تسعى بخطى حثيثة رغم العديد من الصعوبات والعقبات...
وزارة الاقتصاد والتخطيط وتحديات التنمية المستدامة
تخطو وزارة الاقتصاد والتخطيط خطى متسارعة نحو تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 المرتكزة على التنمية المستدامة والاستدامة المالية كمحور أساسي في التخطيط وتأسيس البنية التحتية وتطوير السياسات والاستثمار، على الرغم من مواجهتها للعديد من التحديات التي فرضها الوضع الراهن عالميًا، وفي مقدمتها تنويع مصادر الدخل وزيادة الإيرادات غير النفطية، حيث تسير بتناغم تام مع أهداف الأجندة العالمية لعام 2030م المقررة من الأمم المتحدة، وهو ما جعل بلادنا تكتسب سمعة عالمية بعد أن لمس الجميع مدى حرص القيادة الحكيمة أيدها الله على تحقيق التنمية والتطور في شتى مناحي الحياة، وشاهد القاصي والداني الإنجازات التي تحققت في غضون فترة وجيزة، وتفاعل المجتمع السعودي مع ما رسمته حكومتنا الرشيدة من خطط تنموية جعلت المواطن في أعلى قائمة اهتماماتها، مستندة على المثل والـقيـم الإسلامية والـحـريــة الاقتصادية، وبـمـا يـحـقـق شمول أبـعــاد التنمـية الثلاثة: الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. وتستهل بلادنا حقبة جديدة بإعلان استهدافها للوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2060م، في إطار طموحات الرؤية الأوسع نطاقًا لتسريع عملية الانتقال الطاقي، وتحقيق أهداف الاستدامة، وقيادة موجة جديدة من الاستثمارات في هذا المجال، معتمدة على أسس مالية وتقنية متينة وتكامل جهود العديد من الجهات والهيئات لتحقيق ذلك الهدف السامي. واقع وزارة الاقتصاد والتخطيط وما تواجهه من تحديات لتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030م المتسقة مع الأجندة العالمية للأمم المتحدة، كان محور قضيتنا التي ناقشناها مع نخبة من الأكاديميين والمختصين فكانت الحصيلة التالية. ------- المشاركون في القضية: - أ.د عبدالله بن محمد الشعلان: أستاذ الهندسة الكهربائية بجامعة الملك سعود. مستشار لدى الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة. - خالد بن عبدالكريم الجاسر: كاتب اقتصادي. الرئيس التنفيذي لشركة أماكن الدولية. عضو الغرفة التجارية الصناعية بالرياض. - د. نهى بنت عبدالرحمن داغستاني: وكيلة قسم المالية في كلية إدارة الأعمال. - أحمد الدعيج: محلل لأسواق المال ومستشار اقتصادي معتمد. - د. سالم باعجاجة: كاتب اقتصادي. وكيل كلية العلوم الإدارية والمالية بجامعة الطائف. - د. فهد أحمد عرب: كاتب وخبير اقتصادي. - جمال بنون: صحافي وكاتب اقتصادي. - أ. عبدالرزاق حسنين: عضو مجلس إدارة سابق بمؤسسة مطوفي حجاج الدول العربية. كاتب صحفي. - أ. ازدهار علاّف: إعلامية اقتصادية ومحللة أسواق مالية. مذيعة بهيئة الاذاعة والتلفزيون. مقدمة مزاج تاسي للأسهم السعودية على قناة السعودية وبرنامج أموال ومسارات على قناة الإخبارية. - أ. أحمد صالح حلبي: مطوف. كاتب صحفي متخصص في خدمات الحج والعمرة. - إبراهيم عبود باعشن: الشريك المدير لمكتب كي بي إم جي بجدة. --------- خطوات عملاقة لتحقيق الأهداف في البدء يقول الأستاذ الدكتور عبدالله بن محمد الشعلان: "تمخضت أهداف التنمية المستدامة وفق الأجندة العالمية لعام 2030 نتيجة لمشاورات واتصالات عديدة ومكثفة لمدة تنوف عن سنتين بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وروعي فيها بشكل خاص حالات الدول الأدنى نموًا والأقل حظًا والأكثر معاناة من حيث محدودية اقتصادياتها وندرة المصادر لديها، وتتسم تلك الأهداف باتساع نطاقها وارتفاع مستوى طموحها مع تحقق التوازن بين الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة، وهي: البعد المجتمعي والبعد الاقتصادي والبعد البيئي. ومن أبرز التحديات التي واجهتها الفقر وضعف فرص العمل والمناخ وتدهور البيئة والأمن والسلام والعدالة. وتتمثل أهداف التنمية المستدامة وفق الأجندة العالمية لعام 2030 التي اعتمدها رؤساء الدول والحكومات والممثلين الساميين في 17 هدفًا، منها: القضاء على الفقر والجوع وتوفير الأمن الغذائي وتعزيز الزراعة المستدامة وضمان تمتع الجميع بأنماط حياة صحية، وكذلك رعاية الأطفال، ومعاشات التقاعد، ورعاية المسنين، ورعاية المرأة، وضمان التعليم الجيد وفرصه، وضمان حقوق الجنسين وتوافر المياه الصحية وخدمات الصرف الصحي، وغيرها الكثير من الأهداف. ولقد بذلت جهود متواصلة من قبل وزارة الاقتصاد والتخطيط بالتظافر مع وزارة الطاقة والجهات المعنية الأخرى لتنفيذ جل إن لم يكن كل تلك الأهداف المعلنة وفق الأجندة العالمية لعام 2030، وقد تمثل ذلك في الحفاظ على البيئة وتقليل الانبعاث الكربوني وتوفير المساكن لذوي الدخل المحدود، وتوفير فرص العمل للشباب الخريجين، وتوفير فرص التدريب على وسائل التقنيات الحديثة، والتوسع في المؤسسات العلمية والصحية، وتحسين شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي وشق الكثير من الطرق، وتوفير الأنظمة الحديثة للمواصلات، وتحسين نوعية وكفاءة وجودة الوقود، كذلك برنامج التأمين الاجتماعي والصحي التعاوني والتقاعد ونظام التأمين ضد البطالة، كما تم توفير الكثير من مرافق الترفيه والتسلية وتنمية الهوايات وتحسين جودة الحياة. واستنادًا إلى نجاح أهداف الأمم المتحدة الإنمائية فقد دخلت أهداف التنمية المستدامة الـ 17 المعروفة أيضًا باسم الأهداف العالمية، في أجندة التنمية المستدامة لعام 2030 حيز التنفيذ رسميًا". وعن مدى انسجام أهداف التنمية المستدامة المقررة من الأمم المتحدة مع خطط التنمية الوطنية وخصوصيتها، يقول الشعلان: "لم تكن المملكة بمنأى عن التطورات العالمية حيث تبنت رؤية وطنية طموحة، ترتكز على مستهدفات تمُكن المملكة من تحقيق أهدافها وتخفف من الاعتماد على النفط كنشاط اقتصادي رئيسي، وقد ارتكزت الرؤية على ثلاثة محاور رئيسية، هي: المجتمع الحيوي، والاقتصاد المزدهر، والوطن". تحسين المستوى المعيشي والمادي والفكري أما الدكتورة نهى بنت عبدالرحمن داغستاني، فتقول: "الفكرة الأساسية من التنمية المستدامة هو تحسين الحياة المعيشية للأفراد والمجتمعات، حيث وضعت العديد من الأهداف لتحقيق هذه الفكرة. ولو نظرنا إلى تاريخ المملكة العربية السعودية وتمعنا في رحلة تطور اقتصادها، سنجد أننا كنا وما زلنا نسعى إلى التطور والتحسين ونعمل على ازدهار الاقتصاد ونموه، وبالتأكيد فإن لوزارة الاقتصاد دور كبير في تنمية الاقتصاد وفي تحقيق أهداف التنمية المستدامة، فهي المسؤولة عن الموارد المتاحة وتوجيهها لاستخدامها بأفضل صورة وبكفاءة عالية واستثمارها واستمرارها. وتعمل وزارة الاقتصاد بالتعاون والتكامل مع بقية الوزارات والقطاعات لتحقيق أهدافها وخططها من حيث التنمية المستدامة، والمتزامنة مع أهداف رؤية المملكة ٢٠٣٠. ومن مخرجات هذا التعاون نال الفرد نصيب الأسد بالاهتمام الحكومي من تطوير التعليم والرعاية الصحية، وفتح مجالات استثمارية جديدة لتشجيع الشباب على العمل، ومكن المرأة وفتح لها مجالات لم تكن متاحة لها سابقًا. وكذلك وجه الجهد لاستثمار الموارد المتاحة حاليًا واستخدامها بأفضل صورة، والبحث عن مصادر جديدة وبديلة في شتى المجالات، بالإضافة للتطور الصناعي والتجاري والسياحي والتعليمي والصحي وغيرها من القطاعات". وعن أهم التحديات التي يمكن