مركز الوسيط الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية ..

نتائج ندوة “قضايا اللغة العربية وسؤال التكامل المعرفي”.

في نطاق الاحتفاء والابتهاج باليوم العالمي للغة العربية الذي يوافق يوم 18 من ديسمبر سنة 1973 للميلاد، باعتباره يوما خالدا لاعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة (اليونيسكو) باللغة العربية، وجعلها لغة رسمية ضمن لغات الجمعية الست الرسمية، نظم مركز الوسيط الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية الذي يرأسه الدكتور توفيق المعقول بالمغرب، والمركز المغربي للاستثمار الثقافي (مساق) برئاسة الدكتور خالد التوزاني، بشراكة مع كلية الشريعة وكلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز، جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس-المغرب، ومختبر الخطاب وتكامل العلوم والمعارف (ختم) بالكلية المتعددة التخصصات الرشيدية، جامعة مولاي إسماعيل بمكناس-المغرب، وبتعاون وتنسيق مع كلية التربية زنجبار - جامعة أبين-اليمن، والرابطة العالمية للدفاع عن اللغة العربية بالعراق، ندوة علمية دولية موسومة بــ: “قضايا اللغة العربية وسؤال التكامل المعرفي”، من تنسيق الدكتور إدريس الذهبي، والدكتور خالد التوزاني، والدكتورة هند خابة، بتاريخ 4 كانون الثاني 2025. وتأتي هذه الندوة الدولية في سياق تجديد أهمية الحديث عن اللغة العربية وسؤال التكامل المعرفي، وذلك بالإبانة عن قضاياها التي تحتل مكانة بالغة الأهمية، نظرًا لدورها المحوري في تشكيل الهوية الثقافية والحضارية للأمة العربية والإسلامية. فاللغة ليست مجرد أداة للتواصل، بل هي وعاء للفكر، وأداة لنقل المعارف والقيم من جيل إلى آخر. ومع تطور العصر وتزايد التحديات الناتجة عن العولمة والتقانة والرقمنة؛ بات من الضروري مناقشة قضايا اللغة العربية بجدية لضمان بقائها لغة حية قادرة على الاستجابة لمتطلبات العصر. أما عن سؤال التكامل المعرفي، فهو يشكل جوهر التعامل مع اللغة العربية من منظور شمولي. حيث إن تحقيق التكامل بين العلوم والمعارف المختلفة يتطلب لغة قادرة على التعبير عن المفاهيم الحديثة، وترجمة الابتكارات العلمية وجعلها ضمن سياقات عربية. وبالتالي، فإن تعزيز اللغة العربية وتطويرها يسهم في بناء جسور تفاعلية بين أصالة التراث والمعاصرة، وبين العلوم الناعمة والصلبة. إضافة إلى ذلك، يُعد التكامل المعرفي ضرورة لتجاوز النظرة المجزأة للمعارف، والعمل على إنتاج معرفة موحدة تخدم المجتمع والإنسانية برمتها. إذ التكامل يُعزز قدرة اللغة العربية لتكون أداة فاعلة في البحث العلمي والإبداع الفكري، مما يدعم دورها في النهضة الثقافية والعلمية للأمة. وعلى ذلك؛ فإن أهمية مناقشة قضايا اللغة العربية وسؤال التكامل المعرفي؛ تكمن في تحديد مسارها مستقبلا، وفي بيان قدرة الأمة على بناء هويتها الثقافية بواسطتها، مع تحديث أدواتها المعرفية في عالم متسارع. ولإبراز هذه الأهمية الكامنة فيما تكتنفه قضايا اللغة العربية والتكامل المعرفي من موضوعات يلزمها سبر لأغوارها، ضمت الندوة الدولية جلسة افتتاحية وجلسة ختامية بينهما جلستان علميتان، قُدمت فيهما أوراق بحثية غنية، قاربت موضوع الندوة من أوجه عدة. في الجلسة العلمية الأولى التي تناولت المحور الأول الموسوم باللغة العربية والتكامل المعرفي والذكاء الاصطناعي: إشكالات ومقاربات برئاسة الدكتور إدريس الذهبي، أعطى الكلمة للدكتور أحمد البايبي الذي افتتح الجلسة بمداخلة عنوانها “تكامل العلوم في الثقافة العربية: علم الأصوات وحروفه نموذجا”. وبعده مداخلة للدكتور محمد بنلحسن: أستاذ التعليم العالي، وكاتب عام الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية بالمغرب، وسم مداخلته بعنوان: “اللغة العربية كيف تواكب تحول المجتمعات نحو الذكاء الاصطناعي؟”