( وقفةٌ على أطلالِ الحنان )
النص الحائز على المركز الأول في جائزة راشد بن حميد في دولة الإمارات بدورتها 41 للإبداع الأدبي قسم الشعر العمودي . في رِثاءِ والدتي رحِمها الله : كَنَبْضِ قلبكِ إذْ يبْتَلُّ بِالعطْرِ ِ تشتاقُكِ الروحُ شوقَ الأرضِ للقَطْرِ فمنذُ طوفانُ هذا الفقدِ باغتَني أبحرْتُ نحوكِ في فُلْكٍ من الّشعْرِ وبُحْتُ للنفسِ همّ النفسِ فانتبذَتْ مكانَها في رُبى الأوراقِ والحِبْرِ بكيتُ حدّ جفافِ القلبِ فاختَنَقَتْ روحي كما لو حَوَتْها وحشةُ القبر ِ أجيء نحوكِ كُلَّي ، أدمُعي وأنا ووحدتي وَ حكايا أرهقت فِكري والذكرياتُ ، وأشياءٌ مبعثرةٌ بين الحنينِ وبين الآهِ في الصدرِ أجيءُ نحوك تأتي بي إليكِ خُطىً كئيبةٌ أثقَلتْها لهفةُ السّيرِ واحترتُ في رغباتي كيفَ أبلغها إليك ،أم كيف أفْضي في الخفا سري ألستِ عيدي ، وفي لقياكِ لي فرحٌ ؟ أينَ العناق! أيا روحاً من الزهرِ لابابَ في القبر أو شبّاك عَبْرَهُما ألقاكِ أو أتخطّى حاجزَ الدهرِ وكم تساءلتُ هل يدري التراب تُرى في ضيقهِ ضمّ أيّ الأنجمِ الزُّهرُِ ؟ وأنّ سهماً عن الدنيا رحلت بهِ من خافقي قد تدنّى مطفئاً عمري وكابنِ يعقوبَ وحدي والظلامُ فمن بعد ارتحالكِ ينجيني من البئر ومن يخفّف حِملاً شقّ خاصرتي حتى يزيح هموما أثقلت ظهري أحتاج شرفة نسيانٍ لتُسعِفَني لو راح شوقي بعمق الروح يستشري أحتاج كالأمس حضناً منك يجبرني إذا تضاعف من هوْل الأسى كسري ولتعذري ليَ زلّاتي فلست سِوى بقيةٍ منك لاتقوى على الهجر ِ بكبرياء دموعٍ أنتِ محورها ذرفت حبك بين السطر والسطر وأحرفي بلهيب الروح قد غمِرَت فليس بوحيَ إلا البعض من جمرِي ومذ عبرت رواق الحزن هدهدني صوتٌ لروحك منذ الخطوةِ البكرِ جفت حقولُ فؤادي وارتمى أملي إلى العذابِ بما ألفاهُ من غدرِ حتى كأن شهوري أصبحت عددا من السنينِ فحارَ الوقتُ في أمري كأنما نبض روحي منك رجعُ صدى ففي رحيلكِ أمسى العيشُ كالأسرِ قلبي (كسيزيفَ)* محكومٌ بكُربتِهِ وعبءُ فقدكِ قد أربى على الصّخرِ سرحْتُ خلفَ غيومِ الحزنِ أنشدُها متى ستبْعدُ أو عن خافقي تسري ؟ لكنما الصبرُ دربُ المتعبينَ بهِ أمضي وأقبَلُ ما قد كان من قدْرِ ووحدها دعوةٌ في القلب أبعثُها بِرّاً بِروحِكِ بعدَ الحمِدِ والشكرِ ---- *سيزيف هو شخصية من الأساطير اليونانية. وهو ابن عولس، وهو مؤسس كورنثوس. عاقبته الآلهة بعد أن كشف أسرارها. يجب عليه أن يجعل صخرة هائلة تنمو إلى ما لا نهاية، ويجعلها تتسلق منحدر الجبل. عند وصوله إلى القمة، رأى صخرته تتدحرج إلى أسفل المنحدر، مما أجبره على البدء في إعادتها إلى القمة إلى الأبد.