غزوة خيبر...بين البحث العلمي والتحقيق الميداني

عن (هيئة التراث) بالمملكة العربية السعودية (برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتاريخ الحضاري للمملكة) صدر حديثا كتاب بعنوان (غزوة خيبر...دراسة علمية توثيقية) بطبعته الأولى عام 1442هـ /2021م لمؤلفيه, وهما كل من: الدكتور/ تنيضب بن عواده الفايدي, والأستاذ/ صيفي بن عيسى الشلالي., اللذين اشتركا وتعاونا في وضع مادة هذا الكتاب الضخم وتمحيصها وتحقيقها , مدعمة بالصور الملونة العالية الوضوح ومزودة بالخرائط والجداول التوضيحية التي تسهل على الباحثين والدارسين وعامة القراء فهم موضوعه واستيعاب ما يتحدث عنه بسهولة ويسر وبالشكل المطلوب الذي يسعى لتحقيقه والاستفادة منه كل من الباحث والدارس ومؤلفي الكتاب وناشره وقارئه على حد سواء! انه عمل وطني تعاوني مشترك رائع حقا, تضافرت فيه جهود أبناء هذا الوطن المعطاء, لابراز الجوانب التاريخية الهامة لوطننا الغالي, التي تعكس هويتنا الوطنية وجذورنا التاريخية وتراثنا العريق على مر العصور, خاصة خلال هذه المرحلة الهامة التي نعيشها من تاريخ بلادنا , في ظل رؤية 2030 ولو تصفحنا الكتاب, الموجود بين أيدينا وألقينا عليه نظرة عابرة رغم غزارة مادته وتفرعاتها ,وكبر حجم صفحاته وعددها الذي يتجاوز ال300 صفحة لوجدناه – باختصار- عبارة عن بحث مستفيض تفصيلي, يتناول الحديث عن (غزوة خيبر) تلك الغزوة الشهيرة التي تعد –في نظر مؤرخي السيرة النبوية وكتاب التاريخ الاسلامي- واحدة من معارك الاسلام الحاسمة في عصر الفتوحات الاسلامية , وذلك حين قام رسول الله –صلى الله عليه وسلم – بغزوها بجيش المسلمين وفتحها عام 7 للهجرة, وما ورد عن هذه الغزوة العظيمة في (القرآن الكريم) و(السنة النبوية). وتأتي أهمية هذا الكتاب , لكونه ليس مجرد بحث علمي منهجي, يستند الى المراجع والمصادر العلمية المكتوبة أو المدونة التي تحدث أصحابها عن (غزوة خيبر) وما تناقله بعضهم فيما بينهم تناقلا حرفيا مستنسخا عن أخبارها في عصور الاسلام المتقدمة, من جيل الى آخر, ولكن لكونه أيضا (عملا ميدانيا) اعتمد مؤلفاه( الفايدي والشلالي) أسلوب التحقيق الميداني لأحداث غزوة خيبر وتفاصيلها على أرض الواقع, وتتبع مسار الجيش الاسلامي منذ خروجه من المدينة بقيادة الرسول –صلى الله عليه وسلم- الى أن وصل خيبر بناء على ما ذكره المتقدمون عنها في أثارهم من أصحاب المغازي والسير, وتلك الأخبار المتعلقة بهذا الحدث التاريخي الاسلام الهام, منذ بداية الغزوة حتى نهايتها وما آلت اليه نتائجها, وما اعترض طريق الغزوة من معالم جغرافية , كالجبال والأودية والسهول , وغيرها من المعالم الأرضية الأخرى. ولعل في مقدمة الكتاب التي وضعها الناشر , متصدرة أولى صفحاته ما يكشف للقراء عن أهم محاور الموضوع وما ترتكز عليه مادته وفكرته الرئيسة وتفرعاتها, كمشروع بحثي علمي ميداني ,اذ يأتي قوله: «وحيث طلبت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني توثيق هذه الغزوة حسب الواقع الميداني, وكلفت لهذه المهمة كلا من الباحثين د. تنيضب الفايدي و أ. صيفي الشلالي, وقد بادر الباحثان فور تكليفهما بهذه المهمة من أول يوم الى الأعمال التالية: •دراسة الخصائص الجغرافية والخصائص المناخية لمدينة خيبر. •دراسة عن غزوة خيبر تم بحثها من خلال الآيات والأحاديث وكتب المغازي والسير. •تم دراسة المسار النبوي الى خيبر ميدانيا من المدينة المنورة الى خيبر وقام الباحثان بعدة رحلات وأوضحا الجبال والأودية التي مر بها النبي صلى الله عليه وسلم في الطريق الى أن وصل خيبر, حيث بلغت تلك المواقع ذات العلاقة بهذه الغزوة التي مر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريقه الى خيبر والتفافه حولها حتى اتخذ من وادي الرجيع مقرا لقيادته في البداية 34 موقعا , تم رصدها من الباحثين وتصويرها. •تم التركيز على بيان الحصون حصنا حصنا وفق خريطة الغزوة. •تم ذكر المدن والقرى المحيطة بخيبر وما أثر هذه الغزوة على أهلها مثل فدك ووادي القرى وتيماء. •ذكر الباحثان ما استخلص من نتائج غزوة خيبر, سواء على القبائل العربية المحيطة بخيبر, أو على القبائل اليهودية في خيبر, أو على الاقتصاد الاسلامي, أو نتيجتها في انتشار الاسلام. •تم تناول بعض الأحكام والمعجزات المتعلقة بغزوة خيبر. •تم أخذ مئات الصور الحديثة لما يتعلق بغزوة خيبر, وطعم البحث بتلك الصور».