أطلقه خادم الحرمين الشريفين بمتابعة واهتمام ولي العهد:
المجمع الملكي للفنون.. تاج الثقافة في العاصمة.

يعد المجمع الملكي للفنون أحد أهم معالم مشروع حديقة الملك سلمان، الذي أطلقه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ـ أيده الله ـ في 19 مارس 2019، بمتابعة واهتمام من سمو ولي العهد، وهو منارة ثقافية وفنية للمملكة في قلب العاصمة الرياض، بتعاون يجمع مؤسسة حديقة الملك سلمان ووزارة الثقافة. وفي شهر مايو من العام 2022، أعلن مجلس إدارة حديقة الملك سلمان برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد ـ حفظه الله ـ عن إطلاق الأعمال الإنشائية بالمجمع الملكي للفنون في مدينة الرياض على مساحة تزيد على 500 ألف متر مُربع. واستلهم المعماري الإسباني ريكاردو بوفيل تصميم المجمع من العمارة السلمانية، التي تتناغم فيها الحداثة والأصالة النجدية، ليُقدم تصميماً فريداً من نوعه. ويشتمل المجمع الملكي للفنون على متحف الثقافات العالمية، الذي يُشيّد في أحد مباني المجمع ويصل ارتفاعه إلى 110 أمتار، بالإضافة إلى المسرح الوطني بسعة 2300 مقعد، والمعهد الملكي للفنون التقليدية الذي يشمل ثلاث أكاديميات هي أكاديمية الفنون البصرية التقليدية، وأكاديمية التراث الثقافي والترميم، وأكاديمية الفنون المسرحية. كما يحوي المجمع قاعة لأعمال النحت، بالإضافة إلى مسرحين، وثلاث قاعات للسينما، وقاعة كبرى تضم أعمال الفنانين والمبدعين، كما يحتوي على مكتبة متخصصة في الثقافة والفنون تضم أكثر من 250 ألف كتاب. كما ستتاح الفرصة للفنانين لعرض مواهبهم في قاعة «القبة»، التي ستُكون معرضاً وتحفة معمارية؛ نظراً لتصميمها الفريد من نوعه، وسيكون المسرح الوطني أيضاً أحد العناصر المميزة في المجمع بسعة 2300 مقعد، كما سيتم تشييد مسرح متوسط السعة يضم 650 مقعداً، بالإضافة إلى ثلاث صالات للسينما. وتطمح مؤسسة حديقة الملك سلمان لتجسيد رؤية سمو ولي العهد بأن يكون المجمع منارة كبرى للثقافة والفنون في العاصمة الرياض، حيث يعكس نمط عمارته عمق الهوية المحلية، من خلال الارتكاز في التصميم على مبادئ العمارة السلمانية، التي تمزج روح الأصالة والتراث بالحداثة في آنٍ معاً. ويسهم مشروع حديقة الملك سلمان في تحقيق أحد أهم مستهدفات رؤية المملكة 2030، بقيادة سمو ولي العهد ـ حفظه الله ـ من خلال إيجاد مجتمع حيوي، ينعم أفراده بنمط حياة صحي، والعيش في بيئة إيجابية جاذبة ومفعمة بالسعادة. ومن المخطط أن تصبح حديقة الملك سلمان «الرئة الخضراء» لمدينة الرياض، حيث ستشكل أكبر حدائق المُدُن في العالم، بمساحة تزيد على 16 مليون متر مربع، وتقدم تجربة نابضة بالحياة لسكان مدينة الرياض، من خلال توفير مجموعة متنوعة من الخيارات البيئية، والثقافية، والرياضية، والفنية، والترفيهية. كما تعزز الحديقة التصنيف العالمي للرياض لتصبح واحدة من بين «أفضل المدن ملاءمة للعيش في العالم». ويقع مشروع حديقة الملك سلمان في مركز محوري بمدينة الرياض، ويتصل بأهم الطرق الرئيسة، بالإضافة إلى محطات قطار وحافلات الرياض. كما يشتمل المشروع على مسار دائري للمشاة بطول 7.2 كيلو مترات، ومساحات مفتوحة تمتد لأكثر من 11 كيلومتراً مربعاً، ويضم حوالي مليون شجرة تغطي أرجاء الحديقة كافة. غوتييه مديراً تنفيذياً للمجمع عينت وزارة الثقافة السعودية في التاسع من شهر أبريل الماضي، دوغلاس غوتييه رئيساً تنفيذياً للمجمع الملكي للفنون في حديقة الملك سلمان، حيث سيتولى إدارة تشغيل وتطوير المجمع. وسيتولى غوتييه قيادة المرحلة المقبلة من تطوير المجمع، التي تشمل استكمال الخطط التشغيلية، إلى جانب تطوير البرامج الثقافية، وذلك انطلاقاً من خبراته الواسعة في إدارة الأصول الثقافية على مستوى العالم. يتمتع دوغلاس بخبرة تتجاوز 4 عقود في إدارة المؤسسات الثقافية، قاد خلالها مشاريع أسهمت في تطوير المشهد الفني على المستوى العالمي، عبر