أن تواجه وزارة الاقتصاد والتخطيط، تقول داغستاني: "أبرزها الوقت، فدائمًا ما يتم التخطيط لتحقيق هدف معين بناء على جدول زمني، والالتزام بهذا الوقت هو تحد بحد ذاته، يمكن مواجهته بوجود إدارة فعالة تكثف عملية المتابعة وتسعى لإيجاد الحلول الفعالة السريعة لمعالجة ما قد يؤخر سير العمل. ومن الأسباب الأخرى، قلة الموارد البشرية المختصة في مجال معين أو خبرة معينة، ويمكن مواجهتها من خلال التطوير المستمر للموظف وللأفراد، وبالتعاون بين قطاع العمل والقطاع الأكاديمي لتوفير التخصصات اللازمة لتقليل هذه الفجوة. وعن مدى انسجام أهداف التنمية المستدامة المقررة من الأمم المتحدة مع خطط التنمية الوطنية وخصوصيتها، تقول داغستاني: "أهداف التنمية المستدامة هي امتداد لأهداف الدولة التي سعت لها منذ القدم، حيث اهتمت الدولة بالتعليم لاهتمامها بالفرد، ولتحسين المستوى المعيشي والمادي والفكري ولتوفير كوادر ممتازة لسوق العمل، وفتحت مجالات للعديد من الأفراد في شتى المجالات، مما أدى إلى تطور كافة القطاعات، ومكن المرأة وشرع العديد من التشريعات والقوانين لضمان الحقوق لجميع الأطراف، فتطوير الفرد الذي يعد لبنة أساسية في المجتمع أدى إلى تطوير المجتمع بصورة عامة، ونحن قادرون على منافسة العديد من دول العالم بهذا التكامل الذي نعمل به ولله الحمد". تنويع مصادر الدخل وتنشيط القطاع الخاص ويتطرق الأستاذ أحمد الدعيج لجهود وزارة الاقتصاد والتخطيط في المملكة العربية السعودية ودورها في مواكبة الأجندة العالمية للتنمية المستدامة 2030 بقوله: "اتسمت تلك الخطط بالتوازن والاستدامة، ويعكس ذلك النمو المستمر لاقتصاد المملكة خلال فترة الخطط السابقة من حيث تمكين دور القطاع الخاص، وتحسين القدرة التنافسية، ودورها المحوري في دعم الأجهزة الحكومية في التخطيط الاستراتيجي والتنفيذي، وتوفير المعلومات اللازمة من بيانات وإحصاءات ودراسات للجهات ذات العلاقة، ومواءمة الخطط بين الجهات المعنية، إضافة لتعزيز دور القطاع الخاص والجمعيات والمؤسسات الأهلية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، عن طريق تطوير المنهجيات والمقترحات اللازمة لتحسين إنتاجية وكفاءة القطاعين العام والخاص والقطاع الثالث غير الربحي. ووفق رؤية 2030 فإن الوزارة تعمل على مجموعة من الأهداف التي حددها قادة دول العشرين في يناير 2015م، ومن أهمها مواجهة التحديات المتعلقة بالفقر وعدم المساواة والمناخ وتدهور البيئة وغيرها. وباعتقادي إن زيادة الإنفاق الحكومي على المشاريع التنموية يمثل تحديًا بارزًا أمام خطط التنمية المستدامة تسعى الدولة لتدبير تمويله بما لا يؤثر على برامج وزارة التخطيط. وأرى أن إعادة صياغة بعض الخطط الكبرى قد يحقق توازنًا بين تلبية الاحتياجات الملحّة ومواصلة العمل على تطبيق رؤية 2030، كما أن مواصلة دعم القطاع الخاص لاستيعاب العاملين برواتب مجزية يشكل هدفًا لا زالت تعمل عليه الدولة لتحفيز شركات القطاع الخاص على توظيف السعوديين". وفيما يتعلق بأهداف التنمية المستدامة المقررة من الأمم المتحدة، ومدى انسجامها مع خطط التنمية الوطنية وخصوصيتها، يقول الدعيج: "أرى أن المملكة تعمل بانسجام وفق خططها بموازاة أهداف التنمية المستدامة 2030 للأمم المتحدة، حيث اهتمت الدولة رعاها الله بوضع نظام حوكمة دقيقة، وتطوير الخطط التنموية الوطنية وذلك بإطلاقها رؤية 2030 في عام 2016م. وأرى أن المملكة حريصة على دعم التوجهات الدولية للتطوير البشري، ومد جسور التفاهم بين المجتمعات العالمية، واهتمامها بالعمل مع منظمة الأمم المتحدة تحت مظلة العمل الجماعي المشترك". استقرار الأسعار وانخفاض مستوى