
ليس الأدب ابن المدن الكبرى وحدها، بل هو نتاج الأرض والذاكرة والصوت المتخفّي خلف الأسوار العالية، وفي المملكة بدأت مناطق كانت تُوصَف بالهامش ترفع صوتها الأدبي بثقة، حاملةً خصوصيتها اللغوية، وثراءها الثقافي، وتحولاتها الاجتماعية. تتشكّل اليوم ملامح ما يُسمى بـ «أدب المناطق»، لا بوصفه انعزالًا عن المركز، بل مقاومة ناعمة للتهميش، وسعيًا لإعادة تشكيل الخريطة السردية من الأطراف. هذا التحقيق يتقصّى جوهر هذا الأدب: كيف تُوظَّف الجغرافيا في بناء النص؟، ما الذي يميّز تجارب الكتّاب خارج العاصمة؟، وما العقبات التي تعترض طريقهم في النشر والحضور والتأثير؟ النص يُولد من المكان يرى الشاعر جاسم بن محمد عساكر أن الحديث عن «أدب مناطقي» داخل المشهد الأدبي السعودي ليس مجرد تصنيف عابر، بل هو قراءة لتجلّيات الثقافة المحلية في اللغة والتفاصيل والتكوين، إذ إن «لكل منطقة خصوصيتها من حيث المعطيات الحياتية والمكونات البيئية التي تُسهم في تشكيل روح النص الأدبي». ويضرب لذلك أمثلة دالة: النخيل في الأحساء، الزيتون في الجوف، الفُلّ في جازان، وشميم عرار نجد، وكلها مفردات تنبض بالجغرافيا والانتماء. ويرى أن انعكاس البيئة في الأدب ليس فقط في الصور والوصف، بل يمتد إلى التعبيرات العمرانية، واستحضار الموروث الشعبي، واللهجات المحلية، وصولًا إلى الأبيات الشعرية المتداولة في المجتمعات، والتي تمثّل أدبًا موازيًا لما يُنتَج من شعر فصيح، أو رواية، أو مسرح. ويشير كذلك إلى أن «التقنية أصبحت اليوم عاملًا مشتركًا في تقريب المسافات بين الآداب المناطقية، بفضل وسائل التواصل الاجتماعي، التي يسّرت التفاعل والاطلاع المتبادل». وفي حديثه عن العلاقة بين محلية النص وكونيته، يقدّم رؤية فلسفية دقيقة، مفادها أن النص الحقيقي لا يُقاس بموقع كتابته بل بقدرته على التسلّل إلى وجدان المتلقي، مهما كان انتماؤه الجغرافي، فيقول: «النص الأدبي الذي يتلقاه المرء من منطقة نائية عنه، ثم يجد فيه ذاته إلى الدرجة التي يظن أنه هو كاتب النص من فرط التماهي معه، هو نص حقق حضورًا عالميًا. إذ انطلق من خصوصية مكان ما، ووصل إلى من لم يعرف ذلك المكان ولم يزره، ومع ذلك استقبله وأكرم وفادته»، ويمضي في شرح فكرته بصورة مجازية: «النص مكانيًا كالشجرة المتجذّرة في بيت أحدهم، فيما هي تمدّ أغصانها وظلالها على أسوار البيوت المجاورة». ويؤكد أن الخصوصية لا تتعارض مع الكونية، بل إن معالجة القضايا الإنسانية الكبرى ـ كالحب، والخوف، والحرية، والصراع الداخلي ـ من موقع محلي، هو ما يصنع نصوصًا تتجاوز حدود الجغرافيا لتلامس الروح البشرية في جوهرها، وحول أثر التحولات الاجتماعية في الأدب السعودي، يفرّق عساكر بين اتجاهين متوازيين: اتجاه يرصد التغييرات الجارية، مثل الحضور المتنامي للمرأة في الحياة العامة، وظهور قضايا التكنولوجيا والتواصل الاجتماعي، والعلاقات بين الأجيال؛ واتجاه آخر «ينشد الطمأنينة في الماضي»، ويستحضر الصور القديمة للمكان والشخصيات والمشهد الاجتماعي، بوصفها آليات نفسية لمواجهة ما هو مجهول أو متحوّل. ويصف ذلك بقوله: «نلحظ في المقابل وجود أدب موازٍ يتحدث عن الحنين إلى الصور القديمة، كنوع من الارتياح النفسي والركون إلى الصورة المألوفة، التي من خلالها تتم مجابهة الخوف من المستقبل». أما عن دور القارئ المحلي في تشكيل ملامح هذا الأدب، فيمنحه عساكر مكانة محورية، لأنه ـ كما يقول ـ يملك المفاتيح الدقيقة لفهم النصوص المنتمية لبيئته، ويستطيع أن يقرأها من الداخل، بخلاف قارئ قادم من مركز ثقافي مختلف قد تفوته الإشارات الدقيقة