مسيرته المهنية في آسيا وأستراليا، ويشغل غوتييه منصب الرئيس التنفيذي، والمدير الفني لمركز مهرجان أديلايد للفنون في أستراليا، حيث أسس مهرجان «أوز آسيا»، كما يشغل منصب رئيس رابطة مراكز الفنون الأدائية لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ (AAPPAC) منذ 2013. وقال دوغلاس غوتييه: «المشروع يشكل فرصة فريدة للإسهام في حوار ثقافي عالمي يحتفي بالإرث السعودي والإنجازات الفنية الدولية، وأتطلع إلى العمل مع نخبة من الفنانين والقادة الثقافيين من السعودية والعالم، لتحقيق هذه الرؤية الطموحة، خاصة في هذه المرحلة المهمة من تطور المشهد الثقافي السعودي». وأشار إلى أن مجمع الفنون سيمثل علامة فارقة في المشهد الثقافي السعودي، من خلال ترسيخ مكانة الرياض وجهة ثقافية عالمية، واستقطاب الاهتمام الدولي، ودعم الإبداع في السعودية وخارجها. استهداف الطلاب في التراث والحرف اعتمد صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، وزير الثقافة، في عام 2019 خطة انطلاقة معهد الفنون التقليدية في المجمع الملكي للفنون. وبدأ المعهد استقبال طلبات الالتحاق به في خريف 2020م، فيما يستهدف ألف طالب ومتدرب في البرامج طويلة وقصيرة المدى. ويهدف معهد الفنون التقليدية إلى الحفاظ على الهوية المحلية من خلال تعليم الفنون، والإسهام في حفظ التراث السعودي وصونه وتطويره وتخريج ممارسين مؤهلين لهذا الغرض، والعمل على التوعية بالفنون، ورفع قيمة الفنان من خلال برامج يقوم بها أو من خلال الشراكة مع القطاعات ذات العلاقة، وتعليم الفنون والحرف اليدوية عن طريق برامج معتمدة، إضافة إلى القيام بشراكات أكاديمية مع الجامعات المختلفة لتوفير برامج تعليمية. ويأتي المعهد ضمن مبادرة أكاديميات الفنون التي أعلن عنها ضمن الحزمة الأولى من مبادرة وزارة الثقافة ومبادرات برنامج جودة الحياة، وكان سمو وزير الثقافة قد أعلن البدء بدراسة الأكاديميات حسب حاجة السوق، بحيث تكون الأولى متخصصة في التراث والفنون التقليدية والحرف. متحف متخصص بالثقافات العالمية أعلنت هيئة المتاحف في يوليو من العام الماضي، عن تعيين الدكتور هارتويج فيشر مديراً للمتحف المخصص للثقافات العالمية، الذي سيحتضنه المجمع الملكي للفنون في حديقة الملك سلمان بالرياض، والمقرر افتتاحه في العام 2026م، حيث سيتولى الدكتور فيشر مسؤولية تأسيس المتحف وإدارته، انطلاقاً من خبرته المتميزة في إدارة المتاحف الدولية الكبرى. يُعدّ الدكتور هارتويج فيشر باحثاً ومؤرخاً فنياً وصاحب رؤية في مجال التراث الثقافي، لما يمتلكه من خبرة واسعة اكتسبها على مدى عقود من العمل كقيّم فني على المعارض، وقائداً لمؤسسات ثقافية رائدة ومبادرات مبتكرة أسهمت في تعزيز الحوار والاحترام المتبادل بين الثقافات. ويأتي الدكتور فيشر برؤى قيّمة للارتقاء بالمتحف العالمي المزمع إقامته في حديقة الملك سلمان بالرياض، وذلك من خلال برامج مبتكرة ومبادرات تثقيفية وشراكات دولية ستُسهم في جعل المتحف مركزاً حيوياً للتبادل الثقافي والثراء المعرفي. وسيقدم المتحف محتوى معرفياً غنياً يتناول الحضارة الإنسانية التي ظهرت وتوسعت على مدى آلاف السنين، وذلك من منظور عالمي واسع يعكس ثراء التجربة الإنسانية وتطورها عبر التاريخ، من حيث تنوع أفكارها وتصوراتها ومفاهيمها. ويُشكّل تأسيس المتحف محطة مهمة في مسيرة التطور الثقافي الذي تعيشه المملكة تحت مظلة رؤية المملكة 2030، حيث سيكون له دورٌ مؤثر في إثراء المشهد الثقافي المزدهر، كما سيعزز من مكانة المملكة بوصفها وجهة ثقافية بارزة، ويؤكد في الوقت ذاته التزام هيئة المتاحف بإنشاء متاحف رائدة تحتفي بالتراث السعودي والعالمي، وتشجع على الحوار والتبادل الثقافي الدولي. المعهد الملكي للفنون التقليدية هو أحد مكونات المجمع الملكي للفنون بحديقة الملك سلمان، ويُعنى بنشر وحماية الفنون التراثية في المملكة العربية