مصانع الريف ..

هل تنقذ المزارعين؟

يعد الأمن الغذائي أحد الركائز الأساسية لرؤية المملكة 2030، حيث تسعى المملكة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي وتأمين الإمدادات الغذائية واستقرار الأسعار مع الحد من الهدر الغذائي، وتتضمن الرؤية العديد من المبادرات والبرامج التي تهدف إلى تطوير القطاع الزراعي وتعزيز الاستثمار في الأمن الغذائي. ومؤخرًا، دعا أحد أعضاء مجلس الشورى، وزارة البيئة والمياه والزراعة لإنشاء مصانع زراعية وغذائية في المناطق الريفية؛ بداعي أنه الحل الأمثل لتسويق المنتجات الزراعية لصغار المزارعين في الوقت الراهن، وذلك ما استدعى استطلاع آراء عدد من المختصين والخبراء في مجالات الزراعة والصناعة والأمن الغذائي لمعرفة مرئياتهم حول هذا الاقتراح ومدى جدواه وتأثيره على الاقتصاد الوطني، ومردوده على المزارعين خصوصًا في المناطق الريفية. زيادة الاستثمار وتعزيز الإنتاج في البدء تحدثت د. وسام فؤاد فلمبان مبرزةً أن المملكة العربية السعودية حققت تقدمًا كبيرًا في تطبيق المصانع الزراعية والغذائية، مدعومة بالتقنيات الحديثة والسياسات الفعالة، وأن هذه الجهود تسهم بشكل مباشر في تحقيق الأمن الغذائي وتعزيز الاكتفاء الذاتي، مع الحفاظ على الاستدامة البيئية وفق رؤية 2030، ومنها إنشاء مصانع الإنتاج الزراعي خارج المواقع الصناعية التقليدية، مما يسهم في زيادة الاستثمارات وتعزيز الإنتاج المحلي. وتابعت: “يشمل ذلك تصنيع الأغذية، وتجهيز المنتجات الزراعية، وإنتاج الأسمدة، وكان الهدف التركيز على الأمن الغذائي حيث تعمل المصانع الغذائية على تقليل الاعتماد على الاستيراد من خلال تصنيع منتجات محلية عالية الجودة، مثل تعبئة التمور وتصنيع الألبان والمشروبات. ولا شك إن إنشاء مصانع زراعية وغذائية في المناطق الريفية يمكن أن يكون أحد الحلول الفعالة لتعزيز تسويق منتجات صغار المزارعين، لكنه يحتاج إلى حوكمة ووضع سياسات واضحة، فمن إيجابيات المصانع الريفية في تسويق المنتجات الزراعية: تقليل تكاليف النقل والخسائر، حيث إن وجود المصانع في مناطق الإنتاج يقلل من تكاليف نقل المحاصيل الطازجة، ويحد من فسادها أثناء النقل، خاصة للخضراوات والفواكه سريعة التلف، كما أنه يسمح بخلق فرص عمل محلية حيث توفر المصانع الريفية وظائف مباشرة (التصنيع، التعبئة) وغير مباشرة (الخدمات اللوجستية)، مما يحفز الاقتصاد المحلي. أيضًا تعزيز القيمة المضافة للمحاصيل، حيث يمكن تحويل المنتجات الأولية (مثل التمور أو الحبوب) إلى سلع مصنعة (مربى، عصائر، دقيق) مما يزيد من قيمتها السوقية ويوسع قنوات التسويق. ومن الإيجابيات أيضًا دعم سلاسل التوريد القصيرة، حيث إنها تربط المصانع الريفية للمزارعين بالأسواق المحلية والإقليمية مباشرة”. واستدركت د. فلمبان قائلة: “على الرغم من ذلك، هناك تحديات يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار ووضع حلول وخطط لتحسين الاستفادة من هذه المصانع منها: التكلفة والاستدامة المالية، فإنشاء المصانع يتطلب