الأوركسترا السعودية تعكس أهمية الهوية الثقافية ..

تركيز الأوركسترا على الأداء الموسيقي الجماعي أكثر من الغناء.

تعتبر الأوركسترا أو الكورال الوطني السعودي الذي يقام تحت مظلة هيئة الموسيقى، التابعة لوزارة الثقافة، والتي وجدت لتمثيل السعودية في المحافل المحلية والعالمية، وهي فرقة موسيقية وطنية سعودية، تأسست عام 2021م، ويعود وجودها إلى قرون مضت. والأوركسترا السعودية تعكس الثقافة الموسيقية السعودية، ويتم الغناء فيها بأغاني لا تزال عالقة في أذهان أفراد المجتمع ولها صدى كبير، وتتميز باستخدام مجموعة كبيرة من الآلات الموسيقية. وتحدث لـ « اليمامة » الموسيقي والملحن والمغني السعودي شكري عاشور حول ذلك فقال: إن فكرة الأوركسترا تعتمد على أداء مجموعة موسيقية تضم عددًا كبيرًا من العازفين على آلات متنوعة تؤدي أدوارًا موسيقية معقدة بتناغم كبير، لتقديم موسيقى تتسم بالتعقيد والتنوع، حيث يتم توزيع الألحان والأصوات على عدد كبير من الآلات لإنتاج نسيج صوتي غني. وأضاف بأن الأوركسترا تختلف عن الحفلة الغنائية المعتادة حيث أن التركيز فيها يكون غالبًا على الأداء الموسيقي الجماعي أكثر من كونه على الغناء، مما يجعلها تجربة صوتية مميزة ،تقدم أعمالًا موسيقية كلاسيكية أو معاصرة بتنسيق أوركسترالي ،كما أنها تختلف عن “الجاز” فإن الأوركسترا تركز على أداء موسيقي مُنظّم بآلات متعددة تتبع تقسيمات صارمة غالبا مع التركيز على الكلاسيكية ،أما موسيقى “الجاز” غالبًا ما تكون مرتجلة، وتعتمد على أدوات مثل الساكسفون، الترومبيت، والبيانو ،و “الجاز” تتيح مساحة كبيرة للعازفين لإضافة لمساتهم الشخصية في الأداء، بينما الأوركسترا أكثر انضباطًا في هيكلها. وأكد شكري بأن أصول الأوركسترا ترجع إلى القرن السادس عشر في أوروبا، حيث بدأت بشكل مجموعات صغيرة، وتطورت في العصور اللاحقة خاصة في الفترة الباروكية ثم الكلاسيكية. وحول الآلات المستخدمة في الأوركسترا قال: إن هناك آلات يتم استخدامها في الأوركسترا فهي تشمل: • آلات وترية: مثل الكمان، الفيولا، التشيلو، والكونترباص. • آلات نفخ خشبية: مثل الفلوت، الأوبوا، الكلارينيت، والباسون. • آلات نحاسية: مثل البوق (الترومبيت)، الترومبون، والهورن. • آلات إيقاعية: مثل الطبول، التيمباني، الزايلوفون. • قد يتم استخدام البيانو والهارب أيضًا في بعض القطع الموسيقية. وأشار عاشور إلى أهمية دور قائد الأوركسترا (المايسترو) حيث إن دوره محوري، وينظم أداء العازفين، ويضمن تناغم الأجزاء الموسيقية المختلفة، أيضا يشمل التحكم في السرعة (التمبو)، وقوة الصوت (الديناميكية)، وأسلوب الأداء الذي يُناسب الرؤية الفنية للمقطوعة، مضيفا بأن أصول قيادتها تتطلب فهماً معمقاً للموسيقى وللغة الجسد، حيث يستخدم قائد الأوركسترا إشارات وحركات دقيقة باليدين والعصا ليشير إلى التغييرات اللحظية في الأداء. واستطرد عاشور بأن الأغاني التي تغنى في الأوركسترا هي الأغاني الوطنية السعودية لرموز موسيقية كبيرة مثل محمد عبده وطلال مداح وغيرهم حيث إنها تعكس أهمية الموسيقى في إبراز الهوية الثقافية، وتعزيز الانتماء والفخر الوطني، وتكريم الإرث الفني السعودي بأسلوب موسيقي فاخر، وكذلك يعيد تقديم الأغاني بأسلوب جديد يعبر عن جودة وجمال التراث الموسيقي السعودي أمام جمهور عالمي. وبين شكري عاشور بأن الأوركسترا الأخيرة تم عملها في لندن وهذا الأمر له عدة أسباب، منها: الترويج للثقافة السعودية عالميًا، فإقامة فعالية موسيقية بهذا الحجم في مدينة مثل لندن، والتي تُعتبر مركزًا ثقافيًا عالميًا، يساهم ذلك في جذب الانتباه الدولي للفن السعودي والوصول إلى جالية سعودية وعربية كبيرة في لندن، مما يوسع من دائرة المتابعين للفن السعودي إضافة إلى المكانة الثقافية لمدينة لندن كمركز لفن الموسيقى الكلاسيكية. فيما بين الكاتب والمخرج المسرحي موسى أبو عبدا لله فقال:” إن كلمة الأوركسترا هي كلمة