من الحبر إلى المايكروفون”..

كيف غيّر “البـودكـاسـت” مشهد التلقي الأدبي؟

في زمن تتسارع فيه الإيقاعات وتتشظى فيه وسائل التلقي، عاد الأدب ليجد له نافذة جديدة عبر البودكاست، حيث تحولت المنصات الصوتية إلى فضاءات بديلة تتيح للسرد والنقد أن يُقالا بصوتٍ دافئ وحميم، تتنوع التجارب وتتقاطع، حاملةً معها أسئلة جديدة عن دور الصوت في تشكيل الوعي الأدبي، وعن تحولات الذائقة، فهل غيّر البودكاست شكل التلقي الأدبي؟، من هم رواد هذا الشكل؟، هل يُعد بديلا عن الأمسيات التقليدية أم امتدادًا معاصرًا لها؟ صوت يحاور الأدب حول البودكاست الأدبي وتحول وسائط التلقي، قدّم الكاتب والقاص القدير محمد بن ربيع الغامدي رؤيته حول علاقة الصوت بالنص، وتحول القارئ إلى مستمع، وما إذا كان هذا التحول تهديدًا أم إضافة للمشهد الثقافي، حيث قال: “المنصات الصوتية تدخلت كثيرًا في بنية العلاقة بين المتلقي والنص، فبعد أن كانت حاسة البصر هي عماد تلك العلاقة، تحولت مع المنصات الصوتية إلى حاسة السمع، وتحولت هوية العلاقة من القراءة (وهي جوهر تلك العلاقة) إلى السماع (وهو مشاع مشترك بين المتعلم والأمي). المستمع هو المستمع، ينتقل من صفوف الخاصة القارئة إلى مقاعد العامة المستمعة. ولكنه يُحسب ضمن القراء، مثلما يُحسب مستخدم برايل قارئًا” وعن أثر البودكاست في أبعاد النص الأدبي، أضاف: “البودكاست يوسّع دائرة المستفيدين من النص، ويستصلح الكسالى العازفين عن القراءة كسلًا. وربما ساعد بذلك شريحة من الناس لا تستطيع القراءة، إما لعذر صحي، وإما لعامل الوقت والاستقرار ونحوهما”، وعند سؤاله عن سبب انجذاب المتلقي العربي المعاصر للبودكاست، علّقَ: “عصر السرعة، وتكاثر الضباء على خراش، وكسل لذيذ يجتاح الناس، كل هذه بيئات استدعت البودكاست”، أما عن مستقبل النص الأدبي في ظل حضور الصوت، فاختتم بالقول: “النص الأدبي بات مسموعًا، والكاتب ودّع القلم فقط، لكنه لم يودّع الكتابة، والقارئ ودّع النظر إلى النص فقط، لكنه لم يودّع الوقوف على النص، ولعل في ذلك خير”. صوت الحياة اليومية قدّمت الكاتبة د. أثير الدعباس، مؤسِّسة بودكاست أبقراط، رؤيتها حول مدى تفاعل الجيل المعاصر مع البودكاست الأدبي، وأثر هذه الوسيلة في إعادة الأدب إلى قلب الحياة اليومية، حيث قالت عن دور البودكاست في تقريب الأدب من الناس: “نعم، ساهم البودكاست الأدبي في اندماج الأدب في حياة الناس والعيش بين تفاصيل أيامهم، فصار الأدب جزءًا من رحلة الطريق بين مدينتين بمشوار السيارة، أو حتى جرعة أثناء الركض على السير في النادي”، وعن توقعها لحماس الشباب تجاه هذا الشكل الجديد من التلقي، أكدت: “متوقّع جدًا هذا الحماس، شبابنا شغوف بالمعرفة والثقافة، ومتشوّق للتعبير عن نفسه وسرد تراثه أمام العالم، ولن نتوقف حتى نحقق الكثير من الإبهار العالمي”. وعن تفاعل الجمهور وأثره في صياغة المحتوى، قالت: “ككل عملية إنتاج إبداعية، هناك مراحل بعد الإعداد وقبل النشر يتم فيها استشارة مختصين، يكون فيها رأيهم ومشاعرهم معيارًا لنجاح الحلقة بعد نشرها. وهناك الانطباعات بعد النشر، التي تكون