عهد الريادة.

لم يكن خادم الحرمين الشريفين أميرا للعاصمة لعقود وملكا لإحدى عشر سنة فحسب، فهو منذ مطلع شبابه كان يؤكد حضوره على المستوى العربي والدولي، قائدا اتسم بالوعي والحكمة والطموح إلى مستقبل أفضل للعرب والمسلمين والعالم. درس في جامعة المؤسس وتشرب بعد النظر والحكمة والشجاعة في الحق واستشراف المستقبل منها، ونهل من نبع التاريخ؛ ليكون رافدا في اتخاذ القرارات الصعبة والمهمة. ولوعيه المتقدم بالدين فقد كان مجلسه اليومي رحبا لمناقشة العلماء وتصويب بعض الآراء التي تجنح إلى الغلو والتشدد والتأكيد على صورة الدين الحقيقية وأنه دافع للحوار والتطور والسلام. إلا أنه أيضاً إلى جانب اهتمامه الديني فهو عميق الثقافة أيضاً، وكان له مجلس آخر مع المثقفين وأهل الرأي. كانت الرياض نموذجا مصغرا لدولة على صعيد تنظيمها وتحديثها لتكون، وهي الصحراء، درة المملكة وقلبها النابض والبوصلة التي تهفو إليها قلوب مواطني المملكة والمقيمين عربا وأجانب للعيش بها. على الصعيد العربي وضع من قضية فلسطين- وهي قضية العرب والمسلمين الأولى- مهمته الأولى التي حملها مقتدرا في القمم العربية والمحافل الدولية ليكون المؤتمر الدولي للتسوية السلمية للقضية الفلسطينية الذي تكلل باعتراف 142 دولة بفلسطين، والذي أنهى أعماله الثلاثاء الماضي، تأكيداً على استمرار العطاء والجهود التي بذلها حفظه الله، وبعون من ولي العهد الصادق الأمين. ولا تنتهي منجزاته يحفظه الله عند ذلك، فمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الذي تأسس في بداية تولّيه مقاليد الحكم بات شاهداً في كل أصقاع الأرض على ما تبذله المملكة من عون وإغاثة لكل مكلوم بصرف النظر عن دينه ومعتقده. إن من يقرأ ما قاله الزعماء والمفكرون عن شخصية الملك سلمان ليشعر بذلك التأثير الكبير الذي أحدثه لهؤلاء الذين التقوه أو تتبعوا سيرته، وما لمسوه في شخصيته من هيبة وحضور، وما صنعه خلال عقود من الجهد والعمل لبلاده والعالم. حفظ الله خادم الحرمين الشريفين وأسبغ عليه الصحة والعافية وشد أزره بولي عهده العزيز.