البطالة ويقول الأستاذ عبدالرزاق حسنين: "تسعى المملكة بجهود جبارة لتحقيق أهداف التنمية، منذ بداية مسيرتهـا التـنـمويـة، والتي اتضــحـت معالـمها باستراتيجيات هادفة بعيدة المدى، وذلك منذ عام 1970م بالبدء في وضع الخـطـط التنـموية الخــمسـيــة المتعاقبة، التي كان من أولوياتها تـنـمية قــدرات المواطن وتـحقـيــق طــمـوحـاتــه وتــلبية احتـيـاجاتـه وتحسـين مستوى مـعـيـشـته، باعتباره الهدف الأسمـى للــتـنـــمــيــة المـسـتدامـة، إذ حرصت تلك الخطط على شموليتها لجـميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية في جميع المناطق بلا استثناء، والتي راعت في خططها التنـمـوية الحرية الاقتصادية والـقيـم الإسلامية، آخذة في الاعتبار شموليتها لمثلث حياة المواطن (اقتصاديًا، اجتماعيًا، وبيئيًا)، ولقد كان للخطط الخمسية السابقة، دور رئيس ساهم في تحقيق الإنجازات في جميع مناحي الحياة، باستدامة متوازنة تعكس ما تشهده المملكة من وزن اقتصادي مرموق بين الدول المتقدمة، ولقد كان للأوامر الملكية المتتالية التي يطول الحديث عنها، دور رئيس في تهيئة المناخات المناسبة لتنامي القطاعين العام والخاص، بما زاد من القدرة التنافسية للاقتصاد السعودي محليًا وعالميًا، آخذة في الاعتبار تنمية الإنسان صحيًا وتعليميًا، ولنا في الإنفاق في الميزانيات السنوية والدعم بسخاء للصناعات الحديثة والصحة والتعليم شاهد ودليل. جهود المملكة بارزة في مكافحة الفقر عالميًا من جهته، يقول الأستاذ أحمد صالح حلبي: "المتابع لأهداف رؤية ٢٠٣٠ يلحظ تركيزها على المواطن كمستهدف رئيسي، من خلال تقديم الخدمات وتوفيرها له بأسلوب علمي متطور بعيدًا عن البيروقراطية أو التقليدية، وخلال السنوات الخمس الأولى من انطلاق الرؤية، أظهرت مؤشرات الأداء ارتفاع عمل على نقل الرؤية إلى المرحلة التالية، المتمثلة في تحقيق وتعميق الأثر وإشراك القطاع الخاص في رحلة التحول لإحداث نقلة نوعية في مختلف القطاعات، وساهمت عملية إعادة هيكلة بعض برامج تحقيق الرؤية في استحداث برامج جديدة لتحقيق الطموحات والاستفادة من القدرات البشرية وتوظيفها لتطوير البرامج. وبخصوص التحديات التي يمكن أن تعطل أو تبطئ وزارة الاقتصاد والتخطيط في تحقيق أهدافها، وما يلزمها من حلول، يقول حلبي: "هناك عدة تحديات من أبرزها الفقر والقضاء عليه، وتوفير فرص العمل وخفض نسبة البطالة، ولتحقيق الأهداف فإنه يمكن العمل على زيادة برامج التدريب والتطوير، والعمل على تنمية المواهب الشابة، والاستفادة من أفكار الشباب وتطويرها، وتحفيز برامج ريادة الأعمال والابتكار، ومواجهة التحديات من خلال حلول مبتكرة، والاهتمام بالبحوث وتطوير مراكزها، وتوظيف التقنيات الحديثة. وعن مدى تحقيق أهداف التنمية المستدامة المقررة من الأمم المتحدة، ومدى انسجامها مع خطط التنمية الوطنية وخصوصيتها، يقول حلبي: "المتابع لأهداف التنمية المستدامة المقررة من الأمم المتحدة يلحظ أنها تمثل دعوة عالمية للعمل من أجل القضاء على الفقر وحماية كوكب الأرض وضمان تمتع جميع الناس بالسلام والازدهار، وتنسجم هذه الأهداف مع أهداف المملكة التي برزت جهودها في تحقيق التنمية المستدامة والتي تشمل: القضاء على الفقر والجوع، وتوفير حياة كريمة وصحة جيدة، وتوفير فرص التعليم الجيد، والمساواة بين الجنسين، ونقاء المياه والنظافة العامة، وتوفير فرص عمل لائقة ونمو الاقتصاد، والصناعة والابتكار والبنية التحتية. تنمية الإيرادات غير النفطية من أهم التحديات أما إبراهيم عبود باعشن، فقال: إن مستهدفات وبرامج رؤية المملكة 2030 تقوم على العديد من المرتكزات الأساسية، ومن أبرزها الاستدامة، حيث وضعت