منحوتة ”المُحجَّبة” للعنقري ..

الرخام يتحول إلى هوية!

لطالما دأب الفنانون على تصوير المرأة في لوحاتهم بألوان شتى، أغلبها يهتم بتصوير المرأة كأنثى، وهي عملية نمطية متكررة، وقد خالفها هذه المرة الفنان خالد العنقري بمنحوتة من كتلة رخامية طبيعية داكنة، يتخذ العمل من خلالها هيئة جسد أنثوي مغطّى بالكامل دون تفصيلات مباشرة، وكأن الجسد قد استحال إلى رمز لا إلى شكل، وإلى حضور لا إلى ملامح. ومن خلال المنحوتة الجديدة يواصل الفنان خالد العنقري حواره العميق مع الكتلة، مجسِّداً من الرخام المحلي الأسود جوهر المرأة المحجّبة في تجريد بصري يمزج بين الصمت والهيبة والانسياب. ويقول خالد العنقري من خلال كل قطعة من أعماله إن النحت ليس تشكيلًا للحجر فحسب، بل تنقيب عن الفكرة المدفونة فيه. وفي “المُحجَّبة”، نجد أن الفكرة قد نُحتت بحنان شديد، ووعي عميق بجماليات التلميح بدل التصريح. وهو يؤكد أن عمله الجديد الذي يحمل إسم “المُحجَّبة” عمل فني لا يقدم المرأة كمجرد موضوع جمالي، بل ككيان له استقلاله، واختياره، وظلاله الروحي والثقافي . لا وجه ظاهر، ولا يد ممدودة، بل كل شيء ينسحب إلى الداخل، كما هو الحياء في عمقه، وكما هو الحجاب: انكفاء لا ضعف فيه، بل تجلٍ لهوية تُمارس حضورها بطريقتها الخاصة. وفي المنحوتة تنحنى الخطوط المنسابة على السطح لتوحي بتدفّق الرداء وبتواضع الجسد الملتفّ حول نفسه متكئاً على انحناءة خجولة تعكس صمتًا داخليًا محمّلًا بدلالات الخصوصية والكرامة. ما يميز العمل هو ذلك التلاعب الدقيق بالضوء والظل على سطح الحجر المصقول حيث تندمج الانحناءات الناعمة مع عروق بيضاء طبيعية في الرخام، تبدو وكأنها خطوط الحكاية التي تحيط بالمحجبة : حكاية هوية، واختيار، وتجذر في القيم.