تمكين المرأة.. نواة المجتمع الحيوي.

شدني الدكتور عبدالله الغذامي في كتابه “السردية الحرجة.. العقلانية أم الشعبوية؟” حين أشار إلى أن الثقافة الأمريكية هي ثقافة الرجل الأبيض وأن الملونين والمرأة هم الأقلية، وفي هذا إشارة إلى الأقلية الثقافية لا العددية بالتأكيد، قد نفهم ونتفهم هذا بشأن الملونيين لكننا قد نتساءل حول ما يخص المرأة في أمريكا؟! هل إشارته هذه تُحيلنا إلى أن بروز المرأة هناك يبدو كهالة ضخمة لثقافة هشة صنعها الرجل الأبيض؟ أم أن هناك أيدلوجيا عميقة رسمت نمطاً سطحياً لا يتجاوز الجانب المحسوس من المرأة؟  فكأنه يشير إلى أن المرأة الأمريكية التي يعتقد البعض أنها الأيقونة الممتدة والمؤثرة والفاعلة ليست إلا صورة مستلبة الذات والفكر والكيان لصالح نمط سطحي محسوس، وهُنا تكمن إشكالية المجتمع الأمريكي وأغلب المجتمعات الغربية التي تقوم على برجماتيات مجتزأة. لذا يتجلى لنا التمكين الحقيقي للمرأة في ظل رؤية ٢٠٣٠ التي جعلت من المجتمع الحيوي ركيزة أساسية وهدفاً متيناً لتحقيق أعلى التطلعات. إن تمكين المرأة اجتماعياً وثقافياً وتعليمياً وفكرياً يعمل على إرفاد ذاتها وصقلها بمزيدٍ من المعارف والتجارب والخبرات مما يصب في بناء الذات الواعية أي بناء المرأة الكيان، المرأة ذاتاً وعقلاً وروحاً ووجداناً ومهارات. هذه المرأة المكتملة تعمل على بناء أسرتها ومجتمعها بوعي مرتفع وبآليات ومهارات فكرية وثقافية واجتماعية عالية، أي أنها تُوظّف مُحصلة كل تلك الخبرات في سبيل دفع عجلة التنمية المجتمعية. فهي التي تبني القيم وتقوّم المفاهيم وتحفّز العقول وتُلهم الأرواح وتضيء الدروب، وهي المحرّك المكين في الحراك المجتمعي والثقافي والفكري، إنها نواة المجتمع الحيوي وسرّ اتقاده.  إن المرأة المثقفة فكراً ومهاراتٍ هي محور التنمية ووسيلتها وغايتها، وهي الصورة الحقيقية للثقافة العميقة للمجتمع الخلاق، ولهذا نراها اليوم تسبر جميع المجالات وتُبدع فيها في أكمل وأجل صورة مُضيئة. هذا المجتمع الحيوي الذي يقوم على الإنسان البنّاء المعطاء، رجلاً كان أو امرأة، في ثنائية تكاملية، تقوم على التوازن والتفاعل بين جميع مكونات ومقوّمات المجتمع، فكل عنصر فيه هو شريك حقيقي في نسيج ثقافي ممتد ومتسع يُذيب الخلافات ويُثري الاختلافات النوعية تحت مظلة حقوق و واجبات المواطنة. *شاعرة وكاتبة منطقة الجوف