استثمارات ضخمة في البنية التحتية والتقنية‏، وبعض المشاريع الريفية تكافح لتحقيق الربحية دون دعم حكومي أو تمويل خارجي، وعليه يجب حدوث تعاون بين المزارعين أو المنشآت الصغيرة القائمة على تقنيات بسيطة (مثل تجفيف الفواكه أو تعليب الخضروات). وهناك أيضًا، نقص المهارات الإدارية والتقنية، إذ قد يفتقد صغار المزارعين للخبرة في إدارة المصانع أو ضبط الجودة، مما يتطلب برامج تدريبية كتلك المقدمة في برنامج التنمية الزراعية المستدامة، أو إنشاء تطبيقات ذكية مثل “مرشدك الزراعي” لدعم المزارعين بخدمات إرشادية وتحليلية، مما يعزز كفاءة الإنتاج الزراعي. وكذلك اعتماد المصانع على إنتاج متجانس حيث تحتاج المصانع إلى كميات كبيرة من منتجات موحدة الجودة، بينما إنتاج صغار المزارعين غالبًا ما يكون متنوعًا وموسميًا، وعليه يجب إنشاء مراكز تجميع محلية لتوحيد المعايير قبل التصنيع، مثل مهرجانات التمور في القصيم التي تربط المزارعين بالمستهلكين مباشرة. كما أن المنصات الرقمية مهمة لدعم المصانع الريفية حيث إن تسويق المنتجات عبر التطبيقات الإلكترونية أو التعاون مع سلاسل التجزئة يكون أكثر فاعلية، وعليه فإن من أهم التوصيات لضمان نجاح المصانع الريفية الشراكات بين القطاعين العام والخاص، ودعم الحكومات عبر الحوافز الضريبية أو البنية التحتية، مع مشاركة القطاع الخاص في التمويل والتسويق، والتكامل مع السياسات الزراعية بواسطة ربط المصانع ببرامج الزراعة التعاقدية لضمان توريد منتجات المزارعين بأسعار عادلة، والتركيز على المنتجات ذات الميزة النسبية مثل تصنيع التمور في السعودية، التي تمتلك أسواقًا محلية ودولية قوية”. دعم المزارعين في تصنيع وتسويق منتجاتهم الزراعية ونوه أ.د. عبد الله بن محمد الشعلان إلى أن مساعدة المزارعين لإنشاء مصانع زراعية وغذائية في مناطقهم الريفية وقرب مزارعهم وتشجيعهم وحثهم لتصنيع وتسويق منتجاتهم الزراعية قد يُعَـدُّ خطوة طموحة لحل مثالي ناجع، من شأنه العمل على تعزيز استدامة القطاع الزراعي ورفع معنويات المزارعين وتقليل مصاريفهم وتحسين مستويات دخولهم، وهذا الأمر يتطلب تضافر جهود عدة جهات مختلفة، ولعل من أهمها وفي مقدمتها بالطبع وزارة البيئة والمياه والزراعة من أجل تقديم مساعدات لإنشاء هذه المصانع لتسويق المنتجات الزراعية لصغار المزارعين، فهذه المصانع تقوم بتحويل المواد الخام الزراعية إلى منتجات مصنعة صالحة للاستهلاك أو لاستخدامات أخرى. وزاد: “يمكن تصنيف هذه المصانع بناءً على نوع المنتجات التي تنتجها أو العمليات التي تقوم بها، إذ لا غرو من منح قروض ميسرة لتوفير البنى التحتية لشراء الأجهزة والمعدات اللازمة للتصنيع والتعبئة والتغليف، كذلك دعم مشاريع البحث والتطوير لتطوير منتجات جديدة ومبتكرة من المحاصيل المحلية، بما يتناسب مع احتياجات السوق، مرتكزة على التقنيات الحديثة في التصنيع الغذائي. كذلك تشجيع إنشاء الجمعيات التعاونية الزراعية وبرامج التنمية الريفية التي تمكن المزارعين من تجميع منتجاتهم وتقليل تكاليفهم وزيادة