
من غابات الخيزران في الصين إلى مجالس السمر العربية، ظل الشاي أكثر من مجرد مشروب. في الصين، وهي أول دولة تكتشف أشجاره، ارتبط الشاي بالحكمة والتأمل والشعر، حتى صار هدية تليق بمرض الشاعر، أو كنزًا يُخبأ بين الكتب. أما في البلدان العربية، فقد صنعوا من “الشاهي” ثقافتهم الخاصة، وجعلوه قرين الشعر وباعث السرور، بل زعم شاعر نجفي أن أبا نواس نفسه كان سيهجر الخمر لو أنه أدرك زمن الشاي! هنا ملف عن «الشاي في الشعرين الصيني والعربي»، أعده لـ « اليمامة « الباحث الصيني « وو يو « وهو يهدف إلى عرض جوانب من ثقافة الشاي في الصين والعالم العربي، ومناقشة أوجه الشبه والاختلاف بينهما، من خلال مرآة الشعر، الذي عكس طريقة إعداد الشاي، وبيئة شربه، ووظيفته الاجتماعية والجمالية. نطالع في هذه الصفحات قصائد وتجارب تكشف كيف تشرّب الشاي لغة الشعر، بين شاعر صيني يحتفي بتمازج الماء والأوراق، وشاعر عربي يرى أن الأنس والشعر أيضا لا يكتمل إلا بفنجان يصفو بلونه، وتصفو معه النفس والمشاعر. (You Wu) وو يو * ارتبط الشاي بحياة الناس الاجتماعية ارتباطا وثيقا، وتشكلت ثقافته مع مرور الزمن، لدى كل من الصينيين والعرب، الذين شغفوا بشرب الشاي كغيرهما من الأمم والشعوب، وانعكس ذلك في أدبهم وأشعارهم التي نظمها شعراؤهم فكان الأدب حاملاً “لثقافة الشاي”، التي تضمنت الظواهرَ الاجتماعية والشعبية المتعلقة بالشاي، وبمضمون هذه الثقافة الروحي الفريد ودلالاتها الثقافية العميقة في الثقافة الصينية والعربية. لذلك اعتبر الباحث أشعار الشاي الصينية والعربية نقطة الانطلاق، واستخدم المنهج الوصفي والتحليلي في عرض ثقافة الشاي المتضمنة فيها، رغبة منه في المساهمة في تعزيز التبادل الثقافي بين الثقافتين الصينية والعربية. والصين هي أول دولة في العالم تكتشف أشجار الشاي وتستفيد منها، ولها تاريخ مع الشاي يزيد عن 4500 عام، لذلك تتمتع بسمعة “مسقط رأس الشاي”. نشأت ثقافة الشاي الصينية في عهد أسرة جين (265-420 م)، وازدهرت في عهد أسرة سونغ (960-1279 م)، وهي جزء مهم من الثقافة الصينية. وانتشرت عادة شرب الشاي في البلاد العربية منذ القرن التاسع عشر تقريباً، وعلى الرغم أن تاريخ العرب في تناول الشاي ليس طويلاً، ولكنهم شكلوا ثقافة الشاي الخاصة بهم. وتندمج ثقافة الشاي الصينية والعربية مع الخلفية الثقافية والعادات لكلا الأمتين، وأيضًا تعكس ثقافة الشاي عادات الحياة وتذوق الجمال لدى هاتين الأمتين بدرجات متفاوتة. اختار الكاتب جوانب لإلقاء الضوء عليها ومناقشة أوجه التشابه والاختلاف بين ثقافة الشاي الصينية والعربية من خلال ما عكسه الشعر الصيني والعربي، وهي: إعداد الشاي، وبيئة شرب الشاي، ووظيفة الشاي. أولا: إعداد الشاي في الشعر الصيني والعربي إعداد الشاي في الشعر الصيني أوراق الشاي من القطف والغسيل إلى التبخير وغيرها من الإجراءات عملية صارمة للغاية. يصف الشاعر لسو شي المشهد الحقيقي لقطف الشاي وتصنيعه في قصيدة (إرسال شاي الربيع إلى تشو آن): “سمعت أن أفضل وقت لقطف الشاي، هو قبل شروق الشمس في أوائل الربيع. في موسم الرعد لم تتفتح أزهار الشاي بعد، استمر القطف لوقت طويل، لم يصل إلى حفنة كاملة. غسل أوراق الشاي وطهيها على البخار بأسرع وقت، لا يمكن ترك الأوراق العطرة طوال الليل. بعد دقيقة ارتفع الدخان الأبيض من كل الأنحاء، الحريق مسيطر في حجمها المتوسط”. لدى الصينيين ثلاث طرائق لإعداد الشاي، هي سلق الشاي