المعالجة الحيوية.
تؤثر الكثير من الحوادث النفطيّة، الانسكابات الكيميائية و الاستخدام المفرط للمبيدات الزراعيّة على وفرة الأسماك و القشريات و شوكيات الجلد (نجم البحر، خيار البحر و لؤلؤ البحر على سبيل المثال) و النباتات و تنوعها و بيئاتها، الأمر الذي يهدد جـودة حياة الإنسان بشكل مبـاشر أو غير مباشر، و لذلك يحـرص علماء ( الأحياء، الكيمياء، البيئة و آخرون) بالبحث عن الطرق الحيوية الآمنة التي تخفف من الآثار السلبية التي تهدد التنوع الحيوي في مختلف بيئاته البريّة و المائيّة، و في هذه المقال سنعرض بعض الأمثلة التي استخدمت فيها ( البكتيريا، الفطريات و النباتات) لمعالجة المشكلات البيئية المختلفة و إيضاح مدى قدرة هذه الكائنات على التخفيف أو الإزالة من سمّية هذ الملوثات ( pollutants ). المعالجة الحيوية يعرف إيرك المعالجة الحيوية بأنها : مجموعة من العمليّات التي تستخدم فيها البكتيريا، الفطريات، النباتات الخضراء أو إنزيماتها لإعادة البيئة إلى وضعها الطبيعي بعد تغيّرها بسبب الملوثات. استخدام البكتيريا في المعالجة الحيوية تتطلب المعالجة الحيوية الفعالّة تحديد عنصرين هامين هما : ( المادة الملوثة و الكائن الحي المستخدم لإزالته أو تحليله)، و وفقا للبحث العلمي الذي قام به جيري و آخرون فإنّ مجموعات مختلفة من الأنواع البكتيرية الهوائية (العصوية، نوكارديا، ردوكوكوس، والميكوبكتيريوم ) يمكنها أن تحلل بعض المركبات العضوية المعقدة، أما دراسة آيشتو و آخرون فقد أوضحت أن الميكروبات الدقيقة يمكن أن تحلل المبيدات الحشريّة ، الألكانات ( مركبات هيدروكربونية مشبعة) والمركبات العطرية بالإضافة إلى أن لها القدرة على استخدم هذه الملوثات كمصدر للكربون والطاقة. يشير العلماء بأن الأكسجين هو العامل المحدد لنمو الكائنات الدقيقة في عمليات المعالجة الحيوية الهوائية. و وفقا لدراسة تيجيني و آخرون فإن البكتيريا التي لها قدرة على العيش في بيئات اليابسة و الماء (Amphibious bacteria) أصبحت أكثر استخداما في عمليات المعالجة الحيوية بسبب قدرتها على تحليل (مركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور، مركبات الكلور، مذيبات الكلور ،وثلاثي كلورو الإيثيلين والكلوروفورم) إلى مواد أقل سميّة . و من أبرز الأنواع البكتيرية التي تم استخدامها في عمليات المعالجة الحيوية (Pseudomonas, Aeromonas, and sulfate-reducing bacteria) في ظروف لا هوائية ( عدم وجود غاز الأكسجين ). وقد توصلت الدراسة التي قام بها جارج و تريباثي في عام 2017 تحت عنوان (الاستراتيجيات الميكروبية لإزالة السموم و التغيّر اللوني الناتج من أصباغ الآزو الناتجة من النفايات السائلة للأنسجة ) إلى إمكانيّة تحليل أصباغ الآزو (Azo dyes) بطريقة لا هوائية من خلال تفاعلات الاختزال باستخدام الإلكترونات الناتجة عن أكسدة (الركائز) العضوية. استخدام الفطريات في عمليات المعالجة الحيوية تعتبر مادة البولي بروبيلين إحدى المواد الكيميائية الشائعة الاستخدام في صناعة علب التعبئة والتغليف إضافة إلى ألعاب الأطفال، قطع الأثاث و الأزياء، و وفقا للمعلومات المطروحة في موقع جامعة سيدني فإن 28 % من النفايات البلاستيكية المتخلص منها عالميّا تحتوي على مادة البولي بروبيلين و تكمن المشكلة في النسبة الضئيلة جدا التي يتم إعادة تدويرها ( 1 % فقط). و على الرغم من صعوبة تحلل مادة البولي بروبيلين في الطبيعة إلا أن باحثة الدكتوراه أميره سامات من قسم الهندسة الكيميائية و الجزيئات الحيوية في جامعة سيدني استطاعت أن تستخدم نوعين من الفطريات (Aspergillus terreus and Engyodontium album) في عمليات تحليل البولي بروبيلين بعد معالجة المواد البلاستيكية بالأشعة فوق البنفسجية و الحرارة ، هذه الاستخدام التجريبي للفطريات قلل من المواد البلاستيكية بنسبة 21 % بعد 30 يوم من فترة الحضانة ( incubation) للفطر و بنسبة 25-27% بعد 90 يوما من التجربة . استخدام النباتات في عمليات المعالجة الحيوية تشير مصادر الخدمة الدولية لتطبيقات التكنولوجيا الحيوية الزراعية أنّ مساحات شاسعة من اليابسة و الموارد المائيّة قد تم تلويثها بملايين الأطنان من المتفجرات شديدة السمية RDX ( تعرّف كيميائيّا بأنها مركبات الهيكسوجين : مسحوق أبيض يتميز بقوته الانفجاريّة العالية )، و لتفادي الآثار السلبية لهذه المتفجرات و تراكمها في التربة تم دمج نباتات التبغ (Tobacco plants) - باستخدام الهندسة الوراثية - مع بعض الجينات البكتيريّة فكانت النتيجة : تحلل مستويات عالية من مادة TNT و عند دمج نباتات ( Arabidopsis plants) مع الجين (xplA gene) من بكتيريا رودوكوكس (Rhodococcus bacteria) أبدت مقاومة كبيرة لمركبات الهيكسوجين (RDX) . الخلاصة توصلت الكثير من الأبحاث التجريبية إلى نتائج علميّة مبهرة تفيد بإمكانية استـخدام أنـواع معـينة من الـبكتيريا مثل البـكتيريا العصـوية و السـودومـوناس : (Bacillus, Pseudomonas and Sphingomonas) لتحليل الألكانات ، المبيدات الحشرية ،المركبات العطرية ،مذيبات الكلور ،ثلاثي كلورو الإيثيلين والكلوروفورم . كما أفادت دراسات أخرى من جامعة سيدني بأنه يمكن للفطريات (Aspergillus terreus and Engyodontium album) أن تلعب دورا بيئيا إيجابيّا في تحليل مادة البولي بروبيلين البلاستيكية. و خلصت مصادر الخدمة الدولية لتطبيقات التكنولوجيا الحيوية الزراعيّة إلى أنّ نباتات : (Tobacco and Arabidopsis plants ) إذا ماتمّ دمجها مع الجينات البكتيرية فإنها تستطيع أن تخفف من الآثار السميّة لمركبات (TNT and RDX). * ماجستير التنوع الأحيائي جامعة الملك سعود المصادر https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/B9780128243152004139#ks0010 https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC9413587/ https://www.sydney.edu.au/ https://www.isaaa.org/resources/publications/pocketk/25/default.asp