قدراتهم التفاوضية، بالإضافة إلى دمج ودعم التصنيع والتسويق ضمن برامج التنمية الريفية الشاملة، مثل “برنامج ريف” الذي يدعم الأسر الريفية ويشجع الشباب على الانخراط في القطاع الزراعي، إلى جانب تحسين الطرق الإنتاجية وتبني تقنيات جديدة وحديثة مثل الزراعة الذكية، وتدريب المزارعين لتعزيز مهاراتهم المعرفية، وتسهيل النقل والتوزيع، وتعزيز الوعي بأهمية المنتجات المحلية وتشجيع استهلاكها، ودعم ممارسات الزراعة المستدامة للحفاظ على الموارد الطبيعية. وهذه المشاريع تتطلب تخطيطًا دقيقًا ومراحل متعددة لضمان نجاح وانسيابية وصول المنتجات الزراعية للأسواق وللمستهلكين، وقد تتمثل هذه المنتجات في: تعبئة التمور وإنتاج الألبان والخضار والفواكه ومعالجة اللحوم والأعلاف الحيوانية، إلخ. كما أن اختيار الموقع يجب أن يكون مناسبًا من حيث القرب من مصادر المواد الخام والأسواق وتوفر العمالة وسهولة الوصول إلى المواقع وتوافر الخدمات فيها. كما يجب النظر لتصميم مخطط هندسي للمصنع بما يضمن انسيابية العمليات والالتزام بمعايير السلامة والصحة الغذائية، ومناطق الاستقبال والإنتاج والتعبئة والتخزين والشحن، كذلك تصميم أنظمة التهوية والتبريد والتغذية الكهربائية والمياه والصرف الصحي، ومعالجة النفايات والحد من الانبعاثات، وتحري الآثار البيئية المترتبة. أيضًا تحديد الطاقة الإنتاجية والتوقعات البيعية والتسويق والتدفقات النقدية، وتحليل نقطة التعادل، وفترة استرداد رأس المال، ومؤشرات الربحية، مع ضرورة المساعدة في تحديد التراخيص اللازمة من الجهات الحكومية المعنية وذات العلاقة مثل وزارة الصناعة، وزارة البيئة، هيئة الغذاء والدواء، البلديات، الدفاع المدني. وفيما يلي بعض الاقتراحات والتوصيات التي أرى أهميتها مع هذا التوجه نحو إنشاء مصانع زراعية وغذائية في المناطق الريفية، وهي باختصار ما يلي: - مساعدة المزارعين على إقامة شراكات مع شركات التجزئة الكبرى والمتاجر، لضمان تسويق منتجاتهم على نطاق أوسع. - دعم أسواق المزارعين المحلية وتنظيمها، حيث يمكن للمزارعين بيع منتجاتهم مباشرة للمستهلكين. - تشجيع نموذج “من المزرعة إلى المائدة” من خلال ربط المزارعين مباشرة بالمطاعم والفنادق. - إنشاء متاجر إلكترونية أو منصات رقمية خاصة بالمنتجات الزراعية، مما يتيح للمزارعين الوصول إلى قاعدة عملاء أوسع”. دعم الاستراتيجية الوطنية للزراعة وأشارت د. مها يقظان الجابري إلى أن صحتنا وصحة كوكبنا تعتمد على صحة النباتات والمحافظة عليها، فالنباتات هي أساس الهرم الغذائي ومصدر رئيسي للطاقة وتشكل ما يعادل تقريبًا 80 ٪ من طعام الإنسان، كما أن النباتات تحافظ على صحة التربة وتعززها بعنصر الكربون، لذا كان من أهم ركائز الاستراتيجية الوطنية للزراعة لعام 2030: تعزيز استدامة المواد الطبيعية، والمساهمة في الأمن الغذائي، وتطوير التسويق والخدمات الزراعية، والتنمية الريفية الزراعية المستدامة، والحفاظ على صحة النبات والحيوان، وتحسين الإنتاجية الزراعية، وهيكلة القطاع وبناء القدرات. وأضافت: “تتضمن التنمية الريفية الزراعية المستدامة عدة مبادرات تهدف إلى تطوير إنتاج وتصنيع وتسويق العديد من المنتجات الزراعية الواعدة في المناطق الريفية، وذلك عن طريق إنشاء مصانع زراعية وغذائية فيها، نظرًا لما تتميز به المناطق الريفية من توفر الموارد الطبيعية من أراضي زراعية، ومياه جوفية، ومناخ جيد للزراعة، إضافة إلى المساهمة في توفير فرص عمل للسكان المحليين، وتحسين مستوى المعيشة، ناهيكم عن مساهمة هذه المصانع في زيادة الإنتاج الزراعي، والتكامل بين الزراعة والثروة الحيوانية، وتطوير جودة تصنيع المنتجات الغذائية في الأسواق المحلية والإقليمية. إن إنشاء مصانع زراعية وغذائية في المناطق الريفية يدعم بكل تأكيد كلاً من الاستراتيجية الوطنية للزراعة لعام 2030 المحققة لرؤية المملكة 2030، كما يدعم في نفس الوقت بعضًا من أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر التي اعتمدتها جميع الدول في الأمم المتحدة عام 2015، وخاصة الأهداف المتعلقة بالقضاء التام على الجوع، والعمل اللائق ونمو الاقتصاد، والعمل المناخي، والحياة في البر. ولا يخفى أن لكل مشروع أوجه تحديات، وتكمن أبرز التحديات هنا في الحاجة إلى دعم البنية التحتية من توفير الكهرباء والمياه والطرق الملائمة، كذلك من المهم جدًا توفير عمالة مختصة مدربة تهتم باستخدام طرق زراعة حديثة مستدامة آمنة وصديقة للبيئة لمكافحة الآفات والأمراض، كما يلعب الدعم الحكومي دورًا مهمًا في هذا الصدد”. أهمية إنشاء مصانع زراعية وغذائية في المناطق الريفية من جهته، أكد أ. د. سعيد محمد باسماعيل أن الدعوة لإنشاء مصانع زراعية وغذائية في المناطق الريفية كحل لتسويق المنتجات الزراعية، يعتبر قرارًا صائبًا لحل كثير من المشكلات التي قد تواجه المزارعين في تسويق منتجاتهم وزيادة دخلهم، وتلافي الخسائر التي يتعرضون لها عند إرسال منتجاتهم للسوق وتحكم (الشريطية) عند التحريج عليها لانخفاض السعر الذي قد لا يوفي أسعار النقل أحيانًا، وقد تتعرض تلك المنتجات للتلف. وتابع: “من المهم دعم كل من وزارة البيئة والمياه والزراعة ووزارة العمل والشئون الاجتماعية إنشاء جمعيات تعاونية تسويقية بتصنيعها تضمن عمليات البيع والتسويق الآمن لتلك المنتجات، بتطبيق الروزنامة الزراعية لتنظيم المساحات المزروعة ونوعية المحاصيل المزروعة، وقيام وزارة الصناعة وهيئة الغذاء والدواء بالترخيص لإنشاء مصانع زراعية وغذائية في المناطق الريفية كحل لتسويق المنتجات الزراعية، مما يساعد في دعم الاقتصاد الوطني، وتحقيق الاكتفاء الذاتي المنشود بهذا المجال الاقتصادي الحيوي، وتحسين برنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة، وتحسين دخل المزارعين، وتوفير المنتجات بشكل طازج أو مصنع. إن وجود الجمعيات التعاونية التسويقية له أهمية كبرى في المناطق الريفية، لكونها تعظم الاستفادة من مقدمي الخدمات، وهنا تبرز أهمية عمل دراسات وأبحاث لإنشاء مصانع زراعية وغذائية في المناطق الريفية، كحل أمثل لتسويق المنتجات الزراعية لصغار المزارعين وحل مشكلة تسويق منتجاتهم في تلك المناطق”. وتابع: “هناك مميزات سيتحصل عليها وهي: 1 - تقليل تكاليف النقل والتسويق: لأن وجود مصانع داخل المناطق الريفية يقلل من الحاجة لنقل المنتجات الزراعية لمسافات طويلة، مما يخفض تكاليف النقل والتسويق. 