وصبّ الماء المغلي على الشاي ونقع الشاي في الماء المغلي. كانت الطريقة الأولى شائعة قبل عهد أسرة تانغ الوسطى (766-835م)، والتي كانت وضع مسحوق الشاي في الماء المغلي، ثم استخدام الملعقة لتقديم حسائه في الوعاء للشرب. كانت الطريقة الثانية سائدة في أسرتي سونغ ويوان (960-1279م، 1271-1368م)، وهي تقليب الشاي في قليل من الماء، ثم صبّ الماء المغلي عليها مصحوبًا بالتقليب المستمر. الطريقة الثالثة شائعة في أسرتي مينغ وتشينغ(1368-1644م، 1636-1912م)، هي وضع مسحوق الشاي في الإبريق، ونقع الشاي في الماء المغلي، ثم توزيعه في الأكواب للشرب. لا يعتمد طعم الشاي على أوراق الشاي بذاتها فحسب، بل يعتمد على جودة الماء أيضًا، لذلك يعلق الناس أهمية كبيرة على جودة الماء. الشاعر (سو شي) يحب ماء الينبوع الجبلي لطهي الشاي، حتى قال: “الشاي الجيد بالماء الجيد، من فضلك أعطني إبريقًا من الماء”. هنا يتوسل الشاعر إلى صديقه (جياو تشيان زي) أن يرسل له إبريقًا من ماء الينبوع في جبل “هوي”. إضافة إلى البحث عن ماء الينبوع، استخدم (سو شي) أيضًا ماء النهر لغلي الشاي، فقال: “الغلي بالماء الحي ونار الفحم الغزيرة، أذهب بنفسي إلى حجر الصيد للحصول على المياه النظيفة”. وهنا وصف للماء والنار لغلي الشاي. إضافة إلى ماء الينبوع والنهر، يمكن أيضًا استخدام ماء الثلج. وفي العصور القديمة، كانت جودة الهواء جيدة جدًا، ولا يوجد تلوث للماء ولا للثلج، لذلك هما مناسبان جدًا لغلي الشاي. في أسرة سونغ، حصل الشاعر “دينغ وي” على شاي مقطوف قبل مطر الربيع، لكن أضطر إلى إخفائه في صندوق الكتب، وأصر على غليه في أيام الثلج. كما قال في قصيدة “غلي الشاي”: “ للأسف الشديد عليّ إخفاؤه في صندوق الكتب، إصرارًا على حفظه إلى أيام الثلج”. الأشعار التي تذكر أدوات الشاي كثيرة، مثل: قصيدة “الإنشاد مع “تشانغ مين” لمنافسة الشاي” للشاعر “فان تشونغ يان” التي يقول فيها: “الدينغ من نحاس “شو شان”، في البراد ماء ينبوع “تشونغ لينغ”. يطفو غبار الشاي الأخضر اللامع على حافة مطحنة الشاي الذهبية، تتصاعد الرغى من الطاس الخزفي مثل اليشم الأرجواني الأبيض، كان لونها مثل الثلج وترتفع مثل الأمواج. انظر أي الشاي يتفوق على النبيذ، أي الشاي يتفوق على الريحان”. في هذه الأبيات تذكر أدوات الشاي وهي “دينغ” (وعاء الشاي عند طهيه) والبراد والمطحنة (أداة تسحيق أوراق الشاي) والطاس. ولعل الذي دعم الشاي الصافي هم الحكام والأثرياء والأدباء، وهذا النوع كان للطبقة العليا. وفي الواقع، الأشخاص العاديون مقيدون بالظروف الاقتصادية، فمن الصعب الاستمتاع بالشاي الصافي، الشاي الذي يشربه الأشخاص العاديون هو مرير وقابض، لذلك اعتادوا على إضافة بعض التوابل إلى الشاي. قال الشاعر “لو يو” في قصيدة “إنشاد بالجلوس عند الظُهْر”: “القرع مختزن الدواء أصفر قليلاً، الكوب حافل بالشاي والزيتون ممتلئ بالعِطر”. وهنا يعبر عن حبه للشاي متعدد النكهات الذي طهي بالزيتون، ويعكس عادة الناس في شرب الشاي في ذلك الوقت. إعداد الشاي في الشعر العربي من المنظومات الشعرية التي عرّجت على إعداد الشاي وتجهيزه للتناول منظومة عبد الوهاب أدراق الفاسي طبيب القصر في عهد السلطان إسماعيل (المتوفى في عام 1746م). وفي بعض أبياتها يقول: لكنّ مطبخه أنواع فدونكها.. ما بين نقعٍ بسخن الماء إلحاحاً وبين طبخٍ بنارٍ غير فائتةً.. حتى يرى ماؤه في اللون إصباحاً ثمّ يضمّ له قندٌ قليل