والتفاصيل المتجذّرة في النسيج الثقافي للمكان. يقول: «القارئ المحلي يشكل محورًا هامًا في تشكيل ملامح هذا الأدب، لأنه يمتلك الرؤية الأعمق لمكانه، والقادر على استيعاب إشاراته وفك رموزه، لما بينهما من روابط وثيقة وصلة عميقة»، ويقارن ذلك مجازيًا: «هذا القارئ يقرأ عن دراية وقرب، بينما غيره يقرأ عن تخمين وظن». جزء أصيل من الأدب يرى الأستاذ عبدالله بن قمشع القحطاني، رئيس نادي ملتقى المبدعين الثقافي بمنطقة عسير، أن ما يُعرف بـ «أدب المناطق» في المملكة لا ينبغي النظر إليه من زاوية الإقصاء أو التقزيم، بل باعتباره امتدادًا طبيعيًا للتنوع الثقافي والجغرافي داخل المشهد الوطني، قائلاً: «نعم، يمكن الحديث عن أدب مناطقي في المشهد السعودي، لكن ليس بمعناه التقزيمي أو الإقصائي، بل بوصفه تنوعًا ثقافيًا وجغرافيًا يغني المشهد الأدبي الوطني. الأدب المناطقي في السعودية ليس ظاهرة طارئة، بل هو جزء أصيل من تكوين الأدب السعودي منذ نشأته، حيث أفرزت كل منطقة أدباءها الذين حملوا لهجاتها، وعاداتها، وبيئتها في نصوصهم»، ويؤكد القحطاني على أن ملامح هذا الأدب تتجلى في استخدام اللغة المحلية والتراكيب الدارجة، واستحضار البيئة الجغرافية والأنثروبولوجية في السرد، إضافة إلى الانشغال بالهموم المحلية التي تلامس الهوية والتحول الاجتماعي والذاكرة الجمعية. وعن حضور الجغرافيا والهوية المحلية في نصوص كتّاب الأطراف، يشير إلى أنها لا تتجلى فقط في الخلفيات أو التفاصيل، بل تتحول أحيانًا إلى قلب النص، موضحًا: «الجغرافيا والهوية المحلية تظهر بشكل واضح في أعمال الكتّاب خارج العاصمة، وغالبًا ما تكون هذه الأعمال أكثر اتصالًا بالواقع المعاش وأقرب إلى الروح اليومية للناس». أما عن التحديات التي يواجهها كتّاب المناطق في الوصول والانتشار، فيلخّص القحطاني أبرزها في التمركز الإعلامي والثقافي بالعاصمة، وقلّة دور النشر الجادة في المناطق، إلى جانب الندرة في التمثيل النقدي، ورغم هذه التحديات، يلمس القحطاني تحوّلاً تدريجيًا في الخريطة السردية، ويشير إلى دور الوسائط الجديدة في كسر المركزية، مضيفًا: «بفضل التقنيات الحديثة، لم تعد المركزية تتحكم وحدها في صناعة الاسم أو إيصال الصوت. لقد برزت أسماء سردية مميزة من خارج العاصمة ونجحت في الحصول على جوائز مرموقة، مما يدل على أن المكان لم يعد عائقًا كما كان في الماضي». هوية المكان يرى القاص محمد علي مدخلي أن «الأدب المناطقي» ليس مجرد حنين للمكان أو استحضار لهجات ولهويات محلية، بل هو خزان وجداني ولساني وإنساني متكامل، يعكس تفاصيل الحياة اليومية والعلاقات الاجتماعية والذاكرة الجمعية التي تشكّل هوية المنطقة، حيث قال: «إن أهم ما يميز الأدب المناطقي هو أنه يعتمد على تصوير تفاصيل الحياة اليومية، والعلاقات الاجتماعية، والأحداث التاريخية التي تشكل جزءاً من هوية المنطقة. فالأدب المناطقي بمثابة الخزان الوجداني واللغوي والهوية لمجتمعات متباعدة جغرافيًا ومتباينة ثقافيًا» وعند الحديث عن حضور الجغرافيا والهوية المحلية في النصوص، يرى مدخلي أن القصة تتجاوز حدود النوع الأدبي لتصبح وسيلة للتخاطب الإنساني والثقافي، موضحًا: «على المستوى السردي تُعتبر القصة أيديولوجيا تتجاوز حدود الجنس الأدبي إلى استعلان الهوية الجغرافية والإنسانية، والتخاطب مع المناطق الأخرى من خلال تراثها وخصوصيتها ولهجتها». أما عن تفاعل القرّاء مع هذا الأدب، فيحذر مدخلي من الوقوع في فخ الإسقاط والتعصب للمكان، لكنه يرى في المقابل أن هناك جمهورًا واسعًا ومتذوقًا لهذا اللون من الأدب. وفيما يخص السؤال