السعودية، وتطويرها وريادتها، ويحافظ على الموروث الثقافي للبلاد ليصل للأجيال القادمة. أنشئ المعهد عام 2020 ويرأسه فخرياً صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، ليدعم وينشر الفنون التقليدية السعودية ويحافظ عليها، من خلال التشجيع على التدريب والتعليم، وزيادة الوعي حولها وتطويرها، وإبراز الفنون بجميع أنواعها محلياً ودولياً. يركز المعهد على الفنون التقليدية مثل الخط والتطريز والنسيج وصناعة المجوهرات وأشكال أخرى من الفنون المرئية وفنون الأداء، حيث تعد هذه الفنون جزءاً لا يتجزأ من تراث المملكة وتكوينها، ولعبت دوراً رئيسياً في تشكيل تاريخها وثقافتها. يعكس المعهد ثقافة المملكة العربية السعودية ويحافظ على أصالة فنونها، من خلال سرد التاريخ الفني والأعمال الفنية التقليدية وقصص الفنانين، كما يشجع المهتمين بالفنون التقليدية على التعلم وإتقان وتطوير مهاراتهم في شتى المجالات، حيث يلعب المواطنون السعوديون في جميع أنحاء الوطن دوراً رئيسياً في تشكيل التراث الثقافي للأجيال القادمة والحفاظ عليه. أطلق المعهد في ديسمبر من العام الماضي 2024، مبادرة «مجتمع ورث»، أولى مبادراته لعام الحرف اليدوية، عبر سلسلة من اللقاءات والحوارات مع شخصيات بارزة في مجالات الحرف اليدوية، بالإضافة إلى ورش عمل تعليمية وريادية. وأقيمت الفعاليات في مقر «ورث» الرئيس بمدينة الرياض، تزامناً مع إعلان عام 2025 عاماً للحرف اليدوية. وتهدف المبادرة إلى أن تكون منصة رائدة لإحياء الحرف اليدوية وتطويرها، من خلال دمجها مع التصميم والتقنيات الحديثة، وتعزيز التعاون بين المؤسسات والمجتمع المحلي؛ لإبراز أهمية الفنون التقليدية في تعزيز الهوية الثقافية، كما تسعى إلى تمكين الأفراد من توظيف هذه الفنون في التقنيات المبتكرة، عبر لقاءات وورش عمل متخصصة. وتتضمن «مجتمع ورث» مجموعة من المجالات المتنوعة، تشمل التعليم، والحرف اليدوية، وريادة الأعمال، إلى جانب جلسات حوارية؛ تهدف إلى تبادل الخبرات وتنمية المهارات في بيئة محفزة للإبداع والابتكار. وتأتي هذه الفعاليات في إطار جهود المعهد لتعزيز الوعي بالحرف التقليدية وتطويرها، بما يسهم في نشر ثقافة الفنون التقليدية وتوسيع دائرة ممارستها. ويُعد المعهد الملكي للفنون التقليدية جهة رائدة في إبراز الهوية الوطنية وإثراء الفنون التقليدية السعودية محلياً وعالمياً، ويعمل المعهد على الحفاظ على أصول الفنون التقليدية، ودعم القدرات والمواهب الوطنية، وتشجيع الأجيال على تعلمها وتطويرها، بالإضافة إلى تكريم المتميزين في هذا المجال والترويج للكنوز الحية التي تجسد التراث السعودي العريق. وفي يناير من العام الحالي 2025، وقع المعهد الملكي للفنون التقليدية «وِرث» وهيئة تطوير محمية الملك عبدالعزيز الملكية مذكرة تفاهم في مقر المعهد بالرياض، بهدف تعزيز التعاون في مجالات دعم الفنون التقليدية والحفاظ على التراث الثقافي للمملكة، تزامناً مع مبادرة «عام الحرف اليدوية 2025». وقد وقّع المذكرة كل من الرئيس التنفيذي للمعهد الملكي للفنون التقليدية، الدكتورة سوزان اليحيى، والرئيس التنفيذي لهيئة تطوير محمية الملك عبدالعزيز الملكية، المهندس ماهر القثمي. وتهدف الاتفاقية إلى تنمية القدرات الوطنية في مجال الفنون التقليدية من خلال تنفيذ برامج تدريبية وتعليمية وورش عمل مشتركة، بالإضافة إلى الاستفادة من المرافق والمساحات المتاحة، كما تشمل دعم وتمكين القطاع الحرفي عبر تعزيز ريادة الأعمال، وتطوير الحاضنات المهنية، وإطلاق مبادرات تستهدف تمكين الحرفيين والطلاب وإشراكهم في مشاريع نوعية تخدم المجتمع المحلي. وتشمل المذكرة التعاون في نشر المحتوى التثقيفي والتسويقي المتعلق بالفنون التقليدية، وتنظيم الفعاليات والمعارض، والمشاركة في المؤتمرات المحلية والدولية، بما يسهم في تعزيز مكانة الفنون التقليدية السعودية على المستويين المحلي والعالمي.