في تلقي الشعر العربي وتدريسه.

توقف المناهج الدراسية وبعض البرامج الثقافية عند أحمد شوقي أو عند منتصف القرن الماضي، يوحي بأن الشعر قد انتهى أو أن كل ما بعده لا يستحق الاهتمام، وهذا ظلم مزدوج: ظلم للشعراء اللاحقين، وظلم للمتلقين الذين يُحرمون من الاطلاع على تجارب معاصرة متنوعة وعميقة. هذا الموقف يعكس ثقافة أغلب القائمين على إعداد المناهج أو البرامج الذين تشكلت ذائقتهم في سياق ثقافي محافظ أو كلاسيكي، فحكموا على كل تجديد أو مغامرة شعرية بأنها خروج عن الشعر. النتيجة: أجيال تربت على صورة جامدة للشعر، غائبة عنها التجارب الحديثة التي حملت قضايا العصر وأسئلته ولغته الجديدة. والحقيقة أن الشعر العربي لم يتوقف عند شوقي أو عند الرواد الأوائل، بل استمر في مسارات متعددة: شعر التفعيلة، قصيدة النثر، الشعر التجريبي… إلخ، وكلها امتداد لحيوية الشعر وقدرته على التحول. إذن فالمشكلة ليست في الشعر نفسه، وإنما في آليات تدريسه وعرضه إعلامياً، وهذا يؤدي – من حيث نشعر أولا نشعر – إلى «تجهيل» الأجيال، كما سماه دكتور سعدالبازعي، وحجبهم عن جزء أساسي من تراثهم الحيّ.