يونانية معناها “حلبة الرقص” ويرجع أصول هذا الفن إلى الإغريق بشكل أساسي، وهي تقوم على مجموعة كبيرة من الموسيقيين بمختلف الآلات الموسيقية المعروفة، وتهدف بشكل أساسي لأخذ المستمع إلى تجربة موسيقية مختلفة، ناهيك عن التجانس في العمل، والفرجة البصرية المتناهية في الجمال، والبعض يعتقد أنها مثل الحفلات الغنائية، ولكنها تختلف عنها بعدد الأشخاص الذي يفوق المائة مع تنوع آلاتهم. وأضاف موسى بأن الأوركسترا كانت بدون آلات موسيقية، فقد كانت تعتمد على الأصوات البشرية والرقص، ويعتبر الإيطالي “كلاوديو مونتيفيردي” هو صاحب أول سيمفونية حديثه في العام 1600. وأشار موسى بأنه في العادة لا يتم استخدام البيانو في الأوركسترا إلا في القليل، وهذا الأمر قد لا يعلمه البعض، كما إن تنوع الآلات الموسيقية التي تشارك في الأوركسترا ما بين آلات وترية وإيقاعي’، وآلات نفخ نحاسية وخشبية. ويرى موسى بأن المايسترو هو النظام المتكامل للموسيقيين الذي يحافظ على قراءة النوتة ووقتها، كما أنه يحافظ على الاتزان الموسيقي بين الآلات المختلفة، خصوصا عندما تكون مختلفة المنشأ كآلات شرقية وغربية مثلا، والمايسترو يُعتبر مخرج للعمل الموسيقي وينبغي له قراءة النوتة واحترام المؤلف وعمله واضافة رؤيته على العمل ومعرفة طريقة إيصالها والتأكد من انسجام العرض الموسيقي كاملا. واستطرد موسى حديثه بأن هناك نوع من الموسيقي نشأت حديثا في الولايات المتحدة الأمريكية على يد المجتمعات الأفريقية الأمريكية - الزنوج- ويتميز بالتمايل في الأداء والإيقاع وقد تطورت تطورا سريعا من بداية ظهوره، وتنوع كثيرا حتى منتصف الخمسينات حين أنشئ ما يسمى” بالسيفوجاز “وهي أقرب ما تكون للأوركسترا حيث كانت تعزف في الأوبرا وقاعات الفنادق الضخمة. كما يتم التركيز في الأوركسترا على أبرز المدن العالمية في تنفيذها، والتي تحتضن أبرز الموسيقيين فيها، وإن أشهر فرق الأوركسترا في العالم هي أوركسترا لندن السمفونية والتي تعتبر إحدى الفرق الرائدة في العالم. وكان للمايسترو الدكتور أحمد عبد الستار رأي حول الأوركسترا من خلال خبرته في ذلك فقال:” إن الأوركسترا هي تنفيذ مجموعة موسيقية تضم العديد من الآلات الموسيقية المختلفة، وتعمل معًا لأداء مجموعة من الأعمال الموسيقية، ويهدف منها تقديم تجربة موسيقية غنية ومعقدة تجمع بين الأصوات المختلفة، مما يخلق تناغمًا فنيًا وتركز على الأداء الجماعي للقطع الموسيقية، وعادة ما تركز على صوت واحد أو مجموعة صغيرة من الفنانين. وأكد بأن الآلات لابد أن تكون آلات وترية (مثل عائلة الكمان والتشيللو)، وعائلة الآلات النحاسية (مثل الترومبت والساكسفون)، وعائلة الآلات الإيقاعية (مثل الطبول) والآلات الهوائية (مثل الفلوت). فكل نوع من الآلات يضيف لونًا خاصًا إلى الموسيقى. وبالتأكيد فإن قائد الأوركسترا “ المايسترو “يلعب دورًا حيويًا في توجيه الأداء لذلك، حيث يحدد الإيقاع والتعبير الديناميكي، ويضمن توازن الأصوات بين الآلات المختلفة، كما يستخدم قائدها عصا القيادة لتوجيه العازفين، ووجوده مهم حيث يعود إلى أهمية وحاجة العرض لتوحيد الأداء الجماعي وتنسيق الجوانب المختلفة فيها ، مضيفا بأن الأوركسترا تعتمد بشكل كبير على الترتيب المكتوب والمحدد للموسيقى وهناك موسيقى شبيه لها لكنها تعتمد على الارتجال والتعبير الفردي ويستخدم عادةً فيها مجموعة أصغر من الآلات، وتتميز بإيقاعات أكثر انطلاقا وحرية. وقال الدكتور أحمد بأنه يتناول في أغاني الأوركسترا الأغاني الوطنية السعودية فهي تعكس التزاما بتعزيز الثقافة الوطنية، ويعتبر وسيلة قوية للتعبير عن المشاعر الوطنية، مما يساهم في تعزيز الفخر والانتماء لدى الشعب السعودي، وغالبا تنفذ في المدن العالمية حيث توافر البنية التحتية الثقافية القوية، بالإضافة إلى جذب الجمهور الدولي، ويساهم ذلك في تعزيز الصورة العالمية للفن السعودي ويتيح الفرصة للتفاعل مع جمهور متنوع.