في ندوة حوارية بمكتبة التعاون العامة..

محمد التونسي: مستقبل الإعلام مرهون بكفاءة المحتوى.

نظّم صالون نُبل الثقافي بالشراكة مع مكتبة التعاون العامة، مساء الثلاثاء 8 يوليو 2025م، ندوة حوارية بعنوان “إعلام بمستقبل.. ومستقبل بإعلام”، استضاف فيها المستشار الإعلامي محمد التونسي، وأدارت اللقاء الإعلامية إيمان المنديل، وذلك في بيت الثقافة التابع للمكتبة، وسط حضور عدد من الإعلاميين والصحفيين والكتاب. استعرض التونسي خلال اللقاء مسيرته المهنية في الصحافة والتلفزيون، وتوقف عند التحولات الكبرى التي طرأت على المشهد الإعلامي، خاصة في ظل التطورات التكنولوجية والاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي. وقال إن مستقبل الإعلام لم يعد مرتبطًا فقط بالمنصات التقليدية، بل صار مرهونًا بكفاءة المحتوى وقدرته على الوصول والتأثير. وأضاف: “الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة مساعدة فعالة، لكنه لا يغني عن الحس الصحفي، ولا يبرر تراجع مهارات التحرير والبحث والتحقق.” الذكاء الاصطناعي: مكمل أم بديل؟ تناول التونسي ظاهرة استخدام أدوات مثل ChatGPT ووسائل توليد النصوص في إنتاج المحتوى، محذرًا من خطر اعتماد بعض الصحفيين والمحررين عليها بشكل كامل دون مراجعة أو تحقق. وأكد أن الذكاء الاصطناعي يجب أن يُستخدم كـ”محرّر مساعد” لا كمصدر نهائي. وأشار إلى تجربة حدثت بالفعل في إحدى الصحف، حيث اضطر رئيس التحرير للاعتذار عن مادة منشورة اتضح لاحقًا أنها صيغت بالكامل عبر الذكاء الاصطناعي دون مراجعة بشرية كافية. أزمة المفاهيم: من هو الصحفي؟ ومن هو الكاتب؟ طرحت الأمسية سؤالًا محوريًا حول من يستحق صفة “الصحفي” في ظل تعدد المنصات وغياب الضوابط. وأوضح التونسي أن “العمل الإعلامي لا يُقاس بعدد المتابعين، بل بمدى الالتزام بالمعايير المهنية، والقدرة على التأثير ضمن إطار من المسؤولية التحريرية”. كما انتقد ظاهرة تداخل الأدوار بين كاتب الرأي والصحفي، مبيّنًا أن كلاً منهما له وظيفة مختلفة، ولا يجوز خلط المقالات التحليلية بالتقارير الخبرية، خاصة في بيئة إعلامية تحتاج إلى الوضوح والفرز المهني. الصحافة الاستقصائية: العمق مقابل السطح أكد التونسي أن الصحافة الحقيقية لا تُبنى على النشر السريع، بل على التحقق والبحث والتأني. وذكر مثالاً حول تجربة استقصائية أجراها مع فريق من 35 شخصًا، تطلّبت مجهودًا مضاعفًا واحترافًا في جمع وتوثيق المعلومات. وأوضح أن القارئ لا يحتاج لمجرد الأخبار بل لفهم السياق، وهو ما لا توفره الأخبار العاجلة أو المواد غير المعمقة. وأشار التونسي إلى الأزمة المالية التي تواجهها الصحف الورقية، وتحدّث بصراحة عن أسباب تراجعها، ومن بينها الاعتماد على الإعلانات كوسيلة وحيدة للتمويل، وغياب خطط التحول المؤسسي إلى كيانات تجارية مرنة. واقترح أن تتحول المؤسسات الإعلامية إلى شركات قائمة على الحوكمة والاستثمار في المحتوى النوعي. أخلاقيات النشر وتحديات العصر الرقمي شدد التونسي على أهمية وجود مواثيق سلوك مهني واضحة داخل المؤسسات الإعلامية، خاصة في زمن السوشيال ميديا، حيث تُنشر المعلومات دون تحقق، وتُستهلك الآراء كما تُستهلك الأخبار. وقال إن “الانفلات الأخلاقي في بعض المنصات يهدد بزعزعة ثقة الجمهور”. كما دعا إلى بناء جيل جديد من الصحفيين والمحررين القادرين على التفاعل مع الأدوات الحديثة دون التفريط في المبادئ المهنية.