د. فهد الحارثي في قيصرية الكتاب..
بدأت مراسلاً لمدرسة التوحيد ورأست «اليمامة» وأسست «الوطن».
استضافت قيصرية الكتاب الدكتور فهد العرابي الحارثي لتقديم تجربته في الصحافة مساء الثلاثاء ١٤٤٥/٠٥/٢١ الموافق ٢٠٢٣/١٢/٠٥م. قدم مدير الحوار الدكتور عبدالله العساف الدكتور فهد العرابي الحارثي ومما قال في التقديم: الدكتور فهد درس في السوربون، وحصل على شهادة الدكتوراة منها، ودرَّس في جامعة الملك سعود، وشارك بثلاث دورات بمجلس الشورى. ترأس تحرير مجلة اليمامة، ونقلت اليمامة نقلة نوعية لمدة اثني عشر عاما ونصف العام، أيضا عمل وكتب في عدد من الصحف، وساهم في تأسيس بعض المؤسسات الصحفية، كتب مؤلفات مهمة جدا، وشارك مع غيره في مؤلفات أخرى، قرأت له مؤلفا مهما جدا، «المعرفة قوة، والحرية أيضا»، وأيضا “أمريكا التي تعلمنا الديمقراطية والعدل» وغيرها من المؤلفات الكثيرة الثرية، سواء في مضمونها المعرفي أو في خزانتها اللغوية التي يفيد منها القارئ بلا شك. بعد ذلك تحدث الدكتور فهد الحارثي ومما قال في هذا اللقاء الثري بعد شكر مدير الحوار د. عبدالله، والمضيف الأستاذ أحمد الحمدان: سأتكلم عن ثلاث تجارب. باعتبارنا نتكلم عن تجارب في الإعلام. التجربة الأولى سميتها: من الهواية إلى الاحتراف. التجربة الثانية سميتها: النضج المهني. التجربة الثالثة سميتها: واسطة العقد أو التاجر! في التجربة الأولى «من الهواية إلى الاحتراف» بدأت علاقتي بالصحافة أو بالإعلام عندما كنت مراسلا لصحيفة الندوة من مدرسة دار التوحيد، أنقل أخبارها في صفحة كان يحررها عبدالرحمن مليباري، كانت صفحة للطلبة والشباب. وثانوية التوحيد تتميز حينها بنشاطها المتواصل طول العام، فكان عندي مادة صحفية متوفرة أغذي فيها صفحة الطلبة والشباب، تخلل المرحلة محاولة للكتابة؛ فكنت ربما أرسل عشر مقالات ينشر نصف مقال منها فقط، وكان هذا في نهاية المتوسطة وبداية الثانوية. أما في فترة الصيف في الطائف كنت أتولى تغطية أخبار الوزارات في الطائف مع الندوة، ثم مع عكاظ في فترة لاحقة. هذه بداية الهواية، ولا زلنا في مرحلة الهواية، انتقلت إلى مكة طالبا في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بمكة، وأصبحت محرر محليات في صحيفة الندوة في عهد الأستاذ حامد مطاوع رحمه الله، وجيل من الصحفيين مثل نعمان طاشكندي، ومحمد أحمد محمود. صرت طالبا في كلية الشريعة في النهار وفي الليل محرر محليات في الندوة، وفي فترة الحج أنتقل من التحرير إلى العمل الميداني في تغطية أخبار رابطة العالم الإسلامي كانت المشكلة القائمة بين الملك فيصل رحمه الله وعبدالناصر الذي يتزعم خط القومية العربية، والملك فيصل خط التضامن الإسلامي، وبالتالي أنشئت رابطة العالم الإسلامي، فالحج في مكة يتحول إلى احتفالية كبيرة، سياسية وثقافية وفقهية، بيئة عامرة بشخصيات كبيرة، فأمامك مادة إعلامية ربما لا نظير لها في أي مكان. فترة الجامعة هذه في مكة تدخل أيضا فيما سميته بمرحلة الهواية. بعد هذا الحديث عن مرحلة الهواية تخرج الأستاذ فهد الحارثي، وعين معيدا في جامعة الملك سعود في الرياض ثم أصبح بعدها محررا ثقافيا في جريدة الرياض، ثم رئيسا للقسم الثقافي في جريدة الرياض، حينها كان تركي السديري رئيسا للقسم الرياضي. وأشار بعدها أن