الرؤية برامج خاصة لها، وتم تحقيق الكثير من الإنجازات في مجالها، مشيرًا إلى أن الاستدامة تعتبر عاملًا أساسيًا لتأسيس البنية التحتية وتطوير منظومة التنمية والاستثمار، تحقيقًا لرفاهية وتطلعات المجتمع السعودي. وعن مدى تحقق أهداف ومضامين رؤية المملكة خلال الفترة الماضية، قال: "الرؤية حققت الكثير من الإنجازات، خاصة فيما يتعلق بالاستدامة المالية والتنمية المستدامة، واللتان تعتبران أبرز ركائز الرؤية، فبرنامج الاستدامة المالية (أو ما يعرف ببرنامج تحقيق التوازن المالي)، الذي تم البدء في تنفيذه منذ عدة سنوات، أسهم بقدر كبير في دعم الضبط المالي وكفاءة الإنفاق، وذلك عبر عدة أذرع تابعة للبرنامج وهي المركز الوطني لإدارة الدين، وهيئة كفاءة الإنفاق والمشروعات الحكومية، بالإضافة إلى مركز تنمية الإيرادات غير النفطية. كل هذه الجهود قد أثمرت عبر تحقيق العديد من الإنجازات في جانب الاستدامة المالية، وساهمت في تقوية موقف المملكة المالي، وتعزيز مركزها المالي داخليًا وخارجيًا، وظهر ذلك من خلال ميزانية المملكة 2022 والتي تجاوزت العجز، بل وحققت فائضًا بنحو 90 مليار ريال، لأول مرة منذ 8 سنوات". وأضاف باعشن: "حقق برنامج التوازن المالي إنجازات بارزة، أبرزها في القضاء على عجز المالية العامة للدولة، وزيادة كفاءة الإنفاق الحكومي الرأسمالي والتشغيلي وتنمية الإيرادات غير النفطية، بالإضافة إلى الارتقاء بالتعاملات المالية الحكومية وأتمتة طرق الدفع، من خلال منصة اعتماد". وعن التحديات التي تواجه وزارة الاقتصاد والتخطيط، والتي يمكن أن تسبب تباطؤًا في تحقيق أهدافها، قال: "أبرز هذه التحديات تتمثل في اعتماد اقتصاد المملكة بدرجة كبيرة على الإيرادات النفطية، ثم كيفية وضع آليات مناسبة تقود التحول من اعتماد اقتصاد الدولة حاليًا على الإيرادات النفطية إلى الإيرادات غير النفطية، إذ يعد الإسراع في دفع عجلة تنويع أنشطة الاقتصاد من أبرز التحديات، وكذلك خلق مزيد من الفرص الوظيفية والاستمرار في خفض معدلات البطالة". وعن أهداف التنمية المستدامة المقررة من الأمم المتحدة، ومدى انسجامها مع خطط التنمية الوطنية وخصوصيتها، أوضح باعشن أن أجندة الأهداف العالمية لعام 2030، وتحقيق التنمية المستدامة، تتمثل أبرزها في القضاء على الفقر والجوع، وتوفير حياة كريمة وصحة جيدة، وتوفير طاقة نظيفة بتكاليف قليلة، والحفاظ على المناخ وغيرها، حيث تنسجم مع التنمية التي تستهدفها المملكة، بل وتكاد تكون متطابقة معها. حقبة تغيير قواعد اللعبة من جانبه، أشار الدكتور فهد أحمد عرب إلى أن المتمعن في سياسة المملكة في آخر خمس سنوات يعي تمامًا أن القيادة بلغت بطموحها والشجاعة الموروثة قوة مكنتها من طرح مبادرات تخطت الحدود إلى العالمية، فقد ثبت أن المملكة تفكر بما يحافظ على بيئة نظيفة يعيش فيها الإنسان في أي مكان بكرامة وجودة حياة، فما أن تعلن عن صدور قرارات تنموية إلا وتتبعها بمبادرات متعددة تنفذها جهات مختلفة، يليها إصدار مؤشرات لقياس سير تحقيق هذه المبادرات للأهداف الرئيسة. وأضاف: "التوجه نحو الحياد الصفري في عام 2060 يمكن قراءته من خلال: أولًا: الاستعداد الكبير تقنيًا لتحقيق ما لم تستطع كثير من الدول تحقيقه، ونحتاج إلى التناغم في التشريعات والتكامل في الأداء، ومنذ أن اكتملت منظومة تشكيل الهيئات الأربع بعد هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات في عام ١٤٢٢هـ، الهيئة الوطنية للأمن السيبراني في عام ١٤٣٩هـ، الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الصناعي في عام ١٤٤٠هـ، وهيئة الحكومة الرقمية في عام ١٤٤٢هـ، وبعد دمج بعض الجهات لتكون