حوارات اليمامة مع «صوت الأرض» مليئة بالأسرار والقصص الخالدة..

شكّلت علاقة الفنان الراحل طلال مداح بـ “اليمامة” علامة بارزة في المشهدين الصحفي والفني، وحكاية من ضوء وصوت امتدت لعقود من الزمن. فمنذ بداياته وحتى آخر أيامه، كان الراحل الكبير ضيفًا حاضرًا على صفحات المجلة، لا كعابرٍ في سطورها، بل كصوت يسكن ذاكرة قرّائها. وقد احتضنت “اليمامة” عشرات الحوارات والمقابلات معه، وفي كل مرة كان طلال يطلّ بشفافيته المعهودة، كاشفًا أسرار الفن وكواليسه، ومانحًا جمهوره قصصًا تتجاوز حدود النغم إلى مساحات الروح. وشكلت كل مقابلة، في حينها، حدثًا فنيًا لافتًا يحظى بمتابعة واسعة في الأوساط الفنية والإعلامية. اليوم، وبمناسبة مرور خمسةٍ وعشرين عامًا على رحيله، نتوقف أمام إرث طلال مداح في اليمامة، التي عرف ممراتها جيدًا، وترددت في أروقتها خطواته مرارًا، حتى صار صداها جزءًا من ذاكرة المكان، اليمامة التي لاتزال تحمله في قلبها كما في ارشيفها، وننشر هنا حوارين تاريخيين، الأول أجراه الزميل محمد عبدالستار، ونشر على جزأين في ١١ و ١٨ ربيع الآخر ١٤٠٨هـ، والثاني أجراه الزميل يحيى مفرح زريقان ونشر في الخامس من شعبان عام ١٤١٣. توقفنا عن المنافسة بعد صار «الرقم» معلوما وثابتا محمد عبده صاحب شركة ولديه امكانات غير متوفرة لدى أغلب الفنانين. إعطاء المطرب ربع ريال على الشريط بحاجة الى إعادة نظر التلفزيون السعودي اعتذر عن دفع قيمة أغانيّ الجديدة.. والجمعية منحتني 30 ألفا بدر بن عبد المحسن لو فكر بطلب المال من الفنانين لجنى الكثير محمد عبدالوهاب ساومني على هذه الأغنية طارق عبدالحكيم منحني أغنية «لنا الله» لكنه تراجع قائلا: محمد ولدنا ويجب أن نقف معه المستمع الآن يستطيع أن يشاهد ويستمع لمطربه بمجرد ضغط جهاز الفيديو! عدنان خوج وجدها فرصة لأن يغني له محمد عبده حاجة! من بين «خليط» الأصوات التي ملأت ساحة الطرب.. تظل هناك حناجر تعد على الأصابع ما زالت تملأ سماءنا طرباً شجياً اصيلاً.. وضيف حوار «اليمامة» الفنية هذا العدد لم يعد سعودي الانتشار والتميز مع أن هويته سعودية.. قيثارة الشرق «طلال مداح».. أحد أبرز اقطاب الأغنية العربية إن لم يكن سيدها... «أبو عبد الله» رغم تواضع مستوى عطائه في الفترة الأخيرة لظروف معظمها غير مقنع البتة إلا ان هذا لم ينقص من قدره ولا من مكانته في عيون جمهوره.. تميّز حوارنا معه بشيئين: الثقة والصراحة وهما مفتاح أي حوار ناجح .. لنبحر سوياً عبر هذه الأسطر مع «قيثارة الشرق».. • تحدث الكثيرون عن ظاهرة الركود الفني الذي تعيشه الحركة الفنية بالمملكة - فما هي الأسباب في نظر طلال مداح التي ادت إلى هذه الظاهرة؟ - هناك عدة أسباب وراء ظاهرة الركود الفني السائد، لعل من أهمها اختفاء عنصر المنافسة بين الملحنين وحتى المطربين، من خلال ما يقدمونه من أعمال فنية، فقد كنا في السابق نلمس تنافسا جيدا بين الأوساط الفنية على تقديم الأعمال المتفوقة، أما الآن فالصورة أصبحت عادية جدا، ولا تتعدى تقديم شريط غنائي يمكن أن تظهر أغنية أو أغنيتان فيه بمستوى جيد دون أن يكون هناك أي اعتبار لمسألة التنافس الفني.. أيضا هناك أسباب مادية يمكن لها أن تعوق وتمنع بعض الفنانين لدخول سباق المنافسة، إلى جانب ما تحده الاتفاقيات المبرمة بين بعض الفنانين وشركات الانتاج حيث أصبح العمل يدور في إطار روتيني ثابت، ولا يدفع الفنان إلى دخول مجال المنافسة مع زملائه الفنانين طالما ان «الرقم» معلوم وثابت.. وفي تصوري ان ظروفا كهذه أثرت بشكل مباشر على نفسية الفنانين، وبالأخص الأسماء الكبيرة التي كان لها دور في انتشار الأغنية السعودية، لا سيما إذا علمنا ان الأعمال التي يقدمونها لا يمكن لها أن تظهر إلا بعد مرور حلقة دوران كاملة قد تمتد إلى شهور بحكم العقود الفنية المبرمة، مما يضاعف من عملية الركود الفني... * معنى هذا ان هناك اشبه ما يكون بالتجميد لأعمال الفنان - فعلى من تكون مسئولية هذا التجميد؟ ⁃التجميد الفني لا يمكن أن تضعه على جهة معينة وإنما بطبيعة الحال يأتي في ضوء مصالح شركات الانتاج التي تجد نفسها مضطرة لتأخير أعمال بعض هؤلاء الفنانين حسب الجدولة المعمولة لنزول هذه الأعمال، خصوصا إذا كانت هذه الشركات مرتبطة مع أكثر من فنان، ولا تستطيع أن تقدم هذه الأعمال الجديدة في وقت واحد، وتضطر إلى جدولتها مما يجعل أعمال بعض هؤلاء الفنانين الكبار تتأخر لفترات طويلة جدا. • هل يمكن القول انه لهذه الأسباب والظروف جاء قرار الملحن الأستاذ سراج عمر أشبه ما يكون بالاعتزال؟ - نعم، فالأستاذ سراج عمر ملحن قدير جدا واعماله التي يقدمها كانت تنزل مباشرة للإذاعة والتليفزيون، فكيف يمكن أن تطلب من سراج عمر صاحب هذه الأعمال الرائعة أن ينتظر طيلة هذه الفترة، وان تبقى أعماله قابعة في زاوية تنتظر دورها. • إذا كان هذا هو حال الروتين لدى شركات انتاج الكاسيت في تأخير بعض أعمال الكبار، فلماذا لا يكون تنويع في التعاون كان يكون مع الفنان محمد عبده، خصوصا وانه صاحب امكانيات فنية جيدة؟ - اسألوا الفنان محمد عبده، لماذا لا يتعاون مع الأستاذ سراج عمر، وهل هناك سوء تفاهم بينه وبين الأستاذ سراج يمنع من تقديم أعمال مشتركة بينهما؟ أنا لا أتصور ان ظروف الفنان محمد عبده الفنية تمنع من التعاون مع الأستاذ سراج عمر أو غيره من الفنانين لأنه صاحب شركة ولديه استعدادات فنية قد تكون غير متوفرة عند أغلب الفنانين. • كيف ترى صورة التعامل مع شركات الانتاج وهل تفضل فكرة الابقاء على النسبة؟ - شكل التعامل لا بأس به، ولو كنت أرجع عملية الغاء النسبة التي تعطى للفنانين، وان يكون التعاون قائما على العمل الفني ككل كعمل ثابت ومقطوع لأنه من غير المعقول ان تقدم شريطا واحدا يفترض أن تكون ألحانه لملحن واحد وكلماته لمؤلف واحد والأداء لمطرب واحد، فكيف يتسنى لك أن تتولى عملية توزيع التكاليف والأرباح على جميع الأطراف بحيث تتمكن من إعطاء المطرب ربع ريال على الشريط والمؤلف والملحن نفس الوضع، فهذه مسألة في رأيي بحاجة إلى أكثر من محاسب مالي، هذا علاوة على الذوق العام الذي يمكن أن يتأثر به المستمع عندما يجد شريطا يضم ست أغاني لمطرب واحد وملحن واحد وكاتب كلمات واحد. *أيهما أفضل في صنع التعاون الفني المعمول بها حاليا أم سابقا؟ ⁃أنا في رأيي ان الوضع السابق كان أفضل فيما يتعلق بالتعامل والتبادل الثقافي والغني بين الفنانين وأجهزة الاعلام، فقد كانت حلقة التواصل قائمة، وكانت أعمال هؤلاء الفنانين محط غاية واهتمام ودعم مما زاد من انتشار واستمرارية الابداع الفني وتطور الحركة الفنية. *هل كان هناك نوع من الدعم لتمويل هذه الأعمال الفنية؟ ⁃كنا في السابق نحصل على تمويل لمعظم الأعمال التي نسجلها ونقدمها لوزارة الاعلام، وكان الدعم مشجعا للغاية، ويساعد الفنان على تقديم أعمال تخدم العمل الفني وتساعد على انتشاره. • كيف هي الآن صيغ الدعم، وهل هي موجودة بنفس الصورة السابقة؟ -قد تكون موجودة، ولكن بدرجات، وحسب طبيعة الأعمال الفنية المطلوبة.. *ألم تتعرض لموقف مرتبط بنوعية هذا التعاون مع الجهات المسئولة ولم ترض عنه؟ - أذكر في إحدى المرات كنت مسافراً فيها خارج المملكة لفترة طويلة، وعندما عدت كانت عندي ست أغانٍ جديدة جاهزة لم أغنها بعد، وحدث أن أقيمت حفلة في الرياض لجهة مسئولة فطلبوا مني المشاركة في الحفلة.. وسافرت إلى الرياض بدعوة من جمعية الثقافة والفنون، والمعروف ان لكل فنان مبلع (٣٠ ألف ريال) عن كل حفلة يشارك فيها، وجاءت مشاركتي بكل ما عندي في الجعبة من أغانٍ بما فيها الأغاني الجديدة، وكنت مستغرباً أثناء ذلك من مشاركة بعض الفنانين بأغان قديمة جدا، ومن الموجودة في الوزارة، ولم أكتشف سر ذلك إلا بعد أن فوجئت باعتذار التليفزيون عن دفع قيمة الأغاني الستة التي غنيتها في الحفلة بحجة ان جمعية الثقافة والفنون قد دفعت لنا حسابنا، وكان المفروض على التليفزيون أن يدفع لي قيمة الأغاني الجديدة، لأن جمعية الثقافة والفنون دفعت قيمة اشتراكي في الحفلة وليس قيمة الأغاني الجديدة التي قدمتها، ومنذ ذلك الوقت فهمت الموضوع والتزمت بعدم تقديم أغانٍ جديدة دفعة واحدة زي ما عملت في المرة السابقة.. • الملحن القدير الأستاذ سامي إحسان اتجه لتلحين الأغنية المقرر ان يلحنها لك الموسيقار محمد عبد الوهاب.. هل هناك أسباب معيِّنة وراء ذلك؟ - يبدو ان الفنان الكبير الدكتور محمد عبد الوهاب قد صرف نظره عن ذلك اللحن، لاعتقاده بوجود تشابه بينه وبين لحن آخر كان قد أعده للمرحوم الفنان عبد الحليم حافظ فألغى اللحن، وأنا حاليا أسعى للحصول على اللحن الذي سبق وأن أعده للفنان عبد الحليم حافظ ولكنه لم يغنه رحمه اللّٰه.. • هل هناك اتصالات معيّنة لنقل هذه الرغبة للموسيقار محمد عبدالوهاب؟ - هناك وساطات واتصالات يتولاها بعض الزملاء مع الفنان القدير الدكتور محمد عبد الوهاب حول هذا الموضوع ونقل رغبتي في أداء هذه الأغنية، إلى جانب وساطات أخرى تجري من قبل الفنان الكبير محمد عبد الوهاب ونقلها لي بعض الأخوة في أن أقوم بغناء أغنية الفنانة الكبيرة وردة الجزائرية الأخيرة، وأنا أدفع بالوساطات من جانبي وهو يدفع بوساطاته من جانبه هو أيضا. *ألم تكن المسألة في شكل تعاون متبادل، كأن تغني الأغنية المقررة ان يغنيها عبد الحليم حافظ، على أن تغني أغنية وردة الجزائرية؟ ⁃لا.. الظاهر ان الدكتور محمد عبد الوهاب يرغب أن أغني اغنية وردة الجزائرية الأخيرة، وبلغوني هذا الكلام، وطلبوا مني أن أغنيها على غرار أغنية «أيظن» التي غنيت بأكثر من صوت.. والدكتور محمد عبد الوهاب بأسلوبه هذا يريد للأغنية أن تنجح، حيث لا يقبل بالأغنية المهزوزة، وقد لاحظ ان الأغنية جيدة، ولم تأخذ وضعها المناسب، ولذا فقد رأى ضرورة ان أغنيها على غرار ما فعلت الفنانة وردة الجزائرية عندما غنت أغنية مقادير. *دار جدل كبير حول موضوع أغنية «وهم» وتحويل الملحن الأغنية للفنان محمد عبده بعدما كانت في الأساس لصالح ابو بكر سالم فهل من حق الملحن ان يعطي لنفسه هذا التصرف وإعطاء اللحن لأكثر من فنان؟ - الملحن له الحق أن يعطي لحنه لأكثر من صوت وفي وقت واحد، الا في حالة بيع اللحن، ففي هذه الحالة لايجوز أن يستغل اللحن مرة ثانية حفاظا عبى حقوق الشركة التجارية، أما فنيا فإنه من حق الملحن ومن حق مؤسسته إن كانت لديه مؤسسة أن يعطي هذا اللحن لأكثر من صوت، لا سيما إذا وجد أن هناك فنانا آخر أقدر على أداء هذا اللحن من الفنان الذي سبق أن اتفق معه على أدائه. *قانونيا وأدبيا ليس هناك حرج؟ ⁃ قانونيا ليس هناك ما يمنع، أما أدبيا فهي مسألة فيها قولان، وتخضع لعرف الصداقة والزمالة والأخوة. *هل من حق المؤلف ان يتصرف بالنص ويعطيه لأكثر من مطرب؟ ⁃لا.. في هذه الحالة ليس من حق المؤلف أن يعطي الكلمات لأكثر من صوت، ومتى ما أعطى المؤلف تنازلا للمطرب على الكلمات، فليس من حق الملحن أن يتصرف بهذه الكلمات لمطرب آخر، وإنما من حقه أن يختار كلمات جديدة ومناسبة للحن الذي أعده، لأن الكلمات الأساسية هي في الأصل من حقوق المطرب الأول الذي حصل على تنازل سابق من مؤلفها. *يتحدث الناس عن ملابسات بعض الأغاني مثل «لنا اللّه» .... وأنها كانت في الأصل لك، وآخرون يقولون إنها كانت أصلا لمحمد عبده.. ما هي حقيقة الظروف؟! - الملابسات التي حدثت جاءت نتيجة ظروف معينة. فمثلا أغنية «لنا اللّه» كانت بالفعل معدة وجاهزة للفنان محمد عيده، وقد أعدها الأستاذ طارق عبدالحكيم له شخصيا، وسافر محمد عبده إلى لبنان وسجلها مع الفرقة، وكان من المفروض ان يقدمها في حفل اقامه التليفزيون في الرياض، وكنا