بعد نجاح أولى محطاته الدولية في «ريو دي جانيرو»..

معرض “فنّ المملكة” ينبض إبداعًا في المتحف السعودي للفن المعاصر .

بعد نجاحه اللافت في أولى محطاته الدولية في ريو دي جانيرو، حيث استقطب أكثر من 26 ألف زائر وحظي بإشادة واسعة من النقاد والجمهور، يواصل معرض “فنّ المملكة” رحلته ليحطّ رحاله في الرياض، مستضيفًا نخبة من الفنانين السعوديين في فضاء المتحف السعودي للفن المعاصر في جاكس، هذه المحطة الجديدة ليست مجرد امتداد للمعرض، بل تشكل تجربة متجددة تعكس الحراك الفني السعودي المتنامي، وتعزز مكانة المملكة كوجهة إبداعية عالمية. ينطلق المعرض من تساؤلات جوهرية حول دور الفنون البصرية في عصر تتدفق فيه المعلومات والصور بوتيرة متسارعة، ليطرح إشكالية العلاقة بين الفن والتكنولوجيا، ويبحث في قدرة الفنون المعاصرة على إعادة تشكيل السرديات الثقافية والتاريخية، ومن خلال أعمال 17 فنانًا وفنانة من الأسماء الفنية البارزة، يستكشف المعرض مسارات تعبيرية متعددة تجمع بين الإرث الثقافي العريق والممارسات الفنية الحديثة، في مزيج يجسد ثراء الهوية البصرية للمملكة وتحولاتها عبر الزمن. حوار بين الذاكرة والحداثة في صالات المعرض، يتنقل الزائر بين أعمال تتنوع بين اللوحات الزيتية والمنحوتات والأعمال التركيبية والفيديو آرت، في مشهد فني يعكس حوارًا بصريًا بين الذاكرة والحداثة، فمن خلال الرموز والألوان والخامات المستخدمة، يسعى الفنانون المشاركون إلى إعادة قراءة التراث السعودي برؤية معاصرة، حيث تمتزج عناصر من البيئة الصحراوية والتقاليد الشعبية مع تعبيرات حداثية توظف الوسائط الرقمية والتقنيات البصرية المتقدمة. وقد صُمم مسار المعرض ليعكس هذا التفاعل الديناميكي، حيث تتجاور الأعمال في فضاء واحد يعكس المشهد الثقافي المشترك، بينما يحتفظ كل فنان بصوته المتفرد ورؤيته الخاصة. هذه الثنائية – بين المشترك والفردي، بين التقاليد والتجديد – تشكل جوهر التجربة التي يقدمها معرض “فنّ المملكة”، حيث يجد الزائر نفسه في مواجهة أسئلة تتعلق بالهوية، والذاكرة، والتطور الثقافي. محاور ثقافية وسياقات فنية يرتكز المعرض على محورين أساسيين: أولهما الصحراء، التي تتجلى كرمز للامتداد اللامحدود والانتماء العميق للأرض، ليس فقط كمفهوم جغرافي، بل كحالة فكرية وجمالية تلهم الفنانين في أعمالهم. أما المحور الثاني، فيتمثل في الهوية الثقافية، من خلال استكشاف خصوصية التراث البصري السعودي، وتحولاته عبر الأزمنة، في تفاعل مستمر بين الماضي والمستقبل. ويتقاطع هذان المحوران مع قضايا كبرى مثل الوعي البيئي، وتأثير العولمة، وإعادة تفسير الرموز التراثية في سياقات معاصرة. وبذلك، يتحول “فنّ المملكة” إلى منصة للحوار بين الأجيال، حيث تتلاقى الأصوات الفنية في قراءة جديدة للإرث السعودي، برؤى تتجاوز المحلية لتخاطب جمهورًا عالميًا. من الرياض إلى بكين لا يقتصر المعرض على كونه حدثًا فنيًا محليًا، بل يأتي ضمن رؤية أوسع لتعزيز حضور الفن السعودي على الساحة الدولية. فبعد الرياض، سيتوجه معرض “فنّ المملكة” إلى المتحف الوطني الصيني في بكين، في خطوة تعكس الأهمية المتزايدة للثقافة السعودية في المشهد العالمي، وتتماشى مع جهود تعزيز التبادل الثقافي بين المملكة والصين، في إطار الاحتفال بالذكرى الخامسة والعشرين للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين. يستمر المعرض في المتحف السعودي للفن المعاصر بجاكس حتى 24 مايو 2025، والتذاكر متاحة عبر منصة “WeBook”، ومع كل محطة جديدة، يثبت معرض “فنّ المملكة” أن الفن السعودي ليس مجرد انعكاس للماضي، بل هو لغة حية تتجدد مع كل تجربة، وتفتح آفاقًا جديدة للتعبير والابتكار.