أيقونات التربية والعلوم والثقافة تجتمع في (الإيسيسكو).

حين تجتمع التربيةُ والتعليم والثقافة، تشكِّل وعاءً مثاليًّا لوحدة الشُّعوب، يعبِّر عن ثقافتها، ويترجم سُلوكها، ويُبرِز حضارتها. وقد صار هذا الاجتماعُ الرَّكيزةَ الأساسية في تكوين أو نشأة منظَّمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة -إيسيسكو (ICESCO)- التي ظهرَت إلى الوجود بدعم من الملك فهد والملك الحسن الثاني رحمهما الله سنة 1982م، واتُّفق أن تكون مدينةُ الرباط في المغرب مقرًّا لها، سعيًا إلى تعزيز التربية والعلوم والثقافة في الدول الإسلامية، وتقوية الرَّوابط بين شعوبها. ويرأس هذه المنظَّمة معالي الدكتور سالم بن محمَّد المالك، الذي تتجلَّى فيه هذه الأيقوناتُ الثلاث، فأمَّا من جهة التَّربية فهو بارعٌ في نَظْم القصيد، وأمَّا من جهة العلوم فهو حاصلٌ على بكالوريوس الطبِّ البشريّ، وأمَّا من جهة الثقافة فإنَّ له كثيرًا من الكتب، ويؤطِّر كلَّ ذلك بالتَّربية الإسلامية المتَّزنة. لم أكن أعلم عن هذه المنظَّمة شيئًا، وقد يكون هذا تقصيرًا منِّي، أو أنَّ الذِّراعَ الإعلامية للمنظَّمة لم تستطع أن تصلَ إليَّ وإلى غيري. وفي اللِّقاء الذي نظَّمَته جمعيَّةُ الكتَّاب السُّعوديِّين مع الدكتور المالك، استعرض الدكتور الصُّعوباتِ والتَّحدِّياتِ التي واجهَته بعد تعيينه رئيسًا للمنظَّمة، وكيف استطاع -بمُعاوَنة الفريق الإداري والرؤية المستقبلية- تشكيلَ المنظَّمة بطريقة تستطيع بها أن تقُومَ بواجباتها وتحقِّقَ أهدافَها، وكان سبيلُه إلى ذلك الانفتاحَ على العالم، والعملَ على حوكمة المنظَّمة وبنائها على أُسس متطوِّرة متفاعلة مع العالم عامَّةً وأعضائها خاصَّةً. ويعبِّر موقعُ المنظَّمة على الشبكة العنكبوتية عن شخصيتها وإنجازاتها، يظهر ذلك في كثير من الأيقونات والمشاريع، بالعرضِ والتَّفاعل. والمملكة العربية السُّعودية عضوٌ فاعلٌ في المنظَّمة، ونموذجٌ للتعاون الدَّولي المثمر، كما أنها من أكبر الدُّول الدَّاعمة للمنظَّمة مادِّيًّا ومعنويًّا، تُظهِر ذلك الاتِّفاقياتُ والشَّراكاتُ المعقودة بين المنظَّمة وبين الوزارات والجهات التعليمية السُّعودية ونحوها. وعلى الرَّغم من العمل الجادِّ المتقَن الذي يُثبِته ما سُجِّل من إنجازات في زمن قصير، استحقَّت المنظَّمةُ بمُوجِبه شهاداتِ التكريم من عدَّة دُوَل، والحصولَ على كثير من الجوائز والأوسـمة والميداليات، على الرَّغم من هذا فإنَّ النجاح يحتاج إلى أن يُتوَّجَ بالانتشار، عن طريق المناشط والفاعليات التي تُقام في الدُّول الأعضاء، مثل الأيام الوطنية وأيام الاستقلال ونحوها، ومن ذلك في المملكة العربية السعودية موسمُ الرياض، فيكون فيه مناطقُ تعريفٍ بالمنظَّمة. كما يمكن تعزيزُ وجودها في مواقع التَّواصل الاجتماعي بتخصيص بعض الجوائز والمسابقات بمبالغَ ماليةٍ مقبولة، وكذلك بالانفتاحِ على القطاع الخاصِّ الذي هو العاملُ الرئيسي لنجاح جميع المشاريع والفاعليات، وتشجيعِ كتَّاب القصَّة والرِّواية والشِّعر في الدُّول الأعضاء على الإسهام بإنتاجهم في التعريف بالمنظَّمة، سواءٌ أكان ذلك باللُّغة العربية أم الإنجليزية أم الفرنسية. وأخيرًا، يمكن القولُ إنَّ منظَّمةَ العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة أيقونةُ تطوُّر، ونموذجٌ ناجح لتشكيل جُسور تواصُلٍ تخدُم البُلدانَ الإسلامية، وتعرِّف بعادات الشُّعوب وتصوُّراتها وتُعزِّزها، وتُحافظ على الثقافةِ الوطنية للدُّول الأعضاء، وتَدحَض المفاهيمَ الخاطئة إن وجدت، ومن ثمَّ تُشارِك على الصَّعيد الدَّولي، بوصفها وعاءً علميًّا تربويًّا ثقافيًّا، يعبِّر عن ضمير البلدان الإسلامية أمام الدُّول الأخرى.