إذا.. بشيءٍ فكم فاضل بفضله باحا وهو فيما سبق يشير إلى طريقتين يعدّ بهما الشاي، إحداهما أن ينقع في الماء الساخن ويترك مدةً طويلة تكفي لمداخلة الشاي كل جزيئات الماء، ثم غليه بعد ذلك. والأخرى هي أن يطبخ على نار هادئة حتى يتأكد امتزاج الشاي بالماء ويتحقق ذلك بتمام الغليان. كما يشير الناظم إلى وجود من يفضّل إضافة القند وهو أحد أسماء السكّر المتجمّد، وذلك قبل شيوع الأنواع المتأخرة من السكّر المسحوق. وهناك منظومة أخرى لم نقع على اسم ناظمها، يقول الناظم في بعض أجزائها: أمّا بيان شربه فاشتهرا.. له غنى عن البيان للورى لكن إذا أردت ذاك فضعن.. برّادك الأبيض من صين الزمن على فويق النار في الكانونِ.. وما يشابهه من الماعونِ ثم إذا فارَ فخذهُ يا فتى.. ولفّه تحت الثياب ساعتا ثمّ اشربنه في ذوات النورِ.. من الفناجين من البلّورِ وكذلك منظومة شهيرة للشيخ أحمد بن أمين المكّي، ومنها ما يأتي: وإن أردت طبخه يا صاح.. في الليل إن شئت أو الصباح فخذ من الماء القراح الجيّد.. فصبه في السموار وأوقد واغليه غلياً جيداً على الولا.. كما أتى في قول بعض الفضلا لا تغترر بصوته إذا غلا.. حتى ترى البخار في الجوّ علا ونظّف البراد إن فيه درن.. وضع من الشاهي فيه واغسلن وغطّه وضع عليه منشفة.. واصبر عليه ساعةً واستعرفه. يبين المكّي طريقة إعداد الشاي بواسطة السموار، وهي طريقة كانت شائعة في عصره، وما زال هناك من يستخدمها ولكن ليس كما في الزمن الماضي، وهو إناء يشبه البرميل يصبّ فيه الماء ويغلى الشاي بواسطة التعرض لبخاره. وهذا غير ما بينته المنظومة التي سبقتها، حيث تضمنت أبياتها طريقة صنع الشاي بواسطة الكانون، وهو نوع من المواقد يوضع عليه ما يسمى (البرّاد) وهو أبريق للشاي سمّوه البراد لأنّه ما يصب فيه الشاي مغلياً كي يبرد فيه تدريجيًا حتى تصبح درجة حرارته غير مانعة لشربه. ولم يكن من النادر أن يوصف البرّاد بالصينيّ كما فعل صاحب المنظومة فهذا شائع في كثير من الأواني في البلاد العربية بل أنّ الإناء المصفّح الذي توضع عليه أكواب الشاي يطلق عليها اسم (الصينية) مجرداً من أي إضافة. وسبب ذلك أن كل الأواني قد عرفها العرب تاريخياً بواسطة وفودها إليهم من أرض الصين. رغم أن الأغلب في شرب العرب للشاي أن يشربوه من دون خِلطة بشيء أو بتذويب بعض السكّر فيه، إلا أن منهم من يمزجه عند تناوله ببعض الأخلاط مثل النعناع وهو أشهر ما يضاف إلى الشاي عندهم، أو بنباتات أخرى مثل الحبق والبردقوش والدوش والليمون وغير ذلك مما هو أقلّ شهرة، وقد قال الشاعر: ودع كل مشروبٍ سواه ومل له.. إذا كان متقوناً وفي جوفه الحلوا وضع فيه من طيب يسمّى بعنبرٍ..كذاك حليبا هو أجمع للشهوا حيث نرى استحسان الشاعر لإضافة السكّر والعنبر والحليب. ويقول شاعر آخر: ألا فاسقني فنجان شاي بعنبرِ.. يفوح شذاه كالعروس المعطّرِ مما سبق نعرف أن بين إعداد الشاي الصيني والعربي تشابهات ومختلفات. من تشابهاتهما طريقة إعداد الشاي وبعض أدوات الشاي وعادة شرب الشاي الصافي وتعدد النكهات. من المختلفات أنّ الصين هي مسقط رأس الشاي، ففي الشعر الصيني أوصاف كثيرة عن قطف الشاي وصنعه وأدواته، وللمدة الطويلة لعادة شرب الشاي بالصين، فاهتمت بتفاصيل إعداد الشاي، مثل اختيار الماء. بيئة شرب الشاي في الشعر الصيني يمكن أن يؤثر المفهوم الفني الذي أنشأته بيئة شرب الشاي بشكل مباشر على الحالة النفسية والعاطفة للأدباء. الشرب في البيئة الأنيقة والهادئة مثل مزاج الشاي يؤدي إلى امتزاج العاطفة بالمناظر الطبيعية، وتصادم الطبيعة والفن، وتحقيق الانسجام والوحدة بين العالم النفسي والعالم الخارجي، لذلك فإن بيئة شرب الشاي توصف كذلك في الشعر. يمكن أن يشرب الشاي على متن القارب، قال الشاعر “لي جيونغ مين”: “حضرتك لا ترى أن “لو يو” لـ”جينغ لينغ” لقب بالمجنون، الدخان الناعم والدينغ الصغير والغلي بمفرده. القارب الصغير والمجداف القصير وعلى الأنهار والبحيرات، في الأغلب تصحبه أدوات الصيد وموقد الشاي”. “يو جون” أعطاني الشاي، أعدته بالنبيذ” الصيد على متن القارب، ويرتفع دخان موقد الشاي، في حالة سعيدة ومنفصلة عن العالم وحرر القلب. ويمكن أن يشرب الشاي بين الزهور. قال “زو هاو” في قصيدة “شرب الشاي مع (تشانغ تشينغ) تحت زهر البرقوق”: “لا تصب كأسًا من النبيذ، اِقْلِ طاستين من الشاي. وداعًا للطموح، ارفع طاس الشاي إلى زهر البرقوق”. يتفتح زهر البرقوق بفخر في الشتاء البارد، ولا يخاف من البرد. له إباء وصلابة لا يتزعزع ومزاج نبيل. فأصبح زهر البرقوق والشاي مجسدان لشخصية نبيلة. أحب الأدباء أيضًا شرب الشاي تحت ضوء القمر. كان القمر يمثل مشاعر متنوعة لدى الأدباء، مثل: الحنين إلى الوطن أو الإحباط، أو رمزًا للأبدية أو للنزاهة وكريم الأخلاق. ومع شرب الشاي تحت ضوء القمر يمكن إطلاق مشاعر لا حصر لها، وتذويبها في الشاي. قال الشاعر “ون ين بو”: “طعم شاي “منغ دينغ” الجديد لذيذ، مشاهدة القمر وتذوق الشاي مع صورة القمر في البحيرة. وغلي شاي “منغ دينغ” الجديد مع (غونغ يي) تحت البحيرة”. ولعل الخيزران والصنوبر هما الضيفان المتكرران في نصوص الأدباء والكتاب، إباء الخيزران وصلابة الصنوبر هما من الصفات الروحية التي يتوق إليها الأدباء، لذا فإن الأدباء مغرمون جدًا بشرب الشاي بين غابات الخيزران والصنوبر. قال الشاعر “قوه شيانغ تشنغ” في قصيدة “يزورني (شو شي) بالشاي” :”بحث عن ظل تحت شجرة الصنوبر، تذوق شاي “جيانشي” مع صديقي”. وقال الشاعر “وانغ لينغ” في قصيدة شكرًا لـ”تشانغ هي تشونغ” لتقديم شاي “باويون”: “ تحت غابة الخيزران، وماء ينبوع “هويشان” البارد، نغلي الشاي ونشرب معًا”. بيئة شرب الشاي في الشعر العربي يظهر استعمال الشاي في جلسات الأنُس والمنادمة، فمن ذلك قول عبد الجليل برادة: أرى كل ما تحوي مجالس أنسنا... جنوداً لدفع الهمّ سلطانها (الشاهي) فالشاعر برادة هنا يرى الشاي أهم ما يدفع الهمّ في مجالس الأنس. وقوله أيضاً: إذا مجلسٌ للإنس تمّ نظامه.. وما دار فيه كأس شايٍ معنبرِ لعمري وإن حاز المسرّات ناقصٌ.. وما هو في عدّ المجالس يذكرِ فلنتأمّل كيف بلغ الشاي عنده إلى أن كل مجلس أنس لا يكون الشاي موجودًا فيه مجلس ناقص وربما لا فائدة من الجلوس فيه أصلاً! وكما أنّ أهل السكينة والحضور الجادّ يجدون متعتهم في مجالسة من يماثلهم في ذلك، فإن شارب الشاي من أهل المرح واللهو يجد متعته عند تناول الشاي تتضاعف عندما يكون جليسه مشاركاً له في أنسه، فالشعراء يتنادمون شعراً، وأهل الغناء يسرّون عند شربه ويندفعون للغناء، وكذلك أهل العشق عند لقيا من تهفو قلوبهم إليه. ويلخّص هذا قول الشاعر عليّ بن محمد الحبشيّ: طاب طعم الشراب من ذا الشاهي.. فتباهى في الحسن أي تباهي فله مجلس لطيفٌ ظريفٌ.. يذكر الشخص فيه ما كان ساهي عند أهل الحضور في حضورٍ.. وعند أهل الملاهي في ملاهي ويقول الشاعر محمد حسن السقاف: يوم السرور لقد كسبت أناقةً.. وجمعت أفذاذاً من الشعراء كأس الشراب يدور فيما بينهم.. في فسحةٍ قد رقّ كالصهباءِ والأنس قد ضرب الخيام كأنّنا.. سكرى على جبلٍ من الغبراءِ وفي أثر ندماء اللهو ومتعة تناول الشاي يقول أحد الشعراء: من الشاي المعنبر هات كأساً.. بروضٍ فيه تبهجنا الزهورُ وأصوات الكؤوس لها رنينٌ.. كرنّات المثاني إذ تدورُ لها هزٌ لطيفٌ حين تبدو.. إلى جمع الرفاق وتستديرُ فلا تبرح إذا مزجت بلهوٍ.. مباحٍ لا يفارقه السرورُ بلطفٍ هاتها يا صاحُ دوماً.. بلا حدٍّ إذا وجد السميرُ وبما أنّ الشاي منذ أن وفد إلى أرض العرب أدخلوه إلى عاداتهم وجعلوه أحد أركان اجتماعهم وأنسهم، فمن المفهوم أنهم بسطوا اهتمامهم بالشخص الذي يتصدى إلى مهمة مباشرة الشاي وصبّه للحاضرين وهو من أطلقوا عليه التسميات التي كانت تطلق من قبل على من كان يقوم بصبّ الخمر ومدّ كؤوسه لرواد المجالس وحضورها، ومن تلك التسميات (الساقي) و (المدير) أو (مدير الراح) ونحو ذلك. وكان الثناء على براعة الساقي ونظافته وجودة ضيافته أحد موضوعات أشعار الشاي، بل وكذلك التغزل بجماله وإطرائه إن كان ذلك الساقي امرأة حسناء، وكثيرًا ما انعكست حفاوة متعاطي الشاي بالمشروب على حفاوته بالساقي، كما أنّ الحفاوة بالمشروب يكون باعثها الحفاوة بالساقي في بعض الأحيان. قال محمد طاهر الكرديّ واصفاً إعجابه بشايٍ تذوقه وبعكوف ساقيه عليه: طيّب العرفِ شهيّ المحتسى.. رائق اللون حلالٌ مستبين كلّما رمت اكتفاءً قال زد.. شربة أخرى وخذها باليمين وقال الشاعر عبد الرحمن الأحسائي في فتاة تسقي الشاي: يا ساقي الشاي يا من.. كساه ربّي جمالا هات اسقني الشاي صرفاً.. وأعطنيه وصالاً وإن تزدني فهمّي.. إن زدتَ بالسقيِ زالا ولأحدهم شعرٌ في امرأة تصب الشاي فيودّ التقرب إليها فلا يجد السبيل إلى ذلك إلا بتناول الشاي من يدها، فيقول: لا أشرب الشاي إلا من يد رشأٍ.. تحكيه وجنته والطعمُ من فيهِ أصبّر النفس إن تاقت لمبسمه.. بحمرة الكأسِ خوفاً من مآقيهِ وفي كل ما تقدّم ذكره لا بدّ أن يلوح للعارف بالشعر العربيّ مدى الشبه الكبير بين تناول الشعراء المحدثين للشاي وبين تناول الشعراء الأقدمين لأمر الخمر. بيئة شرب الشاي للصين تهتم بالاندماج في الطبيعة، ولكنها تحمل معاني سلبية كالتشاؤم والسأم مثلاً، مما يكشف عن الحالات النفسية ولواقع بعض الشعراء. بينما تركز بيئة شرب الشاي عند الشعراء العرب في الاتصالات الاجتماعية، وتعكس مواقف إيجابية من الحياة. وظيفة الشاي في الشعر الصيني عندما كان “سو شي” مسؤولا في “هانغ تشو”، مرض وفي أثناء مرضه تلقى هدية كانت عبارة عن شاي جديد من صديق له، وكان ذلك بمثابة تلقي الفحم في يوم الثلج. لذا قال “سو شي” في قصيدته “طلب ماء ينبوع “هويشان” من (جياو تشيان زي)” يشكر صديقه: “أشفق صديقي عليّ مريضًا، أرسل لي شايًا جديدًا” من ناحية، ومن ناحية أخرى كان حريصًا على شرب كوب من الشاي العطري المغلي بماء ينبوع “هويشان”، وهنا يطلب من صديقه (جياو تشيان زي) أن يرسل له إبريقًا من ماء ينبوع “هويشان” أيضًا، لكي يطرد بالشاي المطهو بالماء الجيد المرض من جسده. من وجهة نظر “سو شي”، يمكن لرائحة حساء الشاي أولاً علاج مرضه النفسي، وبعد ذلك سيعمل هذا التأثير الطبي الجيد على جسده، وسيتم تخفيف الألم. والشاعر “لو يو” يثني على دور الشاي في استعادة النشاط في قصيدة “شكرًا لزيارة (وانغ يان غوانغ) وتقديم الشاي”، فيقول: “أي شيء منعش للعقل! شاي “هي يوان تشون” لـ”لونغ شينغ” هو الأول”. ويقول الشاعر “يانغ وان لي” في قصيدة إنشاد الشعر مع “تشو تشونغ غرونغ” في الربيع”: “النحافة ليست بسبب الشعر، لأن الشاي المر يعيق النوم”، ويقول: “أريد شرب الشاي المتبقي، لكنني أستسلم، لأنني خائف من الأرق طوال الليل” (من قصيدة “الصعود إلى منصة “دو جا” في طقس حار جدًا”). يمكن للشاي أن ينعش الذهن، ويبقيه يقظًا، ويثير العواطف ويغذي قريحة الشعر. يقول “لو يو” في قصيدة “صعود الجناح الشمالي” :” لعطر الشاي المطبوخ عبق بالأنف، الفرح تدفق على الحاجبين، وتم صقل الجملة”. وفي قصيدة “بعد تناول الطعام، جاء شيخ من الجيران للزيارة”، يقول: “يترك عطر الشاي الغني في الفم، يرتفع إلى السماء ويكتمل كتاب”. وفي هذا النص تعبير مباشر عن وظيفة الإلهام وإيجاد الدافع الإبداعي بسبب الشاي. لطالما احتوى الشاي في بلاد الصين على معنى الأدب والاحترام، وهو رمز اللطف مع الآخرين. وإقامة مآدب الشاي لإكرام الضيوف أصبحت عادة في الحياة اليومية لدى جميع شرائح المجتمع، واستمرت حتى يومنا هذا. على سبيل المثال، في قصيدة “هدية إلى الراهب البوذي (هوي بياو) لجبل “هوي” يقول الشاعر “سو شي”:”لا شيء لإكرام الضيوف إلا شاي، ما زال إسكدنيا وشمعيًا حامضًا”. (إسكدنيًا نسبة لطعم ثمار الأسكدنيا) والشاي بصفته النبيلة أصبح هدية شائعة بين الأدباء والمهذبين، ومن الشائع أيضًا أن يشكر الشعراء بشعرهم على هذا العطاء. يقول الشاعر “لو يو” في قصيدة “مسرور بالحصول على شاي “جيان شي”):”الطعام النادر لماذا أتى إلى الأرض القاحلة! فتح العلبة الفاخرة بالسعادة”. وفقًا للسجلات التاريخية، ففي أواخر أسرة تانغ كان هناك نشاط “منافسة الشاي”، والذي كان نشاطاً لتقييم الشاي يجمع التنافسية والترفيهية والفنية. وفي عهد أسرة سونغ الشمالية، أصبح نشاط “منافسة الشاي” أكثر شيوعًا. ومن أشعار الشاي في عهد أسرة سونغ، قصيدة (الإنشاد مع (تشانغ مين) لـ”منافسة الشاي”) للشاعر “فان تشونغ يان” التي تعتبر ممثلا لمشاهد نشاط “منافسة الشاي”، وفيها قال الشاعر: “الدينغ من نحاس “شو شان”، الماء من ينبوع “تشونغ لينغ”. يطفو غبار الشاي الأخضر اللامع على حافة مطحنة الشاي الذهبية، تتصاعد الرغى من الكوب الخزفي مثل اليشم الأرجواني الأبيض، كان لونها مثل الثلج وترتفع مثل الأمواج. انظر أي الشاي يتفوق على النبيذ، أي الشاي يتفوق على الريحان”. هنا الشاعر تكلم أولاً عن أدوات طهي الشاي؛ دينغ الشاي إناء مصنوع من نحاس “شو شان”، والماء المستخدم هو ماء الينبوع الجبلي. ثم تكلم عن مشهد تصنيع أوراق الشاي؛ عبر استخدام مطحنة الشاي النحاسية لصنع مسحوق الشاي الناعم. ما تلاها تفاصيل لعملية منافسة الشاي؛ في كوب الشاي الخزفي مثل اليشم الأرجواني الأبيض، صب الماء المغلي على الشاي، وتطفو رغوة الشاي على سطح الحساء في أثناء تحريك الحساء، والرغوة بيضاء مثل الثلج وترتفع مثل الأمواج. ويعود انتصار أو هزيمة المشترك بشكل أساسي لرغوة الشاي؛ إذا كانت رغوة الشاي بيضاء ناصعة، ومسحوق أوراق الشاي دقيقًا ومتساويًا، ورغوة الشاي ملتصقة بحافة الكوب بالقوة، فهو الفائز. والحلقة الأخيرة لنشاط “منافسة الشاي” هو تقسيم الشاي. وتقسيم الشاي هو بالحساء يسكب على رغوة الشاي لإنشاء شكل كلمة أو مجموعة متنوعة من الصور، مثل فن اللاتيه الحديث. والشاعر “يانغ وان لي” له نص يصف مشهد تقسيم الشاي، فيقول:”يلتقي الشاي والماء، تظهر صورة غريبة على الكوب.