المَــــــزّاح..
إلى روحِ جدي أبي القاسم مزيد حكمي رحمه الله تعالى الذي وافته المنية بعد صراع مع المرض. سَلامًا أبا يَحيى فما لذَّ لي طَرفُ وكيف يلَذُّ الطّرفُ والعينُ لا تغفو!؟ حَنانيكَ .. بِتنا نَرتدي الليلَ حَسرةً ورُبَّ لِباسٍ في تَفاصيلِهِ كَشفُ وَقفنا وفي الجُرحِ ادّخارٌ لعَاشقٍ وكمْ مِن جراحٍ ليس مِنْ طَبعِها النَّزفُ ولم ننتدِبْ للعُمرِ بعدكَ واحِدًا فما ذنبُ قلبي لا يكون له خَلْفُ!؟ أيا موتُ مَن يحنو على القَلبِ كلما تأمَّلتُ حُزنَ الأمِّ رَاودَني الحَتفُ فما نحنُ إلا الرَّملُ إلا هُدؤُوهُ فإنْ لامَستْهُ الريحُ خَاتلَهُ الجَرفُ نلوذُ إلى المعنى إذا اشتدَّ حُزنُنا ونُدرِكُ أنَّ الحُزنَ ليس له وَصفُ سلامًا أبا يحيى عَشيّاتُكَ التي أَلِفْنا مَراياها هي اليوم لا تَصفو نأتْ ضَحِكاتُ الحيِّ لم تبقَ شُرفةٌ من الحبِّ إلا انتابَ ضِحْكتَها الكسفُ يُسمُّونَكَ (المَزَّاحَ) ما ثَمَّ خيمةٌ نزلتَ بها إلا وأَطنابُها تَهفو وكنتَ خَفيفَ الظلِّ، كفَّاكَ رحلةٌ من الجُودِ لم تَشهدْ سَماحتَها كفُّ فكم مرَّ فانوسٌ يُصارِعُ زيتَهُ فنَادمتَهُ حتى كَأنْ لمْ يكُنْ ضَعفُ إذا مسَّكَ الغاوونَ لم تَلتفِتْ إلى ضَلالاتِهمْ إنَّ الكَبيرَ الذي يعفُو ولا شكَّ أنَّ الحرفَ كنتَ نُقاطَهُ ولولا نُقاطٌ منكَ لم يَستقمْ حَرفُ سلامًا .. فما لم تسْتطِعْهُ سفينةٌ تَحمَّلْتَهُ إذْ لا تَغورُ ولا تَطفو كَبُرنا أجلْ.. لولا عَناقيدُك التي أضاءتْ لنا لم يَنكشفْ دُوننا كَهفُ سَرائرُنا كالنّهرِ لم تَنسَ حَدسَها ومِعراجُكَ الضَّوئيُّ ليس له سَقفُ ولستَ كمَنْ مرَّوا ولم يَتَّسعْ لهمْ غَمامٌ وظلَّ الدّربُ خَلفكَ يَصطَفُّ وداعًا أبا يحيى أَحاديثُنا انتهتْ فكلُّ حَديثٍ يُرتجى بَعدكُمْ سُخْفُ وحَسبي بأنَّ الطَّيبينَ سُلالةٌ من الماءِ والأمواهُ أجملُها الوَقفُ أيا جَدُّ.. والدنيا محطَّةُ عَابرٍ نَمرُّ بها والخَطْـفُ يَتبعُهُ خَطْفُ