تضمنت ثلاث مسابقات شعرية لأجمل قصيدة وطنية، ومسابقتين في التصوير الفوتوغرافي، ومسابقة في الفنون التشكيلية بالتعاون مع جمعية “جسفت”، بمشاركة واسعة من الشعراء والمصورين والفنانين التشكيليين. وبيّن الحازمي أن المهرجان مثّل بيئة خصبة للمتطوعين والمتطوعات، وهم من أهم مستهدفات رؤية 2030، حيث شارك أكثر من 500 متطوع ومتطوعة من فرق تطوعية مختلفة، كما نُفذت على هامشه عشر ندوات نقدية تناولت جماليات الشعر الوطني وسماته الفنية، إلى جانب عدد من الورش والدورات التدريبية، من بينها ورشة بعنوان «التوعية بالأمن السيبراني» بوصفه جزءًا من منظومة الأمن الوطني. وأضاف أن المهرجان الذي بدأ في نسختيه الأولى والثانية على نطاق محدود، امتد لاحقًا ليشمل جميع مناطق المملكة ويزهو بمشاركة نخبة من الشعراء، كما أصبح واجهة ثقافية وسياحية لمنطقة جازان من خلال الجولات الميدانية لضيوف المهرجان. الرياني: 1000 قصيدة للوطن في 8 مهرجانات متتالية وأكد المتحدث الرسمي لجمعية أدبي جازان الأستاذ محمد حسن الرياني أن مهرجان القصيدة الوطنية الذي تنظمه الجمعية منذ عام 2018م تزامنًا مع اليوم الوطني للمملكة، أصبح أيقونة المهرجانات الشعرية الوطنية وأحد أهم الأحداث الثقافية التي تجمع الشعراء من مختلف أنحاء المملكة في احتفاءٍ سنوي بالشعر والوطن. وقال الرياني أن المهرجان لم يقتصر على شعراء جازان فحسب، بل استقطب شعراء وشاعرات من جميع مناطق المملكة، حتى أصبح ساحة أدبية وطنية مفتوحة، مشيرًا إلى أن المهرجان جذب معظم الشعراء السعوديين البارزين في ظاهرة شعرية تسجل لأدبي جازان الذي يعد أحد أقدم المنارات الثقافية في المملكة. وتابع: “على مدى أكثر من خمسين عامًا، صنع أدبي جازان تاريخًا ثقافيًا متميزًا، وأسهم في إثراء الساحة الأدبية بكل فنون الأدب، بفضل روادها من المبدعين الذين وضعوا بصمتهم في سجل الثقافة السعودية.” وأكد الرياني أن مجلس إدارة جمعية أدبي جازان الجديد برئاسة الأديب الشاعر حسن أحمد الصلهبي يتطلع إلى مستقبلٍ ثقافيٍّ واعدٍ ضمن رؤية المملكة 2030، ليكون مهرجان القصيدة الوطنية عملًا وطنيًا استراتيجيًا وهويةً ثقافيةً خالدةً تعبّر عن صوت الوطن وقصائده على ألسنة الشعراء من داخل جازان وخارجها. العرابي: جازان تجسيد للعلاقة مع الوطن من جانبها، وصفت الشاعرة الدكتورة مستورة العرابي، أستاذة الأدب والنقد بجامعة الطائف والمشاركة في مهرجان القصيدة الوطنية بجمعية أدبي جازان في نسخته الثامنة (2 – 3 أكتوبر 2025م)، أن جازان “تنبت فيها القصيدة كما تنبت القوافي على ضفافها”، مؤكدة أن المهرجان جمع القلوب قبل الحروف، وكان احتفاءً بالوطن وروحه الحيّة وتجسيدًا لعلاقة الإنسان بأرضه وتاريخه ومستقبله. وقالت العرابي: “شاهدت في مهرجان القصيدة الوطنية منصة متعددة الوسائط حيث الشعر والصورة والتاريخ والتدريب والتراث والفن التشكيلي والحرف اليدوية والأمن السيبراني. لقد رأيت ثقافة شاملة وأسلوب حياة متكامل، وهذا الدمج يعكس اتجاهًا عالميًا في إدارة الفعاليات الثقافية، حيث يُقدَّم الأدب في سياق معرفي بصري وتجريبي متنوع لكل أفراد المجتمع في مسرح شامل وحيوي.” واختتمت العرابي بقولها:“ما عشناه في جازان لم يكن مهرجانًا للقصيدة فحسب، بل كان احتفاءً بالوطن وروحه الحيّة. هنا، تماهى الشعر مع البحر والجبال والوديان، فصار صوتًا يردّد: الوطن قصيدة لا تنتهي. الشكر لكل يدٍ عملت، ولكل قلبٍ نبض من أجل نجاح هذا المهرجان، ولكل من آمن أن الشعر ما يزال قادرًا على جمعنا حول كلمة صادقة وصورة نابضة بالحياة.”