أحد أساسات تطوير العمل أيضًا، فالبودكاست الأدبي عمل فني يميّزه المرونة والحيوية والتفاعل بين العمل وجمهوره”. أما عن موقع البودكاست بين وسائط التلقي، فتختم قائلة: “في عالم يغلب عليه المحتوى المرئي والتشبع البصري، خلق البودكاست مساحة جميلة للاستماع والاستمتاع بالأصوات والنغمات، بعيدًا عن جمود السطور في الكتب. مع أن القراءة محرّك أساسي للمعرفة ومطوّر لملكة الخيال، ولا يمكن استبداله بأي حال”. مخاوف من الانزياح في مشاركتها، قدّمت د. ظافرة القحطاني قراءة ناقدة ومتحفّظة لتحول النص الأدبي إلى وسيط صوتي عبر البودكاست، معتبرة أن العلاقة الجديدة بين النص والمتلقي لا تعوّض التجربة الجمالية للنص المكتوب، وقالت: “يستطيع القارئ أن يطّلع على النص في أي وقت يتاح له: في السيارة، أو في السرير وهو يستعد للنوم. نستنتج أن القارئ يستطيع أن يطّلع على النص في كل أوقاته. لا يُطلق على من يستمع للنص أنه قارئ، بل مستمع. توجد صعوبة كبيرة في مراجعة موقف أو مشهد استمع له. ويفقد القارئ (المستمع) القدرة على الاستمتاع بجمال النص”، وعن أسباب انجذاب المتلقي العربي للبودكاست، تضيف: “هو مغرٍ للمتلقي المعاصر لأنه يستطيع الاستماع للقراءة الصوتية حتى وهو في سكة سفر”، أما عن مستقبل القراءة في ظل ازدهار الصوت، فتقول: “ليس ولادة لشيء جديد، لكن أشعر بأنه يعيدنا إلى موضوع الحكايات القديمة في سوق عكاظ. إن كنت مضطرًا فاستمع، وإن كنت تجلس إلى مكتبك فتذكّر أن (خير جليس في الزمان كتابُ)”، وفي تعليقها على مدى احتفاظ البودكاست بجماليات اللغة الأدبية، اختتمت بالقول: “لا أعتقد بأنك سترى جمال اللغة صوتيًا، بل يجب أن تقرأها لتشعر بجمالها، رغم وجود بعض أشخاص يحبون الاستماع أكثر من القراءة، ويظل هناك سؤال عملاق: هل ستختفي جماليات اللغة بعد أن تنتشر هذه القراءة الصوتية؟، هذا مخيف جدًا!”. رحلة مع الرواية يربط مشروع “بودكاست السارد”، الذي يشرف عليه ويديره الدكتور مصطفى الحسن، بين عمالقة الروائيين العرب والعالميين وبين جمهور القراء والمهتمين بعوالم الكتابة السردية. يقدم المشروع رحلة مسموعة مع الرواية المعاصرة، تكشف مكامن شغف الروائيين وأدواتهم في الحرفة، بدعم من مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (إثراء) ضمن البرنامج الوطني مبادرة إثراء المحتوى. ويهدف المشروع إلى تنمية صناعة المحتوى المحلي وتعزيز حضوره في القطاعات الثقافية والإبداعية بالمملكة. وحول أثر البودكاست في المشهد الأدبي، يوضح الحسن أن الحديث عن البودكاست بوجه عام “معقد ويثير آراء متباينة؛ فهناك من يراه منافسًا للأدب، وهناك من يعتبره داعمًا له”. لكنه يضيف: “إذا حصرنا الحديث على البودكاست الأدبي، فإننا نعتقد أنه ساهم إيجابًا في التعريف بالأدب، لكن من الصعب القول إنه أعاده إلى الحياة اليومية”. وعن تفاعل الشباب مع هذا النوع من المحتوى، يعترف الحسن بأن الفريق كان متوجسًا من ضعف الإقبال في البداية، “لكننا فوجئنا بوجود شريحة متعطشة لهذا النوع الأدبي الجاد”، أما عن الموضوعات التي تجذب المستمعين، فيشير إلى أن الجودة هي