مشتركين كمجموعة كبيرة من الفنانين وبصراحة في تلك الحفلة لم يكن لدي شيء جديد أقدمه. وصادف أن التقيت بالأستاذ طارق عبد الحكيم ووجدته غاضبا بعض الشيء. وتدريجيا فهمت سر غضبه، وهو انه غير راض على تصرفات الفنان محمد عيده وتعديلاته التي اجراها على اغنية «لنا اللّه»، وطلب مني أن أقوم بغناء اللحن ذي ما هو عامله وبالطريقة التي صاغها به. ووافقت خصوصا بعد ما سمعته وعرفت أنه لحن لا يمكن أن يفوت، واتفقنا على أن أحضر في اليوم التالي العمل البروفات، وكان الفنان محمد عيده لا يزال مسافرا ولم يحضر.. وعندما حضرت في اليوم التالي لعمل البروفات وجدت «أبو حميد» جالساً مع الفرقة ويؤدي اللحن، فاندهشت وسألت «البيه» أيه الحكاية؟! فرد عليّ الأستاذ طارق وقال لي انه جاءه محمد عبده واعتذر له، وأنه واحد من أولادنا، ولابد أن نقف معاه ونوجهه، ووعدني أنه سيعمل لي لحنا أحسن منه - ولكن متى - ونحن الآن في أمس الحاجة إلى عمل جديد أقدمه في الحفلة.. ووقعت في حرج شديد، ولم يكن عندي أي شيء جديد أقدمه يرتقي على الأقل إلى مستوى «لنا اللّه»، وذهبت وجلست مع الأستاذ عبد القادر حلواني أحكي له المقلب الذي وقعت فيه، وبالصدفة تذكرت أغنية «يا سارية خبريني»، وأنها فعلا مناسبة جدا. وبدأت بعمل البروفات وتداركت الموقف يفضل الله.. إما عن اللحن الثاني فقد حدث وأن أسمعني إياه الملحن عدنان خوج في لندن، وقلت له انه لحن حلو، وطلبت منه أن يكمله لأنني فعلا أريد أن اغنيه، ولم يكن هذا تعاوني الأول مع الأستاذ عدنان خوج حيث سبق وأن تعاونت معه في أعمال سابقة، المهم ان الأستاذ عدنان خوج قد أسمع اللحن الفنان معمد عبده، وأعجبه، وطلب محمد عبده منه أن يغنيه إن لم يكن قد أعطاه لأحد، فأخبره عدنان أنه لم يعطه لأحد، واعتقد أن الفنان عدنان خوج وجدها فرصة لأن يغني له الفنان محمد عبده حاجة.! وفوجئت بظهور الأغنية بصوت الفنان محمد عبده فسألت الفنان عدنان خوج عن السبب، فقال لي ان فائق عبد الجليل كان قد أعطاها في الأساس للفنان محمد عبده، وانه عندما أخبرته بأنني اسمعتك اللحن وأعطيتك إياه، قال لي مالك حق في هذا لأنني انا أعطيته للفنان محمد عبده، ولا اسمح لك بأن تعطي هذه الكلمات للفنان طلال مداح، وتجعلني أظهر في موقف غير لطيف مع الفنان محمد عبده... • هل تعتقد ان الكلام الذي قاله الفنان عدنان خوج يروي الحقيقة أم انه هروب؟ - لا أدري، لكن يخيل لي أن ما قاله الفنان عدنان خوج حول هذا الموضوع يبدو صحيحاً. *ما رأيك في التحديد الذي طرحه الفنان عمر كدرس من ان القاعدة الفنية لا تتسع إلا لخمسة فقط؟ ⁃أنا لست مع الأستاذ عمر كدرس فيما قاله حول القاعدة الفنية، وأنها لا تسع لأكثر من أسماء حددها هو في طرحه، واعتقد ان القاعدة الفنية غير ثابتة ومن الممكن أن تسع لأكثر مما قاله الملحن عمر كدرس خصوصا إذا كانت من الأصوات الجيدة المقبولة التي نجحت في تقديم أعمال جيدة وعندها الاستعداد لتقديم المزيد إذا وجدت التشجيع والدعم. *ما سر الانغماس الحالي في الأغنية، ولماذا اختفى المجس من بعض الأغاني؟ ⁃أنت لا يمكن لك أن تواجه الموجة السائدة هذه الأيام وتأتي بأشياء عكسها تماما، فالموجة الغنائية الطالعة هذه الأيام هي أغنية السرعة، الدسكو العربي، الدسكو الافرنجي، ومحاولات طيبة من بعض الفنانين لأداء ألوان من الفلكلور وإدخال بعض التحديث المقبول عليه.. أما موضوع المجسات وأدائها، فأصبحت كالعملة النادرة، لأن الوضع اختلف، واختلف مزاج وذوق المستمع، واختلفت معه ظروفه وأوقاته.. *هل تعني ان الظروف في السابق كانت أفضل من الآن؟ ⁃بالطبع، الظروف اختلفت فقد كنا عندما نعمل حفلة من الحفلات أمام مبنى وزارة الخارجية بجدة، نجد اعداداً كبيرة من الناس حضرت من أماكن ومسافات بعيدة وعلى أرجلها لكي تسمع وتستمتع بالأغنية وبالمجس وبالفن بشكل عام، وكان كل واحد يخبر الثاني انه في الليلة الفلانية سيكون هناك حفل للفنان الفلاني وانه سيغني في حفل زواج أو أي مناسبة. وتجد الناس خلال الحفلة واقفة على أرجلها تردد وتغني وتستمتع، أما الآن اين هذا الطراز من السميعة، ومن تجده يستطيع أن يقف ساعة على أرجله لسماع حفلة يشترك فيها فلان من الفنانين، أو حتى يكلف نفسه لكي يسأل عن هذه الحفلة ومن سيغني فيها.. ان الوضع تغير، بسبب التطور الذي حصل في مجال التكنولوجيا، مما جعل المستمع قد ارتوى فنيا، وأصبح في حالة تخمة، وفي استطاعته أن يشاهد ويستمع للمطرب الذي يفضله بمجرد ضغط جهاز الفيديو أمامه وداخل منزله، ودون أي عناء يذكر في الانتقال من مكان لآخر لسماعه، كما كان يفعل المستمع في الماضي، عندما كان ينتقل من مكان لمكان للاستماع إلى مطربه المفضل. *ما رأيك في نظام «الطرب الخاص» الذي يمارسه بعض الفنانين؟ وهل هو جديد على الساحة الفنية؟ ⁃هذه الصورة ليست جديدة، وهي موجودة في أغلب الدول، وهناك فنانون كبار يمارسونها، غير ان هذه الأعمال لا تنفذ على نطاق جماهيري، وإنما في نطاق شخصي جدا ومرتبطة بعقود وشروط معلومة عند جميع الأطراف!! *ما رأيك في صورة كاتب كلمات لا يعطي قبل أن تدفع له، وهي صورة أصبحت منتشرة في بعض دول الخليج العربي؟ ⁃هذه الظاهرة لا يمكن أن تأتي إلا من أناس قادرين وجاهزين ومتمكنين من التأليف، ولهم أسمهم وجمهورهم وقد فرضوا وجودهم، بما يكتبون من كلمات جميلة وحلوة وجاهزة، واعتقد اننا في المملكة لدينا أسماء اكبر من تلك الأسماء التي تبيع كلامها، وهي أسماء دائما تجدها متألقة في كتابة الكلمات الجميلة الحلوة التي ترتقي بالأغنية والذوق العام، ومن هذه الأسماء الشاعر الرقيق سمو الأمير بدر بن عبد المحسن، الذي لو فكر باتباع مثل هذا الأسلوب لجنى الكثير، لأن ما يكتبه كلام جميل جدا، وصالح في كل الأوقات ومطلوب، وفيه عمق وأصالة والوان جمالية متعددة.