الوطن شعرًا

الوطن قصائدُ حبٍّ تنساب في أفواه الشعراء، فحبُّ الأوطان يسكن النفوس، غير أنّ الشعراء والأدباء هم مَن يترجمون تلك المشاعر لوحاتٍ فاتنةً ترسخ في القلوب قبل الأذهان. في اليوم الوطني السعودي الـ95، الذي حمل شعار “عزّنا بطبعنا”، نحتفل ونفخر بيومٍ ينبض بالفرح ويعكس وحدة مشاعرنا وانتمائنا. وللشعر بشقّيه (الفصيح والشعبي) حضوره وامتداده التاريخي في سماء الوطن، يواكب مناسباته عبر عدد واسع من الشعراء الرواد أمثال: محمد بن بليهد، ومحمد عبدالله بن عثيمين، وأحمد إبراهيم الغزاوي -يرحمهم الله-، وغيرهم من أجيال شعرية تمتد إلى عصرنا الزاهر. يقول الشاعر بشير الصاعدي معتزًّا بإنسان هذا الوطن وصلابته: من الخيام أتينا ملءَ أنفسنا عزمُ الرجالِ ولا عزمٌ يضاهينا شمُّ الجباه إذا سرنا لعزتنا نكادُ نثني عن الجوزا نواصينا في أبيات الصاعدي نلمس صورة الإنسان السعودي الذي صنع من عزيمته قوةً، حتى صار الحجر يلين تحت إرادته كما يصوّر الشاعر. ثم يأتي صوت الشاعر يوسف الرحيلي ليمنح العاطفة بُعدًا آخر، حيث يقدّم الوطن كراية خضراء نابضة، وكنخلةٍ تهطل بالأمنيات: هنا وطنٌ أقسمَ العاشقونَ سيبقى كرايتهِ أخضرا وكالنخل يهطلُ بالأمنياتِ وكالسيفِ موعدُه لا يُرى إنه الوطن الذي يظل أخضر في القلوب كما هو في رايته. ويمضي الشاعر معبِّر النهاري ليُحلّق بالوطن شعرًا ويلامس النجوم، في صورة شعرية أخرى فيقول: وطن سما حتى النجوم فزغردت مهج الرمال وصفقت (جيناتي) وتطامن الخفق المبارك في دمي وتأرجت من فيضه كلماتي ويواصل الشاعر مروان المزيني رسم صورته الخاصة، فيراه دارًا وموئلًا، وفتنةً تتوقد عشقًا: وطني وداري ذاكَ موقدُ فتنتي وصَبابتي عشقًا وأمسَى المَوْئلا في كلِّ شِبرٍ منهُ نقشُ طهارةٍ وضِياؤُه أهدى الفضاءَ المِشعلا في أبيات المزيني يتجلّى الوطن منبعًا للطهر والنقاء، ونورًا يشعّ في أرجاء الدنيا. ومن نص “تحت راية خضراء”، يقدّم الشاعر عبدالرحمن العروسي صورةً أصيلةً للقيم المتجذّرة في تاريخ هذه البلاد: الْخيْرُ والْخيْلُ تسْتهْوي أصالتَنا والْحرْفُ والنّزْفُ أصْلًا منْ حصافتِنا والسّيْفُ دوّنَ تاريْخَ الْبلادِ لهمْ؛ بالشّرْعِ نسْموْ فتسْموْ فيه غايتِنا أما أنا فقلت من قصيدة نبطية: يا وطن فيك المشاعر تلتقي والأمنيات زي ما شمسك علينا ما يغيب شروقها أفتخر بك وأنت قبله وين ما حانت صلاة وكل ما رفرف علم في بلاد شفتك فوقها