أن نحيا في زمن الموت.

منطقيا أعرف أنه من غير المنطقي أن أتذكر الفسيلة التي في يدي لأزرعها في يوم كالقيامة، لكن البحث عن المعنى من وراء الأشياء الظاهرة هو المغزى. ومن غير الإنساني أن أكتب مقالا مبهرجا بالألوان في وقت لا نرى فيه سوى صور التعذيب ومحصلة الحروب الشرسة. أفكر وكلنا نفكر وتراودنا وخزات الضمير حين نمد سفرة الطعام ونسمع أصوات الجياع، وحين نلتحف أسقف بيوتنا ونردد” اللهم هوّن برد الشتاء على من لا مأوى لهم “، ثم لا نعرف لماذا هذا الألم الحارق في أرواحنا. كلنا نريد أن نصدق أن هناك حكمة وراء أي شيء، ذلك يشعرنا برابطة الوجود على هذا الكوكب. ربما في انتهاك المنطق شيء من الحقيقة، لا علاقة له بالقسوة ولا بالخيانة ولا بخداع الواقع. الفسيلة التي أوصانا بها نبينا الكريم تعني أن نحيا ونعمل لآخر لحظة، ألا نشعر بخيانة العالم لأننا لم نمت. تعني لا بأس حين نقرأ قصيدة بدلا من لائحة أعداد المتوفين واللاجئين، لا بأس أن يكمل الكاتب روايته وأن يواصل الباحث أبحاثه ولا بأس حين تزف الأم عروسها وتسقي صغارها الفرح. “ كل ميسر لما خلق له “، بيد كل واحد منا فسيلته التي لن يضر العالم اخضرارها. الاستمرار في الغرس هو بحد ذاته كفاح ومقاومة ورد فعل بطولي.