وداعا جبير المليحان..

الكاتب الذي أحب الإنسان والوطن.

عندما تستمع للقاص جبير المليحان تجد نفسك منقادا للإصغاء له بكل جوارحك. تعجب بما يقول خاصة عندما يكون الحديث بدون عنوان. يبدع في كل ما يصفه من أحداث. تتمنى ان يصمت الاخرون ممن حوله، لا يقاطعه أحد ولا يتوقف هو عن الحديث. يأسرك بكل ما يجود به، بكل ما يروي خاصة إذا ما راح يغوص في التاريخ ويتحدث عن تجربته الشخصية مع الصحافة والادب وكيف قاده القدر إلى هذه المهنة الصعبة ومن احتضنه في أيامه الأولى مع رحلة الادب والفكر والجريدة. عندما يتحدث يتخلل حديثة دوما نكهة من السخرية والابتسامة ما يدل على قدرة هائلة في التجاوز وحضور النقد الذاتي البناء. أيقونة في السرد الشيق، مستمع رائع وهادئ في كل الاحيان لكنه بركان من الأحاسيس والمرادفات الشيقة. قاص وكاتب ومفكر ،أحب الانسان والوطن وذهب يبتكر من موهبته الذاتية كل عطائه دون تكلف. عاش مرحلة ملحق المربد الأدبي في صحيفة اليوم، شارك فيه بكل فعالية وإخلاص وتفانٍ. وكان هو والدميني والغزال والشيخ يعملون كما النحل من أجل إخراج المربد – الملحق الادبي للجريدة – بصفحاته الصغيرة المختبئ داخل جوف الجريدة الأم، إلا انه كان إضاءة مبكرة وفاعلة للمنطقة والوطن معا. هذه حال من خلقوا ليقدموا حياتهم صورة صادقة مخلصة للمجتمع والناس. حديقة يتجول فيها الآخرون من أجل أن تنمو داخلهم جذور العطاء والحب والألفة. وجبة فكرية وأدبية يتغذى عليها الذين يحتاجون وسيلة ليزيلوا عن قلوبهم الغبار. يبقى الوالد العزيز، محمد العلي، حاضرا في مشهد مجموعة المربد بشكل فاعل، استطاع من داخل خبرته الطويلة، أن يمهد الطريق للمجموعة خاصة عندما رأس تحرير الجريدة باطلاعه الواسع الفكري والادبي ومن محتوى تجربته الناضجة استطاع أن يشارك الاخرين في تفعيل مرحلة مميزة في تاريخ المنطقة الفكري والأدبي ،شارك فيها العديد من الكتاب والشعراء وفي مقدمتهم الأخ العزيز جبير المليحان الذي في اعتقادي قدم لهذا الوطن ما لم يقدمه العديد ممن يحملون الشهادات الأكاديمية الملونة. تحية وسلام لروح المليحان الذي سقط فجأة دون أن يترك لنا فرصة لوداعه ، نعم سوف نفتقده كصديق يحمل كل معاني الاخوة والمحبة، لكن عزاءنا الحقيقي أن عطاءه الفكري والوجداني والادبي والوطني سوف يبقى شاهدا له بانه قدم إضاءة راسية في وجداننا وستبقى تضئ الطريق للأجيال القادمة.