عبدالله آل عبدالمحسن..

رائد مسرح الطفل في الخليج.

برحيل الدكتور عبدالله بن حسن بن منصور آل عبدالمحسن فقدت الساحة الثقافية الخليجية أحد أعمدتها ورمزاً من رموز الريادة في مسرح الطفل، حيث جمع بين الأخلاق الرفيعة والتواضع الجم، وبين الفكر المتجدد والإبداع المسرحي الذي جعل منه مدرسة قائمة بذاتها. بدأت علاقة الدكتور عبدالمحسن بالمسرح منذ سنوات دراسته الابتدائية، حيث شارك في الفرق المسرحية المدرسية بإشراف أساتذة اللغة العربية، وكانت عروضهم تستلهم من المقررات التاريخية والاجتماعية. ومع كثرة سماعه للقصص الشعبية من جدته، وقراءته لمؤلفات رفاعة الطهطاوي، ومحمد عثمان جلال، وأشعار أحمد شوقي، تكوّن لديه مخزون ثري انعكس لاحقاً في كتاباته. ويعترف بفضل أستاذه الفلسطيني عبدالله زين الدين الذي شجعه وصقل موهبته، حتى بدأ كتابة أولى نصوصه في المرحلة المتوسطة. كانت انطلاقته الحقيقية مع مسرحية “حكاية جدتي” عام 1390هـ، التي عرضت في نادي الوحدة بجزيرة تاروت، ومنحت اسمه حضوراً في الساحة. تلتها مشاركات عديدة في مسابقات الرئاسة العامة لرعاية الشباب، حيث حصد المراكز الأولى بعدة أعمال مثل “الكريكشون” (1395هـ)، و“الشراك” (1396هـ)، و“من تدخل فيما لا يعنيه لقي ما لا يرضيه” (1397هـ)، لترتفع حصيلته إلى أكثر من ثلاثين مسرحية للأطفال وأربعين للكبار. عرف عن الدكتور عبدالمحسن تحويله الفلكلور الشعبي إلى نصوص مسرحية هادفة، من أبرزها مسرحية “الكريكشون” التي تناولت عادة القرقيعان الخليجية، لكنه قدّمها برؤية أخلاقية تربوية ركزت على قيم التعاون والصدق ونبذ السلوكيات السلبية. ورغم شحّ المسارح آنذاك، استطاع مع مجموعة من الشباب بناء منصات بسيطة من البراميل والخشب، ثم شارك في تأسيس مسارح متكاملة بنوادي تاروت والهدى، بمساندة عدد من المهندسين والفنانين المحليين، وهو ما ساهم في ترسيخ الحركة المسرحية بالمنطقة. يرى عبدالمحسن أن مسرح الطفل يرتقي بتضافر جهود المؤلفين والمخرجين والمؤسسات، وأن العمل المسرحي الجيد لا يقتصر على الترفيه، بل يزرع القيم ويحفّز الخيال ويصقل ذكاء الطفل. وساهم مع جيل من المبدعين إرساء نهضة مسرحية متميزة، دعمتها مسابقات الأندية، والبعثات التدريبية، وجمعيات الثقافة والفنون، حتى أصبح المسرح السعودي منافساً على المستوى العربي. لقد ترك الدكتور عبدالله آل عبدالمحسن إرثاً ثرياً سيظل شاهداً على ريادته لمسرح الطفل في الخليج، وملهمًا للأجيال القادمة بأن الفن يمكن أن يكون جسراً للتربية وبناء الإنسان.