نشيد القرية

صَبَاحٌ يَضِجُّ بِرَائِحَةِ الْبُنِّ وَالتِّينِ وَالْجُلَّنَارْ وَيَنْهَلُ -مِنْ حُسْنِ هَذَا الرَّبِيعِ البَهِيجِ- تَفَاصِيلَ تَرْسمُ وَجْهَ النَّهَارْ وَيَنْشُرُ -فِي صَدْرِ تِلْكَ السَّحَابَةِ- مَا يُشْبِهُ الْعِطْرَ أَوْ يُشْبِهُ الإِنْهِمَارْ صَبَاحٌ لَهُ فِيكِ -يَا غَادَةَ الأَرْضِ- مَا لا يُعَدُّ مِنَ الأُنْسِ ما لا يُعَدُّ مِنَ الإِنْبِهَارْ صبَاحُكِ -يَا مَوْطِنَ اللوْزِ- لَيْسَ الصباح الذي كان ضِمْنَ الإِطَارْ وَلَمْ يَعْتَرِفْ مُطْلَقًا بِالْحِصَارْ صَبَاحُكِ وِرْدٌ يُرَتّلُ فِي مُنْتَهَى مَا يَكُونُ الْخُشُوعُ وَنَجْمَةُ صُبْحٍ هُنَا فِي الْجوَارْ صَبَاحُكِ صَوْتُ الْمُؤَذِّنِ فِي أَوَّلِ الْفَجْرِ يَدْعُو لِنَيْل الفَلَاحِ وَحَصْدِ الثِّمَارْ صَبَاحُكِ أُمِّي لِتُشْرِقَ شَمْسُ الْمَكَانِ وَتَزَدْادَ قَرْيَتُنَا باخْضِرَارْ فَضَحْكَتُهَا تَجْعَلُ الْكَوْنَ أَجْمَلَ فِي كُلِّ شَيءٍ وَتَمْلأ بِالْعُشْبِ كُلَّ الْقِفَارْ وَقَهْوَتُهَا عَلَّمَتْ فِكْرَةَ الْبُنِّ أَنْ تَسْتَجِيبَ عَلَى كُلِّ نَارْ صَبَاحُكِ صَوْتُ الْحذيفيْ وخياطَ جابرَ والقارئينَ الكِبَارْ صَبَاحُ الْعَصَافِيرِ فِي شُرْفَةِ الْبَيْتِ وَالْهُدْهُدِ الْمُنْتَشِي بِالرَّبِيع ِ وَهَذَا الرَّذَاذِ الَّذِي يَجْبرُ القلبَ في الانْكِسَارْ صَبَاحُ الطُّفُولَةِ فِي كُلِّ وَجْهٍ وَفِي كُلِّ دَرْبٍ وَكُلِّ مَسَارْ أنَا الْقَرَوِيُّ الَّذِي يَبْذُرُ الأَرْضَ حُبًّا وَعِشْقًا وَيَحْصدُ -فِي مَا يَرَاهُ وَمَا لَا يَرَاهُ- طموحَ الثِّمَارْ وَيَرْسمُ فِي وَجْهِ ذَاكَ الْجَنَابِ الرَّشِيقِ بِفُرْشَاتِهِ (السحْبِ) لَوْحَةَ عِشْقٍ بِرَغْمِ الْغُبَارْ يُؤَثِّثُ مَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤَثَّثَ فِي مُنْتَهَى الْحِرْصِ يَكْسُو شحوب الدِّيَارْ صَبَاحُ النِّسَاءِ اللوَاتِي يَجُبْنَ الْخَمَائِلَ يُدْنِينَ -فِي رِقَّةٍ لا تُضَاهَى، عَلَى حُسْنِهِنَّ- جلالَ الْخِمَارْ صبَاحُ اللوَاتِي عَكَفْنَ عَلَى صَوْتِ مِزْمَارهِ وهْوَ -من عهد داود- يَتْلُو لَنَا سُورَةَ الإِنْفِطَارْ وَيَخْبِزْنَ رُوحَ الْمَكَانِ بِكَفَّيْنِ مِنْ لهجة النُّورِ تَتْلُو عَلَى سَمْعِنَا تَمْتَمَاتِ السّوَارْ وَيَحْمَلْنَ -فِي قِرْبَةِ الْمَاءِ- سِرَّ الْحَيَاةِ وَيَمْلَأْنَ أرواحَ تِلْكَ الْجِرَارْ صَبَاحُ (الدِّلالِ) عَلَى النَّارِ رَائِحَةِ الهيلِ صَفَّارَةٍ (أُطْلِقَتْ بِالْبُخَارْ) صَبَاحُ الثُّغَاءِ.. صِيَاحِ الدُّيوكِ وَنَقْنَقَةِ الضِّفْدَعِ الْمُنْتَشِي فِي ثِيَابِ الْغُرُورِ لِيَبْلُغَ صَدْرَ الْوَقَارْ عَلَى شُرْفَةِ النَّبْعِ أوْ شُرْفَةِ الْعُمْرِ أَوْ شُرْفَةٍ في انتظارْ يُوَزِّعُ أَبْنَاءَهُ الأَلْفَ حَتَّى يَعُومُوا بِينْبُوعِ مَاءٍ بِرَقْصٍ رَشِيقٍ وَيَجْمَع فِي آخِرِ الْيَوْمِ شَمْلَ الصِّغَارْ صباح الطَّرِيقِ الَّذِي خَطَّ فِي وَجْهِ بَلْدَتِنَا الذِّكْرَيَاتِ وَكَانَ (جَوَابًا لِكُلِّ قَرَارْ) وَجَيْشٌ مِنَ النَّمْلِ يَجْمَعُ بَعْضَ الْحُبُوبِ لِفَصْلِ الشِّتَاءِ وَيَشْرَحُ مَاهِيَّةَ الإِدِّخَار وَقِطَّانِ -فِي شُرْفَةِ الْبَيْتِ فَوْقَ الْجَرِيدِ الَّذِي تَعْتَرِيهِ السنُونَ- يمدَّانِ كَفَّ الشِّجَار صَبَاح المُعَرَّقِ فِي قُفَّةِ الأُمِّ وَالخورم الهش طولَ نهار الدياسِ وبعض الحِوَار وأطْفَالُ قَرْيَتِنَا الأَنْقِيَاءُ الَّذِينَ إِذَا صَاحَ وَغْدٌ تظَاهَرَ معظَمُهُمْ بِالْفِرَار صبَاح النَّقَاءِ بِهَذِي الْبِلَاد الَّتِي لا تَكُفُّ عَنِ الْحُسْنِ حتى يكون انْتِصَارْ عَلَى كَلِّ مَنْ نَافَسُوهَا قديمًا ومن ناكفوها حديثًا سَتَبْقَى الأَحَقَّ بِكُلِّ اخْتِيَارْ لأَنَّ الْحَيَاةَ بِكُلِّ تَفَاصِيلِهَا لَنْ تراهَا بِصِدْقِكَ إِلَّا هُنَا بِاخْتِصَارْ