جريدة الرياض، ومجلة اليمامة، ومجلة الدعوة. برئاسة الشيخ عبد الله بن إدريس كانت في مبنى واحد، والمطبعة أيضا في مبنى واحد، في تلك الفترة كان الأستاذ أحمد الهوشان رئيس التحرير يتولى الجانب الإداري، وكان محمد العجيان مدير التحرير يتولى الجانب الصحفي، واستمرت هذه الفترة تقريبا لسنتين. يقول الدكتور فهد: أنا هنا بدأت أشعر أني أصبحت محترفا، فلم تعد مرحلة هواية بل مرحلة احتراف، لأني ملتزم بدوام رسمي ومرتبطا بأداء واجبات محددة، أستلم راتبا أو مكافأة معروفة، مع الإعادة في جامعة الملك سعود في كلية التربية. ثم انتقلت بعدها إلى باريس وهي مرحلة الاحتراف أيضا، فقد أصبح عندي قدرة على الكتابة أفضل، فصرت أكتب أربع صفحات في مجلة اليمامة أسبوعيا بعنوان» في الحي اللاتيني حبة حبة». ثم مرحلة افتتاح مكتب جريدة الرياض في باريس الذي يغطي أوروبا الغربية ودول شمال أفريقيا، وكان في المكتب خمسة صحفيين، وكنت مدير المكتب ومؤسسه. وكان المكتب يضم إلى وفود رسمية ترافق الملك، أو ترافق ولي العهد في زياراته الرسمية ليس فقط في أوروبا وإنما حتى في أمريكا، وكنت مع هذه الوفود، إلى جانب أني كنت أحضر درجة الدكتوراه في الجامعة في باريس. ومكتب صحيفة الرياض كان أول مكتب صحفي سعودي في أوروبا، وعمل خالد المالك على افتتاح مكتب للجزيرة في لندن مديره زميلنا وصديقنا الأستاذ عثمان العمير، فأصبح هناك مكتبان للصحف السعودية مكتب في باريس، ومكتب في لندن، يرافقان الوفود الرسمية. والحقيقة كان للمكتب تأثير جيد على مستوى التغطية الإخبارية، واستكتاب بعض الكتاب، وكان الصرف عليه جيدا، والعنوان 92 شارع الشانزليزيه الدور الثاني، في أهم شارع. هذه فترة الهواية والاحتراف. التجربة الثانية سميتها النضج المهني لما كنا في باريس، وباريس - عدا الصحافة الفرنسية - تعج أيضا بالصحافة العربية خاصة الصحافة اللبنانية كمجلة المستقبل اللي كان يرأسها الأستاذ نبيل خوري، ومجلة الوطن العربي ويرأسها وليد أبو ظهر، ومجلة كل العرب يرأسها ياسر هواري، والنهار العربي والدولي. كنا في وسط إعلامي يضم كل الصحفيين المهمين لبنانيين وغيرهم، وبالتالي تكونت علاقات مع هؤلاء كلهم. لما انتقلنا إلى الرياض وبعد حوالي شهرين أو ثلاثة، عينت رئيس تحرير لمجلة اليمامة، وهذه أسميتها مرحلة النضج المهني، فعندي خبرة من خلال الاحتكاك الصحافة الفرنسية، وبالصحافة اللبنانية التي انتقلت إلى باريس ولندن، وأنا أعتقد أنها كانت تجربة الصحافة اللبنانية من أهم التجارب في العالم العربي. هذه المرحلة الحقيقة مرحلة النضج المهني، استلمت العمل بدأنا نخطط كيف ستكون ملامح اليمامة الجديدة التي مرت بفترة من الركود الشديد جدا وصل توزيعها حوالي ألفي نسخة، فكان لابد من وجود تصور لنعيد للمجلة الوهج الذي يليق بها، فهي إرث من حمد الجاسر رائد الصحافة في المنطقة الوسطى، وبعد مرور سنتين أو ثلاث سنوات احتفلنا بمناسبة مرور 30 سنة على إنشاء مجلة اليمامة، الآن تقريبا لها 60 سنة. وهي من أقدم الإصدارات الموجودة في المملكة، وأول إصدار إعلامي أو صحفي في المنطقة الوسطى، والشيخ حمد الجاسر لما أنشئت المؤسسات الصحفية وأُخِذت منه اليمامة لأنها تحولت إلى مؤسسة، أعتقد أنه مات وفي قلبه حسرة كبيرة كان يعبر عنها صراحة أنه لم يعد على منبر اليمامة؛ بل حتى ترخيص جريدة الرياض في البداية صدر باسم حمد الجاسر ثم تحول لمؤسسة أيضا. الفكرة التي انطلقنا منها في اليمامة هي: كيف نحقق فكرة الصحافة والناس؟ أي: كيف نستطيع أن نجعل من الناس أو الجمهور أو المجتمع شركاء لنا في مشروع الصحيفة؟ كان من أهم الأفكار، وأولها التي حققت هذا الهدف قضية الأسبوع، وهي ربما من أوائل تجارب ما يسمى بالصحافة الاستقصائية في المملكة! وكذلك مدارات ساخنة وكانت عن القضايا اللي تهم الناس وهي أقل من قضية الأسبوع، مجرد عمودين أو ثلاثة أعمدة فقط، وكان يتولاها زميلنا صالح العزاز رحمه الله. وأيضا فكرة قلم وحبر، هذه كانت تستقطب الشباب الذين يريدون أن يكون لهم ممارسات صحفية وإعلامية، وأيضا مقالات الرأي، كنا نقول لا نريدها خواطر رومانسية، ولا خواطر أدبية بل أشياء تهم الناس. كان كتاب اليمامة في الرأي غازي القصيبي، وهشام ناظر، وأنور عبد المجيد الجبرتي، وعبد الرحمن السدحان، وعبدالله نور في» لهاث الشمس» وعدد من أكبر أسماء كتاب الصحافة السعودية، وبالتالي كل هذه الأشياء الحقيقة عملت على تجاوز اليمامة مرحلة التوزيع المتواضع إلى توزيع يليق بها. التجربة الثانية اللي تدخل في روحيتها، هي كيف تستطيع اليمامة أن تكون أحد عوامل التغيير في المجتمع؟ وبالتالي كان التركيز على موضوع الحداثة، فتتذكرون موجة الحداثة، تلك الأيام كانت في اليمامة، الحقيقة رائدة في هذا المجال بحكم الشباب الذين ينتمون لهذا التيار، والذين شاءت الظروف أن يتكدسوا في اليمامة، وبالتالي، و اجهنا تحديات كثيرة، منها الهجوم والدعاء في المساجد وتهديد بالتصفيات، ولكنا كنا مصرين على الاستمرار، وأعتقد أن المصطلح ملتبس في موضوع الحداثة ومهاجمتها وتأليف كتب ضدها وجزء منها عن اليمامة، الملتبس في هذا الموضوع حداثة يوسف الخال أو حداثة أدونيس، ليست بالضرورة نفس الحداثة في السعودية، فحداثتهم، فيها إلحاديات ودعوة إلى القطيعة مع الماضي. بينما نقصد بالحداثة في المملكة، وبالذات كل الشعراء وأكثرهم ينطلقون من فلسفة أن التجديد حداثة بمعنى الحداثة هي تجديد، ولا أعرف أحدا منهم دعا إلى القطيعة مع الماضي لا عندنا ولا عند غيرنا من الصحف السعودية التي فيها ملاحق تهتم بالحداثة لكن الجهابذة الكبار في موضوع تيار الحداثة كانوا كلهم أو جلهم في اليمامة، فبالتالي هذا الالتباس في المصطلح والخلط بين الحداثة في لبنان مثلا أو حتى في مصر، وبين الحداثة عند الشباب السعوديين المجددين في الشعر خطأ. شعر التفعيلة هو جزء من الحداثة واليمامة كان كتابها من المملكة، ومن خارجها مثل قاسم حداد مثلا من البحرين، وهو من أعمدة الحداثة، مما انتقل بتوزيع اليمامة إلى 62,000 نسخة بزيادة قرابة ستين ألف نسخة عما كانت عليه وخلال ربما سنة أو سنتين، وكانت هذه أقصى قدرة للمطابع في اليمامة! وحصلت في الحقيقة تحديات كثيرة، وأعتقد وزراء تغيروا نتيجة قضايا أثيرت عليهم في اليمامة، وأصلحت أشياء كثيرة، وبالطبع واجهنا بعض المشاكل، والمصاعب، لكنها خدمت وأدت غرضها، وأصبح الناس أمام تجربة إعلامية وصحفية تستحق النظر. نأتي للتجربة الثالثة التي أسميتها واسطة العقد، والأستاذ سليمان العقيلي الحاضر معنا شريك في هذه التجربة الثالثة، وهي صحيفة الوطن، فالدراسات