قطاعات أكثر إنتاجية وأكثر قدرة على قياس نموها وتناميها، أصبح من الواضح جليًا أن القوة الكامنة في هذه الجهات مجتمعة مع حلول عام 2025 حتمًا ستقود إلى الهدف المنشود. إن وجود بنى تحتية قوية وموارد بين بشرية ومكانية ومالية جاهزة لتواكب الانتقال والتحول المرحلي خلال العقود القادمة، لَيعني أن تعيش كل المنظومة تناغمًا يضمن تحقيق أهداف المبادرات التي رسمت لهذه المسارات محليًا ومن ثم عالميًا، ويتطلب ذلك إعداد جهاز للمتابعة بصفة دورية. ثانيًا: نحن دخلنا حقبة تغيير قواعد اللعبة، فالنفط مع أهميته ولعقود قادمة إلا أن التاريخ سيسجل نقطة التغيير للمملكة حيث الإشاحة بالنظر إلى مصادر الطاقة الأخرى التي ظلت التجارب عليها حبيسة المختبرات لسنين طويلة مما يعني أن هناك مصادر طاقة كامنة، وتعد مستقبل التنمية في الدول ذات القدرات الحديثة في الاستفادة من السلبيات في صنع الإيجابيات. ثالثًا: إنتاج الهيدروجين الأخضر أنقى أنواع الهيدروجين المنتجة (الأخضر – الأزرق – الرمادي) الذي تركز على تبنيه المملكة في خفض انبعاثات الغازات وإطلاق أوكسجين نظيف للجو بخلاف الأنواع الأخرى الضارة، هو دفع جديد لعجلة الاقتصاد ينم عن تفكير متقد وتوجه شجاع حريص على أن يكون السعودي في إحدى قمم العالم بين الطاقة والصناعة. بهذه التقنية وبالعزم الذي رسم لتنفيذه إصدار المبادرات الأخيرة في أكتوبر الماضي فإن هدف المملكة أن تكون المصدر الأول في العالم له ممكن جدًا، فبعد الخبرة في إدارة أسواق النفط ستدخل المملكة بإدارة حديثة لطاقة حديثة ممثلة بالهيدروجين، وهذا من تغيير قواعد اللعبة التي أتوقع أن تتربع بها مملكتنا الحبيبة على قمة جديدة في العالم". -------- - أ. أزهار علاّف: وزارة الاقتصاد والتخطيط همزة وصل بين أهداف واستراتيجيات السياسات العليا وأجهزة القطاع العام وسألنا أ. أزهار علاَّف عن مدى أهمية دور وزارة الاقتصاد والتخطيط في تحقيق استراتيجيات ومستهدفات رؤية المملكة 2030 أجابت: "كل الوزارات والهيئات والقطاعات اليوم تسعى جاهدة بكل ما أوتيت من قوة إمكانات وموارد لتحقيق رؤية المملكة ٢٠٣٠، ووزارة الاقتصاد والتخطيط هي الأداة المهمة جداً لمؤشرات تقدم كل الجهات ذات العلاقة، فلا فائدة لجهود بلا مقاييس أو تقارير وتحليلات اقتصادية محدثة بشكل ربع سنوي لضمان انعكاس تلك النتائج على نمو الناتج المحلي. وبالتأكيد ما تحقق لها خلال الأعوام السابقة يؤكد جهودها في المساهمة بشكل فعّال في تحقيق الرؤية، بدءًا من المبادرات والخطط التي ترجمتها على أرض الواقع، حتى مشاركة المواطن في متابعة توجهات خطط التنمية المستدامة التي تتبناها الدولة، وهذا ما يجعلنا نفخر بكل هذه الإنجازات المتسارعة للوصول إلى وطن طموح واقتصاد مزدهر". وعن أبرز التحديات التي تواجهها الوزارة، تقول علاف: "التحدي الكبير الذي يواجه وزارة الاقتصاد والتخطيط هو أنها لا يوجد لديها ما يخصها من ملفات لتناقشها وتقوم بالتركيز عليها وحلها، بل هي تقيس نتاج جهود متكاملة والجهود تعود إلى صناع قرار، ولا شك أن مهمّة قياس أداء الوزارات والتأكد من السير على خطط واستراتيجيات الرؤية ليس بالأمر السهل، وأن تكون وزارة الاقتصاد والتخطيط همزة وصل بين أهداف واستراتيجيات السياسات العليا وأجهزة القطاع العام بترجمة تفصيلية لهذه الأهداف والاستراتيجيات لكي تُنفّذها الوزارات مع متابعة الأداء، هو قمة التحدي". أما بخصوص أهداف التنمية المستدامة، فتقول: "التزام المملكة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة على المستوى الوطني موصول بتحقيق أهداف التنمية المستدامة العالمي، والتي تضع الإنسان وكرامته في صميم العمل