رحلتي مع روايات أميمة الخميس..

صوت المرأة السعودية في زمن التحولات.

لا يخفى على أحد أن أميمة الخميس كاتبة سعودية معروفة برؤية سردية ثرية. لديها عدة روايات بارزة، منها روايتها الأكثر شهرة «مسرى الغرانيق في مدن العقيق»، التي نالت جائزة نجيب محفوظ عام 2018، وتُعد الرابعة في سيرتها الإبداعية لقد تفحّصت إنتاج الخميس بدقّة مقدّمة أول أطروحة دكتوراه متخصصة في روايات أميمة الخميس. من هنا عكست هذه العلاقة الأكاديمية بين نتاج المبدعة والناقدة أحد أبرز الاتجاهات في النقد الأدبي السعودي وهو تحويل النتاج النسائي إلى مواد بحثية جادة ومحكومة بمنهجية نقدية متطورة، تليق بعمق التجربة والسياق. إن روايات الخميس تشكّل معينًا ثريًا من الممكن إعادة قراءتها وتحليلها بطرق متنوعة كدراسة التمرد والهوية الأنثوية الواضحة في العمل الروائي. لقد مثلت العلاقة بيني و أميمة الخميس تفاعلًا مثمرًا بين المنتج والتحليل فمن جهتها وفّرت الخميس مادّة روائية ثرية امتازت بتوظيف الخرافة، الهوية، الموروث الشعبي، والتناص؛ لتقديم خطاب نسوي سعودي متأمّل وقوي، ومن جهتي وفّرت أرشفة نقدية منهجية، حولت هذا النتاج إلى موضوع دراسي أكاديمي، مستخدمة أدوات السيمياء السردية لفهم العلامات والدلالات العميقة في الرواية والذي تحول بدوره إلى كتاب نقدي له سيرورته في الحقل الأكاديمي والأروقة النقدية، أصدره النادي الأدبي الثقافي في جدة عام 2021 بعنوان: «سيميائية البنية السردية في روايات أميمة الخميس». والحق فقد ألفيت روايات أميمة الخميس تتميز بغنى الموروث الشعبي، والتناص، والرموز الخرافية خاصة في رواياتها (البحريات، الوارفة، وزيارة سجى) مما يجعلها مادة خصبة للدراسة النقدية السردية. ولو أجلنا النظر في عناوين وأغلفة الروايات بوصفها عتبات نصية تكشف عن دلالات رمزية قوية، لوجدنا ثراء سيميائيا يعكس البنية الداخلية للنصوص، ويسهم في خلق توقعات القارئ وتوجيه قراءته.. وكذلك الحال يقال في البنية السردية للشخصيات، وكيفية تشكيلها من خلال منظور نسوي بارز يظهر حضور المرأة بوصفها محورًا أساسيًا، مع رصد أبعادها الفكرية والاجتماعية والنفسية ومقارنتها بالصور النمطية للشخصيات الذكورية. وللمكان حضور بارز ومهم في روايات الخميس، حيث اعتُبر المكان أكثر من مجرد خلفية للأحداث بل حاملاً لدلالات رمزية وثقافية. وقد تمت الإشارة في الكتاب إلى حضور الأماكن الشعبية والأسطورية، وكيفية انعكاسها على رؤية الشخصيات وهويتها.. من جهة أخرى يبرز كثيرا توظيف الخميس للموروث الشعبي والأساطير والخرافات التي استطاعت الخميس-بذكاء إبداعي ومقدرة كتابية-أن توظفها وتكيفها لتستجيب لقضايا معاصرة كالهوية والمرأة والحرية. أخيرا، فإن أميمة الخميس بنتاجها الروائي تقدم نموذجًا ثريًا للتحليل النقدي، فهي تستند إلى الموروث الثقافي ولكنها تعيد صياغته بلغة حديثة والحقيقة أن أميمة الخميس انتقلت من خلال أعمالها من مجرد «مستهلكة للثقافة» إلى «منتجة للثقافة»، كما عبّرت بنفسها ضمن إطار رؤية السعودية 2030 والتي تهدف إلى أن يكون للثقافة دور محوري في التنمية.