من حكايات الأجنحة

 مشهد حقيقي من داخل أروقة المعرض: “جنيّة” تتجول في معرض الكتاب وتصافح القراء!.

“بينما كانت يد الدُّجيرة تمتد مدعية الصفح أو محاولة الإمساك بالقراء، مخبّئة نواياها في باطن جلدها الأسود، يقترب الناس تارةً ويبتعدون خشيةً من كل شيء يتعلق بها”. لم يكن ذلك اجتزاءً من نص أدبي أو مقدمة لفيلم سينمائي، بل هو وصف دقيق لمشهد حقيقي داخل أروقة معرض جدة للكتاب، تزامن مع الإعلان عن إصدار “دُجيرة البركة”، وهي رواية قصيرة من تأليف الدكتور محمد بن عبدالرحمن حلواني. الأسلوب النوعي الذي اتبعه الدكتور حلواني للإعلان عن روايته الجديدة خلال المعرض، الذي انطلق في 12 ديسمبر واستمر حتى 21 ديسمبر في مبنى سوبر دوم، المعروف بأنه أكبر قبة في العالم بلا أعمدة، كان محل استغراب الكثير من الزوار والمتابعين. إحضار شخصية “الدُّجيرة” عبر ارتداء سيدة لزي مرعب إلى دار النشر أضاف اتصالاً مادياً يتجاوز الورق والكلمات بين القراء والقصة الأسطورية القديمة. وبين نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة، تم توزيعها على نحو 450 جناحاً في المعرض، يقف الدكتور محمد حلواني متحدثاً عن روايته “دُجيرة البركة” تلك الأسطورة التي يبلغ عمرها نحو ٣٠٠ عام، مشيراً إلى أنها تأخذ القارئ في رحلة عبر الزمن إلى قصة قديمة كانت معروفة في أحياء مدن الحجاز الكبرى. إنها شخصية غامضة كانت تفسد الحياة اليومية لسكان الحي، مضيفاً بأن الأحداث تبدأ في إزعاج السكان وتخويفهم، وعندما يبدؤون في الحديث عن تجاربهم المرعبة معها. وعن معالجة حلواني للسردية المرعبة لجموح ذلك الوحش داخل روايته، يجيب: “عبر ظهور شاب شجاع يتخذ قرار تحدي (الدُّجيرة) عبر الاستعانة بالله ثم بالشجاعة والمعرفة القديمة، ليبدأ في رحلة التصدي لها، حيث يسافر بين الأحياء لاكتشاف أسرار الماضي، ويلتقي بشخصيات تحمل حكايات وحكماً مثيرة عن الحي والمخلوق المخيف الذي يسكنه”. ويشير إلى أن روايته تصف التراث الثقافي والعلاقات الإنسانية التي تنشأ في أوقات الأزمات، كما تسلط الضوء على أهمية الأسرة وقيم التضامن بين أفراد المجتمع، إذ يمكن للناس التغلب على الصعوبات عندما يعملون معاً. التقنية الكتابية التي يتبعها حلواني في إصداراته تعتمد على كتابة الروايات القصيرة لقصص ممتدة من الواقع، حيث يعمل على تطويرها لتشكيل صورة أدبية محفزة لمخيلة القارئ وتدفعه أيضاً إلى المزيد من البحث. وعن ردود الأفعال على الطريقة المختلفة التي استعان بها للإعلان عن إصداره الجديد، يفيد بأنها لاقت ردود فعل متباينة، لكنها ساهمت في تفاعل الكثير من زوار المعرض مع القصة والتفاعل معها. ويرى أن القراء الشباب يتفاعلون كثيراً مع الروايات الغربية المرعبة، رغم وجود مخزون ثري في موروثنا المحلي، إذ يخطط لكتابة رواية جديدة عن شخصية “أبوفانوس”، التي تستعرض تفاصيل قصص ظهوره في الواقع. وهو حالياً في مرحلة جمع المعلومات لتشكيل ملامح سردية الرواية. ويعتبر “أبوفانوس” واحدة من الشخصيات المرعبة التي تظهر للمسافرين أو التائهين في الصحراء أو حتى في البحار ليلاً، من خلال إنارة بعيدة يتبعها التائه للوصول إلى صاحب الإنارة لكي يساعده على معرفة الطريق. لكنه يستمر في اللحاق بها حتى يظل الشخص طريقه بالكامل وقد توسط الصحراء أو البحر. وفي المقابل، توجد تفسيرات علمية لهذه الظاهرة تنفي ارتباطها بعالم الجن أو الأشباح.