ترسانة الحياة.

حسرة ما تتعاظم في ذواتنا منذ عصر التنوير وحتى وقتنا الحالي، ويتوسع شق الخلاف بين العلم والإنسانية، هذا الخلاف الذي بات عصيا على أي مصالحة مزعومة وخاصة أن العلم يحقق إنجازات مدهشة وسريعة في سباق لا يمكن إلا أن تُهزم فيه البشرية وتنهش جسد الإنسانية. والمفارقة أن هذا العلم جاء لخدمة الإنسان. لكن الواقع من حولنا يصرخ بكل الأصوات والأدوات التي صنعها البشر: بأننا مهزومون وماضون نحو التلاشي والمحو. وكأن الإنسان ليس أكثر من عجلة صغيرة في آلة ضخمة، تُدار بحسب الخطط التكنولوجية وليس كما توهمنا أنه العكس. التضخم العلمي هذا الذي يختطف الإنسانية بأبشع صورة ويختزل فطرة الفرد ومشاعره إلى عمليات قياسات إشعاعية وأرقام فيزيائية، ويذوب الفرد في مجتمع عبارة عن شريحة تعبث بها خوارزميات لا ضمير لها. كل محاولات التقدم التي نجحت وصفقنا لها فشلت في جعلنا نعيش عيشة سوية هادئة متزنة خالية من العنف والتفكك والأمراض النفسية والحروب التي لا نهاية لها مع كل هذا الاستعراض للتقنية، إلى حد الاستهانة المباشرة بعقلية الإنسان وغرائزه الطبيعية وفطرته النقية بالذكاء الاصطناعي الذي حرمنا نعمة التفكير والبحث والروبوتات الفاشلة بدعوى المتعة. لا بارك الله في هذا العلم الذي يحط من قيمة الإنسان حتى صرنا لا نعرف الصدق من الكذب ولا نعرف ما دورنا في الحياة. أعرف انه كلام مكرر ومطروق من عدة جهات ولست بصدد التعميم أو التخصيص ولا لنقاش بعض وليس ولكن. الحسرة أعظم من الفائدة، والمشهد يتنامى بشكل يومي وبائس ولابد من لفظه بكل الطرق الممكنة سواء بالكتابة عنه أو حتى تكرار نبذه لأنفسنا وأمام كل من يذوب في مغبتها وظلمتها من أحبابنا ونحن نشاهد فقط.