المحوري عن تحوّل الأطراف إلى مراكز سردية جديدة، يجيب بصدق وحرارة: «حقيقة، هذا السؤال موجع وينكأ الجروح. من وجهة نظري كقارئ وليس ككاتب، فإن ما نحتاج إليه هو تكثيف الندوات والأمسيات والدورات التي يُدعى إليها كُتّاب الأطراف، لتكون بمثابة مراكز سردية وفنية تسهم في صقل الموهبة والمساهمة في الانتشار بشكل أوسع». بُعد ضروري تؤمن الشاعرة منى البدراني، المعروفة بلقب «خنساء المدينة»، بأن الأدب المناطقي يمثل بُعدًا ضروريًا في تشكّل المشهد الثقافي السعودي، لا باعتباره انعكاسًا للبيئة فقط، بل بوصفه حافظة للذاكرة والمكان والروح. وترى أن ملامح هذا الأدب تتجلى بوضوح في «تصوير البيئة ثقافيًا وتاريخيًا، مع إسقاط أسماء المعالم البارزة في المنطقة، ونقل التجارب والمشاعر المتعلقة بجغرافية المكان». وتذهب البدراني إلى أن الجغرافيا ليست مجرد خلفية وصفية في النص، بل تشكّل في آنٍ معًا مصدرًا للخيال وإطارًا للهوية، وتستحضر تجربتها الشخصية في هذا السياق، إذ كتبت عن مدينتها، المدينة المنورة، في أكثر من موضع، وخصّتها بحضور لافت في ديوانها الوطني «أنبض به»، الذي احتفى بمشاعرها تجاه وطنها ومدنه، وبالأخص المدينة، حيث «تتجاور القداسة مع الذكرى، ويتنفس النص عبق ترابها» على حدّ تعبيرها. وفيما يتصل بتجربة الكتابة عن المكان، تميّز البدراني بين من يكتب من الداخل، ومن يكتب من الخارج، مؤكدةً أن «الكاتب عندما يكتب عن مكان ينتمي إليه، فإن مشاعره تكون أصدق وأرق وأعمق، والتأثير يكون أقوى لدى المتلقي»، وترى أن حضور المكان في النص الأدبي ليس مجرد زينة جغرافية، بل «سياق ضروري يجسّد الحالة الشعورية وعمقها»، خاصةً حينما يكون النص مرتبطًا بالتجربة والذاكرة، أما في النصوص التأملية أو الخيالية، فقد يكتفي الكاتب بالإشارة التعبيرية إلى المكان دون التوغّل فيه. ملامح الأدب المناطقي ترى الروائية مريم الحسن أن التحولات الثقافية والسردية التي شهدتها المملكة بعد رؤية 2030 والانفتاح الثقافي عبر الأجيال من المبدعين والمهتمين، أفرزت أنماطًا فنية متنوعة بحداثتها، مع التركيز على التراث السعودي وإبرازه بصورة خاصة، تقول: «مع التحولات الثقافية والسردية الكبيرة في المملكة بعد الرؤية 2030 والانفتاح الثقافي عبر الأجيال من المبدعين والمهتمين، تتجلى أنماط فنية متنوعة بحداثتها مع تحديد التراث السعودي وإظهاره بصورة خاصة والتركيز عليه، أقول لك وبكل فخر: يمكن الحديث عن «أدب مناطقي»، ففي المشهد السعودي يظهر بشكل بارز». وتضيف الحسن: «الأدب المناطقي في السعودية مهم جدًا جغرافيًا وثقافيًا، وهو الذي يعكس تنوع البيئات السعودية من الجنوب إلى الشرق إلى الشمال والغرب. هذا الأدب يقدّم الصوت السعودي المحلي، وهو النافذة التي يطل منها العالم على مفاهيم الهوية والانتماء والتنوع الأدبي التخيلي والواقعي»، وعن ملامح الأدب المناطقي؛ تقول: «توظيف اللهجات المحلية التي منها تتحدد هوية الكاتب ومنطقته، كما في تصوير البيئة بمختلف أنواعها الجافة والساحلية والصحراوية. ويحضرني في هذا المقام رواية للكاتب السعودي القدير الأستاذ جبير المليحان بعنوان أبناء الأدهم، وهي رواية متخيلة عن قصة أجا وسلمى، وهما جبلان شهيران في منطقة حائل. وهو أديب من أهل المنطقة كتب قصة مبتكرة ملأها بتفاصيل جغرافية عن منطقته. كما يبرز الأدب المناطقي العادات والتقاليد، مع معالجة القضايا الاجتماعية التي تخص تلك المناطق، مثل العزلة، والهجرة، والتهميش، والصراع بين الحداثة والمحافظة». وفيما يتعلق بتجلي الجغرافيا والهوية المحلية في نصوص الكتّاب من خارج