2 - تسويق أفضل للمنتجات: لأن المصانع الزراعية والغدائية تسمح للمزارعين بتجهيز المنتجات الزراعية بشكل أفضل، مثل المعالجة، والتعبئة، وتصنيع المنتجات المضافة القيمة، مما يزيد من جاذبية المنتجات في الأسواق. 3 - خلق فرص عمل جديدة: لأن إنشاء المصانع سيخلق فرص عمل جديدة في المناطق الريفية، مما يساهم في تحسين مستوى المعيشة للساكنين في هذه المناطق. وتطوير قطاع الزراعة بإنشاء المصانع الزراعية والغدائية سيساهم في تحسين جودة المنتجات الزراعية، وزيادة الإنتاجية، وتقديم حلول مبتكرة لتسويق المنتجات، وخلق فرص وظيفية للشباب، والمحافظة على الموارد الطبيعية، ويتم الاستفادة من المنتجات غير القابلة للتسويق في إنتاج الأسمدة العضوية مثل الكمبوست من المخلفات الزراعية والحيوانية، والتي تُسهم في تعزيز خصوبة التربة وتعالج مشكلة انخفاض الخصوبة الناتجة عن الزراعات المتعاقبة للأرض. ومن الممكن إنشاء مصانع متخصصة لتعليب وتجميد الخضروات والفواكه المحلية، وكذلك يمكن تطوير منتجات غذائية مبتكرة تعتمد على أهم المحاصيل الزراعية في المملكة العربية السعودية مثل التمور والخضروات والفواكه”. مبادرة استباقية مهمة لتعزيز القطاع الزراعي ورأى د. أحمد محمد فلاته أن دعوة أحد أعضاء مجلس الشورى لإنشاء مصانع زراعية وغذائية في المناطق الريفية تُعد خطوة ومبادرة استباقية مهمة لتعزيز القطاع الزراعي وتحقيق التنمية الريفية المستدامة. وأضاف: “هذه التوصية، إذا نُفذت بالشكل المرام، يمكن أن تحقق فوائد متعددة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وذلك للأسباب التالية: 1. تسهيل تسويق المنتجات الزراعية للمزارعين المحدودين من حيث الإمكانية والقدرات: حيث تواجه المناطق الريفية تحديات كبيرة في تسويق المحاصيل بسبب نقص البنية التحتية ووسائل النقل والتخزين، بالإضافة الى إنشاء مصانع محلية سيسهم في تقليل الفاقد من المحاصيل نتيجة التلف أو صعوبة الوصول إلى الأسواق الكبرى، ويوفر فرص تصنيع المنتجات الزراعية (مثل التعليب، التجفيف، التعبئة)، مما يزيد من قيمتها المضافة، ويربط ذلك بلا شك المزارعين مباشرة بالأسواق مما يضمن لهم أسعارًا تسهم بشكل إيجابي في مدخول المزارعين في تلك المناطق. 2. تعزيز الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي: حيث ستساهم هذه المصانع في زيادة الإنتاج المحلي من الأغذية المُصنعة، مما يقلل الاعتماد على الواردات، كما يزيد تنويع مصادر الدخل في تلك المناطق، مما يدعم الاستقرار الاقتصادي للمجتمعات الزراعية، كما أن تحسين جودة المنتجات عبر معايير تصنيع موحدة، يعزز القدرة التنافسية في الأسواق المحلية. 