…… يتم سكب كلمتين من قصيدة “مشاهدة (شيان شانغ إن) تقسيم الشاي جلوسًا في المعبد البوذي الهادئ”. وظيفة الشاي في الشعر العربي هناك من الشعراء العرب من عبّر عن احتفائه بالشاي لأنه أغناه عن الخمر المحرّم واعتبر هذا من النعم التي جادت به العصور المتأخّرة ومن هؤلاء شاعر حضرموت صالح الحامد: من جيّد الشاهي استحال عصيرها.. فأتت تحاكي الشهد في جاماتها فيها غنيتُ عن الذي سلْب النهى.. من شأنها والإثم من تبعاتها. ومنهم أيضًا الشاعر محمد المساوي، عندما قال: نسخت آية المدامة آيات .. من الشاي هنّ أمّ الكتاب فاصطبح من الشاي كؤوساً.. تسامت على كؤوس الشراب ولعل من أكثر ما لفت انتباه الشعراء العرب عند تجربتهم للشاي هو قدرته على إدخال النشاط والسرور إلى أذهانهم وأبدانهم من دون اقتحام ما هو محرّم عليهم كما هو حاصل عند تناولهم للخمر، وقد قالوا في هذا شعرًا كثيرًا، ومنه على سبيل المثال، قول محمد طاهر الكرديّ: وهو مشروبٌ حلالٌ سائغٌ.. مهضمٌ لا تخش منه اليبسا وكذلك قال عبد الوهاب أدراق الفاسيّ: ظللنا نرشفُ من (أتاي) أقداحاً.. حتى المساء فطبنا منه أرواحاً ولم يمل أحدٌ منّا على أحدٍ.. سكراً كمثل الذي قد شُرَّب الراحا ولفظ (أتاي) هو الاسم الذي يطلق على الشاي في بلاد المغرب، ويظهر في أبياته مقارنة بين السلوك المتزن لشارب الشاي خلافاً لسلوك شارب الخمر المنعدم الاتزان. ومن ذلك ما قاله الشاعر النجفي في قصيدته عن الشاي: يعيد سرور المرء من غير نشوةٍ.. فاحبب به من منعشِ غير مسكرِ لو أنّ ابن هاني فاز منه بجرعة.. لراح بأقداح ابنة الكرم يزدري ولو ذاقه الأعشى وحُكّم في الطلا.. وفيه لقال الفضلُ للمتأخّرِ ونلاحظ أن الشاعر النجفي لم يكتف فقط بالتعبير عن إعجابه بالشاي لعدم حرمته وإسكار شاربه، بل هو يزعم أن ابن هاني (أبو نواس) والأعشى سوف يفضلان الشاي على الخمر لو أنهما أدركا زمان دخول الشاي إلى العرب، خصوصًا وإن هذين الشاعرين معروفان عند العرب بعشقهما للخمر وولعهما بوصفها في شعرهما! وهناك من الأدباء العرب من تطرّق إلى فوائد الشاي الصحية والطبية نفسياً وجسدياً، وأهمّ ما عرجوا إليه أثر الشاي في تصفية الخاطر وطرد الهموم، وكذلك ما اشتهر عن عمله المنبّه الباعث للنشاط، وأيضاً فائدته في تهضيم المأكول. كما قال عبد الله بن عقيل: فيه الفوائد من تهضيم مأكلنا.. كذاك قلبٌ شجيّ ناله وسنُ قال محمد المبارك الجزائري: يبهج النفس يكثر الأنس حالاً.. يورث الهضم يطرد الهمّ عنوة وقال محمد طاهر الكرديّ: إن كنت كسلاناً ولم تك ناشطاً.. وكنت ضجيعاً للهموم المثقلِ فبادر بشرب الشاي من بعد أكلةٍ.. تكون إذن في صحة المتعجّلِ ولكن هناك من الشعراء وأصحاب المنظومات من لم يكتفوا بذلك بل نسبوا إلى الشاي فوائد طبية فيها الكثير من التفصيل ومن هؤلاء: محمد أفندي جاد الله الذي أشار إلى أثر الشاي في مقاومة برودة الشتاء وحرارة الصيف بقوله: تفيدك أيام الشتاء حرارةً.. وفي الصيف ترطيباً إذا مسّك الحرُّ تروّح أرواحاً روائحُ نشرها.. فكم من همومٍ طوى ذلك النشرُ وهناك من رأى الشاي مع فوائده المعروفة مفيدٌ أيضًا في فتح الشهية للطعام والجنس ونافع في تجويدهما كذلك وأحد هؤلاء هو سليمان الحوت عندما قال: وكونوا عليه مدمنين لأنّه.. شفا النفس فيه إن عراها سقامُ يثير نشاطاً يبسط الكفّ بالندى.. فمن ثمّ كل الشاربين كرامُ ويكشف غمّ النفس سرّاً وجهرةً.. ويوقظ جفن العين حين تنام ويفتح باب الشهوتين وخير ما اشتهته الطباعُ باءة وطعامُ وفي الوجه يكسو حمرة ونعومةً.. كأنّ بها ورداً سقاه غمامُ والشاعر عمر باكثير يرى أن الشاي باعث لقول الشعر والسرور به مع الجلساء، فهو يقول: من أكؤس الشاي قد ثابت قرائحنا..