انطلاقًا مما تتميز به منطقة القصيم من وجود عدد كبير من الحرفيين والحرفيات المتميزين في إنتاج المصنوعات اليدوية وبتصاميم إبداعية مبتكرة ورائعة؛ وجّهَ صاحب السمو الملكي، الأمير د. فيصل بن مشعل بن عبدالعزيز، أمير منطقة القصيم، بإطلاق مهرجان سنوي للحرف اليدوية ليكون ضمن روزنامة الفعاليات والمهرجانات السنوية التي تشهدها المنطقة، وأكد سموه أن المهرجان من شأنه أن يسهم في الحفاظ على الإرث الثقافي الأصيل للمملكة بصفة عامة، ولمنطقة القصيم بصفة خاصة، مشيرًا إلى أن المهرجان المرتقب سيستقبل الحرفيين والحرفيات من جميع المناطق والمحافظات المجاورة للمشاركة في إبراز هذا التراث الوطني وتسويقه، مؤكدًا على أن وجود مهرجان سنوي متخصص في الحرف اليدوية سيكون نافذة تسويقية وطنية على منتجات الحرفيين والحرفيات الذين يتمتعون بقدرٍ عالٍ من المهنية والتنظيم، لافتًا إلى أن المهرجان سيكون بإشراف فريق عمل متخصص من الجهات الحكومية والغرف التجارية بالمنطقة، وهو ما يعكس حجم الاهتمام والعناية من جانب الإمارة لأبناء الوطن من الحرفيين والحرفيات. إرث ثقافي أصيل تأتي مجهودات إمارة القصيم في هذا الصدد متسقة مع مجهودات هيئة التراث التي تسعى إلى تأسيس مفهوم مبتكر في الحفاظ على الحرف اليدوية والاهتمام بها، وتطويرها كمصدر دخل وعنصر جذب للعاملين بها من خلال ورش العمل، والمنافذ التسويقية، الذي سيُسهم في بث الحيوية في مجال الحرف ورفع مستوى جاذبيتها للمجتمع، وسبق وأن أكد مرارًا سمو الأمير د. فيصل بن عبدالعزيز على أهمية المحافظة على الإرث الثقافي الأصيل لمنطقة القصيم من خلال دعم برامج الحرف اليدوية وتمكين الحرفيين وتطوير قدراتهم عبر تعزيز وتكامل أدوار الجهات الحكومية والخاصة لإبراز جمالية الحرف اليدوية العريقة والأصيلة في المملكة، كما أشاد سموه بجهود هيئة التراث وبالجهود التي تقدمها القيادة الرشيدة لحفظ التراث الثقافي السعودي الأصيل إلى جانب إبراز جمال الحرف اليدوية السعودية العريقة والأصيلة، مؤكدا أهمية تضامن جهود الجهات الحكومية والخاصة بالقصيم في دعم هذه الحرفيين، ودعم منتجاتهم التي تبرز هوية وتراث المنطقة والمملكة بشكل عام، وجديرٌ بالذكر أن الاهتمام بالحرف اليدوية ليس بالأمر الجديد على إمارة القصيم، فخلال الفترة الماضية استفاد أكثر من 200 حرفي وحرفية من البرامج التدريبية المقدمة للحرفيين في المنطقة، في حين بلغ عدد المنتجات الحرفية قرابة 6500 منتج خلال العام الماضي. وقد تفقد سموه قبل أيام بيت الحرفيين في مدينة بريدة، حيث اطلع على سير مراحل المشروع، برفقة وكيل الإمارة د. عبدالرحمن الوزان، وأمين المنطقة م. محمد المجلي، وشاهد سموه مخرجات المرحلة الأولى من المشروع 2022م، واطلع على نبذة عن المرحلة الثانية من المشروع الحالي 2023م، كما استمع إلى شرح من مدير فرع هيئة التراث بالمنطقة، إبراهيم المشيقح، الذي تحدث عن الدورات التي تم تنفيذها خلال المرحلة الأولى في “الصناعات الخشبية والسبح بنواة الزيتون والتطريز”، فيما تتضمن المرحلة الثانية 3 دورات تدريبية أخرى في “النقش على الأبواب الخشبية، والخوص، والتطريز التراثي”، ولفت المشيقح إلى أن المرحلة الأولى أثمرت عن تدريب 60 متدربًا ومتدربة وإنتاج 1500 منتج، وقد شارك المتدربون في معرض “تراثنا” في جمهورية مصر العربية وفعالية “إثراء” بمدينة الخبر، إلى جانب مبادرة “أرض النخيل” بالقصيم، ومن المنتظر ان تثمر المرحلة الثانية عن إنتاج 3 آلاف قطعة حرفية، إلى جانب المشاركة الدولية في عدد من المبادرات والمعارض محليًا وإقليميًا، يُذكر أنه خلال التدريب يتم توفير المواد والأدوات للحرفي والتسويق لمنتجاته، والتي يعود ريعها للحرفي مباشرة، كما يحق للمتدرب الحصول على ترخيص ممارس حرفي من منصة (أبدع)، وله الاحقية بالمشاركة في الفعاليات والمهرجانات. موروثات حرفية يُذكر أن منطقة القصيم تشتهر بالعديد من الحرف اليدوية التقليدية التي يتفنن صنّاعها في إبراز مشغولاتهم اليدوية، ومن أبرزها: صناعة الصحاف الخشبية والمغارف المستخدمة في الطهي والأبواب الخشبية التراثية والنوافذ القديمة التي تحاكي الطراز النجدي القديم، إلى جانب ألعاب الأطفال وأدوات الصيد (النباطة) وبعض أدوات الزراعة مثل نصاب الفاروع والمساحي، وكذلك المخلب المستخدم في تقليم النخل، وأدوات استخراج المياه والسقيا مثل المحالة والبكرة، بالإضافة إلى صناعة الحلويات الشعبية مثل الكليجا، والمطرزات والصناعات النسيجية بمختلف أنواعها. لطالما دأبت إمارة القصيم والجهات الحكومية والخاصة بالمنطقة على دعم الأنشطة الحرفية والعمل على رفع مستوى الإتقان والابتكار لدى الحرفيين والحرفيات، بالإضافة إلى ترشيح الحرف المتميزة للمشاركة في الفعاليات الوطنية والمسابقات المتخصصة، نظرًا لما تقدمه هذه الأنشطة من فرص عمل جديدة، ومصادر دخل إضافية للأسر المهتمة بالعمل الحرفي، ناهيك عن الحفاظ على الحرف التقليدية المرتبطة بتراث مناطق المملكة المختلفة، وبالتالي تنمية الحركة التجارية والسياحية وتنمية الموارد الاقتصادية، فالأنشطة الحرفية واليدوية تمثل أجمل مظاهر التراث وإبداعاتها عن حياة الشعوب ونمط عيشها وأسلوب تفكيرها.