
عرفناهُ جيداً من لقاءاته المستمرة مع الجماهير ولفتاته الذكية والإنسانية الثاقبة، قرأناهُ رائداً للتنمية في منطقة الجوف عبر هذا الحراك الدائم فكراً وثقافةً واقتصاداً ومجتمعا ، لمسنا هذا بعمقٍ و صدق من خلال مواقفه وآرائه وأفكاره و تحفيزه و ابتسامته الدائمة رغم مشاغله الكثيرة والضخمة إلا أنه و في كل مرة يثبت لنا أنه الإنسان المثال الذي يقابل الجميع ببشاشة سامية و روحٍ عالية رغم ما يعتريه من إرهاق و يحتويه من مشاقٍ كمسؤول أول و أعلى في منطقة الجوف. الأمير فيصل بن نواف بن عبدالعزيز يُجيد التنظير باحتراف فهو من صنع بعقليته عميقة التجلّيات وفريدة التطلعات هذا الحراك الثقافي المجتمعي الدؤوب، لقد انطلق من فكرة أن بناء الإنسان الواعي المطّلع المتطلع هو الأساس في تجويد المكان وصناعة التنمية المادية المحسوسة، لذا شجّع و أطلقَ العديد من الملتقيات والندوات واللقاءات الثقافية والمعرفية التي تعمل على تعديل القيم المهنيّة وتحديث المفاهيم الذهنيّة وتطوير المهارات والقدرات البشرية وإثراء المعرفة وصناعتها باحترافية ، وماهذا الحراك المجتمعي النخبوي الذي طوّر و أنتج نماذج وشخصيات مبدعة ومتطلعة ومُحفّزة وقيادية وما نلمسهُ بجلاء من تطورٍ مُذهل في المنظومة المفاهيمية المجتمعية وظهور وتمكين عدد من القيم الهادفة كالتطوع و الريادة والإبداع إلا دليلاً و شاهداً على نجاح هذا الفكر العميق الذي أسرجه الأمير فيصل بن نواف بن عبدالعزيز عبر استراتيجيات عميقة و دقيقة يتم العمل عليها بشكل حثيث و متابعة دائمة. عقليتهُ المتفرّدة تناغمت مع إنسانيتهِ العالية من خلال إدارته للقاءاته بالجماهير وإجاباته الذكية والحانية في نفس الوقت، يحتضن الآراء ويوجهها بابتسامة عريضة ونبلٍ وفير، إنه يدرك تماماً رغم انشغالاته الضخمة وارتباطاته المستمرة أنه راعٍ لرعيته و أبٌ لأبناء الجوف جميعاً و صديق وثيق لكل هذه الجماهير التي تتفاوت ثقافاتها وأنماطها ، مراعياً و مواسياً للجميع بحذاقة ولباقة. ومازلتُ أتذكر موقفاً في أحد لقاءات (ليالي الجوف) هذه اللقاءات التي يعقدها سموّه بشكلٍ مستمر مع الجماهير عبر طرح مواضيع تثقيفية متنوعة بإدارته هو بشكلٍ تلقائي و عفوي و احترافي في آنٍ واحد، حين تحدّث أحد الشباب اليافعين عن تطلعاته و قدراته ورغبته في الالتحاق بإحدى المدارس التي لم يتمكن من الدراسة فيها لظروف تعتريه، أتذكّر جيداً كيف أثنى عليه أميرنا ثناءً جميلاً وأبلغه أنه سيتواصل معه بشكل خاص بهذا الشأن. ولكم أن تتخيلوا الشعور الغامر والنقلة النوعية التي صنعها فيصل بن نواف لهذا الشاب ، ولقد سمعت بنفسي من أشخاص أخبروني عن دور الأمير فيصل بن نواف بن عبدالعزيز في بناء شخصياتهم من جديد حين تعرضوا لمواقف نفسية واجتماعية غاية في الصعوبة والتعقيد، وكيف استطاع أميرنا انتشالهم من الإحباط والوقوف معهم وبناء ذواتهم وتمكينهم حتى وقفوا بشجاعة وصلابة من جديد وأصبحوا أشخاصاً فاعلين في محيطهم ومجتمعهم. إنّه دور صعب وثقيل