التقنيات والاستخدام الأمثل.

الحياة تطوّرت مع دخول الكهرباء ، الطباعة، التلغراف، السيارات والهاتف وأشياء كثيرة ، وطبيعي أن تنمو أكثر مع دخول عصر “الرقمية والذكاء الاصطناعي”. ومع كلّ تلك المتغيّرات ظلّ الإنسان بعقله وفكره النيّر وإمكانياته قادرًا على تطويع الأشياء ووضعها في مواضعها الصحيحة، ويسعى أن يستفيد من كل جديد ويضيف لنفسه. ويخفّف من الآثار السلبية التي يمكن أن تفرزها مثل تلك التطوّرات. يعرف أبناء جيلي حين كنا أطفالًا كيف نتوق إلى أن يتكلّم بعضنا مع البعض عن بعد، ولم تكن الهواتف منتشرة، وكنا نبتكر وسيلة بسيطة لذلك عن طريق استخدام (علبتين) مفرغتين من الداخل نربطهما بحبل أو سلك ويعطي ذلك الفراغ في العلبتين مجالاً تتردّد فيه الأصوات، فنتوهّم أننا يسمع بعضنا بعضا، ومثل ذلك أشياء أخرى عشناها في عالمنا الصغير. عمومًا الأشياء العظيمة تبدأ بأفكار بسيطة ، وتنتهي إن توفّرت لها الظروف إلى مخترعات عظيمة. واليوم وصلت الهواتف الذكية إلى ذروتها مع دخول الذكاء الاصطناعي، ويبقى السؤال شبه الثابت: حول كيفية الاستفادة من هذه النوافذ الرقمية المتسارعة في دفعنا للأمام؟ لأنها ستظلّ وسائل ذات حدّين. وكان الفيلسوف الكندي والمنظّر في مجال الإعلام مارشال ماكلوهان قد انتبه لذلك مبكرًا حين قال إن “الوسيلة هي الرسالة”. ويقصد أن الوسيلة الإعلامية نفسها (مثل التلفاز أو الإنترنت) تؤثّر على طريقة التفكير والسلوك بشكل أكبر من محتوى الرسائل التي تنقلها. وبعيدا عن مناقشة تلك المقولة الآن فإن تلك الوسائل خصوصًا في مجال الاتصال والتي تعدّ “التفاعلية” من أهم مزاياها سهلّت الحياة، وغيّرت مفاهيم عديدة؛ خذ على سبيل المثال مفهوم (الغربة) فهل الشعور بها حين يسافر ابنك اليوم للدراسة للخارج، وتستطيع أن تتواصل معه على مدار الساعة لو أردت (صوت وصورة)، هل هو الشعور ذاته الصعب الذي شعر به جيل سابق لم يعرف تلك الوسائل؟ وربما مكث أياما ينتظر فيها سماع صوت ابنه فما بالك حين يراه. بقول واحد: أضحت تلك التقنيات الحديثة مجالاً واسعًا للتنافس بين الدول والشعوب في إنتاجها والاستفادة منها وتوظيفها التوظيف الأمثل. والحمد لله أن بلادنا -رعاها الله- قطعت شوطًا بعيدًا في هذا المجال خصوصًا تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهي تدعم في مشاريعها ومؤتمراتها الاستخدام المسؤول والأمثل لهذه التقنيات لما فيه خير للبشرية عبر ترسيخ مبادئ وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي وضوابطه.