في وداع عامهـا ..الإبل في رحاب اللون.

تحتل الإبل مكانة مميزة في تاريخ وتراث العرب، وهي مكانة تعود إلى آلاف السنين، وخاصة سكان المملكة، التي رافقت آباءهم وأجدادهم في حياتهم وحلهم وترحالهم، وفي ظل اهتمام القيادة الرشيدة - حفظها الله - بهذا الموروث الثقافي الأصيل، أطلقت على العام الحالي 2024، عام الإبل، ليشكل هذا القرار امتدادًا للرعاية الملكية للتراث والثقافة، والملاحظ أيضا أن الإبل كان لها حضورها الكبير لدى فناني وفنانات المملكة في لوحاتهم، حيث ألهمتهم وأثرت في إبداعهم بجمالها الفريد وسماتها الخاصة، فظهرت في لوحاتهم بأشكال متعددة وتفاصيل دقيقة. رمز تراثي عريق في البداية؛ تقول الفنانة التشكيلية “د. هناء الشبلي”، رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للفنون التشكيلية (جسفت) : “الإبل تمثل رمزًا تراثيًا وثقافيًا عريقًا في المملكة، حيث ارتبطت بحياة الأجداد في بيئة الصحراء وعكست صمود الإنسان أمام تحديات الطبيعة، تقديرًا لهذا الرمز التاريخي، أعلنت وزارة الثقافة عام 2024 عامًا للإبل، في خطوة تعكس حرص القيادة السعودية على تعزيز الهوية الوطنية وصون التراث، فالإبل ليست مجرد عنصر تراثي، بل هي مفردة فنية غنية بالتفاصيل والجماليات التي تلهم الفنان السعودي لإبداع أعمال تمزج بين الأصالة والحداثة، مما يساهم في إبراز هوية المملكة الفنية والثقافية على الساحة العالمية”، وحول عملها الذي شاركتنا إياه للنشر، قالت: “لوحتي هي شهادة بصرية على العلاقة الأزلية بين المواطن السعودي والإبل، وترجمة فنية للاحتفاء بعام الإبل كرمز للهوية الوطنية مما يدفع المتلقي للتأمل في التراث واستلهام الجماليات المرتبطة به”. الفنان التشكيلي “عبدالله حماس” يقول: “من روائع وطننا الغالي اهتمامنا بأعرق وسائل النقل التي شكّلت جزءًا أصيلًا من تاريخنا وهويتنا. فقد عاشر أهل الجزيرة العربية الإبل وأدركوا قيمتها العظيمة في حياتهم. أهنئ من أعماق القلب جميع المشاركين في مسابقة الإبل “ضياء عزيز”، وأبارك لهم اقتناء الأعمال الكاملة للمشاركين، متمنّيًا لهم دوام التميز والتوفيق”. مكانة الإبل من جهتها؛ قالت الفنانة التشكيلية “غدير حافظ”: “منذ تكوين الثقافة العربية وإلى اليوم، والإبل تحظى بمكانة عميقة وعزيزة لدى سكان الجزيرة العربية عبر التاريخ، فهي سفينة الصحراء التي اعتمد عليها أجدادنا في حِلّهم وترحالهم، وهي التي خصّها الله عز وجل بآيةٍ كريمةٍ تؤكّد مكانتها الراسخة في وجدان العرب الأوائل، حين قال عزّ من قائل: (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ)، وذلك للدلالة على ما للإبل من خصائص فريدة تستدعي التأمل والتدبّر”. الفنان التشكيلي “محمد آل شايع” قال: “الإبل هوية وموروث لدينا كسعوديين، ونشكر حكومتنا الرشيدة على الاهتمام بهذا الموروث، من خلال تسمية العام 2024م بعام الإبل، وإقامة مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل الذي يُقام سنويًا، ونحن كتشكيليين يسعدنا أن نكون مشاركين بأعمال فنية ولوحات تشكيلية للاحتفاء بالإبل”. كائنات تنبض بالرمزية يقول الفنان التشكيلي القدير “عبدالله إدريس”: “الإبل في لوحاتي أكثر من مجرد صورة؛ إنها رحلة صبر ومثابرة، رمزٌ لا يتوقف عن السير. من خلال قوافل الإبل، أرسم الزمن الممتد، فكل خط في اللوحة، سواء كان منحنياً أو حاداً، يعكس حركة الحياة المستمرة. الإبل في أعمالي ليست مجرد كائنات، بل أشكال حية تنبض بالرمزية، تحمل ألوانها الزاهية الحياة، وألوانها الداكنة العمق. إنها قوافل لا نهاية لها، تسير بثبات نحو المستقبل، تروي الحكاية البصرية التي تبقى في الذاكرة الجمعية، لتخلد هوية الإنسان العربي وروحه”، وتابع ادريس: “”نثمن عاليًا اختيار القيادة الرشيدة للإبل رمزًا لعام 2024، فذلك