
يواصل “معرض المدينة المنورة للكتاب 2025” ترسيخ رسالته كمنصة معرفية شاملة، تستلهم من تاريخ المدينة الروحي والعلمي دورها الممتد في نشر النور والمعرفة، وفي مشهد يعبّر عن وعي حضاري متجدد، أفسح المعرض المجال لفئة الصم عبر حضور فاعل لمترجمي لغة الإشارة، ليصل صوت الفكر إلى الجميع دون استثناء. المدينة المنورة والكتاب... رحلة لا تنقطع يُعد “معرض المدينة المنورة للكتاب” تجسيدًا حيًا لعلاقة متجذرة بين المدينة والكلمة، امتدت منذ أن كانت المدينة مهبط الوحي، ومركزًا لجمع القرآن وتدوين السنة. فالمعرض ليس مناسبة ثقافية موسمية، بل هو منصة معرفية تربط الماضي بالحاضر، وتفتح آفاقًا جديدة للقراء والكُتاب والباحثين، معززًا مكانة المدينة كعاصمة للعلم، ومجددًا لدورها في بناء الوعي الإسلامي والإنساني. وقد حافظت المدينة عبر العصور على هويتها العلمية، بدءًا من المدارس والمجالس النبوية، مرورًا بمكتبة المسجد النبوي و”عارف حكمت”، وصولًا إلى الجامعات والمبادرات الحديثة، التي تواصل هذا الدور الحضاري المتجذر. تعزيز شمولية المعرفة بلغة الإشارة. في خطوة تعكس التزامه بإيصال المعرفة لكافة شرائح المجتمع، استعان معرض المدينة المنورة للكتاب 2025 بمختصي لغة الإشارة خلال عدد من الندوات والفعاليات المصاحبة، حرصًا على تمكين فئة الصم والبكم من المشاركة الفاعلة في المشهد الثقافي. وتأتي هذه المبادرة ضمن توجه “هيئة الأدب والنشر والترجمة” المنظمة للمعرض، إلى ترسيخ قيم الشمول والتنوع، وتأكيدًا على أن الثقافة حق للجميع دون استثناء، بما في ذلك الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية، الذين لطالما حُرموا من بعض المنصات المعرفية بسبب غياب الترجمة المناسبة. وأسهم حضور مترجمي لغة الإشارة في الندوات الحوارية في فتح آفاق جديدة أمام جمهور الصم، ما منحهم فرصة التفاعل مع محتوى الجلسات، ومتابعة النقاشات الثقافية والأدبية بشكل مباشر، وبما يعزز من حضورهم في المشهد الثقافي المحلي. وأكد عدد من مختصي لغة الإشارة المشاركين في المعرض أن هذه الخطوة تشكل نقلة نوعية في مسار الفعاليات الثقافية، مشيدين بوعي القائمين على المعرض وحرصهم على دمج فئة الصم في كل ما يُقدم من محتوى معرفي. ويواصل معرض المدينة المنورة للكتاب، من خلال هذه المبادرات، تأكيد رسالته في أن الكتاب نافذة للجميع، وأن المعرفة لا تكتمل إلا بوصولها إلى كل من يحمل شغفًا بها، مهما اختلفت قدراته وظروفه. وقد برز المترجم عبدالرحمن الجعيد، الذي قال: “دوري هو الترجمة الفورية من اللغة المنطوقة إلى لغة الإشارة طيلة أيام المعرض، لإيصال صوت المنصات الأدبية إلى جمهور الصم كما يسمعها الآخرون.” وأضاف الجعيد أن حضور المترجم يُخرج فئة الصم من العزلة ويمنحهم ثقة واندماجًا في الفضاء الثقافي. إلا أن التحديات لا تغيب، لا سيما عند ترجمة الشعر، لما فيه من صور تحتاج إلى وقت وتأمل لا توفره الترجمة الفورية. واختتم برسالة إنسانية “تخيل أن تعيش الحياة بصمت، ترى من يضحك ولا تدري لماذا، أو من يغضب وأنت لا تفهم السبب... هنا تبدأ العزلة. لذلك نحن بحاجة لوعيٍ حقيقي بثقافة الصم.