الفيصل: “الموضوعات التي تلقى رواجًا في حلقاتنا هي تلك التي تتميز بجودة السيناريو، بغض النظر عن اسم الكاتب، إذ يقوم المستمعون بالترويج لها في دوائرهم الاجتماعية، مما يضاعف انتشارها”. ويؤكد الحسن أن آراء المستمعين أثّرت في تطور المحتوى والأسلوب: “لا يمكننا تجاهل المتلقين، فنحن نتطور من خلال مراجعتنا الداخلية ومن خلال ردود أفعالهم، سواء على مستوى الموضوع أو الأسلوب الفني”. وفيما يتعلق بعلاقة البودكاست بالأدب المكتوب، يرفض الحسن فكرة أنه وسيط موازٍ للقراءة: “القراءة، رغم تعدد الوسائط، تبقى دائمًا راسخة وصامدة، ومن الصعب أن تكون أي وسيلة إعلامية بديلًا عنها”. أما مقارنة البودكاست بالأمسيات الأدبية، فيراها غير منطقية: “الأمسيات فعل اجتماعي وثقافي، بينما البودكاست أداة إعلامية، ولكل منهما طبيعته الخاصة”. عودة للصوت الأول في حديثها عن أثر البودكاست والمنصات الصوتية على علاقة المتلقي بالنص، ترى الكاتبة د. غادة ناجي طنطاوي أن هذه الوسائط الحديثة أعادت تشكيل فعل التلقي، وفتحت نوافذ جديدة للتفكير والتأمل، رغم بعض المآخذ التي لا تُنكر، وتقول: “على الرغم مما أراه على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض التطبيقات ويغضبني، إلا أني لا أنكر مدى التفاعل بينها وبينه، مثل إعادة مشاركتها والتفاعل الفوري، وسهولة انتشار النص. وأصبح بمقدور الجميع أن يصبح صانع محتوى. قلت في عدة مقالات سابقة لي: نحن أمة (اقرأ) التي لا تقرأ، وكلي أمل أن نستطيع بناء القارئ من جديد. فالقارئ الصوتي يتيح لنا الوصول لذوي الإعاقة البصرية، ويوفر وقت الاستماع للنصوص أثناء التنقل. لقد غيّر مفهوم الاستيعاب، وبتنا نعتمد على السمع أكثر من الوسائل المرئية، وهذا في نظري كفيل بفتح أبواب أكبر للتفكير والتأمل”، وعن سر جاذبية البودكاست للمتلقي المعاصر، تقول: “يُخفف الحمل على المجهود البصري، ويمنح الفرص للعديد من الأصوات، شبابًا ونساءً، مما يعطي شعورًا للقارئ بالتحكم فيمن يختار، مواكبةً لسرعة الحياة، وعندما خضت التجربة شخصيًا، وجدت صدى أكبر وأعمق لدى مختلف الفئات”. أما عن احتمالية أن يحل الصوت محل النص الأدبي، فتقول: “في الواقع، أنا قارئة تقليدية أستمتع بالقراءة، لكن في زمن السرعة أتمنى تحويل جميع النصوص المكتوبة إلى مقروءة، لاسيما لاختلاف اللهجات وسهولة الوصول إلى شريحة أكبر. ولهذا تنشأ علاقة بين المتلقي والمضيف تعتاد عليها الأذن، لا سيما إن كانت الحلقات متواترة”، وعند سؤالها عن تأثير لغة البودكاست على جماليات اللغة الأدبية، أضافت: “ربما لن يقضي على جمال اللغة، لكنه بالتأكيد يستخدم لغة محلية مبسطة، تتيح الفهم للمتعلم وغيره على حد سواء، الأمر الذي يجعلها قريبة من الناس. وهذا يعيد اللغة إلى الحياة اليومية ويخرجها من الجمود الأكاديمي. ويجب أن أذكر الجميع، بأن كثيرًا من البودكاستات تعتمد على الحكاية، والوصف، والإلقاء الفني، وهذا من أصول البلاغة العربية”. تحوّل لا تهديد يرى الأديب خالد أحمد اليوسف أن البودكاست لا يُقصي القراءة، بل يُضيف إليها، ويمنح النص الأدبي أفقًا جديدًا