
في عالمٍ تشتد فيه المعارك الإعلامية و تتعدد أدواتها، تبرز المملكة العربية السعودية كقلعةٍ صامدة في مواجهة موجات من الهجمات الممنهجة التي تستهدفها و تستهدف قادتها ووحدتها الداخلية. هذه الحملات التي تتخذ أشكالاً مختلفة باختلاف العصر و التقنية، ليست سوى “زوبعة في فنجان” أمام تاريخٍ حافل بالتحديات التي اجتازتها المملكة بقيادة حكيمة وشعبٍ واعٍ. فمنذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز آل سعود -طيب الله ثراه- و حتى اليوم، أثبتت السعودية أنها أقوى من أن تهزّها أكاذيب، و أعظم من أن تشقّ صفوفها دعواتٌ مغرضة. لم تكن الهجمات الإعلامية ضد السعودية وليدة اليوم، بل هي امتداد لأساليب قديمة تطورت بتطور الزمن. في الماضي، كانت الحملات تُشنّ عبر منابر تقليدية كالمنشورات و الصحف الصفراء و الإذاعات، مستغلةً نقاط ضعف الاتصال آنذاك. لكن مع قيادة الملك عبد العزيز لمسيرة التوحيد و البناء، تحوّلت التحديات إلى فرص لتعزيز الوحدة الوطنية. و في العصر الحديث، مع ثورة التكنولوجيا و وسائل التواصل، اختلفت الأدوات و لكن ظل الهدف واحداً: تشويه صورة المملكة و إضعاف تماسكها. ومع ذلك، تحولت السعودية هذه المرة من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم المضاد، عبر استراتيجيات إعلامية ذكية و حملات وطنية يقودها أبناء الوطن أنفسهم. استهداف الإخوان المسلمين و محاولات لتقسيم الصف السعودي من أبرز الأمثلة على الهجمات الممنهجة ضد السعودية، الحملات التي قادتها جماعة الإخوان المسلمين في فترات مختلفة. في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، حاولت الجماعة تصدير أفكارها إلى الداخل السعودي، مستغلةً المنابر الدينية لنشر خطابٍ تحريضي ضد القيادة السعودية. و مع ذلك، كانت السعودية دائماً أسرع في كشف هذه المحاولات، حيث عملت على تعزيز الخطاب الديني المعتدل و دعم الجماعات الدينية التي تدّعي أنها تحمي الهوية الإسلامية الأصيلة للبلاد. و في العقد الأخير، ومع تصاعد الأزمات في المنطقة، عادت الجماعة لتشنّ حملات إعلامية عبر منصات التواصل الاجتماعي، محاولةً تصوير السعودية على أنها تبتعد عن الإسلام. لكن هذه المحاولات اصطدمت بحقيقة أن السعودية هي حامية المقدسات الإسلامية و قائدة العالم الإسلامي في مواجهة التطرف و الإرهاب. فجهود المملكة في مكافحة الإرهاب، و دعمها للقضايا الإسلامية في المحافل الدولية، جعلت هذه الحملات تبوء بالفشل. من جهة أخرى، تواجه السعودية هجمات من بعض الأفراد و الجماعات التي تتبنى أفكاراً مناهضة للإسلام، و تستخدم المملكة كهدفٍ لتحقيق أغراضها. فبعض المنظمات و الجهات الإعلامية الغربية، التي تتبنى خطاباً معادياً للإسلام، تحاول تصوير السعودية على أنها “مصدر التطرف” أو “داعم للإرهاب”. هذه الاتهامات، التي تفتقر إلى أي أساسٍ علمي أو منطقي، تهدف إلى تشويه صورة المملكة و إضعاف دورها الريادي في العالم الإسلامي. و مع ذلك، فإن السعودية لم تترك هذه الاتهامات تمر دون رد ، فمن خلال مبادرات مثل “تحالف الإسلام المعتدل” و”مركز الملك عبد الله للحوار بين الأديان”، أثبتت المملكة أنها تقف في وجه التطرف بكل أشكاله، سواء كان متطرفاً إسلامياً أو معادياً للإسلام. كما أن الإصلاحات الاجتماعية و الاقتصادية التي تقودها رؤية 2030، تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، أعادت تعريف صورة السعودية كدولةٍ متقدمة و منفتحة، دون أن تفقد هويتها الإسلامية. لقد أصبحت السعودية اليوم، بفضل رؤية قيادتها و استباقيتها، محصّنة ضد الحملات المزيفة، فمن إنشاء مراكز متخصصة لمكافحة الشائعات، مثل المركز الوطني للعمليات الأمنية، إلى تعزيز الشفافية في الإعلام الرسمي، باتت الأكاذيب تُكشف قبل أن تنتشر. و الأهم من ذلك، أن هذه المناعة لم تكن مؤسسية فحسب، بل تحوّلت إلى جهدٍ وطنيٍ شامل، تجسّده حرب المغردين السعوديين ضد التضليل، فهم يحولون منصات التواصل إلى ساحات دفاع عن الهوية، و يردون على كل إشاعة بحقيقة، و كل هجوم برصانة. لا يخفى على متابع الدور البارز للمواطن السعودي في ترسيخ الحصانة الإعلامية. فـ”المغرد السعودي” لم يعد مجرد مستهلكٍ للمحتوى، بل أصبح منتجاً له، يسخّر إبداعه و وعيه لحماية مصلحة بلاده. حملات مثل #الصقور_الرقمية_السعودية و #دونك_يا_السعودية ليست سوى أمثلة على كيف تحولت منصات مثل “إكس” إلى منابر لإبراز الحقائق و تفنيد الأباطيل، هذا الجيل، الذي يجمع بين الفخر بتاريخه و الثقة بمستقبله، يدرك أن الكلمة سلاح، و الحقيقة درع. الوحدة عنوان المرحلة و ما الهجمات الإعلامية إلا اختباراً يعيد التأكيد على متانة النسيج الوطني السعودي، فكما اجتازت المملكة محاولات التشويه في الماضي، فإنها اليوم أقدر على مواجهة تحديات العصر الرقمي ،و الرسالة هنا واضحة: كلما اشتدت الأكاذيب، اشتد إصرار السعوديين على قول الحقائق. فالدولة التي بنيت على أسس راسخة من الوحدة و الإيمان لا تهزها رياح التشكيك، و لا تثنيها عن مسيرتها صيحات المستفزين، فالسعودية باقية، و شعبها درعها و سيفها. في النهاية، فإن الهجمات الإعلامية لن تزيد السعودية إلا قوة، و لن تزيد شعبها إلا إصراراً على المضي قدماً في مسيرة البناء و التطوير ، فالشعب السعودي بوعيه و إيمانه، هو الدرع الحقيقي الذي يحمي المملكة من كل محاولات التشويه و التضليل.