أروقة معرض المدينة تنشغل بالتقنيات الحديثة ..
ناشرون: الذكاء الاصطناعي يحدث أثراً بالغاً في صناعة النشر.

كيف غيّر الذكاء الاصطناعي قواعد النشر؟ هل أصبح مصدر قلق أم أداة تمكين؟ يحاول استطلاع “اليمامة” رصد التجربة الواقعية للناشرين في التعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي، وتأثيرها على جودة المحتوى، وعمليات التحرير، والعلاقة بين الكاتب والناشر. كما يتناول التغيرات التي فرضتها أدوات الذكاء الاصطناعي على صناعة النشر، سواء من حيث فرص التطوير أو التحديات التي تواجههم، مثل أصالة المحتوى، وحماية حقوق الملكية الفكرية، والعلاقة مع المؤلفين، ومستقبل التحرير والتوزيع. استغلت “اليمامة” حضورها معرض المدينة المنورة للكتاب، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة، والتقت عددًا من الناشرين. في البداية، قال الدكتور محمد الدماس، المشرف على مكتب خوارزميات للاستشارات التعليمية والتربوية، في حديثه لـ”اليمامة” إنهم لا يستخدمون الذكاء الاصطناعي إلا في حدود مقننة كأداة مساعدة، مشيرًا إلى أنهم لا يقبلون أي عمل غير أصيل مستلٍّ من الذكاء الاصطناعي، وسبق لهم أن ردوا أعمالًا تبيّن لهم فيها استخدام الذكاء بطريقة غير مسؤولة. وأضاف الدماس أن الذكاء الاصطناعي، مثله مثل أي أداة، كالحاسوب والطابعة وغيرها من الأجهزة، يفترض أن يظل في سياقه عاملًا مساعدًا، مؤكدًا أنهم خلال التعامل معه يلحظون حجم الأخطاء التي يقع فيها وعدم فهمه للسياق، مما يدفعهم إلى المراجعة والتدقيق الدائم. من جانبه، أوضح عبدالرحمن الرماح، الرئيس التنفيذي لشركة “ناشر” التي تشارك في معرض المدينة المنورة للكتاب، أن لدى الشركة عدة خطوط إنتاج، تشمل كتب الطاولة الفاخرة، والكتب الثقافية التخصصية، وكتب الكوميكس التي تُحوَّل فيها الروايات السعودية إلى أعمال مصوّرة. وأشار إلى أن تجربة “ناشر” في استخدام الذكاء الاصطناعي تتركز على توظيفه بمسؤولية في مجالات الترجمة، وتحليل النصوص، والمراجعة الأولية، مع التأكيد على أنه لا يُعتمد عليه كعنصر أساسي في عملية الإنتاج. وأضاف أن الشركة تُشرف بدقة على جميع مخرجات الذكاء الاصطناعي، من خلال تكليف مختصين بمراجعتها، مما يسهم في الوصول إلى نتائج أكثر جودة. كما وصف التجربة بأنها مثرية، تُسرّع من عملية إعداد الكتب، وتفتح آفاقًا لأفكار إبداعية قابلة للاستثمار. واختتم بالتأكيد على أنه لا يشعر بالقلق من استخدام الذكاء الاصطناعي، طالما أن العمل يخضع لمراجعة بشرية بعد تقديم الكاتب لنصّه، ويُعرض لاحقًا على لجنة للتقييم والتدقيق النهائي. أما محمد الحكمي، صاحب دار الحكمي للنشر والتوزيع، فأكد أنه لا يمكن الآن إغفال ما تقدمه أدوات الذكاء الاصطناعي من خدمة للناشرين أسوة ببقية حقول المعرفة، خصوصًا في مجال التصحيح والتدقيق وحتى تصميم أغلفة الكتب، والمهم قبل كل ذلك ألا يُترك الحبل للذكاء الاصطناعي على الغارب، وأن يكون هناك إشراف، إضافة إلى أصالة المادة العلمية وأن تكون من إنتاج المؤلف. وأضاف الحكمي، في سياق حديثه عن مستقبل النشر والتوزيع في ظل دخول الذكاء الاصطناعي طرفًا، أن التجربة لا تزال في بدايتها، لكنها أحدثت أثرًا بالغًا في عالم النشر، ولا يمكن للناشر إلا أن يواكبها وفقًا للمعايير العلمية للنشر، مشيرًا إلى أن الكتاب يخضع في النهاية للإجراءات المعهودة في المراجعة والفسح. ويجمع الناشرون الذين التقتهم “اليمامة” على أن الذكاء الاصطناعي، رغم ما يثيره من قلق، يمثل فرصة لإعادة صياغة أدوات النشر بما يواكب التحولات الرقمية، شرط أن يظل الإبداع البشري هو المحرك الأساس لصناعة الكتاب، وأن تظل مسؤولية الحفاظ على أصالة المحتوى وإشراف الناشر حاضرة في كل مرحلة من مراحل الإنتاج.