في التلقي والنقاش، مؤكّدًا أن التقنية ليست خصمًا للثقافة، بل وعاء متجدد لها، حيث يرى أن “البودكاست هو وسيلة من وسائل التواصل الإعلامي والاجتماعي الجديدة، تجاوز الطرق التقليدية في الحضور والتسجيل والبث والانتشار. وهو كذلك من الوسائل الرقمية الجديدة صوتيًا ومرئيًا، ولهذا دخل في عالم الإذاعة والتلفاز ليُغيّر في مسارهما التقليدي عبر الأرقام والحروف والرموز، ليكون رابطًا يتنقّل من خلال جميع الوسائط. طبعًا، يعتمد على الصوت والصورة والمؤثرات والحوار أو الإلقاء، وبهذا يختصر كل شيء في العمل الإعلامي”. أما عن احتمالية أن يحل الصوت محل النص المكتوب، فيؤكد: “بالعكس، هو إضافة جديدة للتلقي. لأن الذي يريد القراءة لن يقف البودكاست في وجهه أو يُقلل من رغبته للقراءة. بل ربما يفتح له آفاقًا جديدة من خلال الحوار والنقاش والطرح والإلقاء الحر، للبحث أكثر والقراءة في الموضوع الخاص بالحلقة. ثم هو معك أينما كنت، وفي أي زمن أو ظرف أو حال، خصوصًا بعد تطور جميع الأجهزة الشخصية من هاتف نقال أو الألواح الرقمية وغيرها”. وفي رأيه حول تأثير البودكاست على جماليات اللغة، يقول: “طبعًا، هناك أطراف الحوار التي بمقدرتها وقدراتها وإمكانياتها يمكننا رقي اللغة والخطاب الأدبي. وكلما كان المحاور متمكنًا من أدواته وأسلوبه، وجذبه للطرف الآخر إلى لغة راقية، جاءت النتيجة إيجابية. فالمحاور هو الأساس في الحفاظ على اللغة الأدبية العالية”. نافذة لا بديل يؤمن أبو طالب الشقيفي، مقدم بودكاست أطلال، أن البودكاست الأدبي استطاع أن يقرّب الأدب من الجمهور، لكنه يرفض اعتباره بديلًا عن مصادر المعرفة الأصيلة، ويؤكد أن مهمته الأساسية هي الربط والتذكير، لا الاكتفاء والإحلال، وقال: “لا شك أن البودكاست ساهم إلى حد ما في إعادة الأدب إلى الحياة اليومية عن طريق التعريف بالشخصيات الأدبية القديمة والجديدة، ومن خلال تكرار القصائد الجزلة المؤثرة ومناقشة الموضوعات الأدبية والنقدية، ولكن تلك المساهمة لم تكن بالقدر المطلوب بعد، ولا حتى بالشكل الصحيح؛ لأنني أرى أن كثيرًا من برامج البودكاست اليوم تُلقى على أنها مادة أدبية متكاملة، وهذا لا يصح أبدًا. فالبودكاست لا يعدو أن يكون وسيلة إلى قراءة الأدب من مصادره الرصينة المحققة، كالكتب والموسوعات الأدبية ودواوين الشعراء، ولا يخرج عن أن يكون واسطة ربط وداعية خير بين الأدب وعامة الناس. فيجب ألا يُكتفى به للتغذية الأدبية والمعرفية”. وعن تفاعل الشباب مع المنصات الصوتية، أوضح: “البرامج الصوتية لها شكل محبب إلى جمهور الأدب، لأن كثيرًا من الفنون الأدبية في أصلها فنونٌ قولية يألفها الإنسان بطبعه، ولا يجد صعوبة في التلذذ بها، وقد رأينا ملايين العرب يستمعون إلى الأدب ويشاركونه في منصات البودكاست المختلفة”. أما عن الموضوعات التي تلقى رواجًا، فيشير إلى أن خوارزميات الإنترنت لها دور لا يُستهان به، مضيفًا: “رواج الحلقة لا يعتمد دائمًا على أهميتها الأدبية، بل على كلمات البحث. فالحلقة التي تتحدث مثلًا عن (أسواق العرب في الجاهلية) تلقى رواجًا لأن كلماتها تتقاطع مع مفردات