التنموي، وتمكن جميع الأفراد من أن يصبحوا شركاء كاملين في نفس المسعى، ورأينا نحن السعوديون منذ انطلاق الرؤية التحولات الحقيقية في هذا الشأن، إذ لم يكن تحوّل تقليدي بل تحوّل تشغيلي للجنسين، وتحول عميق للغاية يضمن تمتع كل مواطن ومواطنة بالسلام والازدهار". --------- أ. خالد الجاسر: الأبعاد الرئيسية الأربعة للتنمية المستدامة من أهم الأولويات ولدى سؤال أ. خالد بن عبدالكريم الجاسر عن أهداف رؤية المملكة 2030 ومدى تناغمها مع الأهداف العالمية قال: “تعمل المملكة على تحقيق أهداف رؤيتها 2030، بالمواءمة مع أهداف التنمية المستدامة، حيث تُساهم تلك الأهداف في معالجة العديد من التحديات التي تواجه العالم أجمع، والسعي لإيجاد الحلول اللازمة لتحقيقها على أكمل وجه، عبر اللجنة التوجيهية للتنمية المستدامة والتي شُكلت بأمر سام برئاسة وزير الاقتصاد والتخطيط، بالتعاون مع جميع الجهات الحكومية ذات العلاقة، لما لها من دور محوري في دعم الأجهزة الحكومية في التخطيط الإستراتيجي والتنفيذي، وتعزيز دور القطاع الخاص والجمعيات غير الربحية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مما أثر إيجابًا على فاعلية الدور السعودي بمشاركة التجارب والخبرات لدعم تحقيق المملكة لأجندة الأمم المتحدة 2030، وتطلع الأمم المتحدة التي أشادت بدعم المملكة لمشاريع الأمم المتحدة الإنمائية حول العالم”. وعن أهداف التنمية المستدامة وأهم التحديات التي ستواجهها، يقول الجاسر: “أهداف التنمية المستدامة من شأنها أن تساعد على توجيه فهم الرأي العام لتحديات التنمية المستدامة المعقدة، وإلهام العمل العام والخاص، وتشجيع التفكير المتكامل، وتعزيز المساءلة من خلال توفير إطار معياري دولي مشترك، ومنظومة تحقيق التنمية المستدامة التي ينبغي للعالم أن يلتفت إليها هي الجمع بين الأبعاد الرئيسية الأربعة للتنمية المُستدامة: النمو الاقتصادي ‘’بما في ذلك إنهاء الفقر’’، والدمج الاجتماعي، والبيئة الطبيعية الصحية، والحكم الرشيد ‘’بما في ذلك تحقيق السلام’’، وبالتالي فإن هذه الأولويات تشكل الأساس لأهداف التنمية المستدامة التي تنطبق على كل البلدان خلال الفترة 2015 ــ 2030، وهو ما أسهم فيه الصندوق السعودي للتنمية منذ تأسيسه عام 1975م، في دعم 84 دولة نامية حول العالم بأكثر من 694 مشروعًا وبرنامجًا تنمويًا، أسهمت تلك البرامج والمشاريع في تعزيز الاستقرار والازدهار في تلك البلدان، وذلك انسجامًا مع رؤية المملكة 2030 وأهدافها المتمثلة في تحقيق الرخاء، وتوفير الدعم الاجتماعي والاقتصادي للدول الأقل نموًا. وقد أسهمت خطط التنمية المتعاقبة التي تنتهجها وزارة الاقتصاد والتخطيط في تحقيق المملكة منجزات كبيرة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، اتسمت بالاستدامة والتوازن مما يعكس النمو المستمر لاقتصادها وبمعدلات مرتفعة، وتوفر المناخ المناسب لتنامي دور القطاع الخاص، والجمعيات والمؤسسات الأهلية وتحسن القدرة التنافسية للاقتصاد السعودي، عن طريق تطوير المنهجيات والمقترحات اللازمة لتحسين إنتاجية وكفاءة كافة القطاعات، بالإضافة إلى توفر البنية الأساسية الاقتصادية والاجتماعية المتطورة والتحسن المتواصل في مستوى الخدمات الصحية والتعليمية والبيئية العامة للمواطنين، لذا قدمت المملكة عددًا من البرامج والمبادرات أهمها: برنامج التأمين الاجتماعي، وشبكات الأمان الاجتماعي، وبرامج الدعم الخاصة بسوق العمل”. -------- - د. سالم باعجاجة: التوجه نحو الحياد الصفري يوضح ثقل اقتصاد المملكة عالميًا توجهنا بسؤال إلى الدكتور سالم باعجاجة عن توجه المملكة نحو الحياد الصفري في عام 2060م وما