
تُعدّ دارة الملك عبدالعزيز بمثابة الكنز الذي يحفظ ذاكرة المملكة العربية السعودية وتاريخها الغني. فبالإضافة إلى وثائقها التاريخية النادرة ومخطوطاتها وكتبها القيمة، تحتضن الدارة قصصًا وروايات موثّقة لا تصلح فقط للأفلام الوثائقية، بل هي مصدر ثري لإبداع أفلام ومسلسلات روائية ضخمة. هذا المخزون الهائل من القصص التاريخية، لو تم استغلاله بشكل صحيح، سيتحول من مجرد صفحات ورقية ورقمية إلى أعمال سينمائية وتلفزيونية عالمية، تصل إلى الشاشات الكبيرة والصغيرة والمنصات الرقمية بلغات مختلفة. يمكن أن تتناول هذه الأعمال سيرة الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، أو قصص الأمجاد التي سبقته والإنجازات التي تلته. بمناسبة اليوم الوطني السعودي الخامس والتسعين، الذي يضعنا على أعتاب المئوية الأولى من توحيد المملكة والرابعة من تأسيس الدولة السعودية الأولى، أرى أن الوقت قد حان لكي تفتح دارة الملك عبدالعزيز أبوابها للمبدعين وكتّاب السيناريو. قصص وحكايات تنتظر الشاشة إن كنوز الدارة السينمائية لا تقتصر على القصص الكبرى فقط، بل تمتد لتشمل حكايات شعبية وشخصيات استثنائية. فهناك قصص قادة ورجالات الملك عبدالعزيز، مثل الملوك والأمراء السابقين، فلكل منهم سيرة حافلة بالأحداث السياسية والعسكرية والاجتماعية التي تصلح لمسلسلات تلفزيونية ضخمة. كما يمكن أن تكون تفاصيل الحياة اليومية في فترة التأسيس، وكيف كانت تُدار الأمور، أساسًا لمسلسل درامي اجتماعي. وحتى رحلات الملك عبدالعزيز إلى أوروبا وما سجله من ملاحظات يمكن أن تكون مادة لأفلام وثائقية أو روائية تستعرض التبادل الثقافي المبكر. بالإضافة إلى ذلك، يمكن تحويل قصص التحولات الاجتماعية، مثل دخول أول سيارة إلى المملكة، إلى أفلام درامية بشقيها التراجيدي الملحمي، وحتى الفكاهي الخفيف أحيانًا، لتعكس تطور الحياة والمجتمع في حقب زمنية مختلفة. وهناك أيضًا، على سبيل المثال، قصص الشجاعة والتضحية والوفاء لرجالات الدولة والأفراد العاديين، وهي قصص حقيقية في مقاومة الغزاة والجهل والجوع والمرض، من رجال ونساء على حد سواء، ويمكن أن تكون مواد مميزة لفيلم درامي يحكي عن صراع البقاء والشجاعة والوفاء. وأخيرًا، وليس آخرًا، يمكن أيضًا تحويل بعض الأعمال الأدبية المميزة لدارة الملك عبدالعزيز إلى أعمال فنية، مثل قصة «الطريق إلى مكة» لمحمد أسد، الذي قامت الدارة بطباعته، وفي انتظار تحويله إلى فيلم أو مسلسل يوثق حقبة مهمة في تاريخ المملكة المجيد. وختامًا، إنّ تحويل هذا الإرث التاريخي إلى أعمال سينمائية ليس مجرد رفاهية ثقافية، بل هو ضرورة حتمية لتعريف العالم بأكمله والأجيال المتعاقبة بأمجاد المملكة وقصص صمودها، وصولًا إلى ما تنعم به المملكة من قيادة رشيدة حكيمة لخادم الحرمين الشريفين، أيده الله، وولي العهد الأمين، عراب رؤية المملكة 2030. والدارة ليست مجرد مكتبة أو خزانة للذاكرة، بل هي منجم ذهب ينتظر من يكتشف كنوزه ليصوغها في أعمال إبداعية خالدة، تنقل شغف التأسيس وروح التوحيد إلى الأجيال القادمة وتلهم العالم أجمع.