، ثم قدمت بعده الدكتورة هنيء محلية الصحة: رئيس قسم تعليم اللغة العربية للماجستير والدكتوراه جامعة مالانج الحكومية إندونيسيا، والرئيس العام لرابطة أقسام تعليم اللغة العربية بإندونيسيا؛ مداخلة بعنوان “استثمار الذكاء الاصطناعي في تطوير تعليم اللغة العربية”، ثم مداخلة الدكتور عبد المالك العلمي: أستاذ بكلية الشريعة- فاس، ومنسق ماستر الدبلوماسية الدينية، التي تحمل عنوان “التكامل المعرفي بين العلوم اللغوية: علم الأصوات والصرف والمعجم”. ومداخلة الدكتور عبد الناصر أشلواو: أستاذ باحث في الأدب والنقد، جاءت مداخلته لمناقشة موضوع “التكامل المعرفي في الدرس النقدي الحديث، المنهج البنيوي أنموذجا”. أعقبتها مداخلة للدكتورة وسام الخالدي، جامعة الكوفة كلية التربية للبنات، التي تناولت موضوع “الذكاء الاصطناعي وأثره في النقد الأدبي”، تلتها مداخلة للدكتورة أسماء الورياشي وهي باحثة في علوم اللغة وأصول الدين، قدمت من خلال مشاركتها بحثا يحمل عنوان: “النحو وتكامل العلوم عند النحاة المغاربة: ابن الطيب الفاسي نموذجا”. ثم مداخلة للدكتور التهامي أغنيم: أستاذ اللغة العربية بجهة فاس مكناس، مديرية الحاجب الذي تحدث عن “تجليات التكامل المعرفي في النقد العربي القديم: نظرية النظم نموذجا”. أما الجلسة العلمية الثانية التي ترأسها الدكتور خالد الأنصاري أستاذ باحث بالكلية المتعددة التخصصات-الرشيدية-جامعة مولاي إسماعيل بمكناس، ومدير مجلة عطاء للدراسات والأبحاث، فقد خُصصت لتدارس موضوعات ضُمت في محور معنون بقضايا اللغة العربية في الأدب وتحليل الخطاب، حيث قدم الدكتور خالد التوزاني مداخلة بعنوان “أسئلة الأدب المغربي في العصر الرقمي”. وجاءت بعده مداخلة الدكتور إبراهيم الطيب: أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي، وفاعل في المجال التربوي للحديث عن “خطاب السخرية في القرآن الكريم وذلك بمقاربته مقاربة دلالية تداولية”، ثم مداخلة الدكتور أحمد أدجعي، جامعة مولاي إسماعيل بمكناس، وعضو بمركز الوسيط الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية، التي تناولت قضية “تلقي الخطاب القرآني وتأويلاته عند النـحاة، ودوره في توليد الدلالة”. ثم مداخلة بعنوان “الطاهر بن عاشور والاهتمام بالقصد التداولي في تفسير الخطاب القرآني” قدمها الدكتور جمال واركاني، الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين جهة درعة تافيلالت. فيما تناول الدكتور مصطفى بوخبزة: باحث في الأدب والنقد، من خلال مداخلته “مخاطر اللغة العربية غير المِعْيَارِية على لغة الضاد في مواقع التواصل الاجتماعي”. أما الدكتورة نزهة الصافي: كلية اللغة العربية، جامعة القاضي عياض، مراكش. فقد ناقشت قضية “بلاغة النظم في الحديث النبوي الشريف”. وغير بعيد عن البلاغة؛ قدم الأستاذ الباحث عمران يافير، باحث بسلك الدكتوراه-كلية اللغة العربية، جامعة القاضي عياض، وعضو بمركز الوسيط الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية. مداخلة بعنوان “آفاق البلاغة العربية في ظل الرقمنة”. ثم اختتمت الجلسة بمشاركة الدكتورة هند خابة: عضو مركز الوسيط الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية. وذلك بالحديث عن قضايا اللغة العربية بين الإشكالات النظرية والمقاربات العملية. وقد توجت جلسات الندوة الدولية بجلسة ختامية، قدمت فيها الدكتورة كريمة جادي؛ إطار بوزارة التربية الوطنية وعضو المكتب التنفيذي لمركز الوسيط الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية بيانا ختاميا، كان بمثابة إضمامة تحصيلية لمضامين الجلسات. وتحقيقا لمرامي هذه الندوة؛ فقد سُطرت مجموعة من المخرجات أبرزها؛ ثلاث توصيات، أولها؛ تطوير تعليم اللغة العربية على أسس معرفية تكاملية شاملة من خلال تشجيع القراءة المتنوعة للربط بين المعرفة اللغوية الخالصة، والموضوعات المعرفية الأخرى، التي تتصل بالعلوم الإنسانية والاجتماعية؛ بهدف تخصيص دراسات لغوية دامجة تعمل على ربط اللغة العربية بمجالات من قبيل: السوسيولوجيا، والأنثروبولوجيا، وعلم النفس... تعزيزا للتكامل بين اللغة العربية والعقل البشري وخصوصية المجتمع، ومن ثمة يتعزز التواصل بين اللغة العربية والمجالات العلمية والاجتماعية والإنسانية، وكذا الفكرية الحديثة. ثانيها؛ الاهتمام بالإبداع اللغوي والاحتفاظ بالثراء المعرفي المركوز في التراث؛ وذلك بالتفاعل مع التراث العربي الأصيل وإحيائه ودمجه في سياقات التدريس، مع استثمار الأدب والشعر القديم والحديث الهادف، في تحفيز التفكير النقدي الجاد والبنّاء. ثالثها؛ التفاعل مع وسائل الإعلام والتقنيات الرقمية والعمل على جعل اللغة العربية الصافية حاضرة فيها، وكذا تشجيع البحث العلمي في المجالات اللغوية المعرفية المختلفة. * باحثة في الدراسات العربية والكلامية، وعضو بمركز الوسيط الدولي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية.