أحمد طابعجي : تدهشني أسئلة الأطفال وقصص الوعظ لا علاقة لها بأدب الطفل..
نعيش اليوم تطوراً ملحوظا في فهم ماهية أدب الطفل.
حوار : عبدالرحمن الخضيري لا يخفي ابتهاجه ممزوجاً بآماله مع التحولات الجديدة في أدب الطفل محلياً . لتصعد به إلى المكانة التي تليق بأجيال الرؤية والمستقبل . مشيدا بالبرامج والفعاليات التي تقدمها وزارة الثقافة وهيئاتها المتخصصة، ويكشف لنا راوي قصص الأطفال ومدرب القراءة أحمد طابعجي في حواره معنا عن دهشته من أسئلة الأطفال وتحليلاتهم حول الوجود والمعارف والمستقبل ،معتبرا ما يمر به أدب الطفل صحوة وإن جاءت متأخرة إلا إنها ذات أهمية لنعمل على تطويرها وتنميتها لتواكب المتغيرات العالمية والتقنية والاجتماعية. فإلى الحوار: • هل نعيش أزمة أدب الطفل محليا . ماهي أبرز التحديات من وجهة نظرك ؟ كانت هناك أزمة في تقديم المحتوى للأطفال واليافعين خاصة . ومن ذلك تسمية المحتوى التربوي والوعظي بمسمى أدب طفل ! ، والحقيقة هذا ليس فنا أدبيا يسبح فيه الطفل بخياله ، بل كانت مجرد نصائح وتوجيهات لسلوكيات وقيم من حياة الطفل اليومية ، ومع هذا لا يعني أنه لم يكن هناك أب للطفل أنذاك ، بل وجدت مجلات قصصية وشخصيات وأحداثا تعلقنا بها حتى اليوم ، أما أبرز التحديات كانت في كيفية صناعة الخيال للطفل وكتابة القصة بعناصرها المشوقة لتأخذ الطفل في منطقة بين واقعه وخياله المرسوم ، كذلك الخلط بين ما يتلاقاه الطفل في فترات دراسته الأولى من مناهج دروس ويشجع ليقرأ كتبا لاصفية فإذا هو يواجه بالقصص التوجيهية التي تحد من خياله أما تلك القصص المخصصة لليافعين فكانت إعادة واختصار لكتب الكبار دون مراعاة للتغييرات التي يمر بها الطفل واليافع في هذه المرحلة ، بشكل عام لم تكن سيئة بل هناك قراءة جادة لكتب مثل كليلة ودمنة والمنفلوطي والمستظرف .... الخ ؛ حاليا الوضع تغير للأفضل على مستوى الكتابة للأطفال اليافعين لتصبح الكتب المخصصة لهم أقرب لأحلامهم وخيالاتهم وواكب ذلك تطويرا ملموسا كالرسومات التي ترافق النص وكذلك على مستوى الروايات القصيرة لليافعين والقصص المصورة والكوميك وهذا برأيي يناسب كل مرحلة من الطفولة حتى المراهقة • هل تأخرنا في فهم أهمية هذا النوع من الأدب ؟ نعم تأخرنا ، لكن في الفترة الحالية مع برامج وزارة الثقافة وأذرعتها المتمثلة في هيئاتها المتخصصة بمشاركة الكتاب ودور النشر والوسائط المتعددة نمى الفهم وتطور حول أهمية هذا الأدب ونتج عنه اليوم قصص وحوارات تناسب طفل اليوم وهذا التطور في كتابة الأدب للأطفال واليافعين ساهم في تشجيعهم على القراءة والكتابة لينتجوا كتابات تعبيرية تناسب مع آمالهم وكذلك الدورات والأنشطة المصاحبة تحفز الكتاب على انتاج أدبا باحترافية عالية في الكتابة والرسم وصناعة الكتاب وتصبح بعد ذلك رافدا مساعدا في تقوية اللغة وقراءة الأدب إضافة إلى حركة الترجمة لكتب الأطفال واليافعين من لغات ثقافات مختلفة حيث أضاف لهم معرفة أكبر في فهم الأخر بما يتناسب مع قيمنا المحلية • مالفرق بين أن تكتب قصة أو ترويها له ؟ وأين تكمن المتعة ؟ القراءة الصامتة التي يعيشها الطفل مع الكتاب تثير لديه أسئلة ول ما يقرأ ، لأن الطفل محاط بالكثير من المعارف تشجعه على طرح الأسئلة وتوجيهها للوالدين والمعلمين بالمدرسة ، هنا تأتي خطوة الحوار لنتناول هذا التفاعل الناتج مع ما يقرؤوه الطفل على محمل الجد للإجابة عليه بطرق تستحثه على طلب المزيد وينطلق نحو آفاق الحياة ويعي أهمية درو الكتاب في فهم نفسه والحياة من حوله بشكل يتناسب مع مستواه العمري ؛ فالقصة المروية تجعل الراوي يتقمص دور الشخصيات بتمثيلها وأصواتها وحالاتها النفسية ، مما يؤثر على المتلقي للقصة ، وكل هذه التفاصيل لا تخلو من المتعة ، كذلك لابد من تحديد الفئة العمرية ليتناسب المحتوى المروي مع احتياجات الطفل ، لذلك تختلف القصة التي أرويها لمن هم في عمر 3-5 سنوات عن ما أرويه لمن هم في عمر 8-10 سنوات مثلا ... من خلال تجسيد القصة وطبقة الصوت واختيار القصة المناسبة وأسئلتها التي تثيرها والمساحة التي تمنح للطفل حتى ينسجم معها يستمتع بأحداثها • تعليقا على التعريف المتداول عنك كـ ( مدرب للقراءة ) هل توضح لنا مفهوم هذا الدور وهل هناك علاقة بينه وبين دروس المدرسة ؟ القراءة لها فنونها وطرقها ، فعندما تقرأ كتابا ما من أجل الدراسة والتعلم نجد أدوات التدوين والمراجعة والتلخيص حاضرة ، وحين يكون الهدف من القراءة هو النقد والتحليل حتما ستستعين حينها بأدوات البحث والمقارنات الفرضيات النقدية ، هنا تكمن أهمية التدريب على القراءة للمساعدة على الفهم والاستيعاب زيادة الوعي في مختلف أصناف هذه الكتب ، وهذا كما ترى يختلف عما نراه في المدرسة من تعليم على القراءة التي هدفها الأساسي هو اكتساب المعارف والتعرف على اللغة وأدواتها وتعلمها • ماهي الاستعدادات التي تسبق كل برنامج قرائي للأطفال ، وهل لاحظت اختلافا ثقافيا بيئيا بين مناطق ومدن المملكة ؟ تصميم البرامج التدريبية القرائية للأطفال تبدأ مع تحديد الفئة العمرية المستهدفة ومستوى الفهم القرائي والخلفية المعرفية ، يتضح ذلك من خلال استبانة أولية يجيب عليها الأباء المسئولين عن الأطفال .إلى حين موعد اللقاء لتبدأ حوارات أولية أجريها كمدرب مع الأطفال حتى تكتمل الصرة لدي ويسبق ذلك تصميم برنامج تدريبي يتخلله قصص وألعاب مناسبة لتلك الفئة العمرية المستهدفة مع الأخذ بالاعتبار البيئية الثقافية التي أسافر من أجلها ولا أخفيك أنني أتفاجئ في كل مرة أقوم بهذه اللقاءات التدريبية بالإجابات والتحليلات التي تنبع من الأطفال لدرجة الدهشة ، ومن ذلك حين قدمت دورة قرائية للأطفال في منطقة الجوف استنعت بالآثار الموجودة هناك كأصول تراثية وثقافية من بيئة الطفل فهي تعزز لديه الانتماء لمنطقته وثقافته لننطلق منها إلى أفق أوسع وقس على ذلك مختلف مناطق ومدن المملكة وخارجها