التأسيسية التي قام بها مركز أسبار للبحوث والدراسات، أنا دخلت صحيفة الوطن! بعد أن استقلت من اليمامة وأسست مركز أسبار تقرر أن نقوم بالدراسات التأسيسية، فكونا فريق للعمل، وأول اجتماع للأمير خالد الفيصل معنا أتذكر مما قال: (إذا كنتم تريدون أن تؤسسوا صحيفة تشبه الموجودة عندنا في المملكة فلا يوجد داع لذلك، سنأخذ واحدة منها ونعمل معها وانتهى الموضوع، وهذا ليس هدفي، هدفي أن يكون هناك عمل صحفي وإعلامي متميز ومتفرد ولا يشبه أي شيء موجود عندنا في المملكة.) كان التحدي كبيرا في الحقيقة. تكون الفريق من حوالي ثمانية أو تسعة أشخاص منهم طبعا الدكتور علي شويل القرني، والأستاذ الدكتور عبد الرحمن العناد ومنهم الدكتور حمزة بيت المال، والدكتور قطب فهمي. هذا الفريق لكي ينجز هذه الدراسات زار عدداً من البيئات الصحفية ليصنع النموذج حسب طلب الأمير خالد الفيصل. نموذجاً يكون مختلفا عن الموجود، فاضطر الفريق لزيارة الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، ليطلع على نماذج من الأعمال ويقيم ورش عمل وندوات مع التجارب الصحفية الرائدة. ثم استقر الأمر أن نهتدي قليلا بنموذج USA TODAY لأن النموذج الذي كان يقدم فيها كان نموذج مغريا. وكانت صحيفة حديثة، وخطها عصري أكثر من الصحف الأخرى. وكنت رئيس مجلس الإدارة لفريق التأسيس، الذي استمر لسنتين، وانطلق في تحديات واضحة، وحتى بعد الصدور، استمرت نفس التحديات، فالصحيفة حينما خرجت إلى الوجود والأستاذ سليمان العقيلي كان نائب رئيس التحرير فيها كانت ملفتة من حيث الشكل والتبويب والحجم. كل شيء فيها يتغير، وحتى من حيث طريقة الأداء، ومن حيث استراتيجية التحرير، والاعتماد على المعلومات بالدرجة الأولى، والاعتماد على الأنفوجرافيك الذي كان غريبا في الصحافة السعودية، واعتماد الواجهات التلفزيونية بوجود صور، ومختصرات، وعدم الدخول في الإنشائيات في الستايل بوك، حذفنا كثيرا من الأشياء التي تستخدم فليس عندنا صاحب المعالي وزير ... بل هكذا: وزير الزراعة، وزير الطاقة، تحديث حتى في أسلوب التعامل وأسلوب الستايل بوك المعمول به في تلك الأيام. واستمر الدكتور فهد في حديث طويل عن مرحلة تأسيس الوطن، وذكر أن مقالات الرأي بها تشبه الروح الجريئة التي كانت في اليمامة. ثم تناول التحديات والصعوبات المالية التي رافقت تأسيسها وعملها في أبها المدينة البكر التي تحتاج إلى مطابع، وتحتاج لمبنى ومعدات فنية، وتحتاج لنقل كادر للعمل فيها. ولو أنشأتها في جدة أو في الرياض ربما لا تحتاج أن تشتري مطبعة، وقد توكل بعض الأشياء إلى مؤسسات أخرى موجودة يعني هذا التحدي الأول، والتحدي الثاني عدم الوفاء بالمساهمات من المساهمين في اجتماع عقد في الفيصلية كان يرأسه الأمير خالد الفيصل، فنقصت المساهمات عن حاجة الصحيفة، ولم يلتزم المساهمون بالمبالغ المذكورة. والمبنى الذي أقيم فيه أبها. كلف حوالي 70,000,000 ريال. والمطابع، تحد ثان. أول مطبعة رولاند الألمانية تدخل المملكة العربية السعودية كانت للوطن. وبالمناسبة، كان وكيلها في المملكة الأخ بندر الخريف وزير الصناعة. ومن الآثار الجيدة للوطن اضطرت المؤسسات الصحفية الأخرى أن تحدث. ولم تستطع المؤسسة أن تحصل على ريال واحد قرض من أي بنك من البنوك، فلم ندع بنكا في المملكة