يعنيه ذلك التوجه فأجاب: “في خطوة غير مسبوقة أعلنت المملكة العربية السعودية خطة للوصول إلى الحياد الصفري لانبعاثات الكربون بحلول عام 2060م، ومن خلال نهج اقتصادي سليم بما يتوافق مع خطط المملكة التنموية وتنويعها مصادر الدخل، وهذا يعكس القيمة الاقتصادية لبلادنا الغالية والثقل الاقتصادي لمساعدة العالم في قضية تغير المناخ وحماية البيئة، كما يسهم في تحقيق المستهدفات الطموحة لمبادرة السعودية الخضراء. وتأكيد سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أن إطلاق المملكة مبادرات في مجال الطاقة من شأنها تخفيض الانبعاثات الكربونية بمقدار 278مليون طن سنويًا بحلول عام 2030، يمثل تخفيضًا طوعيًا بأكثر من ضعف مستهدفات المملكة المعلنة، وقد بدأت المبادرة الأولى من مبادرات التشجير بزراعة أكثر من 450 مليون شجرة، وإعادة تأهيل 8 ملايين هكتار من الأراضي المتدهورة وتخصيص أراضٍ محمية جديدة، ليصبح إجمالي المناطق المحمية أكثر من 20% من إجمالي مساحتها، وتستهدف المملكة الوصول إلى الحياد الصفري بنهاية عام 2060، وهي دون شك قادرة بحول الله لقيادة العالم في هذا التوجه”. ------- أ. جمال بنون: دراسة أوضاع الاستثمار المحلي والأجنبي من أهم التحديات التي تواجه الوزارة ولدى سؤال الأستاذ جمال بنون عن أبرز المراحل التي مرت بها وزارة الاقتصاد والتخطيط، والتغيير الذي حصل في مهامها أجاب بقوله: “من الملاحظ أن وزارة الاقتصاد والتخطيط مرت بتجارب عديدة في مسمياتها منذ نحو 70 عامًا الماضية عندما تأسست لأول مرة في عام 1953 تحت اسم وزارة الاقتصاد، ثم أدمجت مع وزارة المالية، وتحولت إلى مجلس أعلى للتخطيط وهيئة مركزية للتخطيط وتغيرت إلى وزارة التخطيط، وتم نقل نشاط الاقتصاد من المالية إلى وزارة التخطيط وعدل اسمها في 2003 من وزارة التخطيط إلى وزارة الاقتصاد والتخطيط، وربما لهذا لم ينعكس أدائها بشكل واضح لكثرة تغيير مسمياتها، وأعتقد أن مسماها الحالي أيضًا يحتاج إلى مراجعة من صناع القرار، لأن أعمالها تقوم على الاستشارات والتخطيط، ورسم مستقبل الاقتصاد، وأرى من المناسب أن يطلق عليها “الهيئة الاستشارية للاقتصاد والتخطيط”، لأن مسمى الوزارة يطلق على الجهة الأكثر خدمة للمواطنين، ومرافقة مسؤوليها للوفد الرسمي، ويقتصر دورها في رسم الخطط وتنظيم بعض المؤتمرات والفعاليات، وهذا ما تعلنه دائمًا، وتتمثل أهدافها في تحليل وتطوير وتحسين السياسات الاقتصادية الاجتماعية، والتوصية بتغييرات في التشريعات والأنظمة، مع الجمع بين الممارسات العالمية المثلى والسياق المحلي، مع تعزيز تطوير وتنمية رأس المال الاجتماعي والبشري والفكري، بالإضافة إلى ضمان تغطية وتكامل جميع القطاعات والمناطق في عملية تخطيط التنمية الاقتصادية الاجتماعية، لهذا يصعب على المراقبين الاقتصاديين تقييم أدائها، لأن الوزارة لا تنشر بيانات أو إحصاءات لدورها، فهي تعتمد في أرقامها وإحصاءاتها على الهيئة العامة للإحصاء وجهات حكومية أخرى”. وعن الأدوار التي تقوم بها الوزارة قال: “بالتأكيد لم يكن لوزارة الاقتصاد والتخطيط دور فاعل ومؤثر قبل عام 2016، حيث كانت الوزارات بمختلف نشاطاتها ومسمياتها تعاني من ترهل وتضخم، وربما كان السبب عدم تعرضها للمساءلة أو قياس لأدائها، أما اليوم بعد إعلان الرؤية، فهي بحاجة إلى مراجعة كل الأنظمة والتشريعات والقوانين بحيث تزيح العراقيل الموجودة، ونقل التجارب في بعض الدول، بما يمكن للاستثمار الأجنبي الدخول إلى السعودية بدون تعقيدات، وأيضًا دراسة أوضاع المستثمرين المحليين، وخاصة أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والاستفادة من تجارب دول أخرى”.