يقوم به أميرنا بجسارة و مهارة ورباطة جأش و مسؤولية عالية ، إنه الإنسان الفيّاض بالنبل والنقاء والضياء ، إنّ تعاطفهُ الواعي ومواقفه المضيئة ترسم لنا ملامح إنسانيته الفريدة. وهو المثقف الحصيف و يتجلى هذا للجميع من خلال دوره التنموي الشامل والفاعل وإدارته للحديث مع الجماهير وإجاباته الثرية ، و سأتحدث عن موقفين حدثا معي ، و وقفتُ إزاءهما بتأملٍ و انبهار وافتخار بأميرنا المثقف فكراً وأدباً و منطقاً . الأول عندما زرته مع أعضاء النادي الأدبي قبل ثلاث سنوات تقريباً ، تحدّث لنا عن قصيدة فصحى سمعها وأعجبته و وصفها بالمؤثرة والرائعة ، أن يبدي الأمير إعجابه بقصيدة فصحى فهذا يعكس الذائقة اللغوية والوجدانية والفكرية العالية، فالشعر الفصيح شعر نخبوي و سموّه أمير النخبة المثقفة والمبدعة بامتياز، قد أدهشني وأعجبني كلامه وشعرت بالاعتزاز والفخر ولا أخفيكم أنني شعرتُ بشيء من الغيرة من تلك القصيدة التي أثنى عليها سمو الأمير وتمنيتُ في نفسي أن يستمع سموّه لإحدى قصائدي فتنال استحسانه وثناءه، تمر السنوات وأفوز بجائزة الجوف للتميز والإبداع في الثقافة والفنون فرع (القصيدة الوطنية)، كانت قصيدتي الفائزة فصحى بالتأكيد بعنوان (ميلاد البهاء) تحدثتُ فيها عن هوية الجوف الثقافية و الحركة التنموية التي أحدثها أميرنا المثقف والتي أضاءت الجوف فكراً وثقافة واقتصاداً ومجتمعاً. صغت الفكرة بلغة أدبية شفيفة، لقد ابتكرتُ قصيدة أزعم أنها من أجمل ما قيل في فيصلنا و جوفنا ، كنت أنتظر اللحظة التي يمر بها على الفائزين ، أنتظر ذلك بسعادة غامرة لأنني أثق تماماً أنني سأكون أمام أمير مثقف مستنير ، غزير التقدير ، ذي ذائقة عالية و وجدانٍ عطير. استوقفته و تحدثتُ له عن فكرة القصيدة ثم ألقيتُ بعض أبياتها و كان مستمعاً بعناية وبابتسامة مُحفّزة، وحين شعرتُ أنني أطلتُ عليه، استأذنتهُ أن أُكمل فردّ بالإيجاب المستطاب ، فأكملتُ مزيداً من الأبيات ، وحين انتهيتُ صفّقَ لي ، فكانت هذه التحية وساماً من ضوءٍ ألهمَ روحي و توّجَ بوحي، فلقد كان لهذا الموقف أثراً كبيراً في نفسي و ذهني ، إنهٌ تحفيزٌ وجدانيٌّ عظيم من فيصلنا ، تحفيزٌ ضاعف فرحتي بالفوز و حفّزني على مزيدٍ من التحليق في سماوات الشعر والفكر. ومن هنا فهذه رسالةُ تقدير و توقير ، وامتنان و عِرفان ، ومصافحة من جمال و جلال ، وضياء و بهاء ، لفيصلنا المُفكّر المثقف الإنسان. وأختم بشيء من قصيدتي: مرحى لفيصلَ مُلهماً و متوِّجاً .. للمبدعينَ و في السماءِ شهابا فإذا نطقتَ فكلّ شيءٍ مُدهشٍ .. ما قُلتَ إلا حكمةً و صوابا وإذا ابتهجتَ فكلُّ شيءٍ مبهجٌ .. وإذا ضحكتَ تبسّموا إعجابا مرحى أميرَ الدارِ دارُك في العُلا .. و يظلُّ مجدكَ مشرقاً أحقابا تزهو و يزهو المبدعون إلى الذرى .. و يظلُّ عُشَاقُ الجمالِ شبابا جيلاً فجيلاً يرسمون طموحنَا .. و تظلُّ أنت لجوفِنا عرّابا عش يا أميرَ الضوءِ ضوءاً خالداً .. تُحيي التميزَ فكرةً و كتابا ملاك الخالدي شاعرة وكاتبة منطقة الجوف