
يفتتح الشّاعر محمد فرج العطويّ قصيدته المنشورة على صفحات مجلّة اليمامة بتاريخ 6 مارس 2025م والموسومة بجهة التأويل راجيًا من ليلى أن تُخلّي الشّعر للشّعراء. فعبر فعل الأمر “خلِّ” هناك نداءٌ استعلائيّ يطلب من المرأة ترك الشّعر لأنّه مقتصر على من “غدوا أُمرَاء” له، وهذا النَّفَسُ الذكوريّ الّذي يسعى إلى احتكار الشّعر لأنّه يستند على اللّفظ إنّما يدع للمرأة أن “تقترب من المعنى” وأن “تقرأ الصّور” فيكفيها إذن “بلاغة الرّمش” الّذي ما انفكّ أن “ينتصر في كلّ موقعة” حتّى ذهب الاستعلاء في مقدمّة القصيدة أدراج الرّياح حينما انتهى القلبُ إلى الانهزام وعاد “منكسرَا”، وهو نتيجة الطّلب من الشّاعر بأنّ تهزّ “جذع الأشواق” كي “تسقُطَ سيرَ الهوى”. إنّ سيرة النّسق قد بدأت بالسّقوط حينما أمسكت الشّاعرة بـ “سقف القول واعتمرت تاج المجازات”؛ فيبدو أنّ الشّاعر العطوي يقف عند أطلال النّسق عبر “معالجة الذّكرى” بعد أن فقد النّسق حضوره الحقيقيّ من قبل الشّعراء النسقيّين الّذين كانُوا يُقصون المرأة عن كتابة الشّعر؛ فالشّاعر هنا لا يتقمّص ذلك النّسق على وجه الحقيقة ولكنّه “يشاغبُ ليلى”، فليلى قد أصبحت “قارئة – مُؤوِّلة – تعتمر المجاز – أُوتِيت سقف القول – تُسمعُ الأحاديث – تنتصر” إذن فماذا يبقى لآدمَ .؟! إنّ عليه أن يبقى أسيرًا في “وادي الغَيّ” وأن يعبُرَه ليكون “أميرًا” خاليَ الوِفاض إلاّ من اللّفظ، ولكنّه لفظٌ مُعلَّقٌ في “ذمّة المعنى” أيضًا، إنّه لفظ “يقتفي الأثر” الشعوريّ للكلمات و”يسري به” فآدمُ لا يزال في ليل “ليلى” الّتي تكتفي بالهُزْءِ مِنهُ قائلة “أطالَ الليلُ أَم قَصُرَا” فاللّفظ/الرّجل سيظلّ بلا روح ما لم يُشرق عليه “النّور الّذي انتشرَا” مِنْ قِبل “ليلى/الصّبح/ المعنى”. فعلى الرّغم من كثرة الوظائف الأنثويّة في هذا النصّ تظلّ “ليلى” بليلها الطّويل ملهمةً للرّجل الّذي يرتجل “السّبيل” وعليها أنّ تتبعه نحو “جهة التأويل”، إذ أنّ وظيفة الكتابة في هذا النصّ كانت من نصيب الشّاعر لا غير؛ الّذي كان حريصًا أن لا تُمسِك ليلى بالقلم، لأنّه آخر ما تبقّى له من سلطة النّسق.