العاصمة، تضيف: «في الأدب المناطقي، الجغرافيا هي الشخصية الفاعلة، وبها يكون المبنى والمعنى. رجاء عالم، ذات الصوت الحجازي، نموذج واضح لذلك. وفي أغنية الغيم للكاتب عبدالعزيز النصافي، نجد سردية تحكي عن القرية، وتاريخ الأجداد، والصحراء، والغيوم، والمطر، والغربة. ثقافة الفلاح والراعي توظّف الطبيعة والتضاريس لتشكيل هوية سردية قروية، بعيدًا عن المدينة والحداثة». وعن أبرز التحديات التي تواجه كتّاب المناطق في النشر والوصول والاعتراف النقدي، تشير إلى أن «في بعض المناطق البعيدة والنائية لا توجد دور نشر، ولا فعاليات ثقافية كما يحدث في المدن والمؤسسات النقدية في المدن الكبيرة. ومن التحديات الأخرى التي يواجهها الكاتب قلة التركيز الإعلامي وندرة النقد الأكاديمي، فيصعب وصول صوته للجمهور، مما يسبب قلة الانتشار». أما عن تحوّل الأطراف إلى مراكز سردية جديدة، فتؤكد: «مع الجوائز السعودية مثل جائزة الأدب في مبادرة الجوائز الثقافية، وجائزة وزارة الثقافة، وغيرها من الأنشطة والفعاليات التي تهتم بالمحلية، بدأت تحدث ظاهرة جميلة من التحولات الجديدة التي تتجاوز الجغرافيا، وتهتم بالتطوير الثقافي، وبتمثيل المناطق باختلافها، وإبراز الشعبية والمحلية. بدأت تظهر أعمال بارزة متنوعة وأسماء لمعت في سماء المملكة شرقها وغربها». تحولات المركز والهامش يؤكد الشاعر حسن الصلهبي أن التنوع الثقافي والجغرافي في المملكة ينعكس بوضوح في المشهد الأدبي شعرًا وسردًا، ويقول: «تتميز المملكة العربية السعودية بتنوع ثقافي وجغرافي ينعكس جليًا في الإنتاج الأدبي، شعريًا كان أم سرديًا، وذلك مرده لتنوع المناطق السعودية في موروثها الثقافي ولهجاتها وتقاليدها. ونأخذ منطقة جازان مثالًا، حيث تتنوع فيها الطبيعة الثقافية بتنوع الطبيعة الجغرافية؛ فهي ما بين جبل وسهل وبحر وجزر، وهذا التنوع يؤثر حتمًا على ماهية الكتابة الأدبية. لكن هذه الفوارق تلاشت منذ توحيد المملكة على يد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن – رحمه الله – لأن جميع الأدباء والكتّاب أصبحوا يكتبون تحت مظلة راية التوحيد وبلسان عربي مبين واحد هو لسان السعودية العظمى. كما أن هذه الفوارق كانت قد بدأت تتلاشى مع ظهور حركة الحداثة الشعرية، حيث اتجه الشعراء للكتابة بأسلوب يتجاوز الحدود المناطقية، إلى قضايا الهوية الوطنية والإنسانية». وعن وعي الكتّاب من الأطراف بحضور المكان، يوضح الصلهبي: «أي كاتب من الأطراف يكتب – في الغالب – مستحضرًا المكان، لكن هذا الأمر يعتمد على طبيعة الكاتب وغرضه من الكتابة. فهناك شعراء يعبرون عن المكان لتعزيز الهوية المحلية أو لتوثيق خصوصية المنطقة وإبراز تفردها، كما في بعض كتاباتي الشعرية التي أتحدث فيها عن جازان المنطقة». ويرى الصلهبي أن المفاهيم تغيرت بفعل التحولات الحديثة: «تغيّرت دلالة المركز والهامش في المشهد الأدبي السعودي بشكل كبير مع التحولات الثقافية والتنموية الشاملة. فقبل ظهور الوسائط الحديثة كانت الرياض وجدة هما المركز الثقافي بسبب تركز المؤسسات الأدبية ودور النشر والصحف الرئيسية فيهما. وبعد ظهور الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي تقلّصت الفجوة بين المركز والهامش، مما ساعد الكتّاب من المناطق الطرفية على نشر أعمالهم مباشرة دون الحاجة إلى المركز»، وعن إمكانية تجاوز الأدب المناطقي لحدود الجغرافيا، يجيب: «نعم يستطيع، وأدبنا السعودي يستطيع تجاوز المحلية ليصبح إنسانيًا وعابرًا للجغرافيا عندما ينجح في تحويل الخصوصية المكانية إلى رمزية عالمية مع الاحتفاظ بأصالته وهويته».