القرار قد عَكَسَ عمق ارتباطنا بتاريخنا وثقافتنا، ويعزز من مكانة هذا الكائن الذي يعد رمزًا لهوية المملكة وتاريخها العريق”. أصالة وهوية وطنية يقول الفنان التشكيلي “أحمد محمد الخزمري”، مشرف الفنون البصرية بجمعية الثقافة والفنون بجدة، إن “الإبل تمثل مصدر إلهام غني يعكس ارتباط الإنسان بالبيئة والتراث. فهي رمز للصبر والقوة، ومصدر رزق في البيئة الصحراوية. كما أنها جزء أصيل من التراث الثقافي العربي، تعكس قيم الأصالة والتكيف مع الطبيعة والمكان والانسان، كما انها كانت ولازالت مصدر فخر واعتزاز للإنسان العربي الاصيل يستمد منها الأصالة والحب والصبر وبناء الارض عبر الأجيال”. تقول الفنانة التشكيلية “مها العسكر”: “الإبل موروث ثقافي وأصالة وهوية وطنية، والجمل هو روح الصحراء التي ننتمي إليها بجزيرتنا العربية، ولا شك أن اهتمام القادة باختيار هذا العام كعام للإبل ما هو إلا ترسيخ لهذا الموروث وإبرازه للعالم والأجيال القادمة”. دور حضاري من جهته؛ يقول الفنان التشكيلي “د. عصام عبدالله العسيري”: “للإبل دور حضاري مهم في تطور الإنسان ونقله بأحماله وتحركاته وخدمته ومرافقة تاريخ حياته، يساعده في زراعته وعصر حصاده وتجارته وتغذيته وبصوفه ووبره وجلده وتنقلاته في حلّه وترحاله، عاشت مع الإبل بين الناس بمختلف العصور والأحوال وخدمتهم وغذّتهم أفرادًا وجماعات، لذا نجد من جميل حياة البشر أن نقرأ للعرب أشعارًا يتغزّلوا فيها ويبدعوا في وصف وتوضيح علاقتهم ومدى حبهم وعشقهم وعرفانهم للهجن، منهم من يلحّنها ويغنيها بأجمل وأعذب الأصوات لإبله في الصيف والشتاء، بعدما يجمّع العربي هجنه للاستراحة والنوم ليلا، ليتقي برودة الشتاء بالمبيت بينها أثناء السفر، هنا تتبادل مشاعر وعواطف غريبة بين الإنسان وحيواناته وأدواته وما ذلّل الله له من الأنعام”. سفينة الإبداع يقول الفنان التشكيلي “محمد سعد الحارثي”: “الجمل سفينة الصحراء، والفنان سفينة الإبداع يجول به الإحساس في كل مخلوق من مخلوقات الله ويتذوق ما به من جمال، ويختزل أحيانا ما يروق له ويحذف ما لا يعنيه في التعبير والإبحار نحو الإدهاش، تأملت في قول الرب الكريم (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) فوجدت في خلقها اختلافًا كثيرًا عن سائر المخلوقات، أعطاها الله أجسامًا تقاوم كل عوامل المناخ والزمان والمكان، ما بين حر وبرد ورياح عاتية وسيول جارفة وعطش شديد وجوع في صحراء قاحلة لا ينبت فيها إلا بعض الشوكيات، ومع هذا تغلب الجمل وفاز، ناهيك عن جمال أشكالها وقوامها وشموخها، فمنحتنا الإبحار في ذلك كله، وحاولنا أن نجمع بين الحرف العربي والإنسان العربي وتسخيرها في قطع المسافات بأقل الأتعاب والتكاليف، وعلاقته بهذا المخلوق اللطيف والجميل”. أهمية كـبرى الفنان “عبدالله الرشيد” يقول: “الإبل، تلك الكائنات العجيبة التي تجسد في تفاصيلها معاني البركة والعطاء، كانت ولا تزال مصدر إلهام لي في لوحاتي. أرى فيها أكثر من مجرد مخلوقات، بل أيقونات تحمل دلالات عميقة عن الصبر والقوة والتكيف. إنها حلوب وركوب وأكول وحمول، كما وصفها الله عز وجل وضرب بها المثل في كتابه الكريم، ففي كل انحناءة وملمس في جسدها، أجد لوحة طبيعية تحكي قصة الخلق والإبداع الإلهي”. والختام مع الفنان “عبدالله التمامي” الذي أبدع العديد من اللوحات للاحتفاء بالإبل، حيث شاركنا بكلمة مختصرة حول دور الإبل وأهميتها ومكانتها الهامة، فقال: “الإبل لها دورّ هام في الحياة العامة في المملكة، إلى جانب أهميتها في النواحي الاقتصادية؛ من تجارية وزراعية ومواصلات، علاوة على دورها العسكري في الحروب والمعارك قديمًا، وخصوصا في غزوات الملك عبدالعزيز والملك فيصل، إضافة إلى أهميتها الاجتماعية والصحية، فقد اعتمد عليها سكان شبه الجزيرة العربية في نواح كثيرة”.