علو الهمّة
تحَقِّرُ عِنْدِي هِمَّتِي كُلَّ مَطْلَبٍ ويَقْصُرُ فِي عَينِي المَدَى المُتَطَاوِلُ المتنبي يملك الإنسان طاقة لا حدود لها، ويستطيع أن يفعل الكثير؛ المهم ألا يفقد ثقته بنفسه، وأن يخرج من دائرة التردّد والتسويف، وألا يملّ أن يحاول، فهناك من يرسل الأحلام في الهواء دون أن يجتهد في تحقيقها يقول جبران: اِعْزِمْ وَكَدِّ فَإِنْ مَضَيْتَ فَلاَ تَقِفْ وَاصْبِرْ وَثَابِرْ فَالنَّجَاحُ مُحَقَّقُ لَيْسَ المُوَفَّقُ مَنْ تُوَاتِيهِ المُنَى لَكِنَّ مَنْ رُزِقَ الثَّباتَ مُوَفَّقُ كل خطوة يخطوها المرء تجاه أحلامه وتطلّعاته في دروب الخير والمعرفة تثمر ولو بعد حين، هكذا تعلّمنا تجارب الحياة، وقصص الآباء والأجداد، وسِيَر المجدّين الذين شمّروا عن سواعدهم وكدّوا بإخلاص وجنوا ثمار ما غرسوا. صحيح أن الناس طاقات، لكن تستغرب ممن يكتفي في حياته بالوظيفة، ويعتقد أنه فعل كل شيء! مع أن الطريق لا زال أمامه طويلًا ويمكنه أن يبدع أكثر. بعضنا يتأثّر في محيطه إن كان إيجابيًا تجده أكثر فاعلية والعكس صحيح؛ لذلك على الواحد فينا أن يحسن اختيار جلسائه، وأن يكون من بينهم من أصحاب العزائم والهمم يشحذون فيه الطاقة والحيوية؛ لأن (المرء من جليسه). وقد قيل في تطابق الطباع: ولا بدع في وفق الطباع إذا اقتدت فكلّ قرينٍ بالمقارن يقتدي ومشكلة الواحد فينا أحيانًا إذا أَلِف مكانا لا يريد أن يفارقه ،أو حتى يجرّب أن يغيب عنه ولو لفترة وجيزة ؛ فكما يظلّله سقف ذلك المكان يحدّ من أفكاره، وربما يذهب به العمر ولم يتجاوز تفكيره جدرانه التي تحيط به؛ لذلك كان أجدادنا على خلاف مع جلوس الإنسان في داره طويلاً ما دامت تحمله قدماه، وكانوا يحرصون على السفر والسعي الدائم في طلب الرزق، (والحركة بركة) كما كانوا يردّدونها، وكنت صغيرًا أشعر بغياب والدي أيام وما يلبث أن يعود بالخيرات. واليوم مع تطوّر الحياة وتوفّر المواصلات ووسائل التواصل ومصادر المعرفة المتعددة، وجميع أسباب الراحة لم يعد للإنسان عذر في تطوير وإعلاء همّته بالجد في العلم والعمل يقول ناصيف اليازجي: عليكَ بالعلمِ فاطلُبْهُ بلا كَسَلِ واعمَلْ فإنَّ حياةَ العِلمِ بالعَمَلِ عِلمٌ بلا عَمَلٍ لا تستفيدُ بهِ ولا تُفيدُ فتَمضي خائِبَ الأمَلِ