شائعة في مواقع الاقتصاد. كذلك الحلقات التي تتناول شخصيات جدلية مثل أبي العلاء المعري، والمتنبي، ونزار قباني، يكون لها نصيب أكبر من الشهرة”، ويختتم مشاركته بالقول: “إن كان الكتاب بابًا من أبواب الأدب الكبرى، فالبودكاست ليس إلا نافذة قد توحي بما في داخل البيت، لكنها لا تدخلك إليه دائمًا”. عودة الألق الأدبي يرى الشاعر حسن الزهراني أن البودكاست الأدبي أعاد للأدب حضوره الحيوي في الحياة الثقافية اليومية، بعد أن كان حبيس الصالونات النخبوية، مؤكدًا أن الوسيط الصوتي الحديث هو امتداد طبيعي للرواية الشفوية، لكن بثوب تقني جديد، وأضاف: “يُعتبر البودكاست من أهم الوسائط التي خدمت الأدب والأدباء في عصرنا الحاضر، حيث أصبح نافذة ميسّرة لوصول صوت الأديب إلى أكبر شريحة من المهتمين بالأدب وعامة الناس. مع الانتشار السلس والواسع، تحوّل البودكاست إلى وسيلة تواصل جديدة تُعيد تعريف العلاقة بين الراوي والجمهور، يؤكد الزهراني: “هو امتداد للرواية الشفوية ولكن بطريقة عصرية في متناول الجميع، وهو في الحقيقة أعاد للأدب ألقه، خصوصًا وأنه أصبح في متناول الجميع، وكسر المركزيةالنخبوية، وأعاد الأدب إلى الشارع الثقافي بكل يسر”. تواصل عابر للحدود بودكاست “عفكرة”؛ الذي ينتمي إلى مبادرة ثقافية عربية غير ربحية انطلقت من الولايات المتحدة، وتحديدًا من مدينة نيويورك، على يد المؤسس ميك داغر في عام 2014م، هذا البودكاست رغم انطلاقه من أمريكا، إلا أنه ينتمي فكريًا وثقافيًا إلى العالم العربي، ويضم عددًا كبيرًا من الحلقات الثقافية والأدبية التي تتناول موضوعات ثرية في الأدب العربي، والتاريخ، والفكر، والفن. ويستضيف نخبة من الكتّاب والباحثين والفنانين العرب لمناقشة أعمالهم وتجاربهم، ويستعرض محطات من التراث السردي العربي، استطلعنا رأي فريق عمل بودكاست “عفكرة” حول دور البودكاست بشكل عام في إعادة الأدب إلى الحياة اليومية، فكان رأيهم: “من واقع تجربتنا، ساهم البودكاست في جعل العديد من المواضيع التي كانت تُصنّف كنخبوية، أكثر سهولة ووصولاً لجمهور أوسع. لقد بدأت “عفكرة” بفعاليات مجتمعية تستهدف جمهورًا محدودًا وصغيرًا جدا في بداياتها، ولكن البودكاست أسهم في توسيع قاعدة متابعينا بشكل هائل. لدينا سلسلة بودكاست متخصصة بالكامل في الأدب تحمل اسم (احكيلي)، كما أن العديد من حلقات بودكاستنا الرئيسي (The afikra Podcast) تحتفي بالكتاب العرب والأعمال الأدبية من المنطقة”. وحول أثّر تفاعل المستمعين والمشاهدين في تغيير طريقة تقديم أو اختيار المحتوى؛ قالوا: “بالتأكيد يُعد المجتمع هو حجر الزاوية، لذا نهتم بتعليقات جمهورنا ونأخذها في الحسبان دائماً، طالما أنها تتماشى مع قيمنا الأساسية”، وحول تأثير البودكاست على علاقة الجمهور المعاصر بالأدب المكتوب وما إذا أصبح وسيطًا موازيًا للقراءة؛ قالوا: “الإعلام الجديد لم يحل أبدًا محل ما سبقه بالكامل، فمن غير المرجح أن تصبح القراءة بصفة خاصة شيئًا باليًا. ولكن هناك بالتأكيد تحول نحو محتوى أسهل استهلاكًا، مع تضاؤل فترات الانتباه وإرهاق المحتوى الذي أصبح أمرًا حقيقًا”.