حتى دنا فاخر الأشعار ننشدهُ لله من أكؤسٍ حفّ السرور بها.. كم أترع الكأس ساقي القوم ماجدهُ ومنه قول الشاعر سقاف السقاف: زيّنوا الفسحة بالشعر وبالشاي اللذيذ فهو يرى أن الشاي قرين الشعر في المنادمة الجيدة. وقد تفنّن العرب في تناول الشاي وتداوله، حتى أنّهم لم ينظروا إليه كمحلّ لمتعة التذوّق فقط، بل اعتنوا في التعامل معه كمحلّ لمتعة حاسّة الشمّ وحاسّة البصر، فاهتموا ببيئة تقديمه وتناوله اهتماماً شديداً. وهذا ما يفسّر حرصهم على تناول الشاي في أكواب شفّافة تمكن الشارب من التفاعل مع جمال لون الشاي وصفائه، وهو كذلك ما يفسّر مداومتهم على صبّ الشاي من إبريقه في مجلس الشرب نفسه، ولا يكتفون بتقديم الأكواب من دون حضور البرّاد (الإبريق) الذي يكمن الشاي في جوفه ساخناً. وكلّ ما سبق لا يعادل أهمية نظافة الآنية ومكان تناول الشاي. ويصف أحدهم لون الشاي خلف الزجاج الشفاف، وكذلك رائحته فيقول: بدا كالتبرِ من خلف الزجاج.. محلّى الرأس من حببٍ بتاجِ له ريحٌ من النعناع تشفي.. بهبّتها المريض بلا علاجِ فالشاعر يشبّه لون الشاي بلون الذهب (التبر)، ويصف رائحته بقدرتها على بعث الصحة في المريض زكاءً وإنعاشاً. وقال الشاعر صالح بن علي الحامد: من جيّد الشاي استحال عصيرها.. كادت تحاكي الشهب في جاماتها قد راق منظرها ورقّ زجاجها.. فلعلّه لم يدهقوا كاساتها لولا انتصاف الكأس خلت بأنّها.. في كفّ ساقيها تقوم بذاتها فالشاعر يذكر أن الشاي رغم وجوده في (الجامات) أي الكؤوس إلا أنه يسطع كالشهب في السماء، حتى أنّ زجاج الكأس من شدة صفائه كان من الممكن أن يظنّ الشاي منتصبٌ من دون أن يحويه إناء في داخله لولا أنّ الساقي لم يتمّ ملء الكأس إلى آخره والشاي الصيني والعربي لكل منهما عديد من الوظائف، وهما متماثلان بشكل أساسي من حيث الفعالية الأساسية والوظيفة الاجتماعية والترفيهية. خلاصة القول: أولا، يمكن أن يعكس كل من شعر الشاي الصيني والعربي السمات الأساسية لثقافة الشاي الخاصة بهما. ثانيًا، هناك عديد من أوجه التشابه بين ثقافة الشاي الصينية والعربية، ولكل منهما خصائص خاصة أيضًا. ويتمثل أوجه التشابه بشكل أساسي في إعداد الشاي ووظيفة الشاي، ويتمثل الاختلاف في بيئة شرب الشاي وحالات التعبير عنه. أما سبب الاختلاف فيرجع إلى أن الصينيين يوظفونه شعريًا للتعبير عن التهذيب الروحي ويصعّدون صورهم الشعرية من خلاله إلى عوالم فلسفية. المصادر والمراجع تشن ون هوا. علم ثقافة الشاي الصينية. (ط1)، بكين: مطبعة الزراعة الصينية (2006). دونغ يوان كانغ. عادات الشاي ودلالاتها الثقافية في شعر الشاي القديم. مجلة الجمال والعصر (الجزء الثاني)، (8)، 35-38. (2017). زو يونغ. هَوْ شو تينغ. دراسة أولية لثقافة الشاي التقليدية في شعر الشاي الكلاسيكي الصيني. مجلة الآثار الزراعية، (5)، 46-49. (2015). شو شيان لينغ. ثقافة الشاي والخمر في الصين. (ط1)، بكين: دار نشر المسرح الصيني. (2005). ني يان شيانغ. لي لي. دراسة أولية لثقافة الشاي في الشعر القديم. مجلة الآثار الزراعية، (5)، 23-24. (2015). يو يو. معرض ثقافة الشاي: مزاج الشاي الصيني. (ط1)، بكين: مطبعة الجامعة الوطنية للقوميات. (2002). *طالب دراسات عليا في جامعة شنغهاي للدراسات الدولية