3. دعم الاقتصاد الوطني والتنمية الريفية: حيث سيكون للأمر انعكاسات إيجابية تشمل إيجاد فرص عمل مباشرة (في المصانع بشكل مباشر أو في الخدمات اللوجستية والتسويق، كما تشجع الاستثمار في المناطق الريفية، مما يُقلل الهجرة إلى المدن الكبرى، ويعزز التكامل بين القطاعين الزراعي والصناعي، مما يدعم رؤية السعودية 2030 في تنويع الاقتصاد. لكن التحديات المحتملة وسبل التغلب تحتاج إلى دعم كل من القطاعين الحكومي وشراكات مع القطاع الخاص، كما يحتاج هذا النوع من المبادرات لتدريب المزارعين والعاملين على التقنيات الحديثة، ومراعاة مواقع المصانع بناءً على الكثافة الزراعية وتوفر البنية التحتية، ودراسات الجدوى لضمان الاستدامة”. مصانع متخصصة حسب كل منطقة من جانبه، استهل المهندس نبيل الوصيبعي حديثه بقوله: “بادئ الأمر أشكر عضو المجلس الذي تحسس حاجة المزارعين لرفع دخلهم من خلال تسويق منتجهم، وهو الأمر المستهدف من امتهانهم للزراعة، ولا شك أن ذلك سيجعلهم يسيرون في الاستدامة، وهو ما يحقق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي للغذاء الذي تنشده كل الدول”. وأكمل: “من الجيد بل من المهم أن يكون هناك مصانع متخصصة حسب الميزة النسبية لكل منطقة ريفية، وكم سيكون جميلًا لو ألحق ذلك بالجمعيات التعاونية، وهناك حالات مشابهة نجحت وحققت أهدافها، مثال على ذلك مصنع التمور بمحافظة الأحساء ومنطقة المدينة المنورة، كما شهدت شخصيًا على مشروع شبيه بذلك في إحدى الدول العربية حيث تقوم الجمعية من خلال دعمها لأعضاء الجمعية بجمع الحليب من المزارعين وبيعه على مصنع الألبان القريب من المنطقة الريفية، ثم تقوم الجمعية بالتفاوض على أسعار البيع حسب المواسم وحصد أعلى أسعار للمنتجين الزراعيين، وكذلك في دولة أوروبية مشروع شبيه لدعم منتجي الفلفل البارد (الفليفلة)، هذا مثال فقط. نعم.. المصانع التحويلية للمنتج الخام ممتازة وتضيف قيمة عالية للمنتج مما يعظم الفائدة التي يحصل عليها المنتج والمستهلك على حد سواء. هذه المشاريع التنموية مهمة جدًا، وأعتقد أن صندوق التنمية الزراعية يدعم ذلك، فهذه المشاريع ستشجع على استمرار المزارعين وعدم عزوفهم عن المهنة، وكذلك ستكون مكانًا جيدًا لتوفير الوظائف وحركة العجلة الاقتصادية. وهناك مشروع ضخم تم دعمه بسخاء من لدن مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، ويسمى (ريف) وهو يشجع على تنمية المجتمع الريفي لتوفير استقرار كبير له، وأهدافه تتماشى تمامًا مع ما طرحه سعادة عضو المجلس، وهذا أيضًا يؤكد على أن الدولة حفظها الله تسير في نفس الطريق، ولكن نحتاج إلى من يعلن بداية المشوار، فهذه المشاريع التنموية ترفع من نسبة الدخل الوطني غير النفطي وهو ما يتماشى مع رؤية المملكة 2030، لذا أقترح أن تبدأ هذه المشاريع بمشروع واحد (تجربة أولية لتلافي الأخطاء إن وجدت) ويكون له مجلس إدارة من الجمعية التعاونية في المنطقة الريفية وصندوق التنمية الزراعية (ممثلًا لوزارة الزراعة) والغرفة التجارية وشركة الدعم اللوجستي بالمنطقة، ويمكن بعد نجاح المشروع أن يتم تعميمه ثم تخصيصه أيضًا”