عليك أن تُغرم بقصّتك.

تعلن حسرة ما عن حضورها كلّما شهدت الذات قصة لآخر سِمتها النجاح وعنوانها البهجة؛ وينبثق السؤال: لماذا هم وليس نحن؟! تقتات الحسرة على المزيد من التعرض لقصص مشابهة نرنوها قصصنا، وننشدها أقدارنا، ثم نمتعض حين تتلاشى سحابة الخيال ونواجه من جديد واقعنا الذي لم نتمعّن فيه بالقدر الكافي، بقدر رحابة إنجازات الآخرين تضيق السعة لدينا وننبش الجرح تلو الجرح في نزف يُعيينا إيقافه ويُخيفنا في الآن ذاته، ونُميت بهذا مجدنا الخاص، وتوليفتنا العميقة، غافلون عن ذواتنا، ممعنين النظر في بريق لم نعرف شكله الخام، وليس لدينا أدنى فكرة عن مخاضاته الأولى، أو جهود الكشف عنه، والصبر على رعايته موسمًا تلو موسم لحين تجلّيه، نهمل ماهيتنا، ونتعلق بمعيار وحيد لنمنح أنفسنا الألقاب المستحقة، ولنزهو كما ينبغي، وِفق ما ينبغي، غائبون عنّا لكن أليس الأجدر أن نُغرم بقصصنا نحن؟ بتلك التفاصيل التي صنعتنا، اختلاف ظروفنا، تنوّع حيواتنا، حين تحتوي جميع ما كوّنك وصولًا إلى فهم ذاتك، متصالحًا مع الذي لم تفهمه، حين نكفّ عن مطاردة نسخ الآخرين، لأننا ببساطة لا نشبههم، ولأن ما عشناه مختلف، حين تنظر حولك فتبصر نماذج تود أن تكون إحداها لكنك لا تستطيع، ويأخذك هذا إلى التفكير بنموذجك الحالي والحاضر، لتعتز به، وتبارك نجاته، وتتيقن أن هذا أفضل ما استطعت أن تصل إليه، وهو كافٍ ويستحق فرحك! فكل نموذج متناغم مع الحياة هو -بالضرورة- اختار أن يحب نفسه بالمقام الأوّل، أن يعتز بقصته التي علم جذورها وخاض فصولها، حين رضي عن ذاته وعليها ورحمها وأنصت إليها، وآمن بخصوصيتها ! عندما تؤمن بقيمة وجودك، وتضاعفها وفق المعنى الذي يخصك، بلا شكل يُملى عليك أو شرط حسبته الدلالة الوحيدة للنجاح! حينها ستتقلص الحسرة وتجد الحلاوة مُضاعفة، ولن تتنكر للألم بل ستعترف بحتميته، راضيًا عن ظروفك، مُغرمًا بقصّتك، متيقنًا أنك، بكل ما فيك، قصة تستحق أن تُروى، وأن تُحَب.