لم نطرق بابه سواء عن طريق مجلس الإدارة أو عن طريق الأمير خالد الفيصل نفسه الذي كان أكبر مساهم للصحيفة. وسأل مدير الحوار الدكتور عبدالله عن مشوار له في باريس مع الملك سلمان في شارع الشانزليزيه. قال الدكتور الحارثي: هذا موجود في كتابي «هؤلاء وأنا» ذكرته بالتفصيل، كان الملك سلمان يحفظه الله مرافقا في زيارة للملك فهد في الجولة الأوروبية الشهيرة، و معروف شغفه بالثقافة و بالإعلام والصحافة، زارنا في مكتب جريدة الرياض وقال لي: بودي أن أزور مجلة الوطن العربي. المجلة محسوبة على العراق، وصدام حسين، قلت ربما في المستقبل طال عمرك. قال لا، الوطن العربي كان يرأسها وليد أبو ظهر، فانطلقنا من هناك، نمشي في الشارع أنا وسلمان بن عبد العزيز، بدون أي حاشية، ومقر صحيفة الوطن العربي ليس بعيدا عن مكتبنا، فذهبنا إلى هناك دخلنا المكتب، وقابلنا لطفي الخوري، طبعا لطفي الخوري من كبار اليساريين العرب أي ضد المملكة، فكان جالسا على مكتب وليد أبو ظهر. ودخلت أنا والأمير/ الملك فقط، وحين رآنا بهت وقام من المكتب وسلم على الأمير وأجلس الأمير مكانه على مكتب رئيس التحرير. ولطفي الخوري قامة في الفكر العربي، ودار حوار بين الأمير سلمان وبين لطفي الخوري. عن العالم العربي، والتحديات فيه، كان حوارا شيقا. المهم لم نخرج من هناك إلا بعد أن أسلم لطف الخوري أو دخل الإسلام من جديد! (قالها الدكتور فهد وأردف ضاحكا). واستمر مشيرا لمواقف الملك سلمان ومتابعته لما يطرح في الصحف ودعمه، وتشجيعه، وتعليقه عليه. واستمر الدكتور فهد في حديث تناول فيه حرية الصحافة، وأوضاع الصحف اليوم، والكثير الكثير من الموضوعات المتشعبة. وبدأت المداخلات وقد رد عليها، ولكن أختم بسؤالي له عن قصة حمد الحجي التي نشرت في اليمامة قبل أربعين عاما فقال: قصة حمد الحجي رحمه الله، كتبنا قضية أسبوع كانت في غاية الأهمية عن مستشفيات الطائف. وطلعنا فيها صور لكلاب على أسرة المرضى في المستشفى وصور أخطاء طبية متعددة، وكانت أوضاع المستشفيات في الطائف في منتهى السوء، تلك الأيام، وزير الصحة كان حسين الجزائري الله يذكره بالخير ، طبعا ترك موقعه بعد حوالي خمسة أو ستة أشهر، ربما إرادة ملكية، وربما بسببنا لا أدري. وفي أثناء. الإعداد للريبورتاج الذي راح له مجموعة من زملائنا أربعة أو خمسة زملاء، كان معهم، الزميل عبدالله الصيخان، صحفي وشاعر في نفس الوقت، فلما زاروا مستشفى الصحة النفسية، قابل الشاعر الصيخان الشاعر حمد الحجي وبالتالي كانت فرصة له أن يجري معه لقاءا، كان اللقاء أعجوبة، لأن حمد الحجي كان في وضع نفسي سيء، متذبذب. وكتبت أنا مقالاً، وفصلاً موجوداً في كتابي «هؤلاء وأنا» عن حمد الحجي، من الذي قتل المجنون؟ وبالنسبة لي موت حمد الحجي ليس لأسباب طبيعية، في المقال جعلت السبب السجائر والتدخين، ولكن هناك أكيد أشياء أهم، لأن مستشفى الأمراض النفسية كانت تمارس فيه أشياء كثيرة سيئة جدا وقبيحة ولا يحسن ذكرها على الإطلاق، ليس التعذيب للمرضى المساكين، سواء بالتقييد أو بالضرب، ولكن حتى في ممارساتهم مع بعضهم، فأنت تلقي بشاعر مثل حمد الحجي في جهنم؟ لا بد أن يموت، أستغفر الله العظيم. في ختام الأمسية كرم الأستاذ الحمدان رواد الأمسية الدكتور الحارثي ومدير الحوار الدكتور العساف.